لابد بداية من التسليم بحقيقة مفادها أن ما أدى إلى انتفاضات الربيع العربي وصهيل مواسمها في بدايات عام 2011م هو الفساد والمفسدون الذين نهبوا كل مقدرات الأمة العربية سواء منها الاقتصادية أو تلك المتعلقة بمصادرات كل حقوقهم الإنسانيةالمشروعة وحريتهم وكرامتهم في الحياة وليس هذا فحسب بل أن تطبيق معادلة تنمية الفساد في الوطن العربي ممثلة بالزواج غير الشرعي بين السلطة والمال التي كانت هي السائدة قبل انتفاضات الربيع العربي الأمر الذي أسهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة في تجذر الفساد وانتشاره كالهشيم في النار في كافة مرافق وأجهزة الدولة المختلفة في الوطن العربي ناهيك عن تعمد بعض الأنظمة العربية محاولة فرض ثقافة الفساد والإفساد على المستوى الاجتماعي واعتبار الفاسدين هم النخبة في مجتمعاتهم التي ينبغي ان تنال كل التقدير وإجبار عامة الناس على الإيمان بهذه المفردات الثقافية التي تعتبر إحدى منتوجات صناعة الفساد والإفساد وتسخير وجذب مزيد من متعاطي هذا المنتج الثقافي للفساد حد الإدمان من قبل هذه الشعوب المغلوبة على أمرها وليس هذا فحسب بل أن بعض هذه الأنظمة التي قامت ضدها انتفاضات الربيع العربي بعد أن شعرت أنها أنظمة فاسدة فقدت مشروعيتها في الحكم أخلاقياً من قبل مجتمعاتها لجأت إلى محاولة السيطرة على هذه المجتمعات من خلال ما عرف مؤخراً بالبلاطجة والشبيحة إذ أنه قد تبين لهذه الأنظمة أنها لا يمكنها السيطرة على شعوبها من خلال البعد الثقافي أو الديني أو الوطني أوالعشائري أو القبلي أو من خلال ما افرزته بعض هذه الانظمة البالية من رجعية في التعليم ونشر الأمية الثقافية وجعل شعوبها كقطيع من البشر تستغل كل قدراته وطاقاته الاقتصادية وحتى طاقات الشعوب الثقافية والإبداعية هي الاخرى لم تسلم من تجييرها لصالح خدمة هذه الانظمة ووصولاً إلى نهب كلما تنتجه هذه المجتمعات من ثروات وحين بدأ بركان الربيع العربي المزلزل يحاول إقتلاع عروش هذا البعض من الانظمة وبالتالي شعرت باقتراب موعد أنتهاء قدرتها على السيطرة على شعوبها من خلال كل تلك الشعارات والمبررات الكاذبة والوهمية التي كانت تصنعها لتخدير شعوبها وهي أي هذه الشعارات الفضفاضة التي ادركت مؤخرا الشعوب انها لاتغني ولاتسمن من جوع كان لابد لهذه الأنظمة أن تلجأ للاعتماد في استمراريتها على مايسمى بالبلاطجة والشبيحة ليمثلوا أهم مرتكزات بقاء هذه الأنظمة مسيطرة وجاثمة على كاهل شعوبها وكأن لسان حال هذه الأنظمة يقول اليوم "نحكمكم أو نقتلكم"!! [email protected]