بعيداً عن السعودية وعاصفة الحزم والتحالف العربي، بعيداً عن تهليلات التأييد ودعوات الرفض، بعيداً عن خضم القصف من السماء ومعترك المواجهة على الأرض، بعيداً عن التدخل الذي جاء بناء على تخوفات دول المنطقة حسب قولهم وبعيداً عن مدى شرعيته ومدى مخالفته للقوانين والأعراف الدولية. مع الناس نحن، مع عامة الشعب دون استثناء ودون انتقاء، مع الكادحين والطبقة المسحوقة، مع من يتحملون كل الأعباء عبر المراحل، مع أولئك الذين يواجهون الموت في كل الأوقات ويتصدرون واجهة الحياة المتقلبة في اليمن.. معهم أنا ومعي الكثير يقف في صفي مؤيداً ومناصراً. على شاكلة التقهقر واللا مسؤولية يتعامل المسيطرون على الأرض مع شعبهم، يتجاهلون كل ألوان المعاناة ويحاولون خوض مخاض يعتبرونه حامياً لهم من بطش السماء، من خلال عامة الناس ومن ليسوا على صلة بما يجري يستفحل ذوو القوة في إرغامهم على التعامل معهم أو الفتك بهم وتجريدهم من الوطنية واعتبارهم خارجين على إطارهم واستحلال دمائهم. أما المسيطرون على السماء-الجو- فبذات المنوال يتعاملون مع عامة الشعب سواء عن قصد أو غير ذلك، تلتهم بعض الغارات من ليس لهم علاقة بالوضع في اليمن، يكتوون بنارها ويسلمون أرواحهم مقابل أخطاء يرتكبها بعض الطيارين التابعين لقوات التحالف، غير أنه لا إرغام بالتبعية هنا. هكذا يستشري الألم، سماء الوطن تلقي بحمم طائرات التحالف العربي وأرضه تقذف بقذائف دبابات العصبة المستقوية من أبنائه على كل أبنائه، ما يلفت حقاً ويدعو للتألم ويحز في النفس هو أن هناك كثير من الشعب يعيشون في واقع لا يُحسدون عليه، يُضاف لما كانوا يعيشونه من تردٍ للخدمات وغيابٍ للسلطات أنهم الآن يعايشون وضعا جديدا تحت مقصلة الموت وآلات القذائف والقصف جعلهم يبحثون عن لقمة عيش وإن كانت صعبة المنال من ذي قبل فقد باتت شبه مصادرة الآن. هناك إقفال جوي وخنق بحري لا صادرات ولا واردات، وما بين ذلك مخزون قد يوشك على النفاد في ظل حالة من الهلع المتفاقم يحاول أن يُسيدها من بيدهم آلية التحكم بالقوة، يتسابق الناس على شراء مؤنهم وحاجاتهم بشراهة غير مسبوقة، في المقابل يقوم بعض التجار في ظل غياب المراقبة وغياب مؤسسات الدولة وانتهازاً لحاجة الناس يقومون برفع الأسعار وتحديدها حسب مشيئتهم وإرادتهم بعيداً عن المسؤولية المرحلية وتغييباً للضمير. حين نلامس ما يجري فإننا نتوصل إلى حقيقة صادمة هو أن من يتحكمون في السياق العام في ظل غياب الحكومة وكل مؤسسات الدولة يقومون بتضييق الخناق على الشعب لا أدري أكان انتقاماً أم تأليباً لرفض التدخل العربي المفروض بسبب استفزازات وتعنت هؤلاء المتحكمين.. هناك هروب من المسؤولية وعلى ذات النسق فإن المتخلين عن مسؤوليتهم هم أنفسهم من يفتعلون أحداثاً كارثية نحن في غنى عنها تهدد الوطن وسلمه الاجتماعي وتنذر بكوارث إنسانية قد تلتهم الشعب بأكمله. استذكروا المصير الواحد واستشعروا الأخوة والهم الوطني الواحد، لا تضيقوا الخناق على الناس، اتقوا الله وعودوا إلى رشدكم وإن كان لا بد من الحرب فحاربوا في ميادينها ولا تحاربوا الناس في أقواتهم ومعيشتهم، وادرأوا عن أنفسكم سوءات التاريخ الذي لن ينساها أحد وكونوا على قدر كبير من المسؤولية على اعتبار أنكم من تسيطرون على الأرض. أيها الآخذون بتلابيب الأمور راقبوا الله في حاجات الناس واعمدوا على توفيرها وضمان عدم التلاعب بأسعارها واحتكارها من قبل التجار ومن يستقصدون الاستفادة من هذا الوضع قصد الربح رقصاً على أنات الناس وجراحهم، وإن لم تستطيعوا فلا حاجة لنا لاستعراض وجودكم وفرد عضلاتكم فلا مجال للمكابرة بعد، إما أن تتحملوا المسؤولية التي أرغمتم أنفسكم على تحملها أو تتواروا وتفسحون المجال لغيركم للقيام بهذه المهمات، فالشعب مل وليس بمقدوره أن يحتمل مزيداً من الأنين والجراح والألم والتضييق إلى الحد الذي يصل في مصادرة ومغاصبة عيشه.. إنني أناشدكم أن تردوا على أنات الناس بتوفير احتياجاتهم وضمان عدم احتكارها وزيادة أسعارها وذلك ما نأمله منكم محاكاة لضميركم الإنساني واستدعاء للحس الوطني المغيب منذ زمن. [email protected]