الحوثيون والبحر الأحمر.. خطر جديد على كابلات الأعماق مميز    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    مصرع وجرح عدد من العناصر الإرهابية على يد القوات الجنوبية بوادي عومران    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    أول تحرك للرئيس العليمي بعد سقوط خسائر بشرية وتضرر البنية التحتية والأراضي الزراعية جراء المنخفض الجوي بحضرموت    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    لجنة الطوارئ بمأرب تباشر مهامها الميدانية لمواجهة مخاطر المنخفض الجوي    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    إسقاط طائرة تجسس حوثية في شقرة بمحافظة أبين    تأجيل مباريات الخميس في بطولة كرة السلة لأندية حضرموت    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    عن العلامة اليماني الذي أسس مدرسة الحديث النبوي في الأندلس - قصص رائعة وتفاصيل مدهشة    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    ترحيل آلاف اليمنيين من السعودية    أضرار مادية وخسائر بشرية بسبب الفيضانات شرقي اليمن وإغلاق مدينة بالكامل    نعيبُ جمهوريتنا والعيبُ فينا    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    ليلة للتاريخ من لونين.. وخيبة أمل كبيرة لهالاند    أهلي جدة: قرار رابطة الدوري السعودي تعسفي    الكشف عن استحواذ جماعة الحوثي على هذه الإيرادات المالية المخصصة لصرف رواتب الموظفين المنقطعة    حراس الجمهورية تجبر ميليشيا الحوثي التراجع عن استهداف مطار المخا    الحوثيون يضربون سمعة "القات" المحلي وإنهيار في اسعاره (تفاصيل)    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    فضيحة قناة الحدث: تستضيف محافظ حضرموت وتكتب تعريفه "أسامة الشرمي"    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    حضرموت تستعد للاحتفاء بذكرى نصرها المؤزر ضد تنظيم القاعدة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    "ليست صواريخ فرط صوتية"...مليشيات الحوثي تستعد لتدشين اقوى واخطر سلاح لديها    ثلاث مساوئ حوثية أكدتها عشرية الإنقلاب    دوري ابطال اوروبا ... ريال مدريد يطيح بمانشستر سيتي ويتأهل لنصف النهائي    مأساة إنسانية: صاعقة رعدية تُفجع عائلتين في تعز    اليمن: الكوارث الطبيعية تُصبح ظاهرة دورية في بعض المحافظات الساحلية، ووزير سابق يدعو لإنشاء صندوق طوارئ    على رأسهم مهدي المشاط ...ناشطة حوثية تدعو إلى كسر الصمت حول قضية السموم الزراعية في اليمن    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    انس جابر تعبر الى ثمن نهائي دورة شتوتغارت الالمانية    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    من هم الذين لا يدخلون النار؟.. انقذ نفسك قبل فوات الأوان    باريس سان جيرمان يرد ريمونتادا برشلونة التاريخية ويتأهل لنصف نهائى دورى الأبطال    نيابة استئناف الامانة تتهم 40 من تجار المبيدات والأسمدة بارتكاب جرائم بيئية وتعريض حياة الناس للمخاطر    الكشف عن آخر تطورات الحالة الصحية للفنان عبدالله الرويشد    ارنولد: انا مدين بكل شيء ل كلوب    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة نقدية لوثيقة الحوثيين الفكرية : عندما تصبح العنصرية دينا
نشر في الأضواء يوم 13 - 04 - 2012

من يقرأ الوثيقة الفكرية والثقافية التي نشرها الحوثيون بسعادة غامرة، سيجد أنها لم تأت بجديد، وإنما أكدت على إحياء "تراث" عنصري بغيض تدثر بالدين طوال أحد عشر قرنا، وظن البعض أنه قد مات بإسقاط الدولة التي قام عليها وحمته في نفس الوقت عام 1962م وقد صنع الحوثيون ومن وق�'ع معهم على الوثيقة خيرا باختزالهم لهذا الفكر المذهبي والذي اعتبروه عقيدة وبرنامجا لهم في بضع صفحات، إذ يسهل كثيرا على الباحثين معرفة برنامج الحوثي وأهدافه، وما من شك أن هذه الوثيقة بحاجة إلى قراءة نقدية وموضوعية وكشف جذورها وعلاقتها بمبادئ الإسلام ومذهب الإمام زيد وخطورة إحياء هذه الأفكار.. الخ، وهو ما سنحاول الإسهام به ولكن قبل ذلك ينبغي الإجابة على سؤال: لماذا ظهرت هذه الوثيقة الآن؟ وما هي خلفياتها ودوافعها وأهدافها، ولماذا لم يتحرج الحوثيون من نشرها، وكيف يعتبرونها مكسبا لهم؟

علماء صعدة والمذهب الهادوي
قامت دولة الأئمة الهادوية في اليمن على فكرة الاصطفاء الإلهي لذرية الحسن والحسين واحتكار الإمامة وقيادة الأمة سياسيا ودينيا فيهم وجعلوا ذلك من العقائد وأصول الدين التي جعلهم يكفرون ويحاربون من لم يؤمن بها أو يعارضها، وبعد نجاح ثورة 26 سبتمبر 1962م سقطت دولة الإمامة وبقيت الفكرة ولكن في حالة كمون وترقب في بطون الكتب وصدور عدد من العلماء الزيدية الذين استسلموا للأمر الواقع خصوصا بعد انتشار فكر الثورة والحرية والمساواة، بيد أن أفكار وتراث الإمامة بدأت تعود للظهور منذ سبعينيات القرن الماضي من خلال إعادة طبع كتب الأئمة وتدريسها في بعض هجر العلم ومعاقله لدى الزيدية وخصوصا في صعدة، حيث استقر اثنان من كبار علماء الزيدية فيها (مجد الدين المؤيدي وبدر الدين الحوثي) وكانوا أكثر نشاطا وشعبية خصوصا مع وجود التحدي السلفي بعد إنشاء مقبل الوادعي مركز الحديث بدماج.

ومع إعلان الوحدة عام 1990م والتي ارتبطت بالديمقراطية والتعددية الحزبية حاول بعض علماء الزيدية مسايرة العصر وركوب الموجة حتى لا يفوتهم القطار، حيث أصدروا بيانا هاما اعترفوا فيه بالنظام الديمقراطي وحق الشعب في اختيار حكامه بشرط الالتزام بالشورى والتداول السلمي للسلطة، ولم يقدموا نقدا جذريا لمبدأ حصر الإمامة في البطنين واعتبروا له ظروفه الخاصة. وأيا تكن المآخذ على هذا البيان إلا أنه قد مثل خطوة هامة وجريئة في المذهب الزيدي، إذ لم يجرؤ على نقد هذا المبدأ أحد من كبار علماء الزيدية المعترف بهم، باستثناء اجتهادات زيد الوزير التي كانت الأسبق والأكثر جرأة وعلمية من بيان علماء الزيدية، هذا البيان الذي وقع عليه عدد من علماء الزيدية في صنعاء وعلى رأسهم المنصور وعباس المؤيد وأحمد الشامي رفضه علماء صعدة وعلى رأسهم بدر الدين الحوثي باعتبار الإمامة وحصرها في البطنين عقيدة لا يجوز التخلي عنها وإن لم يتم تطبيقها لأسباب قاهرة كما هو اليوم.

حسين الحوثي وعلماء الزيدية
على الرغم من أن علماء وشباب الزيدية في صعدة وعلى رأسهم آل الحوثي كانوا في حزب الحق إلا أن فشلهم في انتخابات 93م جعلهم يخرجون من الحزب ويتجهون نحو العمل الثقافي والفكري ونشر مبادئ الإمامة الهادوية وتفعيل منتدى الشباب المؤمن الذي تأسس عام 92م وعلى الرغم من أن حسين الحوثي لم يكن على رأس المنتدى إلا أنه تمكن بسهولة من السيطرة عليه عام 97م وإبعاد أمينه العام محمد سالم عزان فما دام الأخير ليس من آل البيت فهذا كاف لينفض الشباب من حوله مهما بلغ من العلم ويلتفوا حول "ابن رسول الله" كما كان يطرح نفسه!! ولكنه واجه صعوبة في ضم الشباب الذين يتبعون علماء زيدية كبار من آل البيت إذ ليسوا على وفاق معه سواء في صعدة أو خارجها، حيث أن حسين ليس عالما بمنزلة أبيه أو منزلة هؤلاء لكنه عوض ذلك بتزكية والده الذي أعطاه الشرعية الدينية وظل يزكي كل اجتهاداته بما في ذلك الشعار والإعداد للجهاد.. الخ.

أخذ حسين الحوثي بعد ذلك يبني شرعيته في المحاضرات التي كان يلقيها على أتباعه حيث ركز اهتمامه على قضية الاصطفاء الإلهي وثقافة الغدير وولاية آل البيت وجهاد الأئمة واعتبر نفسه وريثا لهؤلاء الأئمة وخصوصا الإمام الهادي دون أن ينسى التعريض بمخالفته بما فيهم كبار علماء الزيدية القابعين في مساجدهم والمكتفين بدروس علم الكلام المأخوذ من المعتزلة والذي اعتبره أحد أسباب ذلة الزيدية المعاصرة، وأن ذلك لم يكن منهج أئمة آل البيت والأمر الذي فاقم الخلاف بينه وبين كثير من علماء الزيدية، وفي حين استطاع بمساعدة والده احتواء الخلاف مع مجد الدين المؤيدي، فإن خلافه مع العلماء الآخرين ظل يتفاقم، الأمر الذي دفع هؤلاء العلماء عندما أدركوا أن مكانتهم لدى الشباب بدأت تهتز وبدأ حسين الحوثي يفرض نفسه كشخصية كارزمية لدى شباب الزيدية، إلى إصدار بيان –قبل الحرب الأولى عام 2004م بأيام قليلة- ردوا عليه الاتهام بمثله بل وأشد منه فإذا كان حسين الحوثي قد اتهمهم ضمنا بالتقاعد والخروج على منهج الأئمة في جهاد الظالمين حبا في الدنيا فقد اتهموه صراحة بالخروج كلية عن المذهب الزيدي والإساءة لكل أئمة آل البيت بدءاً من الإمام علي بن أبي طالب وإلى عصرنا هذا!!

وقد استغلت الحكومة وأجهزتها الإعلامية هذا البيان بعد اندلاع الحرب الأولى في يونيو 2004م مع الحوثي، وروجت له على نطاق واسع بما يفهم أن البيان صدر لتبرير الحرب مع أنه لم يكن له علاقة بها البتة، وعلى الرغم من أن العلماء الموقعين على البيان قد أصدروا بيانات لاحقة أكدوا فيها براءاتهم من الحرب وإدانتهم لها بل ودافعوا عن حسين الحوثي وزيديته، إلا أن البيان ظل ولا يزال حجة كثير من خصوم الحوثي الذين يؤكدون خروجه عن الزيدية، كيف لا وهاهم أكثر من عشرة من أبرز علماء الزيدية وعلى رأسهم محمد المنصور وحمود عباس المؤيد وأحمد الشامي وصلاح فليتة -وحتى حسن زيد حشر نفسه بينهم- قد حذروا الأمة عموما وأبناء الزيدية خصوصا "من ضلالات المذكور –حسين الحوثي- وأتباعه وعدم الاغترار بأقواله وأفعاله التي لا تمت إلى أهل البيت وإلى المذهب الزيدي بصلة وأنه لا يجوز الإصغاء إلى تلك البدع والضلالات ولا التأييد لها، ولا الرضا "بها أو من يقولهم منكم فإنه منهم" وهذا براءة للذمة.. بحسب ما جاء في البيان.

هل خرج الحوثي عن الهادوية؟
أعتقد أن من أخذ كلام علماء الزيدية على ظاهرة إما أنه كان يعلم الحقيقة ولكنه يتجاهلها مستغلا هذا البيان أو أنه بالفعل يجهل حقيقة الحوثي ومغتر بعلماء الزيدية خصوصا مع هالة التعظيم التي تسبق الحديث عنهم معتقدا أنهم لا يمكن أن يقولوا غير الحق، والحقيقة أن علماء الزيدية كغيرهم من علماء المذاهب يسود بينهم الحسد والتنافس وأسباب دنيوية أخرى فيغفلوا ذلك بغلاف العقيدة والمذهب لتصفية حساباتهم الشخصية، فعلماء الزيدية لا يختلفون عن خصومهم من علماء السلفية الذين ما إن يختلفوا حول مسألة فرعية حتى يخرج بعضهم بعضا من السنة والسلف إن لم يكن من الإسلام، وهذا ما فعله علماء الزيدية مع حسين الحوثي، صحيح أن الأخير قد شن حملة على علماء الكلام وعلى علماء الزيدية الذين اكتفوا بتدريسه وقعدوا عن استعادة الريادة لآل البيت كما فعل أجدادهم بحسب كلامه، يمكن ذلك أن لا يعني أنه ضد أئمة آل البيت، ويمكن القول إنه قد أساء إليهم فعلا لكنه لم يسيء لعلي بن أبي طالب كما زعموا بل إنه يتعامل معه كمعصوم وبعلو واضح! حتى نقده لهم لم يكن سوى محاولة لحثهم على دعمه وتشجيعه على الجهاد واستعادة دور آل البيت كما صرح به كثيرا في ملازمه، لقد كان يتقمص روح الإمام الهادي ويحاول تقليده حتى في انتقاده لآل البيت، فلقد انتقد الهادي آل البيت في عصره من الذين تقاعسوا عن نصرته لاستعادة ملكهم الضائع، حيث قال مخاطبا إياهم ومتحسرا لعدم مشاركتهم إياه هم الإمامة:

نَفَى النومَ عَن عَينَي هَم مُضاجِعُ
وخَطبٌ جليلٌ فَهُو لِلنومِ مانِعُ
وأرقَني أَن لا صديقَ ولا أخٌ
يُشارِكُني فيما تُحِن الأضَالِعُ
ثم يصف الحالة التي وصل إليها العلويون في حينه فيقول:
وآلُ رَسُولِ اللهِ قَد شَغَلَتهُمُ
عُيُونٌ وأَموَالٌ لَهُم ومَزَارِعُ
وحِقدٌ وإِحياءِ الضغَائِنِ بَينَهُم
ولَم يُج'مِعُوا فِيهِ وَقَل التطاوُعُ
ولَم يَطلُبُوا إِرثَ النبُوةِ بِالقَنَا
ولَم يَمنَعُوهُ والرماحُ شَوَارِعُ
أَرَى حَقهُم مُستَودَعاً عِندَ غَيرِهِم
ولا بُد يَوماً أَن تُرَد الوَدَائِعُ

ثم يستثير فيهم الحمية ويمنيهم بملك عظيم إذا ما وقفوا معه وناصروه:

هَلُموا إلى مَا يُورِثُ الفَخرَ والسَنا
فَمَا عَز قَومٌ أَمرُهُم مُتَنازَعُ
فَلَو عَضَدَتنِي عُصبَةٌ طَالِبِيةٌ
لها شِيَمٌ مَحمُودَةٌ ودَسَائِعُ
إذاً مَلَكُوا الدُنيَا وَذَل عَدُوهُم
ولَميُرَ في رَوضَاتِهِم وهو راتِعُ
لقد استلهم حسين الحوثي هذه المعاني ثم عبر عنها نثرا في ملازمه، لقد طرح نفسه الوريث الشرعي للهادي، وهو ما استثار حفيظة وربما حسد علماء أكبر منه سنا وأكثر منه علما رأوا أنه يسحب البساط من تحتهم مع أنه كان الأولى أن يرثوا لحاله لا أن يحسدوه، ورغم دفاعهم عنه في الحرب واستنكارهم لمقتله إلا أن خلافهم مع أتباعه استمر خصوصا مع تولي أخيه الأصغر عبدالملك قيادة الجماعة وهو لا يمتلك شيئاً من العلم أو الخبرة ولا يصل إلى مستوى حسين فضلا عن منافسي حسين، المفارقة أن كل طرف حاول أن يظهر نفسه على أنه وحده الحارس الأمين لتراث الهادوية وآل البيت بما في ذلك نظرية الاصطفاء الإلهي وحصر الإمامة في البطنين التي يفترض ان لا يفتخر بها أحد، لقد استغرب البعض مثلا كيف ذهب بدر الدين الحوثي في مقابلته مع صحيفة الوسط بعد الحرب الأولى للدفاع عن حصر الإمامة في البطنين واعتبار ذلك عقيدة وأن آل البيت لا يوجد من هو أتقى منهم وأصلح للحكم منهم وأن من ليس من آل البيت لا يحق له سوى الاحتساب فحسب. لم يكن هم بدر الدين ماذا سيقول خصومه عنه؟ وإنما كان يرد على منافسيه من آل البيت بل ومن آل الحوثي أنفسهم "عبدالعظيم الحوثي مثلا" الذين كانوا يتهمون أتباع حسين بالتنازل عن هذه القضايا في بعض تصريحاتهم الصحفية، ورغم تأكيدات بدرالدين الحوثي وهو مرجعهم الديني إلا أن محاولات أبنائه تفسير كلامه وعدم تأكيدهم على هذا المبدأ عندما كانت الصحافة تحرجهم جعلت عبدالعظيم الحوثي مثلا يتهمهم في مقابلته مع الأهالي قبل عامين بأنهم قد تخلوا عن مبدأ حصر الإمامة في البطنين وأنه وحده من ظل يجهر به ولا يخاف حتى أمام الرئيس المخلوع اليوم..

التصالح والتسامح الحوثي الزيدي
وجد منافسو الحوثي أنفسهم أمام حقيقة لم يعد بإمكانهم إنكارها فعبدالملك الحوثي وإن لم يصل إلى مستواهم علما إلا أنه أصبح قائدا لجماعة تسيطر على مناطق واسعة من الأرض، لقد أعطى لهم الأمل بإمكانية عودة الإمامة وإن بمسمى أنصار الله أو حتى الدولة المدنية إن اضطروا لتسميتها كذلك.

لهذا لم يجدوا بدا من حل خلافاتهم السابقة وخصوصا ما ورد في ملازم حسين وفتوى العلماء ضدها، لقد حدث ما يشبه التصالح والتسامح الذي حدث بين الطغمة والزمرة في الجنوب وتناسى الجميع خلافاتهم وصراعاتهم السابقة لمصلحة الجنوب الذي يضمهم جميعا، وهو ما حدث بين هؤلاء.

في وثيقتهم، حاولوا ردم الهوة وحل قضايا الخلاف عبر تبني القضايا التي كان يطرحها كل طرف وضمها جميعا للمذهب الزيدي، لقد أكدوا على ما كان خصوم الحوثي يأخذونه عليه من الشعار والعداء لأمريكا وإسرائيل وهو ما لم يألفوه من قبل، وما دام أن هذا الشعار والمنهج قد كانت ثمرته هذا التمكين فلا بأس أن يؤكدوا اليوم "أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الظالمين والوقوف في وجه المستكبرين هو من أعظم الواجبات الدينية المفروضة على الناس أجمعين وأن الموالاة لأولياء الله والمعاداة لأعداء الله وعلى رأسهم أئمة الكفر المتمثلين في زماننا هذا في أمريكا وإسرائيل ومن أعانهم ووالاهم ووقف في صفهم -كما ورد في الوثيقة، كان هذا الطرح أهم مضامين ملازم حسين الحوثي وقد أصبح في الوثيقة على رأس مسائل أصول الدين الذي يؤمن به المجاهدون وبعض علماء الزيدية وأتباعهم، هذا عن جديد الحوثيين فماذا عن قديم العلماء وهو تعليم المذهب والذي سخر منه الحوثي ومن القائمين عليه، هنا جاءت الفقرة التالية بعد الحديث عن جهاد أمريكا وإسرائيل لتؤكد أن تعلم دين الله وتعليمه فرض من فروض الله، وأن للعلماء الربانيين العاملين منزلتهم التي أنزلهم الله بها"؟ ولكن ماذا عن سخرية ونقد حسين الحوثي في ملازمه وهو ما يردده أتباعه للعلماء جميعا ومن ضمنهم بعض علماء آل البيت كما كان يقول؟

هنا تأتي الوثيقة بتبرير أو اعتذار غير مباشر للحوثي ومن اتهمهم وتحميل النقد لسواهم إذ نصت الوثيقة على أن "ما قد يقع من النقد للعلماء لا يقصد به علماء أهل بيت رسول الله وشيعتهم العاملين ولا علومهم وإنما من لا يرى وجوب الجهاد للظالمين ولا يوجب أمرا بمعروف ولا نهيا عن منكر بل يرى السكوت وطاعة من لا تجوز طاعته" وهنا يجب أن يعلم الجميع أن أي نقد إنما هو لعلماء غير آل البيت خصوصا ممن لا يرى وجوب الجهاد للظالمين، أي جهاد الحوثيين، وإذا كانوا لم يروا ذلك جهادا إلا متأخرين، فإن تنزيههم والدفاع عنهم من الحوثيين جاء متأخرا أيضا، وباختصار يقول الحوثيون لهؤلاء العلماء كنا ننتقدهم لأنكم لم تكونوا ترون ما نقوم به جهادا، وعندما تغير موقفكم تغير موقفنا ولكن لا داعي لنبش الماضي ولنتفق على أن نقد الماضي كان لمن ليس منا آل البيت، وهذا يكفي لإقناع الأتباع، وعلى هذا المنوال تمضي الوثيقة لتؤكد على ما أجمع عليه أئمة المذهب الهادوي في معظم القضايا وتعتبر أن ذلك "عقيدة أبناء المذهب الزيدي عموما ومن جملتهم المجاهدون وفي مقدمتهم السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي وبعض علماء الزيدية وأتباعهم"، بحسب ما ورد في الوثيقة التي يعتبرها الحوثيون نصرا لهم لأنها تؤكد أنهم جزء من الزيدية الهادوية باعتراف العلماء أنفسهم الذين أخرجوهم عام 2004م وما بعدها من الزيدية، ولهذا يعمل الحوثيون على نشر الوثيقة لأنها موجهة لأبناء المذهب الزيدي الذين تأثر بعضهم ببيان علماء الزيدية السابق.

| 2 |
كان من الطبيعي أن تبدأ الوثيقة بأهم مسائل أصول الدين، وهي –بحسب الموقعين على الوثيقة- الإيمان بالله ورسوله وكتابه وإمامة علي وسبطيه ثم حصرها في ذريتهما إلى يوم الدين، وهي ما تعرف في كتب الأئمة بالتوحيد والنبوة والإمامة، وسنتناول هذه القضايا بالترتيب التي عرضتها الوثيقة، وسنبدأ بقضية الإيمان بالله التي قد يظن البعض أن ما أوردته الوثيقة بشأنها ليس محل خلاف بين المسلمين، مع أن الأمر ليس كذلك، فالتفاصيل التي أوردتها الوثيقة تؤكد الخلاف العقائدي مع أهل السنة تحديدا، ولهذا الخلاف تبعات وتداعيات خطيرة امتلأت بها كتب التاريخ، ولا يزال أثرها قائما حتى اليوم وهو ما سنحاول إظهاره فيما يلي:

الإيمان بالله.. تلخيص عقائد المعتزلة
لم يخرج النص الذي أوردته الوثيقة بشأن الإيمان بالله قيد أنملة عن ما ورد عن الإمام القاسم الرسي والإمام الهادي وعبدالله بن حمزة وغيرهم من الأئمة، وهي أيضا عقائد المعتزلة –بغض النظر عن الخلاف حول من أخذ من الآخر- فالوثيقة تصف الله بأنه ".. لا تدركه الأبصار –لا في الدنيا ولا في الآخرة" وذلك خلافا لأهل السنة الذين يؤمنون برؤية الله يوم القيامة، كما تنص الوثيقة على أن الله لا تجوز عليه الأعضاء ... والأيدي ونحوها، ولا تجوز عليه الحركة والسكون والانتقال ولا يحويه زمان ولا مكان، وهو خلاف معتقد أهل السنة الذين يثبتون صفات الله كالسمع والبصر والعين واليد، وكذلك العرش والكرسي وأن الله في السماء وكل ما ورد بشأنه نص دون تعطيل كما تحدثت الوثيقة عن صفة العدل وهي أحد الأصول الخمسة للمعتزلة، حيث نفوا نسبة أفعال الكفر والفسوق والعصيان إلى الله ونسبوها إلى الإنسان وهو ما رفضه أهل السنة الذين يقولون أن الخير والشر من الله، وأخيرا نصت الوثيقة على أصل الوعد والوعيد، والذي يستلزم أن النار مستقر ومثوى للعصاة خالدين مخلدين فيها وأن لا شفاعة لأهل الكبائر، وهو على النقيض من عقيدة أهل السنة الذين يرون أن من مات مصرا على المعصية فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، وإنه سيخرج من النار بإيمانه، وأن الشفاعة لأهل الكبائر، هذه الخلافات العقدية جعلت أهل السنة يطلقون على المعتزلة المعطلة لأنهم عطلوا النصوص، في حين سماهم المعتزلة وكذلك الزيدية الهادوية، المشبهة لأنهم يشبهون الله بخلقه في إثباتهم للصفات والرؤية، وسموهم كذلك القدرية، لأنهم نسبوا جميع الأفعال إلى الله، والمفارقة أن أهل السنة قد سموهم بالاسم هذا نفسه –كما سموهم المرجئة لأنهم لا يجزمون بعذاب المؤمن العاصي ولا يقولون بتخليده في النار وإنما يرجون أمره إلى الله.

لوازم العقيدة: تكفير الأئمة لمعارضيهم
قد يتساءل البعض: ما المشكلة إن أكد الحوثي ومن معه تمسكهم بعقائد ورثوها عن أجدادهم وهل تريدون منهم التخلي عنها واتباع العقيدة الطحاوية للطحاوي أو "التدمرية" لابن تيمية؟ والجواب: لا بكل تأكيد، ولسنا بمقام المقارنة بين عقائد الطرفين وأيهما أصح؟ لكن ما يهمنا هنا هو لوازم هذه العقيدة وهي تكفير من لم يؤمن بها، إن ما أوردته الوثيقة مأخوذ بالنص من كتب أئمة الهادوية وعلى رأسهم الإمام الهادي وعبدالله بن حمزة وغيرهما، وهؤلاء الأئمة يحتلون مكانة مقدسة عند موقعي الوثيقة، بل إنهم قرنوا الإيمان بإمامتهم بالإيمان بالله ورسوله –كما سنرى في العدد القادم- وهؤلاء الأئمة قد كفروا من خالف عقيدتهم، وهم غالبية الأمة، أهل السنة والذين وصفوهم بالجبرية والحشوية والمشبهة والمرجئة، فها هو الإمام الهادي يقول عن مثبتي الصفات -وهم أهل السنة كما مر معنا- "اعلم رحمك الله أن هذه الفرقة من المشبهة قوم عند الله أكذب الكاذبين وأخسر الخاسرين، ولأقسمت يمينا بالله عز وجل أن الواحد منهم يرى أن على شيء ليصلي ويصوم ويتنفل وإن قلبه ليحكي له بعده من الله تبارك وتعالى وأنه لا يتقرب من الله أبدا ولا يزداد بكثرة عمله إلا بعدا، وإن قلبه لنافر من الله سبحانه"(1) وكان يرى أن ذبيحة من يقول برؤية الله يوم القيامة –وهم جمهور أهل السنة كما مر معنا- تعد من الذبائح المحرمة، بل وقرنها بذبائح اليهود والنصارى والمجوس، حيث يقول "يحرم من الذبائح ست: ذبيحة اليهودي...، وذبيحة المشبه لأنه يقول: أنه يعبد الذي يقع عليه بصره يوم القيامة"(2).
وينفي العلامة الزيدي المعاصر أحمد بن لطف الديلمي في كتاب قدم له وأثنى على مضمونه واعتبره القول الفصل في مذاهب أهل البيت العلامة محمد المنصور –عضو مجلس الإفتاء، والعلامة محمد بن أحمد الكبسي –عضو المحكمة العليا، ما ذهب إليه بعض أهل السنة المعاصرين الذين أرادوا التقرب من مذهب الهادوية واعتبروه الأقرب إلى أهل السنة، وزعموا أن تكفير الهادي إنما كان للروافض فقط، حيث يؤكد فعلا أن الإمام الهادي قد كفر الإمامية الرافضة ولكنه يساءل هؤلاء: "ما رأيكم في حكم هذا الإمام نفسه فيمن يخالف في أصول الدين كالجبر والتشبيه والقول بالقدر، وهم هؤلاء الذين يسمون أنفسهم أهل السنة، هل حكمه حق على الفريقين"، وبعد أن يورد نصوص الهادي في تكفير أهل السنة يؤكد "وأما رأي الإمام الهادي يحيى بن الحسين في المجبرة والمشبهة وأتباعهم فهو رأيه ورأي سائر العترة الطاهرة عليهم السلام"(3).

لوازم التكفير: استباحة المعارضين
لم يكن أئمة الهادوية وحدهم من كفروا مخالفيهم في العقيدة، فكتب العقائد لدى كل الفرق الإسلامية مليئة بتكفير بعضها بعضا، وهو ما يجب أن ينتقد من أي مصدر كان، بيد أن هناك فرقا جوهريا بين التكفير لدى المذهب الهادوي والتكفير لدى الفرق الأخرى وخصوصا أهل السنة والشيعة الاثنى عشرية، فالتكفير لدى هذه الفرق ظل في بطون الكتب، باستثناء ما حاوله بعض الحكام -غير العلماء- استخدامه لتصفية خصم أو أكثر، على خلاف أئمة الهادوية فقد كانوا علماء وحكام، فكفروا ثم استباحوا دم المخالفين -وهو ما لم يقل به غيرهم- ثم نفذوا باعتبارهم أئمة، ويمكن أن نشير إلى بعض مآسي التكفير والاستباحة لدى الأئمة وهي:

1- الإمام عبدالله بن حمزة ومأساة المطرفية
المطرفية فرقة من الزيدية الهادوية، لم تخرج عن المذهب الهادوي قيد أنملة كما يؤكد زيد الوزير كما أنها لم تخرج على الإمام عبدالله بن حمزة (ت: 614ه، 1217م) وإنما اختلفت معه حول قضية خلافيه تتعلق بخلق الأصول والفروع وما أودع الله من تأثير في الطباع.. الخ، وقد كف�'ر الإمام ابن حمزة المطرفية بالإلزام وهو "إلزامهم على ما يقول به ما لا يقولون به" وقد خالف الأئمة من قبله الذين كفروهم فقط، ولكن لم يستبيحوا دماءهم، لكنه بعد أن كفرهم استباح دماءهم وأموالهم وسبى نسائهم وهدم مساجدهم وأحرق كتبهم ومحا كل آثارهم، فهل تقارن هذه المأساة بأي مأساة نالتها الفرق الأخرى على يد المتطرفين من أهل السنة؟ لقد حاول الأستاذ زيد الوزير مقارنة ما حدث للمطرفية على يد الإمام عبدالله بن حمزة، بما حدث للمعتزلة على يد المتوكل العباسي الذي قرب أهل السنة ونكل بخصومهم، فوجد أن الفرق شاسع، حيث يقول: "إن ما أصاب المطرفية كان أشد عنفا وقسوة، فالمتوكل لم يستبح دماء المعتزلة بصورة جماعية، بل صادر كتبها وسجن قادتها ومنع تدريس كتبها وحرم الاجتهاد، وهم قد عادوا بعد حين، ثم منعوا ثم عادوا، أي أنهم لم يتعرضوا للإفناء، بينما قتل المتطرفيون بصفة عامة وقاسية، واختفت كتبهم حتى اليوم..، إذ أن ما حدث لهم ليس فقط منعا لأفكارهم وقتلا لبعض زعمائهم بل إبادة كاملة لهم ولكل من يواليهم، ولقد بلغت حمى القتل حدا مفجعا عندما لفت عاصفتها الهائجة النساء اللاتي سكنَ�' بمحض الصدفة في قرى المطرفية ولسن على اعتقادهم، فاعتبر الحكم بسبي المطرفيات ساري المفعول عليهن بحكم الجوار..." (4). وهو يشير بذلك إلى الفتوى الشهيرة لعبدالله بن حمزة عندما سئل عن حكم المرأة التي تسكن قرى المطرفية، وهي لا تعرف اعتقادهم، هل يجوز سبيها؟ فأجاب: "إن حكمها حكمهم، لأن الظاهر من حال نساء أهل تلك البلاد أنها لا تخالفهم وإن خالفت واحدة، فإنما يكون نادرا ولا حكم للنادر"(5).

2- مأساة أهل السنة في صنعاء
لم تكن المطرفية وحدها ضحية تطرف هذا الإمام فقد قرن المؤرخون مأساة المطرفية بمأساة أهل السنة في صنعاء، الذين سماهم ابن حمزة الجبرية والمشبهة واستباحهم كما استباح المطرفية لأسباب عقدية بحتة، جاء في تاريخ بني الوزير، بعد الحديث عن عدم اكتفاء عبدالله بن حمزة في اعتقاد الكفر دون المحاربة في خصومه "... بل جعل حكمهم –أي المطرفية- حكم "الحربيين"، واستحل دماءهم وأموالهم وخرب ديارهم ومساجدهم، وحكم بأنها مساجد ضرارية، وكذا حكم بذلك على "المجبرة" واستباح نساءهم وسباهم "بالمهجم" وأم ولده سليمان من سبايا المهجم"(6). لقد كان أهل صنعاء سنة، وهم في نظره من المجبرة المشبهة، وزادوا على ذلك أن كانوا تحت حكم الأيوبيين وهم كفار تأويل ومن كان تحت حكمهم فحكمه حكمهم، وهكذا جهز جيشا بقيادة أخيه الأمير يحيى بن حمزة وأباح له صنعاء التي دخلها بالفعل وقتل رجالها "وسبى ستمائة سبية من نساء صنعاء، واقتسموهن في قاع طيسان"(7). وعندما استنكر الناس سبي نساء المسلمين قال عبدالله بن حمزة "أما النساء فنحن الآمرون به" ثم ذهب يؤصل لفعلته الشنيعة فألف كتابا بعنوان "الدرة اليتيمة في أحكام السبا والغنيمة" حيث أكد على شرعية ما قام به وأنه لم يخرج عن ما أفتى به أئمة أهل البيت من قبله، حيث قال "وأما حكايتنا عن القاسم والهادي والناصر بأن دار المجبرة والمشبهة دار حرب فهي من أجلى الحكايات وأوضح الروايات.. ولا يختلفون أن هذا هو رأي الأئمة الثلاثة عليهم السلام في المجبرة القدرية والمشبهة الجبرية، ويغزوهم ليلا ونهارا ويختطفون ذراريهم سرا وجهرا، ويبيعونهم في أسواق المسلمين ظاهرا"(8). إن من يقرأ هذا الكلام يشعر أنه أمام منهج وسلوك قطاع طرق، لا أصحاب رسالة جاءت رحمة للعالمين، ومع ذلك يزعم عبدالله بن حمزة إنما فعله والأئمة الذين ذكرهم، إنما هو تنفيذ لحكم صاحب الرسالة –حاشاه من هذا الظلم- حيث يقول "وقد كفت الإشارة من محمد بن عبدالله عليه السلام، ولا جرم لنا إلا أن�'ا فصلنا ما أجمل وشرحنا ما علل، وقد بينا عذر الأئمة في تبيين أحكام الجير والتشبيه ومن نحا نحوهم من الفرق الكافرة"(9).

3- مأساة الشوافع في جنوب اليمن
نظرا للمكانة التي يحتلها عبدالله بن حمزة لدى أتباع المذهب الهادوي فقد ظل قدوة -سيئة- للأئمة من بعده، فهاهو الإمام المتوكل على الله إسماعيل (ت: 1087ه -1676م) في القرن السابع عشر الميلادي يعتبر أبناء جنوب وشرق اليمن "الشوافع" كفار تأويل خصوصا وقد حكمهم الأتراك –وهم في نظره كفار تأويل أيضا- وقد جعل أرضهم خراجية -كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في أرض خيبر- وهي التي ظلت أرض "عشرية" منذ اعتناق أهل اليمن الإسلام طوعا، حتى مجيء القاسم إليها، وحين اعترض عليه بعض العلماء رد عليهم بالقول "..إن المجبرة والمشبهة كفار... وأنه يدخل في حكمهم من والاهم واعتزى إليهم، ولو كان معتقده يخالف معتقدهم وأن البلد التي تظهر فيها كلمة الكفر بغير جوار كفرية، ولو سكنها من لا يعتقد الكفر، ولا يقول بمقالة أهله، هذه الأصول معلومة عندنا بأدلتها القطعية، ومدونة في كتب أئمتنا وسلفنا، ولا ينكر ذلك عنهم أحد ممن له أدنى بصيرة ومعرفة بمصنفاتهم "الأزهار" وغيره"(10).

ولم يكتف هذا الإمام بتحويل أراضي اليمنيين الشوافع إلى أراضي خراجية، وإنما عمل على نهب أموالهم بطرق أخرى حيث فرض عليهم ضرائب ورسوم بمسميات عدة، فهناك ضريبة على الشخص الذي يصلي "مطلب الصلاة على المصلي" وضريبة التبغ "التنباك"، وضريبة "الربح القرو"، مطلب "الرباح"، أو رسم الرصاص "الطلقة"، ورسم مائدة الأمير "مطلب سفرة الوالي"، ورسم العيدين "جعالة العيد.." (11).
باختصار، لقد كان يرى أنه يكفيهم أنه لم يستحل دماءهم كما فعل ابن حمزة، أما أموالهم فقد استباحها وألف كتابا بعنوان "إرشاد السامع إلى جواز أخذ مال الشوافع".
الكارثة أنه كان يعتبر ما يقوم به إرضاءً لله، ولهذا كان يقول لمن كانوا يأتون إليه شاكين باكين من جور تلك الضرائب ونهب الأموال" إن الله سيؤاخذني فيما أبقيت لكم وليس فيما أخذت منكم"(12) لقد وزع أراضي الجنوب إقطاعيات على أبناءه ومقربيه، وظل الغضب مكتوما لدى أبناء تلك المناطق حتى ضعف حكم الدولة القاسمية فانفصلوا عنه وعن شمال اليمن بالكامل وكان ذلك بداية الانفصال بين شمال اليمن وجنوبه في العصر الحديث، والذي عمقه فيما بعد الاحتلال البريطاني والحكم الإمامي الحميدي "نسبة لآل حميد الدين"!

بدر الدين الحوثي، والدفاع عن التكفير والاستباحة
قد يتساءل البعض، وما علاقة الحوثيين اليوم بهذا التراث؟ أليس من الجائز أنهم ينتقدوه كما فعلت الجماعات الدينية الأخرى بتراثها؟ أتمنى لو كان الأمر كذلك، لكن الواقع –للأسف- يؤكد أنهم يقدسوا هذا التراث لأنه جاء ممن فرض الله إمامتهم وطاعتهم كما تؤكد الوثيقة، وما يزيد المخاوف أن العلا�'مة بدر الدين الحوثي -الأب الروحي لجماعة الحوثيين- والذي كان المؤهل لأي مراجعة أو نقد من أشد علماء الزيدية الهادوية، تمسكا وتزكية ودفاعا عن هذا التراث البائس، وخصوصا تراث الإمام عبدالله بن حمزة، فعندما فتح الأستاذ زيد الوزير ملف مقتل المطرفية في مجلة المسار، وأبدى تعاطفا مع مأساتهم استفز ذلك بدر الدين الحوثي واعتبر –في تعقيبه على مقالة الوزير- أن من أظهر الخلاف في شأن المطرفية في هذا الزمان إنما هم –بحسب قوله- "بعض النواصب ليتوصلوا إلى ذم وتحقير بعض أئمة الهدى، وتبع النواصب واغتر بكلامهم من ليس مثلهم، فرأيت أن تنزيه المطرفية والجزم ببراءتهم يعني الطعن في الإمام عبدالله بن حمزة عليه السلام وإلحاقهم له بأهل التعصب المذهبي، ومن عرف الحقيقة عرف براءته من ذلك..." (13). ولم يقدم الحوثي شيئا ذا قيمة علمية في الدفاع عن عبدالله بن حمزة سوى أنه من أئمة الهدى وآل البيت، فما يفعله هو الصواب حتى لو قتل الرجال وسبى النساء وهدم المساجد، وبيوت مؤمنين أطهار لم يخرجوا عن مذهبه، فضلا عن الإسلام! وقد مارس الحوثي –كعادة الأئمة المتعصبين- الإرهاب الفكري على كل باحث عن الحقيقة، إذ لا يبرئ الضحية إلا ناصبي خصوصا إذا كان سنيا وغير هاشمي، أما إذا كان هاشميا وزيديا –كزيد الوزير- فهو من المغرر بهم، لقد رد زيد الوزير بدراسة تفصيلية أكد فيها أن ما نقله خصوما المطرفية عنها ليس فيه مجال لتكفيرهم، وإنما كفروهم –كما صرحوا بذلك- بالإلزام، والذي يشبه كما قال زيد الوزير بحق منطق فحاكم التفتيش الأسبانية، أي إلزام الناس بالاعتراف بما يريد القاضي من أجل إدانة المتهم" وحاول زيد الوزير البحث عن أقوال بعض الأئمة الذين رفضوا التكفير بالإلزام، لكن العلا�'مة بدر الدين الحوثي يرفض اجتهادات الوزير وغيره ما دامت ستخطئ إمام الهدى عبدالله بن حمزة! لقد ذهب –في تعقيب آخر- للدفاع عن المبدأ التكفيري الخطير: التكفير بالإلزام، بل وضرب مثلا على ذلك ببعض عقائد أهل السنة الذين يسميهم المشبهة، حيث قال ما نصه "أما التكفير باللازم فينبغي فهم معناه أولا، ومعرفة اختلافه في الحكم، وذلك أن القائل مثلا بالتشبيه، وهو يشهد أن لا إله إلا الله يلزمه أن يعبد ويوحد غير الله، لاعتقاده أن الله هو ذو صورة طويل عريض ذو يدين ورجلين وأعضاء كأعضاء الحيوان، فهو يعتقد أن صاحب الصورة المذكورة هو الله، ولذلك فهو يعبد غيره، واللزوم في هذا واضح، وإن كان يجهله ويعتقد أنه يعبد الله فتكفيره غير بعيد"(14).
وإذا كان هذا هو موقف العلامة الحجة بقية البقية.. الخ ما يصفونه به، فهل نتوقع موقفا مخالفا تجديدياً من ابنه عبدالملك الذي لا يستحق أن يطلق عليه وصف التلميذ الناجح بله الأستاذية؟

رفض تجزئة التكفير
أمام ضخامة التراث التكفيري للهادوية يتعجب المرء من إصرار بعض علماء ومثقفي أهل السنة على نسب ما ورد في ملازم حسين الحوثي من تكفير إلى الرافضة الاثنى عشرية، لقد بحث الحوثيون -ولا زالوا- عن دعم مادي ومعنوي من "الرافضة الاثنى عشرية" لكنهم لم يكونوا بحاجة إلى دعم "تكفيري"، لأن لديهم مخزون استراتيجي ورثوه كابرا عن كابر يكفي لتكفير الأمة كلها إلى يوم الدين!! ويزداد العجب –والعتب، عندما نجد هؤلاء ينقلون بحفاوة بالغة تكفير الإمام الهادي –والأئمة من بعده- للرافضة الاثنا عشرية، ويترضون على الهادي ويترحمون عليه عندما يذكرون حديثه الذي يزعم روايته عن أبيه عن جده عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا علي إنه سيخرج قوم في آخر الزمان يقال لهم الرافضة فإن أدركتهم فاقتلهم فإنهم مشركون فهم لعمري شر الخلق والخليقة"!! لو كان من فرحَ وأثنى على هذا الحديث وذك�'ر به علماء الزيدية، صحفيين أو حتى طلاب علم مبتدئين، لعذرناهم لكن أن يأتي من علماء كبار وخريجي مدرسة الحديث وتتلمذوا على يد محدث اليمني الشيخ مقبل الوادعي؟ فهذا ما يجعل موقفهم انتهازي بطريقة مكشوفة لأنهم يعلمون قبل غيرهم أن الحديث الذي استند إليه الهادي لا يساوي -في ميزان النقد الحديثي لأهل السنة– المداد الذي كتب به!!
فالحديث ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" وابن عراق في "تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة والموضوعة" والسيوطي في "اللآلئ" والشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" وغير هؤلاء كثير، لقد كنت أتمنى على هؤلاء العلماء أن لا تطغى عليهم عاطفة الكره والخصومة للشيعة الاثنى عشرية، وأن يلتزموا معهم الإنصاف، ويكون لهم في ابن تيمية قدوة، فقد جادلهم واختلف معهم وردوه للاثنى عشرية معروفة، لكنه مع ذلك لم يكفرهم ولم يلجأ إلى تصحيح أحاديث موضوعة في ذمهم وإنما قال "لا يصح في تكفير الرافضة حديث".
قد يرد هؤلاء إنما أرادوا تذكير علماء الزيدية بما يؤمنون به، لكن فاتهم أن علماء الزيدية –لا يؤمنون ببعض أحاديث وأحكام الهادي ويكفرون ببعض- كما هو شأن بعض علماء السنة المعتدلين!! وإنما يؤمنون بها جميعا، والهادي يك�'فر أهل السنة كما يكفر الرافضة وهذا ما رد به العلامة أحمد بن لطف الديلمي على الشيخ محمد المهدي والأستاذ محمد الخضر اللذان استدلا بالحديث في كتابٍ لهما(15). فبعد أن أورد استدلالهما بأقوال الهادي في تكفير الرافضة قال: "... على أن إمام أئمة الهدى الميمون، الهادي عليه السلام ومن قبله ومن بعده من أئمة الهدى وسفينة النجاة كما يكفرون الرافضة كما نقل عنهم، فهم يحكمون على من نسب قبايحه وفضايحه إلى الله، وقال "هي من فعل الله" يحكمون عليهم بأنهم مجوس هذه الأمة، لما صح عن جدهم عليه وعليهم الصلاة والسلام "القدرية مجوس هذه الأمة".. كما أن الأئمة الهداة صلوات الله عليهم يسمون المجسمة "الذين جوزوا حلوله في مكان أو كونه على العرش أو الكرسي" أو المشبهة "الذين يجوزون رؤيته عز وجل" بأنهم كفار تأويل، حتى أن الهادي إلى الحق عليه السلام حرم أكل ذبائحهم ومنع من دخولهم في آية الظهار، لأن نصها "الذين يظاهرون منكم".. (المجادلة: 2)، فهل حكم هؤلاء الأئمة جائز على الرافضة وعلى غيرهم –وهو حكم حق في الجميع- أم أنهم أصابوا في حكمهم على خصمكم وأخطئوا في الحكم عليكم؟" ويؤكد المؤلف بل ويجزم "أن حكم الهادي وغيره من الأئمة على الجميع هو "موافق لحكم جدهم عليه وعليهم صلاة الله وسلامه"(16).

تكفير رافضي التكفير
لقد رفض الديلمي، منطق المعتدلين الذين فقط أبدو رضاهم وإيمانهم بتكفير الهادي للاثنى عشرية، وسكتوا بل وأنكروا أن يكون للهادي حكم وتكفير لأهل السنة! ولكن ماذا عن من يرفض تكفير الهادي للطرفين، وهو الموقف الذي سلكه الشيخ مقبل الوادعي رغم رفضه وكراهيته للرافضة، لكن وفاءه لمنهجه الحديثي جعله يرفض حديث الهادي في تكفير الاثنى عشرية؟ لقد استفز ذلك المؤلف وبتعصب سلالي مقيت أثنى على كل ما طرحه الهادي واعتبره حكم الله ورسوله ثم قال "ولذلك فقد وقع من بعض أهل الزيغ –وفي الهامش قال: المقصود مقبل الوادعي- المجاهرة ببغض الهادي إلى الحق عليه السلام، وهم بإخراجه من قبره.. ولا شك أنه يصدق عليه ما قيل في باغض يحيى بن عبدالله عليه السلام:
أفرغ الملعون في
آل رسول الله حقده
وغدا يشتم يحيى
في كتاب قد أعدَ�'ه
فهو لا يشتم يحيى
إنما يشتم جده!

وقد عجل الله أخذه بعبره، ورجع أكثر تابعيه إلى الحق على أنه منحدر من فصيلة محبة لآل بيت النبوة، بل من لواء محب، وهو لواء صعدة، لكنه تأثر بالأفكار النجدية واستمالته عطاياهم كغيره"(17). أ.ه كلامه، فتأمل أخي القارئ هذا التعصب السلالي والمذهبي المقيت من رجل من كبار علماء الزيدية وأثنى على كتابة علماء آخرين كبار كالمنصور والمؤيد والكبسي، إنه يؤكد تكفير الهادي لأهل السنة القدامى والمعاصرين، ألا تراه يخاطب المهدي والكبسي، ويريد من أهل السنة أن يقبلوا تكفيرهم ويؤمنوا به؟ فإذا تجاهلوه أو سكتوا عنه أو نفوه كالمهدي وغيره فهم ممن يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، أما إذا تجرأوا ونقدوه كمقبل الوادعي فهم ملعونين وليسوا أعداء الهادي وإنما أعداء جده. فإذا كان هذا هو موقف الراسخين في العلم فيا ترى ماذا سيكون موقف عبدالملك الحوثي الذي لا يستحق صفة الطالب المجتهد دعك من الأستاذية والاجتهاد".

إن ما يجري من قتال عنيف للحوثيين في دماج وحجة ليس ببعيد عن هذا الشحن العقائدي التكفيري، للمشبهة والمجبرة والقدرية الذين هم شر من المجوس، والذين يقولون صراحة أن المقصود بهم أهل السنة!! وتزداد المأساة والخوف من المستقبل الذي توجته وثيقة الحوثيين عندما يجعلون الإيمان بإمامة هؤلاء التكفيريين والطغاة، جزء من العقيدة وأصول الدين مثله مثل الإيمان بالله عز وجل، وهذا سيكون موضوع مقالنا القادم إن شاء الله.
------
الهوامش
(1) انظر: المجموعة الفاخرة للإمام الهادي يحيى بن الحسين، تحقيق علي أحمد الرازحي، ص57.
(2) المرجع السابق، ص289.
(3) العلامة أحمد لطف الديلمي "كشف النقاب عن مذهب قرناء الكتاب، الطبعة الأولى 2010م، ص 50، 52.
(4) زيد الوزير.. "حوار عن المطرفية الفكر والمأساة"، كتاب المسار (2)، إصدار مركز التراث والبحوث اليمني، الطبعة الأولى 2002م، ص7-8.
(5) انظر نص الفتوى في: المجموع المنصوري، تحقيق عبدالسلام الوجيه، إصدار مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، الأردن، ج2، ص196.
(6) زيد الوزير، مرجع سابق، ص172، نقلا عن كتاب "تاريخ بني الوزير".
(7) انظر إسماعيل الأكوع في ترجمة "عبدالله بن حمزة" في "هجر العلم ومعاقله" ج3، ص1211.
(8) مجموع رسائل الإمام عبدالله بن حمزة ص107-108.
(9) نفس المرجع.
(10) انظر، يحيى بن الحسين القاسم "بهجة الزمن في تاريخ حوادث اليمن" تحقيق أمة الغفور عبدالرحمن الأمير، ج1، ص289-290.
(11) انظر: سلوى سعد سليمان الغالبي "الإمام المتوكل على الله إسماعيل القاسم" الطبعة الأولى 1991م، ص166.
(12) انظر: عبدالإله بن علي الوزير "طبق الحلوى وصحائف المن والسلوى"، مركز الدراسات والبحوث اليمني، صنعاء 1986م، ص325.
(13) انظر مقالة العلامة بدر الدين الحوثي في كتاب "حوار عن المطرفية.." مرجع سابق، ص25.
(14) المرجع السابق، ص210-211.
(15) هو كتاب "نظرة الإمامية الاثنى عشرية إلى الزيدية بين حقيقة الأمس وتقية اليوم" لمؤلفه محمد الخضر، وقدم له الشيخ محمد المهدي، مقدمة طويلة استغرقت 40 صفحة.
(16) العلامة أحمد بن لطف الديلمي في كتابه "الزيدية بين محب غال ومبغض فال" ص 30-60، والكتاب رد على الكتاب السابق للخضر والمهدي.
(17) المرجع السابق، ص37.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.