كثيرة هي المرات التي تحدّث فيها معظم قادة أنصار الله وأفصحوا فيها عن منهجيتهم الحقيقية في إيجاد مناخ للعيش المشترك والتعامل مع كل اليمنيين ومد يد التعاون والسلام لجميع المكونات دون استثناء غير أن الكثير من هذه التكوينات خصوصاً الجماعات الدينية باتت مشبعة ضد أنصار الله بنظرة منهجية مسبقة وحرفية تحمل صوراً سلبية مقتبسة من النصوص المتراكمة في التراث المذهبي مقارنين معظمها بأحداث وقعت في التاريخ السابق مع أن هذه الأحداث والدلائل التي يستندون إليها في الأصل محرفة وصيغت ونقلت من وجهة واحدة طابعها التحامل لا التوفيق بين الفريقين. المؤتمر الشعبي كحزب متواجد في الساحة بالتأكيد كان الوحيد البادية صورته في موقع الأقرب تحالفاً مع أن الطرفين لم يوقعا حلفاً مشتركاً ووثيقة رسمية معتبرة ومعترف بها. الحقيقة الأقرب لتفسير العلاقة بين الطرفين هي أن الكثير من قواعد المؤتمر والعديد من المشايخ والقبائل التقطوا هذه اللحظة المتاحة خصوصاً بعد إعلان ثورة شعبية ضد حكومة باسندوة وكأنها اللحظة التي سنحت لنفسياتهم فرصة التعبير عن غضبهم وحنقهم المكبوت. فما بين عشية وضحاها تحول الكثير من أعضاء المؤتمر مؤيدين ومناصرين لأنصار الله عناداً ونكاية بالآخر من جهة ومن جهة أخرى لأن غالبية أعضائه ليسوا مؤدلجين بنظرية السمع والطاعة للقيادة كبقية قواعد الأحزاب الأخرى التي تنساق دون نقاش. من ناحية أخرى هناك عامل مهم وقوي جعل مشايخ وقبائل منتمية للمؤتمر جلهم من سكان ومناطق الجغرافيا الزيدية المعروفة أن يكونوا الأكثر تأييدا للثورة والوقوف مع أنصار الله كونهم الأقرب انتماء من ناحية المذهب ..مع أن أنصارا لله لا ينطلقون من أرضية مذهبية عبر خطاباتهم وتعاملهم بل على العكس تماماً حسب أدبياتهم الثقافية التي توصي بعدم التخاطب والترويج المذهبي وإنما الخطاب القرآني فقط. للتأكيد على صحة هذا الفرض وأن الموضوع ليس تحالفاً موقعاً مع المؤتمر علينا النظر للكثير من كوادر ورموز ومشايخ المؤتمر المحددين وجهة نظرهم والواقفين على خلاف مع أنصار الله على مستوى محافظات مثال تعز وإب خصوصاً تعز التي عبر معظم مشايخها رفضهم التام لفكرة اللجان الشعبية وصرحوا بوضوح أنهم ضد دخولها للمحافظة مع أنه يفترض ترحيبهم بها لو كان المؤتمر فعلاً متوافقاً مع أنصار الله!..أقلها عدم التوجس منهم وإلقاء التصريحات النارية ضدهم. محاولة إثارة ولفت أنظار الشعب حول كل ماتحقق من إنجاز للثوار ولأنصار الله خصوصاً نتائج الانتصارات في المواجهات على أنها بفضل ومساندة الزعيم والمؤتمر لا سواهما يقصد بها الإثارة كما يخيل لهم وأنها ستعمل في الذاكرة الشعبية على تشويه سمعة أنصارا لله وانتقاصهم ورسم صورة العمالة لعفاش ! متناسين مواقفهم وموقعهم منه طبعا. لكن لنفترض افتراضاً أن هناك تنسيقاً بالفعل وتحالفاً سياسياً مرحلياً فهل ذلك يقلل من شأن أنصارالله أويقلل من حجمهم الفعلي واعتبار ذلك خيانة وطنية ؟ على العكس هي شهادة منهم لعفاش أنه ثار ضد فساد الحكومة والجرعة ..لأن ثورة أنصار الله لم تكن أصلاً ضد طرف دون طرف وإنما كانت ضد حكومة التوافق كلها مشترك ومؤتمر . دعونا أيضاً نكون أمام الأمر الواقع لنقول بوضوح ماذا فيها إن نسقت واستفادت وتحالفت حتى مع من اختلفت معه سياسياً شرط أن يكون ذلك تحت سقف محدد.. ثم إنه ليس من العقل والكياسة السياسية أن تجمع من حولك الخصوم بقدر ما يفترض أن تعمل على لم الشمل وكسب قلوب الناس خاصة قلوب من أساؤا إليك ووقفوا ضدك . ألم يتحالف المشترك ويتوافق مع المؤتمر ويتقاسم معه الحكومة ومناصب الدولة منذ وجد على ظهر اليمن وحتى بعد الثورة الشبابية ضده أم أن هذا التحالف فريضة خاصة بكم وضرورة خليجية ؟. ألم يتسابق بعض رموز وقادة الإخوان لنيل رضا الزعيم وترميم العلاقة المتصدعة نكاية وتآمراً ضد أنصار الله و قد صرح يومها أحدهم بأن الغرض حماية للبيضة ! وكأن هناك من يستهدف بيضة الإسلام.. بهكذا تفكير يفصح عن عقلية متوجسة ومتخبطة نتيجة للشحن العقائدي الذي أشرنا إليه في المقدمة. يعتبون على الغير مسألة التحالف السياسي هذا إن افترضنا حدوثه مع أنهم لم يسعوا له ولا توجد شواهد واضحة يأخذ بها كدليل معقول كالأدلة التي أكدت سعيكم وتمنيكم حصوله لأنفسكم .. أضف إلى ذلك أن الكثير من قادة المؤتمر الكبار نفوا بشهادتهم وجود هذا التحالف تماماً . ثم أليست السياسة كما يقولون لا صداقة أو عداوة دائمة فيها.. وصديق اليوم عدو الأمس والعكس كما يقال .؟ هذا إن قسناها من منظور سياسي..فكيف إذا أضفنا المقياس والمعيار الأخلاقي والعقائدي القائم على الحلم والصفح والعفو وعدم الانتقام عند المقدرة.