باريس سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    مذكرات صدام حسين.. تفاصيل حلم "البنطلون" وصرة القماش والصحفية العراقية    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    قيادات الجنوب تعاملت بسذاجة مع خداع ومكر قادة صنعاء    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    على خطى الاحتلال.. مليشيات الحوثي تهدم عشرات المنازل في ريف صنعاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة نقدية لوثيقة الحوثيين الفكرية: عندما تصبح العنصرية دينا(6)
نشر في الأهالي نت يوم 11 - 05 - 2012

بعد أن تحدثت الوثيقة عن إمامة البطنين انتقلت مباشرة إلى الحديث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الظالمين -باعتباره من أعظم الواجبات الدينية المفروضة على الناس أجمعين -بحسب الوثيقة، إن هذه القضية هي الركن الثاني من أركان الإمامة بعد الحصر في البطنين، والتي تعني الخروج، وقد تحدث عنها الأئمة في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومسمى الجهاد، وهو ما يقصده الموقعون على الوثيقة لأنهم ربطوه بالأئمة، حيث نصت الوثيقة على «أن الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله واجب على الجميع، وقد أوجبه كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وقام به أئمة أهل البيت عليهم السلام، ولا ينكره إلا جاهل مخالف لأهل البيت عليهم السلام».
إن قرن الجهاد بآل البيت واتباع سنة الأئمة المتقدمين مثل الهادي التي قالت الوثيقة أنها تقدم منهجه في فهم الأصول -ومنها الجهاد، هو ما يدفعنا لطرح أسئلة هامة في هذا الشأن مثل: ما أهمية الجهاد عند الهادي؟ وما هي أهدافه؟ ووسائله؟ وكيف طبقه عمليا بعد أن تمكن في اليمن؟ وهذا ما سوف نحاول الإجابة عليه فيما يلي..
الإمامة ومبدأ الخروج
تقوم نظرية الإمامة عند الهادي على ركنين أساسيين: حصر الإمامة في البطنين، والخروج المسلح في طلبها، فمن تولى الإمامة -ولو بالخروج- وليس من البطنين ليس إماما شرعيا، بل هو مغتصب لحق غيره، ومن طلبها أو ادعاها -ولو من آل البيت- ولم يخرج على الناس شاهرا سيفه فليس بإمام، والهادي بالركن الأول كان يهدف إلى نزع الشرعية عن الخلافة العباسية التي خرج عليها، وعلى كل من تسول له نفسه ليخرج مثله، وبالركن الثاني -الخروج- كان يرد على من حصر الإمامة في ذرية الحسين حتى ولو لم يخرجوا كما فعل الشيعة الاثنا عشرية، ولهذا اعتبر الهادي قضية خروجه المسلح وقتاله من أجل نزع حقه المقدس في الحكم، أمراً لا يقبل المساومة أو التردد لأنه قضية عقيدة وتركه بمثابة الكفر بالله ورسوله، ومن هنا يقول وقد عزم على خروجه المشئوم إلى اليمن: «ولو لم أكن في هذا الأمر، لم يمنعني ترك الفكر في هذا الأمر، حتى ناظرت نفسي فيه طويلا، فما وجدت إلا الخروج أو الكفر بما أنزل على محمد»(1).. ومن هنا نفهم لماذا ركز حسين الحوثي في ملازمه على قضية الجهاد واستهان بقضية تدريس علم الكلام والانكفاء على العبادة أو الانشغال بالعلم لأن هذا ليس منهج أهل البيت كما كان يقول!!
وجوب استجابة الناس لدعوته
إذا ما قرر أحد أبناء البطنين -كالإمام الهادي- أن يصبح إماما، جرد سيفه، ثم دعا الناس للجهاد معه، وهذا ما فعله الهادي بعد وصوله اليمن، قال مؤلف سيرته: «وكان عند وصوله البلد (صعدة) قد كتب إلى أهل اليمن جميعا كتاب دعوة يدعوهم فيه ويحضهم على الجهاد معه»(2). وهنا لا بد أن يبين لهم حكم الجهاد معه، فالأمر ليس بالهين وليس لهم الخيار، فهو كالنبي والجهاد معه واجب كالجهاد مع النبي، فمن كان في البلد الذي دعا فيها وجب عليه أن يحمل السلاح فورا ويضع نفسه تحت خدمة الهادي، ومن كان خارج البلدة وسمع بدعوة الهادي أو أحد من سلالته من بعده وجب عليه أن يهاجر لنصرته كما هاجر المسلمون الأوائل إلى رسول الله في المدينة، ولا يجوز لأحد التخلف أو القعود عن تلبية الدعوة والقتال إلا بأربعة أعذار حددها الهادي بأسمائها وهي: المرض، والعرج، والعمى، والفقر المدقع، «فمتى كان على واحدة من هذه الأربع الخصال جاز له التخلف عند الواحد ذي الجلال، ومن لم يكن كذلك وجب عليه فرض المهاجرة والقتال». وفي موضع آخر يقول: «إن النفير والهجرة في سبيل الله واجب على كل من عرفه، فمتى عدم أربعة أشياء وكان سالما منها، وهي: العرج والعمى والمرض والفقر، فمن لم يكن من أهل هذه الأربعة الأشياء فالهجرة عليه والنفير واجبان، والجهاد والقيام لازمان، لا يفكه عن فرضهما ولا يريحه عن واجب أمرهما إلا القيام بهما»(3).
ونلاحظ هنا كيف اختلف مفهوم الهجرة عند الهادي عن مفهومه لدى جده «القاسم الرسي» فالأخير كان يرى في الهجرة خيارا فرديا يفر به المرء خوفا على نفسه من بطش الظلمة كما فعل هو عندما هرب من ملاحقة العباسيين له إلى جبل الرس في الحجاز، أما الهادي فهو هنا قد أعلن نفسه إماما وذهب إلى اليمن «وبما أنه كان في حاجة إلى المقاتلين من كل مكان في البلاد العربية الإسلامية، فقد افترض على المسلمين الهجرة من دار الظالمين، واللحاق بالإمام حيثما كان، ويسمي المنطقة التي يسيطر عليها الإمام ومركز دعوته «دار الحق والمحقين» وتطبيقا لهذا الغرض هاجر كثير من الطبريين إلى الإمام الهادي في صعدة، وقاتلوا معه في معاركه المختلفة»(4).
العنصرية في قيادة الجهاد
ربما شعر الهادي بالقلق من أن يؤدي تضخيمه لأمر الجهاد، خصوصا وأن الجميع يعلم أن غاية هذا الجهاد هو الملك قد يؤدي إلى نتائج عكسية، إذ يمكن أن يستجيب الناس لكل من يطلبهم للجهاد -حتى ولو كان من غير البطنين- لهذا حرص الهادي أن يؤكد للناس أن الجهاد المشروع والمقبول عند الله هو فقط من يكون مع شخص من آل البيت، أما إذا قاده شخص آخر فليس بجهاد، فبعد أن أكد على أهمية الجهاد وسرد آيات الجهاد في القرآن قال الهادي: «ثم إن الله جل جلاله -عن أن يحويه قول أو يناله- حظر الجهاد مع جميع من خلق من العباد، إلا من اصطفى واؤتمن على وحيه، من عترة رسوله صلى الله عليه وعليهم، الذين هدى بهم الأمة من الضلالة والهلكة، لما في الجهاد من القتل والقتال، وسفك الدماء، وأخذ الأموال، وهتك الحريم، وغير ذلك من الأحكام، وذلك فلا يكون إلا بإمام مفترض الطاعة، ولا يكون إلا من آل محمد صلى الله عليه وعليهم الذين استنقذ الله بهم الأمة من شفا الحفرة وجمع كلمتها»(5).
وهذا المفهوم هو ما جعل حسين الحوثي يعمل جاهدا في محاضراته وملازمه أن يبينه لأتباعه فهو بعد أن أكد على أهمية ومحورية الجهاد «ضد أمريكا وإسرائيل» ومن والاهما! خشي أن يظن الناس أن ما تقوم به القاعدة أو حركات المقاومة ضد أمريكا أو ما قامت به الجيوش العربية ضد إسرائيل جهادا، ليس لأنه يختلف عنها في الأسلوب، أو غير ذلك، وإنما فقط لأن من قاد ويقود هذه الحركات ليسوا من آل البيت، وأتباعهم ليسوا شيعة «آل البيت»، ولهذا -حسب زعمه- لم ينصروا ولن ينصروا إلا إذا أعادوا الحق لأهله، وقدموا أهل بيت النبوة، وأصبحوا فقط أتباعا لهم، عندئذ سينصروا، وضرب على ذلك مثلاً بحزب الله ونصره على أمريكا وإسرائيل، وكذلك إيران، لأن كل منهما يقوده شخص من آل البيت.. وبالتالي -والكلام لحسين الحوثي- «فالقرآن صريح في البلاغ بأن الأمة الإسلامية لا تنتصر ولن تنتصر، ولن يصلح لها حال إلا بالشيعة، وتحت قيادة أبناء علي، لن تنتصر الأمة ولن تتحسن أحوالها بالديمقراطية والانتخاب، وبناس يأتون من «الشارع»�' ويتولون القيادة»(6).
ولهذه الخلفية العنصرية لم تنتقل قيادة جماعة الحوثي بعد مقتل مؤسسها حسين الحوثي إلى زميله ورفيق دربه «عبدالله عيضة الرزامي» كما كان متوقعا، لما يمتلكه الرزامي من أقدميه وخبرة، ولما قدمه في الدفاع عن حسين ومشروعه، وإنما بحثوا عن «عبدالملك الحوثي» رغم صغر سنه وقلة خبرته وعلمه، لا لشيء إلا لأنه من «آل البيت» والرزامي ليس كذلك، ولو أن الرزامي هو من قاد الجماعة لانفرط عقدها وانتهى مبرر وجودها، لأن مشروعيتها إنما تقوم على الالتفاف والجهاد مع من ينتمي إلى آل البيت، نسبا لا مذهبا!!
الإمام الهادي يعتبر نفسه بمنزلة الرسول
بعد أن يشهر الإمام سيفه ودعوته، عليه أن يؤكد لمن سيتبعه أنهم إنما يتبعون الإمام علي أو الرسول، لا فرق، وهذا ما فعله الإمام الهادي، فهو نظريا قد قرن الإمامة بالنبوة، ووصى النبي «علي» بالنبي «محمد» ووصى علي «الحسن والحسين» بأبيهما، والإمام من ذريتهما بهما، وهكذا.. وقد قال الهادي ذلك على شخصه، فهو أولا يشبه نفسه بالإمام علي، ويقول في ذلك شعرا(7):
أظن الناكثون بنقض عهدي
وكانوا في الفجور من الحراصِ
بأني لم أشابه من علي
خصال المكرمات لدى الخلاصِ
وأني لا يرام الضيم مني
وإني المرتجى لذوي الخصاصِ
أنا الحسني سيف الله حقا
مذاع في الأداني والأقاصي!
ويخاطب جيشه قائلا: «اصبروا معي فوالله لأتقدمن برايتكم بين أيديكم، ولأنصرن دين الإسلام، لأضربن ضربا ما ضربه إلا علي بن أبي طالب رحمة الله عليه»(8).
ثم يتدرج ويرفع مقامه إلى مقام الرسول -مع تحفظ يسير- حيث قال ابن عمه وقائد جيشه وراوي سيرته «وسمعته يوما يقول: والله لو كان معي ثلاثمائة وثلاثة عشر مؤمن، لا بل لو كان معي خمسمائة لأن تلك فضيلة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لدست بها اليمن»!!(9). تأمل ماذا يتمنى هذا الرجل؟ أن يدوس اليمن!! لا حول ولا قوة إلا بالله ثم لا يلبث -أن يزيل هذا التحفظ والفارق البسيط الذي جعله بينه وبين الرسول- فيؤكد لأصحابه أنه بمنزلة الرسول تماما، قال ابن عمه وراوي سيرته «وسمعته ما لا أحصيه، إذا اجتمع عنده الناس يقول والله فقد قال يحيى بن الحسين: والله لئن أطعتموني لما فقدتم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا شخصه إن شاء الله تعالى»(10).
من أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار
وبعد أن وضع الهادي نفسه بمنزلة الرسول تعامل مع أصحابه وخصومه كأنهم أصحاب رسول الله وخصومه من المشركين فهو يخاطب أصحابه المقاتلين قائلا: «أبشروا بما أنتم فيه من الاجتماع على طاعة الله، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر... والله لملائكة الله في سماواته أبشر بهذا الأمر الذي أنتم فيه منكم في الأرض.. ويذكرهم بالله ويقرأ عليهم «إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين» (الأنفال: 65)»(11). وفي إحدى معاركه ضد اليمنيين يخاطب مقاتليه قائلا: «والله فقد قال يحيى بن الحسين: والله ما أعلم اليوم راية مثل راية بدر إلا رايتنا هذه، ولا عصابة اجتمعت أفضل من هذه العصابة بعد من كان قبلنا»(12). تأمل هذا الكلام الذي قاله الهادي وقارنه بما قاله عبدالملك الحوثي قبل أيام في قناة المسيرة بمناسبة ما أسموه يوم الشهيد، حيث اعتبر شهداءه حركته كشهداء بدر، ولا غرابة إن رأيتم عبدالملك وقبله أخاه حسين يوزعان صكوك الغفران، فقد وزعها الهادي قبلهما وقال ابن عمه وراوي سيرته: «وسمعته يوما وهو يقول للناس: اضمنوا لي أن تصلحوا سرائركم، وإذا أمرتكم بشيء ائتمرتم، إذاً والله أوقفكم على المحجة البيضاء وأضمن لكم الجنة»(13). إن الهادي لم يجد وسيلة لجمع الناس حوله ليستعيد ملكه إلا من خلال هذا الدجل، أن يعدهم بالجنة إن قتلوا من أجله ويتوعدهم بالنار إن قتلوا وهم يدافعون على أرضهم وبلدهم ضد عدوانه!
قال ابن عمه وراوي سيرته: «حدثني أبو جعفر محمد بن سليمان، قال: سمعت الهادي إلى الحق عليه السلام، وهو يقول: والله ما دخل قلبي منهم رعب، ولا اعتددت بهم. وكيف أعتد بهم وأنا أعلم أن الله معي؟ فإن قتلت فإلى الجنة وإن قتلت منهم واحدا صار إلى النار»(14). إن أحاديثه عن أن القتلى من أنصاره في الجنة وقتلى مخالفيه في النار أكثر من أن تحصى، وليست فقط في سيرته وإنما في كتبه ورسائله، حيث جعل من هذه القضية حكما عاما لكل من قتل معه أو ضده فقال: «.. حتى سمينا من قتله الظالمون منا شهيدا، وحكمنا له بالوعد الذي وعد الله الشهداء، وسمينا من قتلنا نحن من الظلمة كافرا معتديا، وحكمنا عليه باستحقاق الوعيد من الله العلي الأعلى»(15).
فتأمل أخي القارئ هذه الأحكام المغلوطة التي لا نزال نسمعها حتى اليوم: يأتي الهادي من جبل الرس، ويجلب معه مرتزقة من طبرستان وغيرها ويهاجم بهم اليمنيين المسلمين المسالمين الآمنين في قراهم ومنازلهم، ومع ذلك يعتبرهم ظالمين ويعتبر قتلاهم في النار، ومن قتلوه من المعتدين مظلوما شهيدا!! وهو ما يفعله الحوثيون اليوم، يهاجمون القرى ومناطق حجة والجوف ودماج وغيرها، ويقتلون أهلها، ويدعون المظلومية، والدفاع عن النفس، حقا إن التاريخ عندما يعيد نفسه يصبح مهزلة بل ولعنة على من يعيده أو يقبل به!!
الموقف من المحايد
بعد أن وضع الهادي نفسه، وكل إمام من سلالته يدعو لنفسه ويخرج شاهرا سيفه بمنزلة الرسول، أصبحت الاستجابة لدعوته في القتال كالاستجابة للرسول في الإيمان بالله ورسوله، ومن يرفض دعوته أو يتجاهلها فقد كفر يقول الهادي «فمن سلم من ذلك، ولم يكن في شيء من أحواله كذلك -أي من الأعذار الأربعة- ثم تخلف عنه -أي عن الإمام- من بعد أن يبلغه دعوته وتنتهي إليه رسالته، أو يقع إليه خبره فهو غادر، في دين الله فاجر، ولرسوله معاند، وعن الحق والصراط المستقيم عاند، مشاق لله محارب إلى النار عادل، وعن الجنة مجانب، قد باء من الله باللعنة وجاهره بالمعصية»(16).
لكن الموقف العملي منه يختلف، فهو إن حارب الإمام وجب على الإمام «حربه وقتله وإهلاكه»، وإن لم يحاربه وتخلف عن نصرته، وجب عليه إبعاده وإقصاؤه وإبطال شهادته وإزاحة عدالته، وإخراج اسمه من مقسم الفيء، ووجب على المسلمين -ويقصد أتباعه- منابذته في العداوة، والاستخفاف به، والاستهانة بكل أمره، لا يسعهم غيرة ثم أورد عدد من الآيات التي نزلت في الكفار والمنافقين وأسقطها على من تخلف عن نصرته في الإمامة، مثل قوله تعالى (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون) (التوبة: 84). وقال معقبا على هذه الآية: «فنهى رسول الله عن الصلاة عليهم، والوقوف على قبورهم وحرم عليهم الاستغفار لهم، ولم ينه عن ذلك إلا في غوى هالك عنده، وكذا بشقى.. الخ(17). حقا إن المرء ليقشعر جلده من جرأة الهادي على تكفير مخالفيه، إن النبي (ص) كان يعامل المنافقين مثل بقية أصحابه، بل وصلى عليهم حتى جاء الوحي بالنهي عن ذلك، وقد علمنا أن وحي السماء قد انقطع بعد محمد (ص) ولم يتبق إلا ما توحي به الشياطين؟ فكيف تأكد للهادي أن معارضيه منافقون!؟
ومع ذلك ليت الهادي عامل مخالفيه كمعاملة النبي للمنافقين، ولكنه تجاوز ذلك إلى ما يشبه الحرب النفسية حتى لغير المحاربين، هذا يعني -كما يقول د. علي محمد زيد: أنه حتى إذا وقف المخالف للإمام موقفا غير محارب للإمام أو موقف (محايد) فإن الهادي يوجب على أنصار الإمام توجيه الضغوط عليه العملية والنفسية المختلفة نحوه، وجعله في موضع المنبوذ المحارَب اجتماعيا، وتعريضه للمضايقات المختلفة مما لا يجد معه بدا من الاستجابة لدعوة الإمام والقتال معه لينجو من هذه الحالة أو الهجرة من منطقة سيطرة الإمام إلى مكان آخر يتوفر له فيه حالة من السلامة والاطمئنان المادي. والنفسي بالقياس إلى دولة الإمام»(18).
وهذا ما فعله الحوثيون -ولا زالوا- في صعدة وأماكن نفوذهم ضد كل من رفض أن ينخرط مقاتلا معهم، ولو لم يكن ضدهم، وهو ما دفع بعض قيادات وأعضاء «الشباب المؤمن» الذين رفضوا العنف أو الجهاد الذي أعلنه الحوثي -ولم يقاتلوا ضده، لمغادرة صعدة ولم يعودوا إلى منازلهم حتى اليوم.
معاملة الخصوم كالكفار
رغم الفارق بين الإمام علي ومشروعية قتاله والهادي وقتاله اليمنيين إلا أننا كنا نتمنى لو أن الهادي التزم بهدي الإمام علي في قتاله مع خصومه من أهل الشام والخوارج وغيرهم ووصاياه في هذا معلومة «لا تجهزوا على جريح ولا تتعقبوا مدبر.. الخ» بل ليت إن الهادي وقد رفع مقامه إلى مقام النبي، التزم بتعاليمه ووصاياه في قتال الكفار! مع أن الهادي ليس نبيا واليمنيين لم يكونوا كفارا ومع ذلك فعل بهم الهادي ما لم يفعله النبي والخلفاء الراشدين من بعده بالكفار!! فقد كانت وصايا النبي والخلفاء من بعده لقادة الجيوش «لا تقطعوا شجرة ولا تهدموا كنيسة ولا تقاتلوا مسالما.. الخ»، أما الهادي فقد أباح لجنوده نهب أموال اليمنيين وأمرهم بهدم مساكنهم وقطع زروعهم وقد عبر عن ذلك شعرا فقال:
وحلت لي دماؤكم بحقٍ
وإخراب السوافل والعوالي
وقطع الزرع استوجبتموه
بما قد كان حالا بعد حال!
وما أكثر ما نقرأ في سيرته «فغدا عليه السلام، حتى وصل موضعا يقال له «كتاف» من بلد «وائلة» فنهب العسكر ما وجدوا فيه من مال وغيره، وقطع أعنابهم وخربها، ثم تقدم إلى موضع آخر يقال له «المطلاع» ففعل كما فعل بكتاف.. ومضى العسكر كله حتى نزلوا قرية «أملح» ونهبوا ما وجدوا فيها، وأقاموا أياما يخربون المنازل والآبار، ويقطعون النخيل والأعناب.. وهو يتنقل في قراها ويخربها قرية قرية، حتى طرحوا عليه.. الخ»(19). وعندما سئل الهادي عن قطع الزروع، قال «قد فعل رسول الله مثل ذلك، حيث قطع نخل بني النضير، فأنزل عليه (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليجزي الفاسقين) (الحشر:21)(20).
هكذا ينظر الهادي لمن ليس معه من اليمنيين، كأنهم يهود بني النضير، وهو ما يفعله الحوثيون اليوم في صعدة وحجة والجوف، حيث يقتلونهم ويهدمون منازلهم وهم يرددون الصرخة «الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود، النصر للإسلام»!!
فتح العراق وفتح بلاد بني الحارث
عندما فتح عمر بن الخطاب العراق جاءه أهله يشكون قالوا علمنا أنكم ستأخذون أرضنا غنيمة، فرق عمر لحالهم وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله سأنظر لكم، ثم اجتهد اجتهاده العظيم عندما أبقى الأرض تحت أيدي أصحابها، مقابل جزء بسيط يدفعونه (خراج) لبيت المال». تعالوا لنرى ماذا كان يطالب اليمنيين المسلمين من الهادي بعد أن فتح بجهاده المقدس بلادهم!! يقول ابن عم الهادي وراوي سيرته واصفا معركته مع بني الحارث: «وانهزم القوم.. ووضع السيف فقتل من القوم (بني الحارث) خلق عظيم، وقتل الهادي في ذلك اليوم بيده جماعة كثيرة لم يثبت عدده هو ولا غيره، إنه كسر ثلاثة رماح في القوم، ثم ضرب بسيفه حتى امتلأ قائم سيفه علقا وامتلت أنامله على قائم سيفه بالدم، وفي ذلك يقول شعرا.. الخ.»(21).
حسنا، تلك معارك وبطولات قرأنا مثلها عن الزير سالم وعنترة بن شداد، فماذا بعد؟ قال الراوي: «فلما صارت منهزمة بني الحارث إلى جبل الأخدود وتعلقت به وطرحت السلاح والثياب وأخذ الناس لهم من كل جانب ومضى الهادي صلوات الله عليه إلى حصن لهم يقال له ثلاء، وكان حواليه مخازن من طعام، فأمر العسكر بنهبه وهدم الحصن وحرقه..»(22) ولقد كان هذا ديدنه ومعاذ الله أن يكون هذا فعل الفرسان النبلاء حتى في الجاهلية فضلا عن الإسلام، ولكن ماذا بعد؟ يقول الراوي -وهو ابن عم الهادي وقائد جيشه- مفتخرا «ثم انصرف -أي الهادي- إلى القرية في آخر النهار، فأمر بالقتلى فجمعت ثم أمر بتعليقها في الشجر، فعلقت منكسة، في كل شجرة جماعة مؤزرين بالخرق والشمال وأقام بالقرية ثلاثة أيام أو أربعة ثم إن القرية أنتنت نتنا شديدا حتى لم يقدر أحد على أن يأكل لحما، فأتت بنو الحارث إلى الهادي إلى الحق فقبلوا رأسه ورجليه ويديه وسألوه أن يهب لهم جيف إخوانهم فيدفنوها في الآبار والحفر فأبى ذلك عليهم فلم يزالوا به حتى أجابهم، وذكرهم بما كان قال لهم، وطرحت الجيف في بئار خراب وحفر كانت خارجة عن القرية»(23). تأمل ما فعله ابن رسول الله كما كان يسمي نفسه مع مخالفيه من المسلمين، لقد كان أقصى غايتهم أن يهب لهم جيف إخوانهم ليدفنوها. ورغم أنهم قبلوا رأسه ورجليه وليس ركبتيه، فقد ظل يأبى عليهم حتى أنتنت القرية فسلمهم الجيف المنتنة ولو أنه كان يملك ألغاما كما يمتلكه أحفاده وأتباعه اليوم في حجة، لتسلموا الجثث ملغمة!! ومع ذلك يقولون لماذا تخشون إن أحيا الحوثيون اليوم شعيرة الجهاد كما أحياها الأئمة من قبلهم!؟
الجهاد بين الاثني عشرية والهادوية!
هذا هو مفهوم الجهاد وأهدافه وغاياته وأساليبه عند الهادوية منذ مجيء الهادي وحتى اليوم، ومع ذلك تجد كثيراً من علماء ومؤرخي أهل السنة القدامى والمحدثين ما زالوا يرددون على مسامعنا أن الزيدية -ويقصدون الهادوية- هم أقرب إلى أهل السنة من الاثني عشرية، لماذا؟ قالوا لأن أئمة الهادوية ظلوا يؤكدون على وجوب الجهاد واستمراره، ولم يحرموا الجهاد ويعطلوه كما فعلت الفرقة الضالة من الروافض التي حرمت الجهاد إلا مع الإمام المعصوم «الغائب» عندهم!! والحقيقة أن هؤلاء لو كانوا على صلة ولو بسيطة بالواقع، بل لو أنهم تحققوا قليلا من المذهبية بل لو أنهم قرأوا التنظير للجهاد عند أئمة الهادوية، لقالوا: لقد كان من رحمة الله بأمة الإسلام أن الشيعة الاثني عشرية قد أغلقوا باب الجهاد حتى خروج مهديهم المنتظر!! ولم يفعلوا كما فعل إخوانهم الهادوية الذين أوجبوا الجهاد مع أئمتهم من أجل إعادة الحق لأهله -أي تسليمهم السلطة! ولكن من رحمة الله بالأمة الإسلامية أن هذا الفكر الهادوي لم يكتب له النجاح إلا في اليمن وفي أجزاء محددة منه، وقد كان قدر اليمنيين أن يدفعوا -نيابة عن بقية المسلمين- ثمنا باهظا لكف أذى الجهاد «الهادوي» ضد أمة الإسلام فجزاهم الله خيرا!
إن فكرا يعتبر الإمامة ركناً من أركان الدين والإيمان بالوصية وتمييز سلالة كالإيمان بالله ورسوله، والجهاد لاستعادة حكم السلالة جهاد في سبيل الله خير لنا وله وللإسلام والمسلمين أن يحرم الجهاد والقتال حتى خروج المهدي، وتأملوا مثلا ما حدث بعد أن أخرج الخميني «القمقم الاثني عشري» من السرداب وأجاز الجهاد نيابة عنه، وهتف بعض علماء الهادوية آنذاك، هاهو الخميني قد أصبح زيديا (هادويا) ولله الحمد!! إن من يتأمل ما تفعله كتائب المهدي والصدر في العراق، وما فعلته إيران في التعاون مع أمريكا لإسقاط أفغانستان والعراق، وما يفعلونه اليوم في الدفاع عن بشار الأسد ضد الشعب السوري لا يلام إن هو قال: ليتهم ظلوا ينتظرون خروج مهديهم المنتظر!! ومع ذلك يظلون أقل سوءا من إخوانهم الهادوية، لأن أئمة الهادوية لم يضعوا السيف منذ ألف عام، كما أن الشيعة الاثني عشرية في لبنان -حزب الله- قد حرروا جنوب لبنان من إسرائيل وهذا يحسب لهم على كل حال وهو ما لم يفعله الهادويون خلال ألف عام، فتاريخهم يتحدث عن فتوحات الأئمة عليهم السلام ولكن في بني مطر وبني الحارث وبيت بوس.. الخ. وإن توسعت فتوحاتهم فإلى مناطق اليمن الأسفل الشوافع «كفار التأويل» كما كانوا يسمونهم! لقد ظلوا طوال ألف عام يفتحون اليمن قرية قرية ويغزون قبائلها قبيلة قبيلة! وعلى هذا الدرب يسير الحوثيون الآن في مواجهة أمريكا وإسرائيل ولكن في كشر وعاهم ووشحة!
هل بعد هذا نقول إن من إيجابياتهم أنهم ظلوا يؤكدون على استمرار الجهاد، ألا ليتهم حر�'موه كما فعل الاثنا عشرية، إذن لحقنت دماء مئات الآلاف إن لم يكن الملايين من اليمنيين الذين قتلهم «الجهاد الهادوي» خلال ما يزيد على ألف عام!
الهوامش:
(1) «سيرة الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين» تحقيق د. سهيل زكار، دار الفكر بيروت، الطبعة الثانية، 1981م، ص52.
(2) نفس المرجع، ص48.
(3) د. علي محمد زيد، «معتزلة اليمن، دولة الهادي وفكره»، ص189.
(4) المرجع السابق، ص190.
(5) مجموع رسائل الإمام الهادي، ص517.
(6) دروس من هدي القرآن الكريم «ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى» محاضرة ألقاها حسين بدر الدين الحوثي في تاريخ 10/2/2002م.
(7) سيرة الإمام الهادي، مرجع سابق، ص148-149.
(8) المرجع السابق، ص50.
(9) المرجع نفسه. (10) المرجع نفسه.
(11) المرجع نفسه، ص51. (12) المرجع نفسه.
(13) المرجع نفسه، ص51.
(14) المرجع نفسه، ص104.
(15) مجموعة رسائل الإمام الهادي، ص483.
(16) المرجع السابق، ص509.
(17) نفس المرجع، ص510-511.
(18) د. علي محمد زيد، مرجع سابق، ص191.
(19) سيرة الهادي، ص244-245.
(20) المرجع نفسه، ص130. (21) المرجع نفسه، ص170.
(22) المرجع نفسه، ص172-173.
(23) المرجع نفسه، ص173.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.