أبيات لعلها من التراث: نسيم الوصل هبّ على الندامى فأسكرهم وما شربوا مدامى فمالت عنهم الأغصان ميلا ً لأن قلوبهم ملئت غراما فلما شاهدوا الساقي تجلّى وأيقظ في الدجى من كان ناما يناديهم عبادي لا تناموا ينال الوصل من سهر الليالي على الأقدام وأنحله القياما وما مقصودهم جنّات عدن ولا الحور الحسان ولا الخياما سوى نظر الجليل فذا مُناهم وهذا مقصد القوم الكراما التعليق : أبيات منسابة، لا تكلف فيها ولا وعورة، ولا شطح؛ بل أقرب إلى معاني القرآن في مجالها وكذلك نجد أنه قد غلب طابع خاص أنه رونق صوفي روحاني متأدب صادق التصوير لا مبالغة ولا خيال ولا أوهام، فأرباب القلوب هم ندماء، فهم أهل القرآن في شهر القرآن جلساء مع الله (ندماء) والنديم مرتبته عظيمة في مصطلح. (الملوك) ها هم ندماء القرآن، جلساء الله يهب عليهم نسيم الوصل – القبول والإذن بالدخول إلى بساط الحضرة الإلهية – نسيم الوصل الإذن قرع مسامعهم فسكروا طربا ً بهذه الخلوة الفريدة ماهم سكارى حقا ً بهذا القرب كيف لا وقلوبهم مفعمة بالحب الذي لا يوصف، يتلذذ الناظم مرة أخرى بهذا الشرب من يد الرؤوف الرحيم، فهو الذي أيقظهم من نومهم حيث هتف بهم بأجمل عبارة طالما تلذذ بها سيد الخلق (أنا عبد الله) وهنا يردد الناظم (يناديهم عبادي لا تناموا) فمن يريد الوصل يهجر لذيذ المنام (وعند الصباح يحمد القوم السرى) وليس كل سهران هو جدير بالوصل فالوصل خاص بتوصيف لازم (القيام على الأقدام ونحول الجسد.. وهذا السهر المقصود منه (رضى المولى) لا غير وليس الجنة فرضوان الله أعلى من نعيم الجنة (ورضوان من الله أكبر وذلك هو الفوز العظيم) لعل الناظم أستلهم الآية الآنفة، ثم أستحضر كلمة تنسب إلى رابعة العدوية إنها سألت زميلا ًلها في العبادة وهدفه من تعبده فأجابها (الجنة)، فقالت له: إذن أنت أجلت شهوتك في الدنيا لتحصل عليها في الآخرة فما خرجت عن شهوة نفسك والصواب أن العابد الحق هو الذي يسعى إلى الحصول على مرضاة الله في الجنة، وهي أعظم النعم وأعلى درجات الفوز، وستأتي فواكه الجنة تبعا ًلهذا النعيم، ثم أنشدت رابعة : أحبك حُبّين حبّ الهوى وحبا ً لأنك أهل لذاكَا فأما الذي هو حب الهوى فشغلي بذكرك عمن سواكَا وأما الذي أنت أهل ٌ له قكشفك لي الحجب حتى أراكَا فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي ولكن لك الحمد في ذا وذاكَا رحم الله أرباب هذه القلوب ونفعنا بعلمهم آآآآمين.