بنيت على هذين البيتين من الشعر فكرة مقالي هذا بعد أن انصتُّ إلى صديقين أعرفهما منذ سنوات وهما يستعرضان على سبيل الذكريات لفترة أيام العمر في عدن إبان الاحتلال البريطاني في جنوباليمن لأكثر من مائة وتسع وثلاثين سنة كان الشماليون يدخلون إلى عدن بدون تفتيش ولا تعب، لأنهم كانوا أصلاً ينزلون بقطعتين باليتين إحداهما تغطي عورته والثانية صدره وقطعة صغيرة أو كوفية محلية فوق الرأس، حافي القدمين سلاحه عصا للذود بها وإبعاد الكلاب في القرى والزواحف السامة في الطرقات وفي العرائش التي كانت بمثابة مقاهٍ للمسافرين عمالاً، وتجاراً كما كانت مدينة القاعدة والراهدة والعماقي في تعز. فقد تذكّرا شخصيات كانت ناشطة في التجارة والتوكيلات تُذكر أو تُكتب أسماؤهم على السلع الواردة من بريطانيا كدولة محتلّة وكل الأمور يديرها مندوبها السامي وغيرها من الدول كفرنسا وألمانيا و اليابان وأمريكا ومن مختلف الماركات والأنواع وكيف كان أولئك الذين نمت وتوسّعت تجارتهم وحلّقت سمعتهم في سماء اليمن كلّها وأولهم الحاج هائل سعيد أنعم، رحمه الله رحمة الأبرار.. البيتان الشعريان يقولان: كونوا جميعاً يا بنيّ إذا اعترى خطبٌ ولا تتفرّقوا آحادا تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسُّراً وإذا افترقن تكسّرت آحاداً وقد انتهى المطاف ببعض أولئك المشهورين إلى الموت والإفلاس في حياتهم أوعلى إيدي ورثتهم الذين اختلفوا فتفرّقوا بصورة حيّرت غيرهم ممن كانوا يعتقدون إنهم سيرثون من آبائهم الذكاء والحكمة والتحابب فيما بينهم ويعملون على تنمية تجارتهم ونشاطهم الاقتصادي والمالي، فبدلاً من ذلك تدهورت حالاتهم النفسية وضاقت معيشتهم، فتقاسموا ميراثهم وتصرّف كل منهم بما حصل عليه من إرث بعد شريعة دامت سنوات إلى أن تحوّلوا إلى فقراء هم وأولادهم وأمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم، ولا يعلم السرّ إلا الله!! لكن هائل سعيد وابن عمه علي محمد سعيد وأولادهما نشأوا على أجندة نموذجية للعمل الجماعي الذي لا يرى الفرد فيه نفسه إلا موظفاً أميناً على عمله، صادقاً في كل شيء، مؤدياً واجبه الديني والأسري والاجتماعي الذي يتعدّى الأسرة الصغيرة أي التي عُرفت بآل هائل سعيد وشركائه.. وما زال هذا البيت المعمور بكفاءة ووعي وتلاحم الجميع يحقّق النجاح صناعياً وتجارياً وخيرياً تجد بصماته في أنحاء البلاد، ومنتجاته في كل الأسواق وكل البيوت، فكانوا خيّرين عملوا بقول الله تعالى{واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تتفرّقوا وتذهب ريحكم}، أي قوتكم فكنتم إخواناً، ومصداقاً لقول الشاعر في البيتين آنفا الذكر، فاليمنيون يباركون طريقة أو أجندة أولاد وأحفاد وأبناء عم الحاج هائل سعيد المتمثلة في العمل الدؤوب والتراحم والإحسان إلى المحتاجين ويدعون لهم بالتوفيق والنجاح على قلب رجل واحد لما فيه الخير لهم ولأولادهم وأحفادهم واليمن واليمنيين.