رسالة الحرية ليست مطلب مجد شخصي أو مناطقي أو جهوي خاص وإنما مطلب انساني عام لايتجزأ وبوابتها هي الشمول وليس الضيق والعامة وليس الخاصة ومن لايطلب الحرية لغيره لايمكنه أن يحقق الحرية لنفسه وإنما يصنع الاستعباد ويتداول وضعه بين أن يكون عبداً أو سيداً بحسب أدوات القوة والغلبة.. الحرية وحقوق الانسان مطلب عام عموده كرامة الإنسانية بحكم المولد وهي دافع كل الحضارات التي بقدر ما تأخذ منها الأمم تتقدم .. الحرية الشاملة لا الجزئية والواسعة لا الضيقة، أدركتها الأمم المتحضرة كوسيلة بقاء وتقدم وقوة فرفعت الحرية وحقوق الإنسان مع شعوبها بينما رفعتها شعاراً في تعاملها مع الشعوب الأخرى ولم تستطع أن تكون أمينة وطبقت الشعار بصورة منقوصة وكلفتة عريضة لمصالحها ورسالتها السياسية ولم يخل الأمر من عنصرية في التطبيق وتجزئته على حساب الحرية كحق إنساني وهي تتعامل مع شعوب أخرى فالمصلحة والطمع ونزعة الاستعمار حولت هذا المبدأ إلى شعار يخدم مصلحة هذه الدولة أو تلك على حساب الحرية كمبدأ والديمقراطية كوسيلة حيث تسقط دعاوى الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان عند أول نقطة تصطدم بمصالح هذه الدولة فنراهم يقايضون بالحرية وحقوق الانسان وهم هنا يثبتون أنهم لم يصلوا بعد إلى القمة السامقة من الحضارة بل ينتكسوا بنسبة بعدهم عن تطبيق مبادئ الحرية التي يرفعونها واذا ما استمرت هذا الانتكاسة فإنهم سينقرضون كما انقرضت الدول الغابرة فمبدأ الحرية الإنسانية هو من يجدد شباب الدول والحضارات ويمنعها من الانهيار والشيخوخة وهو امتحان صعب تواجهه الدول الغربية التي نجحت في مبدأ الحرية بنسبة ما لدى شعوبها, لكن الأداة الاستعمارية أو الثقافة الاستعمارية مازالت هي المسيطرة بصورة أو بأخرى عندما تتعامل مع الشعوب خاصة شعوب العالم الثالث وبالذات الشعوب العربية فهي ظلت تدعم الاستبداد العربي أثناء ثورات الشعوب عملياً وعندما عجز الطغاة عن الصمود أمام شعوبهم أعلنت أمريكا وأوروبا أنها مع الثورات لأن فلسفة الحرية التي تتبناها والمصلحة يتحتم عليها هذا الوقوف لكن هذه الوقفة لم تكن من أجل الحرية وحقوق الانسان وإنما من أجل المصلحة ذاتها التي تتقلب بصورة نفعية نقيضة للحرية، فهي تفضل الدوس على هذه المبادئ وتتعامل وتدعم الديكتاتوريات مفضلة ديكتاتوراً أقصى طموحه البقاء على الكرسي والاستسلام لمطالبها على أنظمة ثورية شعبية وديمقراطية تتقوى بالشعب ولها برامج تحرر عربي سياسي واقتصادي ومن هنا رأينا هذه الدول ترمي بشعار الحرية والديمقراطية وتدعم الثورات المضادة وما زالت ضاربة عرض الحائط صراخها حول الديمقراطية والحرية ومبادئ الانسان وستبقى على استحياء تتحدث عن حقوق الانسان والحريات والديمقراطية في الوقت الذي تقتل الحرية والديمقراطية في انحيازها على مصالحها وثقافتها الاستعمارية عن طريق دعمها للدكتاتوريات العربية ضد حرية الشعوب وحقوق الإنسان. وهذا أمر طبيعي لأن الحرية لا توهب من مستبد ولاتستورد معلبة من الخارج ..الحرية يصنعها الأفراد والشعوب بنضالهم الذي لايقبل الانهزام أو التوقف، وعندما تنتصر الشعوب سترفع كل هذه القوى المنافقة قبعتها رامية عملاءها إلى براميل القمامة السياسية أو مؤيدة رميهم إلى العدم الحضاري لأن الفاعل الحقيقي هو الشعوب عندما تتحرر من الأنانية وتفهم الحرية بمعناها الواسع وليس الضيق الشامل وليس الجزئي، فالأول مبدأ يكرم الإنسان والثاني بوابة لتداول الغلبة وتدوير الاستعباد وأول نقطة انطلاقه هي الوعي بهذا المبدأ الأصيل وهو بالمناسبة وعي بإنسانية الإنساني ورفع مقام تكريمه وكرامته. [email protected]