القوة التي تحكم أسرة صغيرة أو كبيرة تؤدي بالأسرة إلى الانهيار ، التسلط الذي يمارسه مدير شركة على الموظفين يؤدي إلى تذمر الموظفين وتقل نسبة الأرباح ،الديكتاتورية التي يمارسها مدير مصنع على العمال يأتي بمردود عكسي على العمل . باختصار القوة في أي مكان ، لم تعد وسيلة ناجحة في إدارة الحكم ، ولم يعد من الحكمة الانفراد بإدارة الأسرة الصغيرة المكونة من زوج وزوجة وطفلين فما بالنا ببلد انتفض ثائراً على نظام رأى أنه ظالم ، هل سيقبل بالظلم والتسلط من جديد من أي جهة كانت ؟ الشعب الثائر مهما بلغت حاجته ، وقيدت حريته فلن يزيده ذلك إلا إصرارا على الوصول إلى المواطنة المتساوية ، والتشارك في الحكم ، ولن يقبل بانفراد أي مكون في حكمه ، والإصرار على مبدأ القوة ، والحكم بهذا المنطق يزيد الشعب إصراراً على الرفض . الشعب المكون من مختلف الشرائح والوجهات السياسية لم يعد يقبل منطق القوة ، ولا يقبل منطق الانفراد بالسلطة ، وكثير ممن يرون أنهم قد خسروا أناسا من ذويهم لايجدون أن هناك شيئا مهما أكثر من ذلك ليخسروه في سبيل الاستقرار والشراكة ، لذلك يستمرون في رفض القوة ومنطق الحكم التسلطي حتى آخر رمق في حياتهم . لا أدري ما الذي يجعل بعض المكونات التي ثارث في 11 فبراير تمارس السلطة نفسها والإقصاء نفسه الذي كان يمارسه نظام صالح من قبل ،؟ وكأنه من يحكم يجب أن يستنسخ التجربة السابقة ، ولكن باختلاف الطرق ، إما الإقصاء السياسي أو الإقصاء بقوة السلاح . وهذه الأخيرة كانت أشد وأنكى . الرئيس اليمني استطاع أن يصل إلى مدينة عدن ، ومازال يرى في الحوار مخرجاً للوصول باليمن إلى بر الأمان ، والقوى المتصارعة في صنعاء مازالت ترى في قوتها أساساً للحكم . الدولة المدنية ، والتشارك في الحكم ، والمواطنة المتساوية أهداف يسعى المواطن اليمني ليعيش تحت رايتها ، ولم يعد مجدياً ونحن في القرن الواحد والعشرين أن تُحكم اليمن بقوة السلاح ومناطقية اللغة وأفضلية السلالة . اليمن لن تصل إلى بر الأمان إلا إذا وجدت رغبة حقيقية في إغلاق فوهات البنادق ، وعودة الحشود إلى مناطقها تزرع الأرض حباً وليس باروداً ، اليمن لن تقبل منطق القوة ، والشارع لن يصمت أبداً مادامت القوة هي الحَكم ، وقوة الشارع أقوى من كل أسلحة الدمار ، والكلمة أقوى من الرصاصة، فليعتبر الآخر من الأول ، اليمنيون سيتعايشون بالحب وليس بالسلاح ومنطق الغلبة . [email protected]