برغم كل مشاعر الصدمة ,والذهول , والخيبة التي تلفني , وتلف كل من حولي , ولكنها تخف عندي تحديداً كوني لم أكن من المعولين كثيراً على الاصطفاف , ولأني أيضا ومنذ الخطأ الأول المتمثل بالتسليم بالمبادرة التي سرعان ما أصبحت حبراً على ورق , , بعد أن كانت براءة اختراع , وقرآن اللاهثين وراء سلطة المناصفة , ولأني أيضا لم أول منذ يوم التسليم الأول لا المعارضة , ولا السلطة , الثقة . للأسف (الأمر الواقع ) والتسليم به دون أدنى اعتراض, كان سياسة , ونهج المرحلة السابقة بكل عيوبها , وبكل أخطائها , فالقبول بالأمر الواقع , وأنصاف الحلول , كان الخطأ الثوري الذي أجرمه ثوار فبراير , وأصاب ثورتهم في مقتل , وتحديداً بدايات الثورة, وبدايات زخمها الثوري تلك السياسة غدت مع الوقت كانت بداية تمهيد لتنازلات لم تنته بدأً ت بالحصانة , وليس آخرها إن استمر نهج التسليم بالأمر الواقع , اجتياح العاصمة . وتلافياً لذلك الخطأ الذي أنتج لنا هذا الكابوس كواقع يأملون منا التسليم به ,علينا المواجهة , والصحو وعدم التسليم , والرضا بما انتهت إليه تلك المسرحية , كونه واقعاً ومشوهاً , يحاول أن يلتف ليس على ثورة فبراير, بل على كل المكتسبات , والثوابت الوطنية منذ ثورتي سبتمبر , وأكتوبر ,وعليه لم يعد أمامنا اليوم إلا أن نرفض ذلك الواقع المخيب لآمالنا , وتطلعاتنا الثورية , وأن لا نستسلم لأي أمر يشذ عن طموحاتنا , وتطلعاتنا بالحرية , والعيش بكرامة , سنرفض واقع الموت القذر , والهمجي , الذي يهيننا أحياء , ويهين تضحيات شهدائنا وجرحانا , سنواجه أطماعهم المتمترسة وراء بنادق المنطق الضعيف , والتبعية العمياء , بأمنية سيترجمها صوت أيوب (رددي أيتها الدنيا نشيدي ) وسترددها الدنيا من خلفنا ,دنيا الحرية , والكرامة , وسينصتون لها يوماً , ولو بعد حين , سنواجه بالسلمية , وبكل ما أوتينا من أساليب حضارية , كل أشكال الهمجية الجاهدة في طمس ملامح المدينة , لتعود مدينتنا تواكب كل المدن كسابق عهدها (حوت كل فن ) . همسة : سيجعل الله بعد الشدة مخرجآ.. ولأن الأمر كذلك لا تهنوا , ولا تيئسوا , وكونوا على ثقة بأن الانتصار لدولة مدنية حديثة قادم , وقريبٌ لا محالة.