من المقرف جداً أن تقرأ مقالاً أو منشوراً أو تغريدة فسبوكية لشخص لا يغسل يديه قبل وبعد الأكل ولا يستخدم الصابون بعد قضاء الحاجة؛ يتحدّث عن النظافة ويطالب دون خجل محافظ تعز برفع القمامة من الشوارع، النظافة سلوك، وإذا كنّا حريصين على نظافة شوارع وأزقّة اليمن فالأجدر أن نناشد المواطن أولاً الالتزام بواجباته، فلا يرمي بقذارته في الشوارع ثم يبحث عمّن يأتي لينظّف أمام بيته. النظافة تبدأ من الأسرة ثم المجتمع؛ ولكي نحقّق أعلى نسبة نظافة علينا أن نسأل كم يستهلك المواطن قوالب صابون في الشهر الواحد داخل بيته، وعلى ضوء إجابته سنتمكن من معرفة نسبة قذارته أو نظافته، أنا شخصياً أعرف مفسبكاً «كلما احترك أو طفرن» هاجم المحافظ شوقي أحمد هائل وانتقده على وساخة تعز، الوساخة الحقيقية ليست في شارع أو حي؛ بل هي في هذا المفسبك الذي لا يغسل أسنانه قبل النوم ولا قبل ولا بعد الأكل ولا يقلّم أظافره أسبوعياً، ولا يوصي أبناءه برمي القمامة داخل البراميل ويرمي بالمناديل وأعقاب السجائر في الشوارع الرئيسة، ثم بشخطة فيسبوك ودون الوقوف على حقيقة الوضع العام في البلد ينتقد محافظ تعز دوناً عن سائر محافظي اليمن. تعز ستظل تعاني قصوراً في النظافة طالما العمال المعنيين بنظافة الشوارع يضربون عن العمل لأسابيع بحجّة المطالبة بحقوق خارج سلطة المحافظ أو لقلّة مخصّص النظافة المعتمد في ميزانية الدولة، تعز ليست استثناء، وإذا كنّا سنتحدث في أي مقام عن النظافة فعلي المواطن أن يسأل نفسه متى آخر مرّة رفع قرطاساً من الشارع ووضعه داخل برميل قمامة، متى آخر مرّة شاركت في حملة تنظيف دعت إليها منظمة تُعنى بشؤون النظافة، أو متى آخر مرّة بادرت من تلقاء نفسك إلى رفع القمامة من أمام بيتك كسلوك إنساني بحت..؟!. من المخجل أن نطالب بنظافة المدن وفي بيوتنا قذارة لا نحرص على إزالتها ورفعها إلا بعد أن تكون قد تسبّبت في كارثة بيئية على مستوى الأسرة. الأب الذي يسمح لأفراد أسرته أن يغمسوا أصابعهم في الأكل قبل أن يغسلوها؛ لا يستحق أن يعيش في بيئة نظيفة، والأم التي لا تعلّم أطفالها منذ الصغر غسل أسنانهم قبل النوم أو غسل وجوههم فور استيقاظهم، ليس من حقها انتقاد مسؤول على نظافة مدينته، البيت جزء من نظافة المجتمع، ونظافة غرفة النوم والحمام لا تقل أهمية عن نظافة الحي والشارع ومن دون شراكة الأسرة والدولة في تنظيف أنفسنا من الداخل لن يتحقّق هدف أن تصبح لدينا مدن نظيفة. إذا اضطررنا إلى مقارنة نظافة محافظة تعز بنظافة العاصمتين السياسية والاقتصادية صنعاءوعدن، فلابد لنا أن نقف أولاً على حقيقة أن العميد عبدالقادر هلال، أمين عام العاصمة ليس سوبرمان، وأن وحيد رشيد، محافظ عدن ليس رجلاً خارقاً, الأول يحظى بدعم رئاسي باعتبار أن صنعاء يجب أن تبقى نظيفة، كما أن الدولة بمؤسساتها وهيئاتها مسخّرة له ليل نهار والثاني، وأقصد وحيد رشيد مدعوم بحسب علمي بحسابات وأرقام لا تدخل في صلب الموازنة العامة للدولة، وعدن بالذات تتمتّع بخصوصية على مستوى الخارطة السياسية وتحظى بدعم رفيع المستوى عكس تعز، فما أن تولّى المحافظ شوقي هائل مسؤولياته حتى تفاجأ بمكتب مشروع النظافة أشبه بقطعة خردة, المعدّات لا تصلح لتنظيف شارع واحد، وكل ما في المشروع من بوابير نقل وترحيل عبارة عن تحصيل حاصل علاوة على أن عمال النظافة كانوا قد استجابوا لدعوات الإضراب ومارسوا ضدّه وضد تعز أبشع أساليب الابتزاز..!!. الذي أعرفه أن المحافظ شوقي هائل أنفق من جيبه على مشروع النظافة أكثر مما أنفقت الدولة, ومازال يحاول أن يجنّب تعز كوارث لها صلة بتخاذل عمّال النظافة ومن منحرفين يبذلون قصارى جهدهم لإفشال عمله, تخيلوا أن ثمّة من يسد فتحات المجاري بكراتين وأكياس وأجحار وقطع حديد لغرض أن تفيض المجاري إلى الشوارع فتتعثّر عملية النظافة ويبدو المحافظ عاجزاً عن أداء دوره, هؤلاء مجرّد عائق ومالم يكن للمواطنين دور في الكشف عن أسمائهم ودور أكبر في نظافة الأرصفة أمام منازلهم، فإن الحال سيبقى على ما هو عليه. المحافظ شوقي هائل ليس فوق النقد, نستطيع أن ننتقده بمنتهى القسوة متى ما كنّا نحن أفضل منه في دعم مشاريع النظافة وتحملنا مسؤولية تحويل تعز إلى مدينة مثالية، والمحافظ أيضا بشر يخطئ ويصيب، والواجب علينا كمنصفين ألا نلقي بكامل المسؤولية عليه؛ لأنه في الأول والأخير مثقل بمسؤوليات لا حصر لها، ومالم نقف إلى جواره بحواسنا وإحساسنا كل في إطار مسؤولياته؛ فإنه لن يحقّق الغاية من وجوده على رأس هرم السلطة. تعز.. باختصار ليست شوارع وأرصفة لنحاسب المحافظ على نظافتها, تعز خليط من الهموم والأزمات، وأظن أن الله ابتلاها بعديد وكلاء محافظة ورؤساء أحزاب ومنظمات جماهيرية وحاقدين مؤهّلين جميعهم فقط في الوقوف ضد المحافظ كما لو أنه هبط من كوكب آخر.