بينما كان الألم يتجدد بذكرى مجزرة جمعة الكرامة إذ بحزن جديد طازج يأتينا عبر الأخبار بوسائلها المتعددة، مقتل عبدالكريم الخيواني أمام منزله بشارع الرباط بصنعاء. عرفت الخبر من أختي شعرت لوهلة بأنها تقصد شخصاً آخر ولكن لا يوجد خيواني آخر ممكن إن تناله أيادي الغدر التي تعبث بالوطن بطرق مقيتة. لا أنكر إنني اختلفت كثيراً مع الخيواني في آرائه، ومواقفه وبقدر اختلافي معه كانت الصدمة والحزن بل وربما أشد وطأة. هل حزنت على الخيواني كشخص أم على وطن يبادل أبناءه القساوة والحقد وبات لا يفرق بين من يحمل سلاحاً وآخر يحمل فكراً؟ أيما كان ذلك الفكر وكيف ما اختلفنا أو اتفقنا معه ولكنه فكر وليس رصاصاً، رجل يخرج من منزله لا يحمل سوى أفكار يراها صحيحة ويتحدث بشجاعة عن وضع بات مخيفاً و مريباً وعن أشخاص أصبحوا زعماء لعصابات ربما تجاوزت المافيا بحد ذاتها. ما زلت أشعر بالحزن والألم كلما تذكرت موقف أبنائه وبناته وهم يسمعون إطلاق الرصاص التي اخترقت جسده لتنقله من حياة إلى أخرى فتنتقل حياة عائلته بالتالي من مرحلة إلى أخرى، أتخيلهم يهرعون خارج المنزل والقلق والفزع والخوف يسيطر على كيانهم، يطول الطريق من داخل المنزل إلى خارجه وكأن تلك الدقائق دهر ليواجهوا الحقيقة المخيفة ويجدون جسداً ودعهم قبل دقائق وقد غادرهم دون رجعه. لا شك أن من فكّر بالقتل وخطط له ونفذه وحوش آدمية لا مشاعر ولا إنسانية يتحلون بها وهم من فكّر باغتيال رجل اختلفوا معه ولم يفكروا للحظات في وقع الخبر على أبنائه وكيف ستتغير كل التفاصيل وكل الأيام لتتوشح بالسواد. في تعزية هاتفية للصديقة القاصة سلمى الخيواني ابنة عم عبدالكريم أخبرتها بأن رجل مثل عبدالكريم كان لابد أن يموت غدراً لأن من قتله من الخلف وهو يحمل السلاح لم يجرؤ على مواجهته بينما لا يحمل المغدور به سوى قلم في جيبه وفكر في رأسه. جدبان وشرف الدين والمتوكل والخيواني وغيرهم من النخبة التي تستهدفهم أيادٍ ما تزال تكتب قائمة أخرى لضحايا آخرين و تملك المال لتدفع لمن ينفذ الجرائم لن يكونوا نهاية هذه السلسلة طالما وأن لا نية لكشف زعيم العصابة الذي لا يعرف للوطن معنى سوى ما تم سرقه وما يتم تدميره. رحم الله الخيواني عبد الكريم الذي أصر أن يصيبني بالصدمة في حياته و مماته أيضاً نسأل الله أن يتقبله شهيداً.. وأن يلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان، ورحم الله اليمن من أيادٍ تعبث به بكل قسوة وحرفية. [email protected]