بعد الوصول إلى العاصمة يمكن الجزم أن مرحلة البدايات انتهت ليبدأ الجزء الثاني من القصة التي عادة ما تبدأ فيه البداية الفعلية للنهاية. لا شك أن الوطن يمر بمرحلة مفصلية في تاريخه المعاصر، مرحلة قد تؤسّس لعمل جاد وحازم ينهي بؤر الفساد في كل مؤسسات الدولة؛ وذلك عبر حكومة جديدة لا مجال فيها للفاسدين والمفسدين الذين ظلّوا لسنوات طويلة يتنقلون من وزارة إلى أخرى ومن مؤسسات إلى مؤسسات أخرى ينهبون خيراتها تحت مسمّيات مهذبة ولكنها بالطبع تغطّي لعمل غير مهذب..!!. ظل الفساد رفيقاً مخلصاً للكثير من المسؤولين، فهل نشهد مرحلة نجد فيها مسؤولاً دون هذا الرفيق الذي ألفنا وجوده وسلمنا بضرورة وجوده مع كل مسؤول..؟!. إذا ما سلمنا بقول القادمين الجدد الذين تجاهلوا كل أعمال النهب والاستفزاز وتحدثوا عن دولة جديدة خالية من الفساد، فهل يعني ذلك أننا سنجد أنفسنا في القريب العاجل أمام وزراء ومسؤولين لم تلوّث أيديهم بعد بمال الدولة أو على الأقل لم يتعلّموا بعد الطرق المباشرة وغير المباشرة لنهب المال العام. وإذا ما تركنا الحديث عن نهب المال العام وتحدّثنا عن الأبواب الموصدة التي تحجب السائل عن المسؤول وتكون حاجزاً منيعاً بين الموظف ومرؤوسيه؛ هل يتحقّق الحلم الذي يراود الجميع وهو إمكانية الدخول إلى المسؤول دون تلككات أو مماطلات، هل يأتي اليوم الذي يستمع المسؤول إلى هموم المواطن ويبادر لحل مشاكله، أم أن المواكب ستكون المواكب، والمسؤول يكون المسؤول بشلته الفاسدة؛ هل نكون أمام مشهد يتكرّر مع كل تشكيل حكومة..؟!. يفصلنا عن تشكيل حكومة جديدة بضعة أيام أو أسابيع حسب اتفاق السلم والشراكة الوطنية، لذا من حقنا أن نتحدّث ونطالب بحكومة جديدة كلياً، حكومة همّها الوحيد هو البناء والتشييد والنهوض بالبلاد، هذا أقصى ما نتمنّاه من الحكومة القادمة. الفساد دمّر الوطن وأهلك المواطن، الفاسدون لم يتركوا شيئاً لهذا الوطن، الفاسدون لا يشبعون، يجتهدون لبناء القصور الخاصة وزيادة عدد السيارات وسفريات الأبناء، ليس ثمة وطن في جدول أعمالهم. نطالب بمعايير حقيقية للحكومة الجديدة، ولعل أهم معيار هو النزاهة والأمانة والشرف والأهم حب اليمن، نطالب بحرية إعلامية لا نشهد فيها إغلاق الصحف أو اقتحام القنوات ولا حجب المواقع ليعلم الجميع أن الاختلاف في الرأي هو ظاهرة صحّية وليس مرضاً. هل يمكن أن يقدّم لنا القادمون الجدد نموذجاً لوطن نحلم به أم أن من يأتي عبر الدبابة يستعصي عليه تقبل الآخر ويصعب عليه بناء وطن خالٍ من المزايدات والمصالح الشخصية والحزبية. ليس في اليد الآن سوى أن نسهم بالرأي ونتوسّم خيراً بمستقبل جديد جاء به البعض بغتة لنحاول أن نتجاهل تماماً كيف قدموا وننتظر ماذا سيقدّمون. [email protected]