المشهد اليمني في هذه اللحظة المفصلية من التاريخ يشهد حالة انحدار مهولة، وإذا لم يتدارك المجتمع الدولي وفي مقدمته دول الخليج الوضع اليمني، فإن التيار الشيعي الجارف سيتجه شمالاً ويضرب الخليج نفسه. واليمن من الناحية الجغرافية هي المركز أو القاعدة التي تستند إليها الجزيرة العربية، ومن المناسب جداً أن تكون المنصة التي ينطلق منها المشروع الأمريكي الإيراني، وفي الخليج العربي توجد خلايا شيعية نائمة، تتوزع بين فكرية وسياسية واقتصادية وأمنية، وستلتقي يوماً بنظيراتها القادمة من منصة الانطلاق “اليمن” وسيبدأ العمل على تفكيك دول الخليج. المشهد اليمني في هذه اللحظة لا صوت فيه يعلو على صوت الرصاص، والتحاور بين المكونات السياسية برعاية الأممالمتحدة ومبعوثها إلى اليمن جمال بنعمر هو تحاور شكلي لا قيمة له، لأسباب أهمها أن الشواهد السابقة تقول بوضوح إنه لم يحدث مطلقاً أن التزم أنصار الله “الحوثيين” بأي اتفاق سابق، بل ينكثون بكل وعد، ويختلقون لأنفسهم الأعذار، وعلى المجتمع الدولي أن يغض الطرف، لأنه من القى إليهم بإشارة الضوء الأخضر. والسبب الآخر: أي حوار هذا الذي سيكون متكافئاً والجميع يتحاور وفوق رؤوسهم زناد القوة الحوثية، ومن جانبهم بنعمر وهو موظف مع الكبار لا قيمة له ولا وزن، عليه أن يؤدي دوراً فقط. لا أستطيع أن أخفي تحمل النخبة السياسية اليمنية لجزء كبير من المسئولية، فهي نخبة رخوة لم تستلهم التاريخ، ولا استشعرت خطورة اللحظة الراهنة، ولا استشفت المستقبل، بل ظلت تراهن على جوادين خاسرين هما بنعمر ومؤسسة الرئاسة، وكلاهما يعملان موظفان عند “الكبار”. الشعب اليمني صاحٍ وفي حالة يقظة تامة، ولكنه مجروح في كبريائه... الشعب واعٍ تماماً ويدرك خطورة ما تفعله الحركة الحوثية، ويرصد ويتابع كل صغيرة وكبيرة، ومن حسن الحظ أن الحوثيين يفعلون ما يفعلون والشعب لا تزال ذاكرته طرية وهمته متعالية القيمة، فهو خرج بالأمس من ثورة فبراير، وما يزال في حالة ثوران، ومن الصعب تهدئته أو المساومة على حرية رغم البطش الشديد الذي تبديه الجماعة الحوثية، ورغم سكوت جميع السفارات الغربية عن حقوق الإنسان المنتهكة في اليمن. أما محاولة الحوثيين اقناع الغرب أنهم من سيطهرون البلاد من “القاعدة” ووباء الإرهاب، فعليهم وعي أن العنف لا يقابله إلا عنف، وهنا سنتحدث عن نظرية الفعل ورد الفعل.. ونتيجة وجود 500 شخص فقط من تنظيم القاعدة في اليمن فإن على أمريكا أن تضحي بكل اليمن في سبيل الخلاص منهم.. لا استطيع القول أكثر مما قاله الدكتور عبدالكريم الإرياني مستشار رئيس الجمهورية المستقيل، بأن التمدد الحوثي زاد من تنظيم القاعدة، ولم ينقصه، فالناس أصبحوا يتعاطفون مع هذا التنظيم بصفته المقاوم الوحيد للمشروع الحوثي الصفوي.. خاصة بعد رفض “الإصلاح” الانجرار وراء الحرب، فهو حسب قوله حزب سياسي لديه مشروع مدني وليس مشروعاً عسكرياً قتالياً. [email protected]