ما يحدث في غزة الشموخ والإباء والشّيَم من جرائم صهيونية في غاية البشاعة والفظاعة يشيب لها الولدان وتقشعر منها الأبدان وترتعد لها الفرائص والوجدان، والعالم العربي والإسلامي في سباتٍ عميق إلا ما نذر، صمت مخزٍ وانكسارٍ.. لقد أصبحت الأمة العربية والإسلامية بكل مقوماتها وإمكاناتها، وطاقاتها وقدراتها المادية والمعنوية عبارة عن ظاهرة صوتية بل فرقعات صابونية إلا القليل الأقل منها. نحن في زمنٍ عصيب.. علماؤنا يتوارون.. وحثالاتنا يتسيدون.. يبيعون دينهم بعرض زائل.. عروبة اليوم غائصة من قمة رأسها إلى أخمص قدميها في قصورها الناعمة بالديباج والاستبرق والسندس.. وشعوبها تفترش الأرصفة والأزقة وتلتحف التراب، ولكن نصرالله قريب من عباده المؤمنين، بعيد عن عباده الظالمين مصداقاً لقوله تعالى: {وكم قصمنا من قرية كانت ظالمةً وأنشأنا بعدها قوماً آخرين، فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون، لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون} [سورة الأنبياء/ الآية: 11-13].. يا حسرتاه!!.. أين ذهبت النخوة والمروءة والشهامة العربية الأصيلة.. بل أين القيم والمبادئ والأخلاق التي رضعناها ورشفناها من رحيق ديننا الحنيف؟!.. ما تتعرض له غزة اليوم من عملية إبادة شاملة هي مؤامرة صهيونية عالمية بامتياز.. تدمير كل شيء له علاقة بالإنسان الفلسطيني.. حتى الشجر والحجر.. حقد دفين.. وقلوب ملأى بالكراهية والبغضاء والشحناء.. لا تفرق بين طفلٍ وامرأةٍ وشيخ عجوز؛ لأنهم أحفاد القردة والخنازير وعبد الطاغوت.. وصدق القائل في محكم تنزيله: {قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون، قل هل أنبئكم بشرٍ من ذلك مثوبةً عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكاناً وأضل عن سواء السبيل} [سورة المائدة/ الآية: 59-60].. بنو إسرائيل تاريخهم حافل بالجرائم النكراء مع أنبيائهم وأبناء عمومتهم من أبناء الملل والأديان الأخرى.. إلى درجة أنهم قتلوا الأنبياء.. فالكيان الصهيوني الغاصب يسعى اليوم إلى الهيمنة الشاملة على المنطقة وليس غزة وحدها بل من الفرات إلى النيل.. وعربان اليوم مشغولون بالنعرات المذهبية والطائفية والإثنية...وهناك من يؤازر ويناصر اليهود عياناً بياناً.. بالرغم أنهم يمسون متهودين ويصبحون متأسلمين بل دخلوا في ملتهم.. المؤسف حقاً أن بعض من يدّعون العروبة والإسلام يغضون الطرف عما يحدث في أرض غزة الباسلة.. غزة الشموخ والإباء والشيم!!.. رغم هذا وذاك والدماء النازفة الطاهرة والزكية في غزة يتلذذون عبر مشاهدة فضائياتهم الهزيلة المشاهد الدامية غير مدركين أنهم فرحون بالذين لم يلحقوا بهم من بعدهم بما رزقوا من شهادة ومقام كريم عند الله. والصور المأساوية والأشلاء المتناثرة التي ترتعد لها فرائص وقلوب وأفئدة شعوب العالم قاطبة بمختلف دياناتهم ومعتقداتهم ومللهم.. وهذا إن دل على شيء إنما يدل على الجمود الفكري.. والإفلاس الخلقي والديني.. والخواء الإيماني.. أما أهلنا وأبناء جلدتنا في غزة الشموخ والصمود.. فلهم رب يحميهم مصداقاً لقوله تعالى: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا أن الله لا يحب كل خوان كفور، أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير} [سورة الحج - الآية: 38-39].. رجال القسام وشباب غزة البواسل يصنعون اليوم تاريخاً مجيداً.. ومجداً شامخاً.. ويسطرون سفراً جديداً حافلاً بالمنجزات والتضحيات والفداء لهذه الأمة التي مازالت غائصة في سباتها العميق.. الله.. الله يا أهلنا في غزة الشموخ.. والله ناصركم ولو بعد حين.. ولا يضركم من خذلكم..وصدق المولى القدير القائل: «ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون».. «وكان حقاً علينا نصر المؤمنين».. والفوز والنصر للمتقين بإذن الله.. وكان الله في عون أهلنا في غزة..!!.