تدخل الحرب التي يشنها التحالف العشري على اليمن أسبوعها الثالث، ومعها تزداد وتيرة الانقسام بين يمنيي الخارج كما الداخل وكذا الرأي العالمي ما بين مؤيد ومعارض لاستمرار حرب أتت نتيجة لظروف سياسية معقدة، الخاسر الوحيد فيها هو الشعب، إذ إن كل ما يهدم أو يقضى عليه، هو من قوته ومن عرقه وعلى حساب حياته التي يدفع ثمنها باهظاً. بين المؤيدين لهذه الغارات الذين يرون أنها الشر الذي كان لابد منه باعتبارها سبيل الخلاص الوحيد من قوى تنفذ مخططات خارجية للهيمنة على المنطقة ومعارضين يرون أنها تدخل في شأن داخلي كان من الممكن رأب تصدعه لو صلحت النوايا وبذلت المزيد من الجهود لتجنيب الشعب ويلات الحرب وانتكاساتها بعد أن فقد كل شيء حتى حقه في تقرير مصيره ووجد نفسه في دائرة مشتعلة، أينما ولّى وجهه وجد الموت جوعاً وعطشاً إن لم يكن تحت أنقاض القاذفات. يقف صف ثالث في الخارج كما في الداخل، متخبطاً بين التأييد تارة والمعارضة تارة أخرى، لأن ثمة حقائق يُتلاعب بها، وأكاذيب وقع في شَركها من فتحوا ويفتحون صدورهم لتلقي الضربات ويقتل بعضهم بعضاَ بعد أن غاب صوت العقل بغياب الدولة وفرضت ثقافة السلاح بدل التوافق، وحل التعصب، كلٌ للطرف الذي امتلك مفاتيح اقناع اتباعه بقضيته التي لابد من التضحية من أجلها باسم الوطنية. نعلم في الخارج كما في الداخل، ونحن نعيش هذه الكارثة، أن حياتنا -بعد هذه الحرب التي تعيد تشكيل أرضيتنا التي اكتشفنا هشاشتها، لن تعود كما كانت قبلها، بعد أن نجح مريدو التفرقة والتفتيت، من زرع الخوف بين أبناء شعب حاول جاهداَ أن يتوحد، تخويفهم من بعضهم البعض، بتفريغ أرواح البعض من كل القيم الإنسانية والوطنية وغسل الأدمغة بمفاهيم حلت محل الوعي، واغراق الوطن بما ابتدعوه من سياسات، ضمنت لهم بقاء (تفاحهم) طازجاَ للأيام العصيبة، على حساب الملايين الذين باتوا ينتظرون هلاكهم. إن ما يمكن القيام به اليوم قد يصبح من المستحيلات غداًونعلم كذلك، بكل مكوناتنا وتوجهاتنا وانتماءاتنا الحزبية والمذهبية، في الداخل والخارج، ما نحن ماضون إليه إذا ما استمرت هذه الغارات. فهل اكتفت الأطراف المتناحرة في الداخل، بكل هذا الدمار الذي أتى على البشر والحجر، وبكل تلك الدماء التي سالت والأجساد التي تناثرت دون أن تجد من يكرمها بجمع اشلائها ودفنها، فيستجيبون لصوت العقل، ويثبتون لنا أن مصلحة الوطن أرضاَ وانساناً فوق كل الشهوات الدنيوية، أم انها ستكون كجهنم، كلما امتلأت قالت هل من مزيد؟.