جبل صبر عالي حتى على الشمس والغادية يهمس باذنها همس هكذا اختصر الشاعر الكبير محمد الفتيح شموخ جبل صبر ببيتين استثنائيين يمثلان عظمة واحد من أهم رموز محافظة تعز السياحية بل واليمن أيضاً. تستند بدلال وابهة تلك الساحرة «تعز» على جبل جعل منها الأكثر فتنة وجاذبية من بين كل المدن اليمنية ، فمنحت بسخاء الوقار والعظمة ل«جبل» ما يزال يمثل حلماً للباحثين عن ملامسة السماء. صبر .. ليس مجرد جبل يجاور القمر بل هو عجيبة من جوانبها الأربع حيث ما وطئت قدمك تمنيت أن تمتد مثل ذلك الشامخ لتكون مثله جذور في الأرض ورأس نحو العلياء. قبل ما يقارب العقدين أو يزيد تمت عملية سفلتة طريق تعزالمدينة - صبر حتى قمته ما ساهم في جعله قبلة لعشاق المغامرة والجمال والحب أيضاً ، بات يقصده القادمون من ارجاء السعيدة برغبة تتفوق على الرغبة نفسه والجنون ، قمة برج ايفل لا تساويه أو توازيه في التاريخ والروعة والفتنة فذلك خلق الله وزينته في الأرض بينما الباريسي من صنعنا نحن ، معالم أخرى لو قارنتها مع الصامت الشامخ «صبر» لكان صاحب الريادة دوما. ويبدو الأمر جميلاً إذا ما تغنينا كثيراً به فهو من يستحق ، القمر يخجل في حضرته وهو يلملم قليلاً من كبريائه في نصف شهر والنصف الآخر ترأه ساطعاً بأنوار حتى وإن كانت مصطنعة لكنها تمنحه القوة والثبات والعظمة. ساهمت الطريق الجديدة في تسهيل كل جوانب الحياة وباختصار الوقت وجعلت من الأهالي يتجهون للمدينة بيسر والعكس كذلك ووفرت الخدمات التي باتت قريبة بعد أن كانت مجرد أمنيات لا تتحقق!! . لكن الشيئ الذي بات يشكل خطراً حقيقياً هو أن يتحول «صبر» لمجرد خيط «دخان» ناتج عن «الشيشة» واستراحات المقيل التي أختصرت الزمن والتاريخ والحب والروعة إلى «مبارز قات» ، كثرت مؤخراً في اروقة الجبل ، ويتعجل أبناء الصابر كثيراً تحين فرصة الحصول على سنتيمترات لاإطلاق مشروع استثماري يرونه مصدراً سريعاً للدخل والعيش من ريالاتها التي قد تأتي وقد لا تأتي! البناء بتلك الصورة والتوسع الجنوني حق من حقوق اصحاب تلك الأراضي والاماكن ولكن السؤال هو : من يمنح هولاء الحق في الشروع في البناء? وهل هناك تراخيص خاصة بذلك? علينا أن نتساءل أين دور وزارة السياحة وفرعها ? وأيضا الهيئة العامة للآثار والمتاحف من ذلك باعتبار «صبر» تاريخاً ومتحفاً حياً? .. أين القائمون على تعز عاصمة لثقافة الوطن و أهم معالمها يتلوث يوما بعد آخر من مخلفات القادمين ? ما هو دور إدارة التحسين في خلق بيئة صحية ونظيفة في كل متر من رمزنا الكبير?. «صبر» لا يجب أن يكون كذلك فالكثير يتمنون أن يرون مستثمرين من أبناء المنطقة أو المدينة يعملون على استغلاله ببناء حدائق العاب أو حيوانات وربما مرافق استجمامية كالحمامات الطبيعية والصحية لما للمكان من تاثير رائع على القلب والعقل ، ربما يكون مكاناً متميزاً لمستشفى أو اثنتين ، أو مكتبة عامة أو دار للكتاب ، في القمة يجب أن يكون تفكيرك موازيا لها وعلى قدر علوها يجب أن ترتقي باهتمامتك . نحلم أن يكون جبل صبر ملتقى لمثقفي الوطن والبارزين من مختلف الاهتمامات ، أن يكون في أحد ربوعه مسرحاً كبيراً ولما لا تكون جامعة أو كلية. تلك البقعة الطيبة علينا أن نعطيها حقها من الأهتمام والرعاية لا أن نحتقر كل الماضي والحاضر بجعلها ساحة للمدخنين ومتعاطي القات فقط ونهمل الأساس الذي يمثل الإنسان ثروة المستقبل عندما نرى شبابنا وابناءنا هناك يهجرون العلم من أجل التقاط الفحم وتقديم الشاي ومناداة الزوار . صبر يناشد تعز وتعز تتمسك به فهل ننتصر له أم نتركه ليخنقه «الدخان»?!. Matar1010@ gmail. Com