لا شيء يدعو إلى التفاؤل في هذا البلد؛ الرؤيا غير واضحة الملامح وتزداد قتامة. كل نوافذ الأمل والانتظار لا يدخلها أيّ ضوء ليس غير الغبار المحمّل بحبّات الظلام هو ما يأتينا من تلك النوافذ. حتى إضاءات الأمل التي تطلقها القيادة السياسية بين الحين والحين في أن القادم أفضل؛ تصطدم وتتكسّر على صخرة مافيا النهب والفساد في الداخل وأخطبوط المصالح الإقليمية والدولية التي تريد أن تتشكّل عجينة وطن ما بعد الثورة على إكليشة مصالحهم وأهدافهم في هذا الوطن وفي المنطقة بشكل عام. هل يُراد لهذا البلد أن يصل إلى حال يعلن الشعب فيه أو من خرجوا منه إلى الساحات في ثورة 11فبراير استسلامه وندمه على القيام بتلك الثورة، وأن الماضي كان أجمل..؟!. ما هو أكيد أن هذا هو أحد أهداف هذه الحرب المسعورة على البلد ومحاولة إضعافه إلى جانب تنفيذ أجندة لبعض الأطراف داخلية وخارجية، ومحاولة الضغط على الدولة لتمرير أو إيقاف قرارات معيّنة كابتزاز واستغلال رخيص. صحيح أن هذه الحرب الممنهجة – إلى جانب الضخ الإعلامي - استطاعت أن تؤثّر في الكثير من أبناء الشعب خاصة العوام منهم وحتى البعض ممن خرجوا إلى الساحات كثوار وجعلتهم يتذمّرون من هذا الوضع. لكن الصحيح أيضاً أن هناك الكثير من الثوار والواعين لم تنطلي عليهم هذه اللعبة؛ فهم على إطلاع بالوضع وبالظروف الحرجة التي تسير في ظلها الحكومة. وقد عبّر الكثير من الشباب في مواقع التواصل الاجتماعي عن ذلك برفع شعارات من قبيل «لن نندم» وغيرها. لكن ومع هذا كلّه يظل السؤال عالقاً في أذهان الشعب – والدائرة تضيق عليه – إلى أين نمضي..؟!. وإلى متى سيظل الشعب مرتهناً ويرزح تحت سواطير المناكفات وهوس الانتقام بعد أن عاش عقوداً تحت وطأة الفساد ونهب الثروات وغيرها من الجرائم التي هشّمت مفاصل الدولة وشوّهت الإنسان في داخل المواطن اليمني وجعلته يلهث خلف لقمة عيشه ويكابد مشقّة الحياة في هذا البلد.. مرة أخرى إلى أين نمضي، وإلى متى..؟!. شُرفة: إلى أين نمضي وكل الدروب تشيخ بوجه المياه وتلبس لون المقابر وطعم الخناجر وصمت التراب..؟! فكيف نسافر وحول قوافل أحلامنا خريف قديم مازال يلبس ماضيه ويشرب من نخب حزن القمر ويغري الشتاء ليرجع عن صمته ويوغر صدر الطريق لتنسل من تحتِ أقدامنا وتهوي بنا وصدر الرياح لتذرو الظلام على صبحنا..؟! ورغم ابتسام الربيع مازال يلبس ماضيه في وجه أزهارنا ويمشي.. برجلٍ وعينٍ ولؤمٍ خريفُ قديم بقايا خريف