على عكس كل الأنظمة في العالم بما فيها الأنظمة الدكتاتورية والشمولية وغيرها التي تجمع على ضرورة وحتمية مكافحة الفساد حتى وإن كان على مستوى أديباتها السياسية المعلنة في حده الأدنى باستثناء بعض الانظمة العربية هي وحدها التي شذت عن هذه القاعدة وعملت كل ما من شأنه تنمية وتفشي ظاهرة الفساد بكل انواعه سواءً الفساد المالي والإداري او الفساد الأخلاقي وتكريس مفهوم الحرية الشخصية على حساب الحريات العامة لمجتمعاتها حد تحول الفساد من ظاهرة شاذة الى سلوك مجاهر به تجسد افعالاً في واقع حياة المجتمعات التي ابتليت بسيطرة هذه الأنظمة التقليدية البالية التي تسير في توجهاتها العقيمة ضد سنة التغيير والتطور موهمة أنها مازالت قادرة على فرض مشاريعها التسلطية والفردية بالقوة وتحت مبررات فكرية خرافية تجاوزها الزمن الحديث بمئات السنين دون إدراك من القوى المتخلفة ان عجلة تاريخ الحياة الإنسانية لا يمكن أن ترجع الى الوراء مطلقاً, وليس هذا فحسب بل إن معظم هذه الأنظمة عمدت الى اعتمال مفردة الفساد كأحد معاول قمعها تستخدمه ضد كل مناوئيها في السلطة كما اعتمدت هذه الأنظمة جانب الفساد الأخلاقي أحد عوامل الإلهاء للقوى الصاعدة من الشباب لإغراقهم حتى الاذقان في مشكلاتهم الفردية الناتجة عن تورط معظمهم في السقوط في مستنقعات الفساد الأخلاقي الأمر الذي يترتب عليه عجز هذه القوى الشبابية قيادة ثورات التغيير والاصلاح ضد هذه الأنظمة المختلفة حضارياً وثقافياً وسياسياً وتسير ضد مقتضيات الحياة العصرية لإنسان القرن الواحد والعشرين ولا تؤمن بالمشروع الحضاري الديمقراطي القائم على المساواة بين الحاكم والمحكوم واعتبار الحكام خدام الشعوب ليس إلا وبالتالي لا نستغرب ابداً إذا ما علمنا أن بعض مثل هذه الانظمة كانت ومازالت تعمل جاهدة على مأسسة الفساد وإعادة هيكلته بما يتلاءم ومعطيات الانفتاح الثقافي المتبادل التي اتاحته للجميع تكنلوجيا الاتصال وشبكة الانترنت والتي بدورها يمكن أن تعرض شبكات الفساد وتعريها وتكشف سوأتها امام العالم الآخر, فها هي بعض هذه الانظمة تعيد النظر في استخدام آليات عمل جديدة من شانها إخفاء ترسانة فسادها وإفسادها التي بنتها ونمتها خلال العقود الماضية لأنها اصبحت تؤمن حتى نخاع العظم أن دوام بقائها مرهون بتحالف قوى الفساد معها وتماهي مصالحهما ببعضها البعض حد التزاوج في الشراكة في تحديد مصاير شعوبها الراهنة والمستقبلية, إذاً نصل الى حقيقة مفادها أن الأنظمة العقيمة والفساد هما وجهان لعملة واحدة. [email protected]