تعز العلم، تعز الثقافة، تعز الحرية، تعز الرأي والرأي الآخر، تعز التعددية السياسية، تعز التحضر، تعز الحالمة، تعز المدنية، تعز متصدرة الثورات، تعز السلمية، تعزاليمن واليمن تعز.. جمل كثيرة تحكي عن تعز وتاريخها الممتد عبر السنين؛ لأنها عاصمة اليمن الثقافية، وهي المحافظة التي ترفد اليمن بالمثقفين والمعلمين، ولا تخلو محافظة من محافظاتاليمن إلا وفيها من أبناء تعز، بل قل إن أغلب المتنوّرين في المحافظاتاليمنية هم من تعز. وإذا سألنا أنفسنا: هل ركعت تعز لغير الله؟ بمعنى هل ركعت يوماً لطاغية أو ظالم واستعبدها سنين من العمر؟ هل رضي أبناء تعز يوماً بالباطل وأعوانه؟ هل انجرّ أبناء تعز للعنف والفوضى؟. إن تعز الحالمة على مدار التاريخ لم تركع لأي طاغية أو ظالم حاول قهْرها، ولم ترضَ باستباحة تربتها أو أرضها، ولم ترض بالباطل وأعوانه، لكن اليوم هناك من يريد أن يجرّها إلى العنف والفوضى، ويأتي لسان حالها مجيباً بالقول: إن أبناء تعز سيتحملون مرارة القمامات المتناثرة في شوارع المدينة في كل مكان، وإن أبناء تعز سيصبرون على ظمئهم وعطشهم وظلامهم، وإن أبناء تعز سيفتحون صدورهم لكل من يدعو إلى السلم والشراكة والوطنية، لكنهم لن يخضعوا لإملاءات مشعلي الفتن والفوضى والعنف ولم ينجرّوا إليهم ويصيبوا مدنيتهم في مقتل، ولا يهمهم أي مشروع هدّام وأي مشروع طائفي مقيت يعيث بمدينتهم المدنية سوءاً، وسيقفون تجاهه بكل الطرق السلمية؛ لأنهم مشعل أنوار وثقافة وهداية ومدنية وتحضر أكثر من غيرهم، وما تصريحات أغلب مثقفيها وقاداتها في أغلب الاجتماعات الموسعة والندوات والملتقيات والمنتديات إلا دليل على مدنيتهم ولجوئهم إلى السلام والسلم والأمن والأمان. ومن المحزن والمبكي في هذا الوقت أن هناك أشخاصاً حاقدين على تعز يريدون جرّها إلى العنف والاحتراب والفوضى فيما بينهم بواسطة الاغتيالات الأخيرة التي حدثت في تعز، والتي تعد جزءاً من مخطط تآمري يريد الوقيعة بين أبناء اليمن الواحد في اليمن بشكل عام وفي تعز بشكل خاص، والمتأمل للسنوات الأخيرة منذ 2011م إلى هذا الوقت يلاحظ كثيراً من الاغتيالات، والمقام لا يسمح بذكرها جميعاً، ولكن ينبغي أن نشير إلى ما ورد في وكالة اليمن الإخبارية عن أسبابها حيث قالت: “إن الأعوام الأخيرة شهدت تصاعداً ملحوظاً في وقوع الاغتيالات العسكرية والسياسية وتحولت مؤخراً إلى ظاهرة تستهدف إفشال عملية التحول السياسي في البلاد عن طريق إطالة أمد عدم الاستقرار”، وأشارت إلى أن معظم العمليات ارتكبت من قبل مجهولين لم يتم التوصل إليهم إلا أن معظمها تكاد تكون متشابهة في التنفيذ من حيث استخدام الدراجة النارية والعبوات الناسفة وغيرها. وحتى لا نكون بعيدين عن الحقيقة لنضرب لذلك مثالين من تعز، وهذان المثالان لقيا إدانات واسعة من جميع المسؤولين والأطياف السياسية، وهما اغتيال الدكتور فيصل سعيد المخلافي قبل أشهر، ثم اغتيال الأمين العام المساعد للتجمع اليمني للإصلاح، الأستاذ صادق منصور بعبوة ناسفة زُرعت في سيارته قبل أسبوع، وقد يقول قائل: إن هذين الشخصين تم ذكرهما لأنهما محسوبان على حزب كذا وكذا، وأتساءل: ألم يكونا يمنيين؟ وهل دماؤهما ليست يمنية؟ وهل نغض الطرف عنهما ونبحث عن أطراف أخرى؟. إن دافع الإسلام والسلمية والوطنية والمدنية يدعونا إلى أن ندين وندعو إلى القصاص في القتلى من أي حزب كانوا ومن أي طرف كانوا مصداقاً لقوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة..)، كما يجب أن نوضّح للآخرين أن هذه الاغتيالات جديدة على تعز وثقافتها ومدنيتها وسلميتها، الأمر الذي يدعو السلطة المحلية والأجهزة الأمنية وخاصة مدير شرطة تعز إلى تحمل مسؤوليتهم القانونية تجاه هذا الشعب والوطن، ويكرسون كل أوقاتهم وجهدهم لكشف ملابسات الحوادث الجديدة التي طرأت على تعز واستهداف خيرة أبنائها؛ لأنه قد يجر استمرار هذه الاغتيالات إلى العنف والفوضى ومواجهات مقبلة تعود باليمن عموماً إلى مربّع الدماء ما لم تتخذ إجراءات أكثر صرامة لمنع التسلّح ومراقبة عناصر الموت بشكل أكثر فعالية، وإذا غطت الطرف وقيدت الحالات ضد مجهول كما سمعنا ورأينا في أغلب الأوقات أنها تقيد ضد مجهولين فلاشك ولا ريب أن الأمر سيزيد سوءاً، وسيتطاول القتلة ومصاصو الدماء، وسيعيثون في الأرض فساداً أكثر من ذي قبل، وليتكاتف الجميع بالإبلاغ عن الفارين من وجه العدالة والذين يقلقون سكينة الوطن والمواطنين ليلاً ونهاراً، وما أكثرهم! وليكن شعارنا: لا للعنف والفوضى، لا للقتل والاغتيالات, نعم للسلم والسلام، نعم للأمن والأمان، نعم لبناء الوطن. [email protected]