- حفصة مجلي / ذمار يتجول طوال اليوم في أزقة الحارة الضيقة المصلولة أزقتها بالأحجار الغير متساوية ماراً بحوانيتها القديمة وطاحونها المزعج الذي يفضل أن يظل بعيداً عنه، لا يبدو عليه الجنون لكنه مجنون الحارة لكن أطفال الحارة هكذا يدعونه ملابسه عادية لكنها رثة وشعره نظيف غير منسق.. يمسك بإحدى القطع الكرتونية التي تبدو على شكل لوح متجولاً في الأزقة ذهاباص وإياباً، عاري القدمين، يتلمس حرارة الأحجار منذ طلوع الشمس حتى مغيبها يعود إلى منزل أمه لتناول الطعام أو النوم. لا يمل من التمتمة بكلام غير واضح، وعندما يناله التعب يختار لجسده المتهالك إحدى الصخور الكبيرة ليستمر في التمتمة وكأنه يقرأ شيئاً لايهتم به سكان الحارة لأنهم يعرفونه جيداً قبل أن يصاب بالجنون. كان مشروع انسان ناجح أو ربما أكثر ، حين كان في المرحلة الثانوية قتله الغرام، الغرام سبب جنونه، كان غراماً من نوع فريد حيث حبس نفسه في المنزل من أجل غرامه سنة كاملة دون أن يخرج إلاّ للضرورة لقد أفنى ساعات عمره فيه دون وفي ذروة حبه وصل الليل بالنهار معتكفاً ليكون الأول وعند إعلان النتيجة اكتشف انه قد فشل في الاختبار، لقد رسب في كل المواد وبدرجات مخزية، انطوى على نفسه .. وحين أخبروه بأن أوراقه قد ذهبت لغيره لم يعد يهتم.. كان مغرماً ليستمر في التمتمة وهو يطوف الأزقة والشوارع دون هدى.