بعد أن أطمأنت وتأكدت الولاياتالمتحدةالأمريكية أن سوريا قد دُمرت تماماً بفعل جنون أبنائها الذين دمّروا وأحرقوا كل شيء ملموس ومحسوس، وبعد أن قُتل ما يزيد عن مئتي ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال، بعد كل هذا الخراب والدمار وأمام مرأى ومسمع كل العالم المتحضر وفي مقدمتهم أمريكا هاهي اليوم تشنه على هذا البلد العربي الذي كان يسمى سوريا الحضارة والتاريخ والمقاومة للمشاريع الاستعمارية في المنطقة.. سوريا ذات الاقتصاد الأفضل في المنطقة العربية على الإطلاق من خلال تغطيتها للأسواق العربية بالكثير من المنتجات الغذائية والصناعية وغيرها من المنتجات، ولا نبالغ إن قلنا إن أمريكا هي من أرادت ذلك لسوريا لأنها رغبة إسرائيلية في الأساس، وكانت أمريكا وحتى اللحظة لا تمثّل إلا السياسة الاسرائيلية في المنطقة العربية، بل ومنطقة الشرق الأوسط كلها باعتبارها المحور والمرتكز الأساسي الذي تعتمد عليه الولاياتالمتحدة في تنفيذ سياستها الخبيثة في المنطقة، كيف لا تعمل ذلك أمريكا وهي تعرف أن سوريا هي الشوكة في حلق إسرائيل والتي لم تستطع إسرائيل قلعها على الرغم من المحاولات المتكررة والحروب التي خاضتها إسرائيل ضد شعوبنا العربية وبدعم من قوى الاستكبار العالمي، كان الأجدى بأمريكا باعتبارها سيّدة العالم وحامية حقوق الإنسان والمدافعة عن حقوق المظلومين والمقهورين في هذا العالم أن تتبع سياسة منع الحرب في هذا البلد لا تأجيجها كما فعلت بطرق وأساليب غير مباشرة إرضاءً لبعض دول الإقليم بدلاً من أن تتباكى عليها اليوم بعد أن ذهب كل شيء أصبح معظم الشعب السوري إما مهجر وإما نازح، والكل يعاني من صعوبة الحياة حتى وصل الأمر إلى أن الكثير يموتون في معسكرات النزوح واللجوء جرّاء الجوع وقساوة الطبيعة التي اجتمعت مع من أراد لسوريا أن تصل إلى ما وصلت إليه من دمار لكل ما بُني خلال عشرات السنين الماضية، وبعرق وجهود وأموال الشعب السوري المقهور والمظلوم، أمريكا اليوم تلوّح بأن الحل في سوريا هو حل ديبلوماسي وسياسي وكان المطلوب في هذا أن تتخذ الخطوات الكفيلة بمنع الحرب منذ أن طلّت برأسها لتحقق شعار كانت هنا سوريا بدلاً من التباكي عليها اليوم بعد أن فقد الشعب السوري كل ما كان يملكه من حضارة واقتصاد وبنية تحتية وتماسك في كل مكونات الشعب السوري، بعد كل هذا الدجل السياسي الذي تمارسه أكبر دولة في العالم يعوّل عليها حفظ السلم العالمي لا زال الكثير من العرب يعوّل على هذه الدولة بأنها المنقذ والسند الأمين والمعين للمساعدة في حل القضايا التي تطرأ أحياناً هنا وهناك، وأصبح مثل هؤلاء يُطأطئون رقابهم ويحنون لها رؤوسهم طمعاً في رضاها ونحن نقول لهؤلاء: الولاياتالمتحدة تبحث عن مصالحها فقط دون ذلك، فليذهب الكل إلى الجحيم إذاً، لماذا لا يستفيد العرب من مثل هذه السياسات ليعملوا على البحث عن مصالحتهم أولاً وعدم ارتهانهم لبعض القوى الدولية التي لا تنظر إليهم إلا على أنهم أكثر من غنيمة أو كبش فداء.