نمتلئ بالحُرقة على وطن حلمنا به ذات يوم جميلاً، تمزّقه اليوم القوى الظلامية، ألا يتذكر هؤلاء الذين يخوضون حروباً تحت أقذر المبررات ويريقون الدماء أنهاراً بلا مبالاةِ إن ما ينتهكون حُرمته هو وطنهم في الأول والأخير.. ألا يعلمون أن ما يطلقون عليه النار هو هويتهم رغماً عنهم.. ألا يأبهون لمستقبل أبنائهم الذي يمزّقونه بأيديهم وبنادقهم..؟!. لا يهتمون لشيء من هذا، فهم يرون أنفسهم يخوضون حرباً مقدسة فرضها الدين وإنهم منتصرون سواءً خرجوا منها أحياءً أو أمواتاً، ففي كِلتا الحالتين سيحظون بالمكسب والغنيمة أكانت أكبر مساحة نفوذ أو حورية عين..!!. الحروب القائمة من منطلق ديني متعصّب تستقضي إعماء المقاتل البصيرة وأن يسلم تفكيره لأمراء الحروب يقلّبونه بين أيديهم كيف شاءوا، وصحيح أن الصراع يبدو كما لو أن أساسه البواعث الدينية إلا أن جوهره سياسي بحت، أتذكّر ما قاله لي عامل في أحد مطاعم صنعاء “لا تصدّق أن الحرب تُدار بين عمران ومران.. كل هذا القتال يديروه من قصور في صنعاء كل واحد حسب مصلحته”، وأغلب الظن أن حديثه هذا هو الأقرب إلى الحقيقة والواقع. كل شيء يُستباح للا شيء، وأي شيء أعظم من نفس إنسان حين تُسلب تلبية لنزوات دموية لأسياد ومشايخ نالوا ألقابهم هذه في لحظة غفلة شعبية منفلته، وأي شيء أشد وطأةَ على الوطن من نشوة قاتل يفرح لانتزاع رصاصاته روحاً من جسد إنسان بريء. إنها اللحظات الدموية تملأ لوحتنا اليومية، وما من مفر منها إلا مواجهتها بتكاتف شعبي وتآزر سياسي يصنع جبهةً لمجابهة الانفلات باتجاه العنف الذي تبديه أطراف الصراع والاستخفاف الذي تظهره أيضاً بحياة الإنسان اليمني والدولة. تراكم الفترات المأزومة على حياة اليمنيين يزيح المزاج الشعبي باتجاه الإحباط واليأس، ويتيح متسعاً لبعض القوى الماضوية أو الجماعات المسلحة لتحصل فيه على متكأ ستستند عليه في تحقيق مشاريعها، إلا أنها تعلم أنه مهما كان اتساع هذه المساحة فإن ألاعيبها لن تنطلي على الشعب الذي أدرك حقيقتهم جميعاً، لكن تعزيز هذا الإحباط واليأس بمزيد ومزيد منهما سيقود إلى تفجر شعبي غير محمودة عواقبه لا يتمكن أحد من احتوائه في وجه جميع تلك الأطراف التي تُدميه وتصطنع الغصص في حلقه. إنه اليمن أيها الأوباش، وطن سنقاتل من أجله حتى الموت، وليس الشعب بممررِ لمشاريعكم التدميرية الظلامية، مهما كانت التوصيفات التي تغلفون مشاريعكم بها، ومهما بلغت حياكتها من تعقيد فقد أدركنا حقيقة ما تغلفونه بالثوابت أو الحقوق. الغريب أن أطراف الصراع الظلامي التقليدي، تستميت في تجاهل كل النداءات الموجهة إليه بوقف حمام الدم الذي سيغرق الجغرافيا اليمنية من أقصاها إلى أقصاها, ولا تدرك أن في تجاهلها هذا تكمن نهايتها الحتمية. لكن ليس علينا أن ننتظر أن تنتهي تحت ضغط استمرارية الصراع، فتدخّل الدولة يجب أن يفرض على جميع الأطراف الانصياع للعملية السياسية والالتزام بمخرجات الحوار التي شاركت به كل الأطراف السياسية، وبالإمكان الاستفادة من الدعم الدولي الذي يبديه مجلس الأمن عبر مبعوثه الدولي، وإنما لزاماً يجب الاستفادة منه، فأطراف الصراع لن تنصاع بل لن تكترث لنداءاتنا بصون الوطن وتذكّره بقدر ما سيخضعها الرقيب الدولي وحزم الدولة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك