شعار طالما رددناه في كل محفل ومناسبة،لكن إن جئنا للحقيقة فليس له وجود على أرض الواقع حيث نسي الآباء مسؤولياتهم اتجاه أبنائهم وتجاهلت الأمهات دورهن في تربية النشء ناسيات أو متناسيات قول الشاعر: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الاعراق وبين تجاهل الأب وإهمال الأم نشأت أجيال فاسدة تضر أكثر مما تنفع، وتهدم أكثر مما تبني وهذا شيء متوقع. فهذه قصة واقعية راح ضحيتها شاب في العشرينات بسبب إهمال الأب والأم دورهما المنتظر في تنشئة الأجيال. في إحدى محافظات الجمهورية نشأ رشاد يتيم الأبوين رغم وجود والديه على قيد الحياة فالأب تزوج بأخرى ورحل معها إلى المدينة والأم صباحاً في أعمال المنزل وعصراً في التفرطة مع النسوة وهكذا ضاع رشاد بين غياب أبيه وإهمال أمه. بعد ما بلغ رشاد العاشرة من عمره تعرف إلى شلة من الشباب الصعاليك ممن يفوقونه سناً والذين كانوا يستخدمونه كجاسوس على مزارع القات،حيث يرسلونه ليكتشف لهم أوسم المزارع وأغناها قاتاً ليقوموا بسرقتها ليلاً والناس نيام. تعلم رشاد والفضل يعود إلى رفقاء السوء التخزين والتدخين والصعلكة والسرقة والنهب والسهر إلى أنصاف الليالي ولم يكن يعود إلى المنزل إلا قرب الفجر بعد أن يكون هو وشلته قد قاموا بسرقة المزرعة المرتقبة لينام إلى قريب العصر ثم يخرج للصعلكة من جديد وهكذا تنبهت اخته له ورثت لسوء حاله فشكته إلى أمها التي لم تزد على أن قامت بضربه ضرباً مبرحاً مما زاد نفور رشاد وعصيانه لم تيأس الأخت فذات يوم والوالد في زيارتهم قامت بشرح حال أخيها لأبيه راجية منه يتدخل في الموضوع ويلحق رشاد قبل فوات الأوان حيث لاينفع الندم بعد زل القدم ولم يكن موقف الأب بأحسن حالاً موقف الأم باستثناء أنه قام بعد ضربه بطرده من البيت. لم يجد رشاد مأوى له سوى الشارع التم بشلته الفاسدة وأغرق في الطغيان والفساد فلم يدعوا قاتاً إلا سرقوه ولامنزل إلا نهبوه وازداد جبروتهم وضجت القرية من شرهم وقدمت فيهم شكوى إلى إدارة الأمن بالمنطقة تستغيث بهم من شرور تلك الشلة وأفعالها. عندما علم رشاد وشلته بالشكوى المقدمة من أهالي القرية ازدادوا طغياناً وقاموا بنهب منزل ومزرعة كل من وقع على تلك الشكوى مما أشاع الخوف والفزع بين أبناء القرية والقرى المجاورة الذين لم يملكوا سوى الدعاء عليهم بالهلاك والدمار. واستجاب الله دعواتهم فلم تمضِ شهور قلائل حتى أراهم الله قدرته فيهم،حيث انفرط عقد تلك الشلة وتشتت شملها إثر خلاف نشب على تقسيم المتحصل من بيع القات المسروق من إحدى المزارع فقام أحدهم بإطلاق النار على ثلاثة منهم بينما فر الباقون فترصدوا له ليلاً وقتلوه ومات اثنان منهم في حادث تصادم سيارتين. بقي رشاد وحيداً بعد هلاك أغلب أفراد شلته وهروب الباقين،وبعد أن كان دليلاً للشدة على المزارع الغنية بالقات ليقوموا بسرقتها واعطاؤه حصته قام هو بالسرقة وبيع مايسرقه لصالحه الشخصي. ازداد جشع رشاد وطمعه بعد أن لمع بريق المال في عينيه وازدادت عمليات السرقة التي كان يقوم بها سواء في قريته أو في القرى المجاورة ناسياً أو متناسياً المصير الذي وصل إليه رفقاؤه والذي من المحتمل أن يكون مصيره كمصيرهم. ذاع صيت رشاد وشاع أمره بين الناس حتى وصل الخبر إلى مسامع والده الذي شك فيما سمعه فأحب أن يتأكد بنفسه من صحة الخبر فزار القرية متخفياً وظل يراقب منزله من بعيد حتى انتصف الليل فلمح شبحاً يخرج منه ظل يلاحقه من مكان إلى مكان دون أن يشعر به فوجده يخرج من القرية إلى القرية المجاورة ثم يدخل إحدى مزارع القات ويقوم بسرقتها بعد أن اعطى كلب الحراسة قطعة لحم كبيرة شغلته عن الحراسة والنباح حتى أنهى مهمته وخرج متوجهاً إلى قريته،وفي الطريق استوقف الأب ذلك الشبح ليتأكد من هويته وكله أمل ألا يكذب ابنه، ولكن...؟! ألجمت الصدمة لسان الأب ولم يشعر من شدة ذهوله إلا وهو يخرج مسدسه ويفرغ رصاصاته في صدر ابنه الذي سقط ميتاً على الفور ثم يفر هارباً كما فر في الماضي من واجباته اتجاه أولاده الذي سقط أولهم ضحية الإهمال وسوء التربية ناسياً قوله صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».