- ياسين الزكري في منطقة سكاي لاين بشمال ولاية فيرجينيا، تنتشر المتاجر والمقاهي العربية وروادها في الغالب من العرب والمسلمين، الذين بات تعدادهم يقترب من ربع المليون نسمة في محيط العاصمة واشنطن في فيرجينيا وميريلاند. ورغم تنافس الحزبين الكبيرين على أصوات التجمعات العرقية والدينية فإن العرب والمسلمين كانوا لا يجدون في الغالب من يخطب ودهم في انتخابات التجديد النصفي. عبدالملك المصري أمريكي من أصل يمني صوّت كأمريكي بالدرجة الأولى مبرراً ذلك بالقول: لأن الجنود الأمريكيين يُقتلون في العراق، ولأن ابني قد ينضم إلى الجيش غداً ولا أشعر بالراحة للقتل الذي يتعرض له الجنود الأمريكيون، هذه حرب اقتصادية يقوم بها شخص واحد. الاعتقاد الذي كان شائعاً لدى العرب والمسلمين الأمريكيين هو أن طبيعتهم المحافظة تجعلهم أقرب إلى الحزب الجمهوري.. لكن جون زغبي، رئيس مؤسسة زغبي إنترناشيونال لاستطلاعات الرأي التي أجرت استقصاء بين العرب الأمريكيين قبيل الانتخابات النصفية، يقول: طالما حسب العرب على الحزب الجمهوري، لكنهم ديمقراطيون هذه المرة. الحضور العربي في الكونجرس المنصرف كان تمثل بثلاثة نواب جمهوريين ونائب ديمقراطي، إضافة إلى سيناتور جمهوري واحد هو جون سونونو.. وتشير الأرقام إلى أن ستين بالمئة من العرب الأمريكيين ينحدرون من أصول مسيحية لكن الرابط بين الثقافتين العربية والإسلامية في الإعلام الأمريكي وفي تعليقات المحافظين التي اعتبرتهم جميعاً هاجساً أمنياً، قرّب مواقف العرب والمسلمين الأمريكيين إلى حد كبير. وتقول جينيفر كوفمان مسؤولة الإعلام في المعهد: إن العرب الأمريكيين باتوا يؤيدون الحزب الديمقراطي بنسبة 2 إلى واحد، وفي بعض المناطق بنسبة ثلاثة إلى واحد، وأن القضايا التي تحدد قرارهم هي: الحريات المدنية، والحرب على العراق والوضع في فلسطين ولبنان مؤخراً. قضية العراق والحرب الأمريكية على الإرهاب شكلت جوهر الحملة الانتخابية، أو كما يقول نهاد عوض: المواطن الأمريكي بدأ يدفع ثمن السياسة الأمريكية في العراق، تلك السياسة التي تحدثت عن واحة للديمقراطية في الشرق الأوسط فإذا بها تحول العراق إلى فيتنام جديدة. وحمل الموقع الالكتروني لمعهد العالم العربي الذي يرأسه جيمس زغبي - ديمقراطي بارز - دعوة بعنوان "يلا فوت" تحث الناخبين على الخروج تحت شعار «صوتك قوتنا». نفس التوجه ساد أيضاً بين صفوف الناخبين المسلمين الذين يبلغ عددهم مليونين ومائتي ألف نسمة، إذ أيد غالبيتهم الديمقراطيين هذه المرة. وقد شارك 82% من المسلمين الذين يحق لهم التصويت في انتخابات 2004، كما صوّت العرب الأمريكيون بنسبة 72% للمرشح الديمقراطي جون كيري.. وطبقاً لإحصاءات كير فإن 42 % من الناخبين المسلمين مسجلون مع الحزب الديمقراطي، و17% جمهوريون والبقية مستقلون. يتذكر المراقبون في واشنطن التأييد القوي الذي أظهره العرب الأمريكيون للمرشح جورج دبليو بوش في حملة عام 2000 وكان حاسماً في فوزه ببعض الولايات مثل ميتشجان، ويقارنون بين مشاعر العرب والمسلمين تجاه بوش وحزبه الجمهوري في الوقت الراهن. قبل ست سنوات كان العرب الأمريكيون يتوقعون أن يكون بوش الابن مثل والده في مواقفه من إسرائيل وإمكانية الضغط عليها، لكن هجمات الحادي عشر من سبتمبر / أيلول وما تلاها من الحرب على الإرهاب وغزو العراق، جعلت العرب والمسلمين في دائرة الضوء، وفضل كثيرون منهم تجنب دوائر السياسة، وحين بدأوا يفيقون من تلك الحالة وجدوا أنفسهم يميلون بقوة للحزب الديمقراطي.. أهذا ما أصبح عليه الحال اليوم؟!وبالفعل بدلاً من أن تركز الانتخابات على قضايا محلية وداخلية مثل الضرائب والاقتصاد كما جرت العادة، تحولت إلى استفتاء على رئاسة بوش والحزب الجمهوري بسبب الحرب في العراق والحرب على الإرهاب.بوش وحزبه كانوا اتهموا الديمقراطيين بأنهم سيهرولون من العراق قبل إتمام المهمة إذا فازوا بالكونجرس، وهو حسب الدعاية الجمهورية، ما سيمكن الإرهابيين من تعزيز مواقعهم في العراق وتأسيس قاعدة هناك لتهديد أمريكا.. ويصف الديمقراطيون سياسة بوش بأنها كانت فاشلة في العراق ما أدى إلى تزايد الإرهاب حول العالم، ويقول هوارد دين رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية: إنها هذه السياسة حولت الجنود الأمريكيين إلى محتلين ومحاصرين وسط حرب أهلية.الآن وبعد فوزهم الأكبر منذ 12 عاماً يتوقع أن يشرع الديمقراطيون في انسحاب مجدول للقوات وزيادة المساهمة الإقليمية والتحاور حتى مع خصوم الولايات المتحدة مثل سوريا وإيران، ولذلك لا يبدو غريباً أن تبادر وزيرة الخارجية الجمهورية كوندا ليزا رايس في التحول إلى طرح مشروع حوار مع سوريا وايران كأول بادرة بعد الفشل الجمهوري الكبير.