تعز، تعز، تعز، ثلاثة حروف أندى علينا من همس الشجون.. وأغلى علينا من ندى العيون.. ثلاثة حروف مقامها في عالي الروح نسج وتر.. وفي حنايا الوجد فوح زهر. يؤلمنا ما يلوكه فيها كل متربّص لخيرها ونموها كل همّاز فيها وكل نمّام يمرضه سلامتها وتعافيها.. إن لم نقتنع قناعة تامة أن الجميع فيها شركاء في نهوضها من كل جمود وركود طالها طوال عقود مضت فلن ترى خيراً ولا فائدة من أي رجاء لتغييرها إلى الأفضل. وإن جلس المواطن التعزّي في منأى عما يحدث فيها ويرقب من بعيد ويتصيّد الأخطاء فلن تقوم لتعز قائمة ولن تنهض إلا بتكاتف كل التعزيين جميعاً وليس بالاتكال على شوقي أحمد هائل في كل شيء وكأن بيده خاتم سليمان وسيقول لتعز كوني فتكون دونما أن نكون عوناً له لا عليه. لا نريد لمنطق العجز أن يتسيّد على العقول ويعميها من أن تكون فعّالة في إخراج تعز من عشوائية عاشتها ومازالت وتحتاج إلى ثورة عقول واعية تكفر وتقارع كل فكر عاجز وتدعو إلى العمل للثقافة، للإبداع، للبناء وتناهض كل فكر متطرّف متعصّب لحزب أو فرد أو طائفة تزرع العلم والفكر في المدارس والجامعات والمنازل، تربّي الجيل الصغير على احترام إنسانية الإنسان والرقي بسلوكنا وتصرفاتنا وتفكيرنا أيضاً. تعز ليست شوقي فقط وشوقي ليس تعز كما يحلو لبعض العاجزين أن يرتكنوا على السنة غلاظ شداد بينما أيديهم مكتوفة حتى عن رفع قارورة ماء من وسط الشارع أو أبعاد ورقة من قارعة الطريق أو تعليم أبنائهم وضع كيس القمامة في المكان المخصّص له وإن حدث وتوسّخت المدينة نادوا بعلو أصوتهم أين شوقي بينما هم من يعبثون.. هذا ليس من الإنصاف في أن يكون كل ما عليهم الانتقاد الهادم من بروج مخلخلة وريحتها كسل ونتن وتقيّح. حديثي هذا لا يعني دفاعاً عن شوقي بقدر ما هو انتصار لمدينة بائسة، أبناؤها هم من يذبحونها بألسنتهم وترويجهم لثقافة الاتكال والعجز والنقمة على مدينتهم. لا نريد لموروث الرف الذي ركنت تعز عليه أن يستفحل ويطغى حتى على تصرّفاتنا في تعاملنا معها نريد أن نتحرّر أولاً من عجز كبّلنا لعقود كثيرة وأيدٍ مغلولة بقيود التخاذل. آن الأوان كي تنتفع تعز بكل مخلص من أبنائها وشوقي ما هو إلا عامل مساعد لهم في نهضتها واليد الواحدة لا تبني ولا تعمّر ولا تنهض بوطن مهما كانت أصابعها. تعز لن تُبنى بالاتكال والإرتكان والتخاذل بل بالمشاركة الجماعية فلا تخذلوا الحبيبة تعز أيّها التعزيّون. وشوقي لا نبرّئه أبداً من وزر هذه المدينة ومن كل ما يحدث فيها من عشوائية وعبث ومن تغافله عنها وعن همومها لأنه استسلم لكمية الإحباطات التي تواجهه وتغافل عنها وتركها للناهشين ومن ينتظرون له ولها الزلّات والمساوئ، جميعنا مذنبون في حق تعز دونما استثناء، فمتى سننصفها يا ترى؟