ينمو التطرُّف والصراع الطبقي والطائفي في أيّ مجتمع بشري يكون مثخناً بالجهل والقطيعة مع القانون والمعرفة ومؤسّسات الدولة المدنية الحديثة ..وينمو التطرُّف كلّما كانت السّاعات في الشوارع والساحات العامة متوقّفة ، وتوحي بتوقّف الزمن وعجلته عن الدوران ، تماما ، كما هو حال الساعات العامة في بلادنا.. وينمو التطرُّف والجهل والصّراع كلّما كانت مراكز العلم والتنوير والمعرفة والثقافة معطّلة ومسيسة ، والأحزاب، صاحبة الصوت المرتفع والحظوة العالية في التحكّم بالقرار ومصائر النّاس، غير مبالية بالشأن الاجتماعي والمعيشي والتعليمي وضرورة،ووجوب تطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية والمساواة وغيره .. وينمو التطرُّف والجهل كلّما نظر النّاس للوراء ولم ينظروا للأمام في مسيرتهم وصراعاتهم ومفاهيمهم وسلوكياتهم ومنافساتهم .. وينمو التطرُّف والفساد كُلّما حكمت وتحكّمت بالمجتمع قوى تسمى ب «قوى تحالفات الضرورة » ومرجعيات الجهل والفساد والمصالح الضيقة.. نعلم أنّه مهما كثُرت الانتقادات والكتابات حول هذا الواقع والقضايا الملحّة والتي قد ترتبط بوجودنا ، لن يحدث في المشهد العام ووعي الناس، هزّات إيجابية كبيرة تخرجهم من هذه الغيبوبة المصطنعة ، ما لم يكن هناك إرادة جماعية وجدية من قبل شرائح المجتمع وفي مقدمتها قادة الرأي والسياسة، الذين يتحمّلون مسؤولية كبيرة في النضال الحقيقي للارتفاع بمستوى الوعيّ الوطني ،والحقوقي والإنساني ، لتكريس الأمن المجتمعي والقومي ، وقيم وأخلاقيات ذات معنى ، تُمكّن هذه الجموع الحائرة من مواجهة الانتهاكات والفساد وأوكار الجهل والإرهاب ، ونبذ الحماقات وكل الأفكار المتطرّفة ومحاسبة أصحابها،ومعهم أصحاب الكروش المنفوخة وواجهات النّهب والإثراء غير المشروع التي تبوأت أعلى وأهم المناصب، خلال مراحلة نفوذ عصابات الشّلل والنّفاق والأنساب،من دون أن يكون لديها أي حقّ تكفله لها كفاءاتها أو خبراتها، أو روحها ومبادؤها الوطنية..ولعلّ هذا أهم عنصرِ وعاملٍ استغلّته قوى الإرهاب والتخلّف، التي عملت بشهية مفتوحة لاستغلال حالتنا اليمنية ، شديدة الخصوصية والتعقيد ،منذ سنوات كثيرة مرّتْ، لتُطلقَ سعارها المتطرّف من عقاله وجحوره نحو المجتمع ومؤسّساته المدنية والعسكرية، مُطاردة الناس، وآملة في التّحكّم بمصائرهم وتفاصيل حياتهم الدقيقة.. وتأسيساً على ما سبق ،نضيف ونقول:من حقّ شعبنا وكُلّ الشعوب التي ابتليت بالإرهاب والتخلُّف والفقر وشبكات الفساد،أن تناضل لتغيّر واقعها ، والتأسيس لواقعٍ جديدٍ ،تتوفّر فيه أهمّ الشروط الموضوعية ،كتحديد ومعرفة الأهداف ، انطلاقا من أن الذي لايعرف هدفه لا يجيد طريقه..اضافة لتوفّر الإرادة القوية التي يُمكن أن تختصر الزمن ، ومعها الفكر المستنير ، الذي يستحيل تحقيق أيّ منجزٍ أو ثورة مجتمعية بدونه.. ومن حقّ شعبنا وكُلّ الشعوب المكبوتة والمظلومة - أيضا - إنهاء حِقبِ التسلُّط والإذعان والخنوع والصّمت على القهر والحرمان وإغتصاب الإرادات والاستحواذ على كُلِ شيءٍ بالقوة والفتوى. [email protected]