على الجنوب طرق كل أبواب التعاون بما فيها روسيا وايران    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    كيف طوّر الحوثيون تكتيكاتهم القتالية في البحر الأحمر.. تقرير مصري يكشف خفايا وأسرار العمليات الحوثية ضد السفن    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    صور الاقمار الصناعية تكشف حجم الاضرار بعد ضربة إسرائيل على إيران "شاهد"    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    تظاهرات يمنية حاشدة تضامنا مع غزة وتنديدا بالفيتو الأمريكي في مجلس الأمن    شبوة.. جنود محتجون يمنعون مرور ناقلات المشتقات النفطية إلى محافظة مأرب    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    اليمن تأسف لفشل مجلس الأمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة مميز    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    الإنذار المبكر بحضرموت يطلق تحذيرا هاما للساعات القادمة    خطوات هامة نحو تغيير المعادلة في سهل وساحل تهامة في سبيل الاستقلال!!    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    لحظة بلحظة.. إسرائيل «تضرب» بقلب إيران وطهران: النووي آمن    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    العثور على جثة شاب مرمية على قارعة الطريق بعد استلامه حوالة مالية جنوب غربي اليمن    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    طعن مغترب يمني حتى الموت على أيدي رفاقه في السكن.. والسبب تافه للغاية    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا نخشى من إحياء الجهاد الهادوي!؟
نشر في الأهالي نت يوم 29 - 06 - 2013

قال المحطوري في كلمة له، (الخميس 13 يونيو 2013م) أثناء تشييع قتلى المواجهات مع الأمن القومي: "إن الجهاد بعد مقتل هؤلاء الثوار السلميين بات فرض عين على كل قادر لمواجهة هؤلاء القتلة".
وأظهرت مقاطع فيديو للمحطوري وهو يخطب بين مناصرين للحوثي ويقول "ينبغي على الشعب أن ينهض ليأخذها من أيديهم لأنهم كالقردة عندما تدخل في المزارع". وأضاف: جاهدوا.. جاهدوا.. بصرخاتكم، بقبضاتكم، بأيديكم، بقلوبكم، ببنادقكم، بما استطعتم.. فقاتلوهم لعنهم الله، أخزاهم الله، قبحهم الله، أراح الله البلاد والعباد منهم."
الكلام واضح وصريح ولا يحتاج إلى تأويل مغرض من قبل الإصلاحيين الذين قال المحطوري ردا على استنكارهم لفتواه إنهم قد حمّلوا كلامه أكثر مما يحتمل. وأضاف: "ومن عجائب هؤلاء القوم "يقصد الإصلاح" أن يحملوا هذا الكم الهائل من الحقد وتحريف الكلام عن مواضعه ويتجردون عن القيم والأخلاق والمشاعر، ولم يشيروا إشارة واحدة إلى المجزرة ولو بغير إدانة.. بل على الأقل يروونها رواية، لكنهم فضحوا أنفسهم وضبطهم التاريخ عرايا، حين راحوا يكذبون بأن الأمن القومي مظلوم ومهاجم وحمامة سلام".
إذن الإصلاحيون هم مفترون وبحسب بيان المحطوري فقد " تحول إعلامهم إلى نقمة وشماتة وتحريض وكذب وبهتان وتصوير لكلامي بأنه يقيم القيامة أما والكل يعرف أن الفتاوى التكفيرية وإرسال كتائب ما يسمى بالمجاهدين في شرق الدنيا وغربها ومن أي ساحة تأتي ومن أي رحم خرجت القاعدة".! باختصار يريد المحطوري في بيانه ان يقنعنا أنه مظلوم ومفترى عليه.
صحيح أنه دعى الحوثيين المسلحين إلى الجهاد، ولكنه –حاشاه- لا يقصد الجهاد ضد الدولة أو الرئيس أو الأمن القومي، بل إنه لا يقصد الجهاد المسلح أصلا، ذلك أنه كما قال في بيانه "يطالب بدولة مدنية عادلة والجهاد عندي -والكلام للمحطوري- إنما هو جهاد الكلمة وجهاد القلم وجهاد الإعلام وجهاد المظاهرات وجهاد الاحتجاجات والاعتصامات حتى العصيان المدني "يعني لقد أخطأ النواصب –أعداء آل البيت- عندما زعموا أن قوله: "جاهدوا بأيديكم وبنادقكم وبكل ما تملكون" تشمل استخدام السلاح (البنادق) فهذا عمى وجهل وكأن قائل العبارة من علماء الوهابية أو الإخوان المسلمين حتى يفهم كلامه على هذا النحو! ولا يدرون ويحهم أو إنهم يدرون ويتجاهلون أن قائلها هو ابن رسول الله! والذي يجب أن نأخذ كلامه على أحسن المآخذ فنقول إن معنى البنادق هو الورود عند نجوم العترة عليهم السلام!! وهو السلاح الناري عند النواصب (قاتلهم الله.. أخزاهم الله!!).
ومع هذه المغالطات المكشوفة فإن المحطوري كان حريصا على سمعة جماعة الحوثيين ومنهجهم أكثر من حرصه على سمعته وعلمه وقد تجلى ذلك في البيان من خلال نقطتين:
الأولى: عندما بدأ الدكتور المحطوري تعليقه بالتأكيد على أن ما صدر منه لا يعبر إلا عن رأيه الشخصي، وقال إنه لا يدعي تمثيل أحد في إشارة إلى ما يتم تداوله عن أنه يعبر عن الحوثيين. بالمختصر أراد أن يقول إذا كان في الفتوى إساءة فالحقوها بي وليس بالمجاهدين من أنصار الحوثي الذين يقومون بالجهاد العملي في قتال اليمنيين أما أنا فهو مجرد تحريض على القتال وبالتالي إن كان ثمة إدانة فأدينوا من حرض فحسب واتركوا من ينفذ باعتبارهم دعاة سلام.!!
الثانية: بعد أن فسر كلامه بأن الجهاد عنده هو الجهاد السلمي خشي أن يؤثر ذلك على منهج وقناعات أتباع وأنصار الحوثي في الجهاد المسلح لهذا عاد ليقول في موضع آخر من البيان: "لكن عندما يصل الأمر إلى الدفاع عن النفس فهذا حق شرعي قانوني إنساني لكل ذي روح أن يدافع عن نفسه بما تقتضيه الحال من الوسائل لدفع العدوان" والراجح بحسب صحيفة الشارع- "أن المحطوري أضاف هذه الفقرة لكي لا يبدو وكأنه يدين منطق الحوثيين الذي يبرر لجوءهم لحمل السلاح بدعوى الدفاع عن النفس إضافة إلى أن الحوثي يطلق على مليشياته صفة المجاهدين " وهو تفسير على قدر كبير من الصحة، لهذا فإن البيان أكد التهمة ولم ينفها، ولهذا عنونت صحيفة الشارع هذا الخبر ب"ورطة المحطوري" الشارع العدد 551 بتاريخ 19 يونيو 2013م ص1، ص5.
مخاطر الجهاد الهادوي
المحطوري من علماء الهادوية المتعصبين لتراث وسيرة ومنهج أئمة الهادوية الممتد لأكثر من 1100عام، ولهذا لم نكن نحتاج للتفاصيل التي أوردها في دعوته للجهاد حتى نحتج ونبدي قلقنا على مستقبل اليمن وسلمه الاجتماعي، فمجرد تبني الجهاد أو الدعوة إليه من هادوي متعصب حتى ولو قال إنها ضد أعداء الله يجعلنا نضع أيدينا عل قلوبنا سائلين الله اللطف بعباده المؤمنين، ذلك أن الجهاد الهادوي كان -ولا يزال- ضد المسلمين الظالمين الذين رفضوا أن يسلموا الحكم لمن اختارهم الله وفضلهم بالنسب على جميع البشر، وضد من والاهم وهادنهم ولم يقدم نفسه وماله بين يدي الأئمة ليستعيدوا ملكهم المغتصب، وهو ما قاله –صراحة- جميع دعاة وأدعياء الإمامة منذ نكبة اليمن بمجيء الهادي يحيى بن الحسين الرسي عام 286ه وحتى نكبة اليمن مرة أخرى بظهور حسين الحوثي ومحاولته تقليد جده الهادي وإحياء منهجه، وإذا كان الحوثي قد غلف دعوته بشعار الموت لأمريكا وإسرائيل إلا انه كان يؤكد نظريا قبل الممارسة ان الجهاد سيكون داخليا ضد من هم أخطر من اليهود والنصارى، وهو لم يخرج بذلك قيد أنملة عن تراث المؤسس الأول لهذا الجهاد الكارثي، حيث نقرأ في تراث الهادي:
من مسائل محمد بن عبيد الله
«الصلح مع نصارى تغلب»
وسالت عما ذكر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صالح أهل الكتاب على أن يكون أولادهم مسلمين، لا يعلمونهم اليهودية ولا النصرانية، وقلت: قد نقضوا العهد، فهل للإمام أن يبدأهم؟ وقلت: إنَّه يقال: إنهم الذين عناهم الله بقوله: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ} (التوبة: 123) دون غيرهم.
واعلم هداك الله أن اليهود ليسوا في شيء من هذا، وإنما أولئك الذين صالحهم رسول الله صلى الله عليه على أن لا يصبغوا أولادهم، ولا يدخلوهم في شيء من أديانهم؛ هم نصارى (بني تغلب) دون غيرهم من النصارى.ص986 وذلك أن بني تغلب عرب، وليسوا من بني إسرائيل، فأنفوا حين أخذ رسول الله صلى الله عليه الجزية من جميع أهل الذمة؛ فطلبوا من رسول الله صلى الله عليه أن يأخذ منهم -كما يأخذ من العرب- العشر، فأخبرهم صلى الله عليه وآله وسلم أن العشر لا يكون إلاَّ صدقة، وأن الصدقة لا تؤخذ إلاَّ من أهل الصلاة؛ لأنها تطهره لهم وتزكية، فسألوه أن يأخذ منهم ضعفي ما يؤخذ من المسلمين على طريق الصلح؛ لسلامة أنفسهم، ونجاة رقابهم، لا على طريق الزكاة والتطهرة، فصالحهم صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك، وعلى أن لا يصبغوا أولادهم، وأن يكون أولادهم من بعدهم مسلمين، فأخذ منهم من أموالهم في كل أربعين شاة شاتين، .....، وشرط عليهم أن لا يدخلوا أولادهم في شيء من اليهودية والنصرانية، وعلى ذلك أعطوا العهد. ص987 فواجب على أهل الحق إذا أعلى الله كلمتهم، أن تُسبى نساؤهم، وتقتل رجالهم وتؤخذ أموالهم، إلاَّ أن يدخلوا في الإسلام كلهم فيرى رأيه؛ لأن القوم الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يفوا له بعهده، فانتقضت عهودهم، ووجب ما ذكرنا من الحكم عليهم. غير أن الباطل قد شمل وظهر، والمنكر قد علا وقهر، وعطلت الأحكام، ودَرَس الإسلام، وظهر الفسق، ومات الحق، فإلى الله في ذلك المفزع والمشتكى، عليه توكلنا وهو العلي الأعلى.
فأما ما ذكرت من أنهم الذين قال الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ}(التوبة: 123) فغيرهم أولى بهذه الآية منهم، من هو أقرب إلى الإسلام، وأَضّرَّ على دين محمد عليه السلام، من أولئك الكفرة الطغام.و{الَّذِينَ يَلُونَكُمْ} فهم: الذين بينكم ومعكم ممن يدعي الإسلام، وهو كافر بالله ذي الجلال والإكرم، كاذب فيما يدعيه، ثابت من الكفر فيما هو عليه، من جبابرة الظالمين، وفراعنة العاصين، الذين قتلوا الدين، وخالفوا رب العالمين وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله، وانتهكوا محارمه، ولم يأتمروا بأمره، ولم ينتهوا عن نهيه، وحاربوه في آناء الليل وأطراف النهار، فراعِنَة ملاعين، جوَرَةٌ متكبرون لا يحكمون بكتاب الله، ولا يقيمون شيئاً من شرائع دين الله، قد قتلوا الإسلام والمسلمين، وأضاعوا الأيتام والمساكين، واستأثروا عليهم بأموالهم، فمات الخلق هَزَلاً في دولتهم، لا في أمور المسلمين ينظرون، ولا إلى الله يرغبون، ولا عذابه يخافون، ولا ثوابه يرجون، معتكفين على اللهو والمزامير، والضرب بالمعازف والطنابير، هممهم هِمَمُ بهائمهم ما واروه في بطونهم، أو باشروه بفروجهم، أو لبسوه على ظهورهم؛ بغيتهم إذلال الحق والمحقين، وشأنهم إظهار الفسق والفاسقين، ومعتمد أمرهم مكايدة رب العالمين، فهؤلاء يرحمك الله ومثلهم، وأعوانهم وخدمهم، وأصحابهم وشكلهم؛ أولى بالمجاهدة والقتال؛ من نصارى بني تغلب الأنذال؛ لأن هؤلاء أضر بالإسلام وأهله وأنكى، ومن كان كذلك من العباد؛ فهو أولى بالجهاد لضرره على المسلمين والعباد.
فافهم ما ذكرنا من تفسير خبرهم، واجتزينا بالقليل من ذكرهم، فإن لك في ذلك كفاية وشفاء، ودليلاً على ما سألت عنه وجزاء" ( المجموعة الفاخرة للامام الهادي يحيى بن الحسين ص987 .989
هذه فتوى الامام الهادي في بني عمومته من بني العباس وقد جاء الى اليمن بهذا الخطاب الجهادي التكفيري مؤملا ان يلتف اليمنيون حوله ليحققوا حلمه في استعادة حقه الالهي المزعوم في الملك، وحين وجد تخاذلا بل ورفضا من اليمنيين أعلن الجهاد عليهم وتكفيرهم كحكام بني العباس فإذا كان بني العباس ظالمين لأخذهم السلطة عن أهلها فإن من يواليهم من اليمنيين وغيرهم حكمه حكمهم، وفي هذا يقول الإمام الهادي (موالاة الظالمين ومداراتهم).
قال محمد بن عبيدالله (1) رحمه الله: سألت الهادي إلى الحق صلوات الله عليه عن موالاة الظالمين. فقال: لا تجوز موالاة الظالمين لأحد من المؤمنين، وموالاتهم فهي: مودتهم ومحبتهم؛ لأن الله سبحانه يقول: {لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}(المجادلة: 22). فحرّم الله تعالى موالاتهم ومحبتهم، ولم يطلق للمؤمنين الانطواء على شيء من إضمار المودة لهم. وفي ذلك ما يقول اللّه عزَّ وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيهِمْ بِالْمَوَدَّةِ..} الآية (الممتحنة:1). فمن انطوى وأضمر محبّة ظالم فقد خرج من دين الله، وليس من المؤمنين بالله، ولا تجتمع معرفة الله ومحبته وموالاته مع مودة أعداء الله ومحبتهم؛ لأن الله عدو للظالمين، والظالمون أعداءٌ لرب العالمين، ولن يجتمع ضدان معاً في قلب مسلم.
المجموعة الفاخرة ص786
عبدالله بن حمزة على منوال الهادي
وذهب الأئمة بعد الهادي على هذا المنوال الجهادي في قتل اليمنيين ونهب أموالهم، وزاد عبدالله أن سبى نساءهم المؤمنات العفيفات وقد اقتسم مع أخيه يحيى بن حمزة 600 من نساء صنعاء من أهل السنة، وحين استنكر البعض فعلته الشنيعة أصر على مشروعيتها وألف كتابا أسماه "الدرة اليتيمة في أحكام السبا والغنيمة" وقد تم طباعته ضمن المجموع المنصوري بتحقيق عبدالسلام الوجيه الذي أثنى على تراث الإمام ولم يكلف نفسه الإشارة ولو من بعيد على خطأ الإمام في هذه المسألة، وفي الكتاب يفصح عبدالله بن حمزة عن دوافع قتله وجهاده ضد اليمنيين فيكفي أنهم لم يلتفوا حوله ويقاتلوا بني العباس، وإذا كان هذا هو موقف أكثر الأمة فقد كفروا جميعا ويستحقوا الجهاد، يقول عبد الله بن حمزة:
"فوالله يميناً يعلم الحكيم العليم صدقها، ونرجو عند الله تعالى أجرها وبرها، لو لم يكن لهذه الأمة جرم في دين الله إلا موالاة بني أمية وبني العباس واعتقاد إمامتهم وتقليدهم أمورهم، وذلك كفر، لكان كافيا في الكفر بنص القرآن الكريم يعرفه كل ذي قلب سليم، وهو مع ذلك خلاف المعلوم من دين الرسولً؛ لأن الولاء والبراء معلومان من دينه ضرورة، فكيف والحكيم سبحانه يقول: "لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ" (المجادلة:22) ومن نفى الباري تعالى إيمانه بالله ورسوله وباليوم الآخر، فهل بقي له من الإيمان مسلك، وعن الكفر مترك؛ فالواجب على المؤمنين التسلك عن التشكك فيهم، واعتقاد إمضاء أحكام الله عليهم وقع ذلك أم لم يقع؛ فبذلك فرض المؤمنين معاداة الكافرين باليد واللسان، والسيف والسنان، وإضمار عداوة الجنان، فكيف وقد أضافوا إلى ذلك من الاعتقادات الكفرية، والمقالات الفرية، ما كفرتهم به الذرية الهادية المهدية، ولابد مما قاله الرسول يكون؛ لأنه لا يقول إلا عن علام الغيوب إن لم يكن في زماننا، ما رويناه بالإسناد الموثوق إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قائم العترة المنتظر أنه قالً: (يشبهني في الخلق ولا يشبهني في الخلق)، فسره أهل العلم أنه خلق رسول الله العفو، وخلق القائم الانتقام بالقتل والسبي والسفك، وفي الحديث: (لا يزال في أيامه الهرج) معناه القتل عموماً، والقتل حتى يقول القائل: ليس لله في آل محمد حاجة، ولم أعلم أحداً من آبائنا عليهم السلام وسع في المكاتبة والمراسلة إلا وصرح في ذلك أو عرض بكفر مناوئيه وشرك معاديه، ومن تأمل ذلك عرفه يعرف ذلك العارفون.(المجموع المنصوري ج2 القسم الاول،ص128 129
فتنة الساحر المحطوري
هذا جزء يسير من التأصيل النظري للجهاد الهادوي، أما التطبيق العملي فإن مآسي هذا الجهاد لا تستوعبه مجلدات، وسنكتفي هنا لتذكير المحطوري، بالمأساة التي تسبب بها أحد أجداده في القرن الثاني عشر الهجري وتحديدا سنة 1111ه والمعروفة بفتنة الساحر المحطوري، وهو سيد من محطور الشرف يقال له إبراهيم قطع أيامه بالرواتب وعمل طلاسم وشدت إليه الرحال لذلك الغرض، قرأ على الفقيه محمد بن علي السودي وسأل شيخه أن يضرب له الوفق فأوعده فألح عليه فعرفه أن ذلك لا يؤثر إلا في ستة أشهر وإن صبر إلى سنة اثنتي عشرة ملك الأقطار مرة، ففعله وكان أول ثورته من المحابشة وأخذ في سفك الدماء وأخبر من اطلع على أموره أنه تلقب بالمنصور وكان يكتب الأوفاق والطلاسم فيمحوها ويسقيها البقر ثم يذبحها للطير، فإذا أكلتها حصل مع الناس الخوف والرعب وابتدأ ثورته يوم السوق فانتهب السوق وقتل النفوس وممن قتل ذلك اليوم وفاز بالشهادة العلامة شيخ الزيدية المدافع بالدليل شبه الفرق الرديئة الحسين بن ناصر بن عبدالحفيظ المهلا والشيخ عبدالقادر المحبشي وجمع غفير من المسلمين،كما جاء في الجامع الوجيز للجنداري ص457 وقصة هذا الدجال طويلة وضحاياة بما اوردتة المراجع التاريخية في ترجمة بعض ضحاياه ومنهم على سبيل المثال:
الحسين المهلا (… 1111ه)
الحسين بن ناصر بن عبدالحفيظ بن عبدالله المهلا الشرفي، أحد علماء اليمن الأفذاذ. حافظ، محقق، مولده ونشأته بالشجعة من بلاد الشرف، وأخذ على جده عبدالحفيظ المتوفى سنة 1077ه‍‍ في شتى الفنون، وقرأ عليه مدة تزيد على عشرين عاماً، وأجازه جده، ثم أخذ عن غيره من العلماء، وعكف على الدرس والتأليف ونشر العلم، ومن تلاميذه الإمام القاسم بن المؤيد محمد بن القاسم، والعلامة عبد الله بن علي الوزير، والعلامة أحمد بن ناصر المهلا، وغيرهم، حتى قتل شهيداً ببلاده في شهر رجب سنة 1111ه‍‍، قتله أصحاب إبراهيم المحطوري، ومثلوا به، واجتزوا رأسه، وأرسلوه إلى المحطوري، فضمه إلى رأس الشيخ حسن المحبشي وولده، وعلق الثلاثة الرؤس في شجرة أمامه وأخباره كثيرة، ومؤلفاته وفيرة. اعلام المؤلفين الزيدية. وفي مرجع آخر نقرأ:
(عودة إلى الحسين بن ناصر المهلا)
وصاحب الترجمة كان إماماً في العلوم محققاً وبحراً متدفقاً، وتفنن فيها وألف المؤلفات الحسنة منها: "المواهب القدسية في شرح البوسية" ستة مجلدات كبار.
وكانت وفاته شهيداً مقتولاً في شهر رجب في سنة إحدى عشرة ومائة وألف ب(القويعة) من (بلاد الشرف)، وذلك في فتنة الساحر المحطوري، وهي فتنة عظيمة لم يقع في اليمن أشد منها على قصر أيامها وحصرت القتلى من قيامه في شهر رجب إلى سلخ شهر رمضان وذلك ثلاثة أشهر فكانت عشرين ألف وقتل من اليهود والبانيان ما لا يحصى عدده وختن جمع غفير من (البانيان) وقتل من العلماء خلقاً كثيراً. (نفحات العنبرج2 /ص32)
الجهاد بين الاثني عشرية والهادوية!
هذا هو مفهوم الجهاد وأهدافه وغاياته وأساليبه عند الهادوية منذ مجيء الهادي وحتى اليوم، ومع ذلك تجد كثيراً من علماء ومؤرخي أهل السنة القدامى والمحدثين ما زالوا يرددون على مسامعنا أن الزيدية -ويقصدون الهادوية- هم أقرب إلى أهل السنة من الاثني عشرية، لماذا؟ قالوا لأن أئمة الهادوية ظلوا يؤكدون على وجوب الجهاد واستمراره، ولم يحرموا الجهاد ويعطلوه كما فعلت الفرقة الضالة من الروافض التي حرمت الجهاد إلا مع الإمام المعصوم "الغائب" عندهم!! والحقيقة أن هؤلاء لو كانوا على صلة ولو بسيطة بالواقع، بل لو أنهم تحققوا قليلا من المذهبية بل لو أنهم قرأوا التنظير للجهاد عند أئمة الهادوية، لقالوا: لقد كان من رحمة الله بأمة الإسلام أن الشيعة الاثني عشرية قد أغلقوا باب الجهاد حتى خروج مهديهم المنتظر!! ولم يفعلوا كما فعل إخوانهم الهادوية الذين أوجبوا الجهاد مع أئمتهم من أجل إعادة الحق لأهله –أي تسليمهم السلطة! ولكن من رحمة الله بالأمة الإسلامية أن هذا الفكر الهادوي لم يكتب له النجاح إلا في اليمن وفي أجزاء محددة منه، وقد كان قدر اليمنيين أن يدفعوا –نيابة عن بقية المسلمين- ثمنا باهظا لكف أذى الجهاد "الهادوي" ضد أمة الإسلام فجزاهم الله خيرا!
إن فكرا يعتبر الإمامة ركناً من أركان الدين والإيمان بالوصية وتمييز سلالة كالإيمان بالله ورسوله، والجهاد لاستعادة حكم السلالة جهاد في سبيل الله خير لنا وله وللإسلام والمسلمين أن يحرم الجهاد والقتال حتى خروج المهدي، وتأملوا مثلا ما حدث بعد أن أخرج الخميني "القمقم الاثني عشري" من السرداب وأجاز الجهاد نيابة عنه، وهتف بعض علماء الهادوية آنذاك، هاهو الخميني قد أصبح زيديا (هادويا) ولله الحمد!! إن من يتأمل ما تفعله كتائب المهدي والصدر في العراق، وما فعلته إيران في التعاون مع أمريكا لإسقاط أفغانستان والعراق، وما يفعلونه اليوم في الدفاع عن بشار الأسد ضد الشعب السوري لا يلام إن هو قال: ليتهم ظلوا ينتظرون خروج مهديهم المنتظر!! ومع ذلك يظلون أقل سوءا من إخوانهم الهادوية، لأن أئمة الهادوية لم يضعوا السيف منذ ألف عام، كما أن الشيعة الاثني عشرية في لبنان –حزب الله- قد حرروا جنوب لبنان من إسرائيل وهذا يحسب لهم على كل حال وهو ما لم يفعله الهادويون خلال ألف عام، فتاريخهم يتحدث عن فتوحات الأئمة عليهم السلام ولكن في بني مطر وبني الحارث وبيت بوس.. الخ. وإن توسعت فتوحاتهم فإلى مناطق اليمن الأسفل الشوافع "كفار التأويل" كما كانوا يسمونهم! لقد ظلوا طوال ألف عام يفتحون اليمن قرية قرية ويغزون قبائلها قبيلة قبيلة! وعلى هذا الدرب يسير الحوثيون الآن في مواجهة أمريكا وإسرائيل ولكن في كشر وعاهم ووشحة!
هل بعد هذا نقول إن من إيجابياتهم أنهم ظلوا يؤكدون على استمرار الجهاد، ألا ليتهم حرّموه كما فعل الاثنا عشرية، إذن لحقنت دماء مئات الآلاف إن لم يكن الملايين من اليمنيين الذين قتلهم "الجهاد الهادوي" خلال ما يزيد على ألف عام!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.