أيام قليلة ويرحل عنا شهر رمضان المبارك, شهر الخير والمحبة والسلام والعطاء والتغيير, الشهر الذي يعد مدرسة عظيمة نتعلم فيها الكثير من الدروس المهمة في حياتنا وسلوكنا وواقعنا كمسلمين, فهل استفدنا من هذه المدرسة شيئاً وما الذي تعلمناه فيها ؟. هل تعلمنا من مدرسة رمضان قيم العدل والمواطنة المتساوية والانضباط والدقة في المواعيد، كما كنا جميعاً نصوم عن الأكل والشرب في وقت واحد ونفطر في وقت واحد, فالجميع يقوم بذلك ولا يوجد استثناء لشخص طبيعي، سواء كان غنياً أو فقيراً، فالكل سواسية في هذه المدرسة، كما هم كذلك في كل المحطات الدينية الأخرى. وهل تعلم الأغنياء منا، بطريقة عملية كيف هي حياة الفقراء، فالشعور بالجوع يذكر الغني أن هناك من يموت جوعاً ولا يجد ما يأكله، وهذا يقود لتجسيد قيم التكافل والتراحم والتعاطف بين أبناء المجتمع. هل تعلمنا من شهر الخير والعطاء معنى وكيفية الإحساس بالآخرين والشعور بآلامهم ومعاناتهم، وإن علينا مساعدتهم والوقوف بجانبهم، حيث نقوم بذلك عملياً من خلال زكاة الفطر التي تعطى للفقراء والمساكين، ليفرح ويعيش الجميع يوم العيد. هل تعلمنا في مدرسة الصوم كيف نحفظ ألسنتنا من قول السوء ومن سب الآخرين والتحريض ضدهم والافتراء عليهم، لحديث النبي الكريم «ليس الصيامُ من الأكْل والشُّرب، إنَّما الصيام من اللَّغوِ والرفث، فإن سابَّك أحدٌ، أو جهِل عليك، فقل: إنِّي صائم، إنِّي صائم». وهل تعلمنا في هذا الشهر الكريم معنى الرقابة الذاتية لسلوكنا وتصرفاتنا واحترام أنفسنا وضمائرنا؟؟ كما كنا نمتنع عن الطعام والشراب دون رقيب على صيامنا سوى الله, وأنفسنا وضمائرنا!! هل تعلمنا من مدرسة رمضان كيف نغير من أنفسنا وسلوكنا، فكل شيء تغير في رمضان حتى مواعيد النوم والأكل والعمل وفتح الأسواق وإغلاقها، فهل استثمرنا رمضان في تغيير ذواتنا وأخلاقياتنا وتعاملنا مع أنفسنا والآخرين نحو الأفضل وبما يرضي الله ويحقق الخير والسعادة لنا ولمجتمعنا ؟؟ أم أن حظنا من صيامنا كان الجوع والعطش والسهر؟؟ كما قال رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة والسلام: «رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ورب قائم حظه من قيامه السهر»، لأن الأصل في رمضان أن يساعدنا لتنمية أرواحنا وأجسادنا وأن نوازن بينهما، أما مَن يخدم الجسد فقط فهو لم يستفد من رمضان بشيء ويتحقق فيه قول القائل: «يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته.. أتطلب الربح مما فيه خسران». وختاماً.. هل أحيا رمضان فينا العديد من القيم الدينية والأخلاقية التي افتقرنا إليها اليوم؟ مثل قيم الصدق والأمانة, ومكارم الأخلاق والفضائل، والحب لكل الناس، وترك الأثرة والأنانية، والإحسان والإتقان في أعمالنا، والشجاعة والمروءة، وحب الخير والتعاون والتكافل ومساعدة الآخرين, وحب الدين والتضحية في سبيله، والسعي إلى الإصلاح بين الناس، ونبذ الذل والضعف والعجز، ومقاومة الظلم والفساد والظالمين والفاسدين؟ ومهما كانت إجاباتنا على هذه التساؤلات فليس أمامنا إلا أن ندعو الله بقلوب خاشعة أن يتقبل صيامنا وقيامنا ويعيد علينا رمضان أزمنة عديدة ونحن بأحسن حال. اللهم آمين.