تتسابق الأمم للهجرة إلى المستقبل فتجاوزوا الأرض ليصلوا إلى السماء، وتجاوزوا التقليدي إلى العصري من اختراعات لم تخطر على بال البشر إلى ما قبل عقود قليلة. في خضم هذا السباق أو الماراثون العالمي لاختصار الحاضر والقفز إلى المستقبل نجد أنفسنا في اليمن نقوم بهجرة جماعية إلى الخلف، في اليمن تركنا السلم وتشبثنا بالسلاح، نبذنا التفاهم وتمسّكنا بالعنف، أجبرنا بعض الأطفال على ترك المدارس والأقلام والألوان وحملنا فوق أكتافهم البنادق. تسير عقارب الساعة في اليمن إلى الوراء؛ بينما تسير عقارب الساعة إلى الأمام في كل بقاع العالم، في اليمن حيث تكثر اللجان ويقلُّ العمل تُصرف ملايين الريالات من أجل لجان تتكاثر وتتناسل للإشراف على تنفيذ توصيات لجان أخرى، وفي اليمن يكثر الوكلاء ويكثر ويتناسل كل شيء باستثناء العمل. في اليمن نهاجر إلى الخلف؛ حيث ليس لنا رؤية للغد، نعشق الأمس حتى على مستوى الفاسدين، نصرُّ على ألا نتركهم، نبحث عنهم لنعطيهم فرصاً أخرى لفساد أكثر..!!. هذا ما حدث في إحدى الوزارات؛ حيث قام أحد المسؤولين باستدعاء من نهبوا الوزارة وفرّوا خارج الوطن، تم استدعاؤهم ليعودوا لممارسة فسادهم تحت حماية ومباركة المسؤول الجديد. في اليمن نصرُّ على أن ترحل قوافلنا إلى الخلف، نستدعي الماضي كل حين؛ ليس عجزاً منا في المضي قدماً؛ ولكن لرغبتنا في أن نظل بآخر السرب، حيث يحضر الفاسدون ويترقّون مكافأة لما بذلوه من جهود حثيثة في إفساد ونهب إدارات لينقلوا كفاءتهم إلى وزارات ومؤسّسات.. سنظل نهاجر إلى الخلف طالما أننا نتمسّك بعصابات نهبت وعاثت في الوطن فساداً فلا يمكن لفاسد أن يسهم في بناء الوطن؛ ولا يمكن أن نهاجر إلى الأمام طالما أننا نمارس العنف والاضطهاد ضد الأطفال الذين يعيشون في وطن لم يقدّر أهمية الطفولة ولا يعي أن هذا الجيل هو الذي يمكن أن يقودنا إلى الأمام ويقفز بنا نحو المستقبل في حالة ما أعطيناه كامل حقوقه في البيت والشارع والمدرسة.. ولا يمكن أن نلحق بالمهاجرين إلى المستقبل طالما أننا لم نقتلع الفساد من جذوره، ستظل هجرتنا إلى الخلف مستمرّة طالما قلوبنا تخفق بغير حب اليمن، فلا مستقبل دون حب الوطن، فحب اليمن هو كلمة السر لتجتاز كل العراقيل التي تواجهنا لنمضي قدماً في بناء هذا الوطن الذي ما عاد صالحاً للسكن والعيش..!!. [email protected]