- عبدالرزاق الحطامي .. - قبل أسابيع احتفلت سيدة القنوات الفضائية (الجزيرة) بتمام عقدها الذهبي الأول ومرور عشر سنوات على بث هذه القناة الساخنة. وعرضت الجزيرة بهذه المناسبة مشوار تجربتها ومشاهد مؤرشفة تخللت هذا المشوار قد لا تخلو من طرافة كما هو الحال بالنسبة لبرنامج (الاتجاه المعاكس) الذي مازال يقدمه الدكتور/ فيصل القاسم، ويستضيف البرنامج كما هو معروف للمشاهدين شخصيتين على طرفي نقيض، والبرنامج الذي لم يحاول تغيير صيغة مقدمته الافتتاحية لأي من حلقاته وهي عبارة عن تساؤلات حول قضية ما تستدعي استضافة وجهين على الشاشة قد يدور بينهما جدل بيزنطي قد لا يفضي الى نتيجة وينتهي البرنامج فيما التساؤلات ذاتها مع أخرى تستجد وتتفرع تظل قائمة وتقلق ذاكرة كثير من مشاهدي القناة، ممن لا يجدون بغيتهم المعرفية المرجوة من برنامج «الاتجاه المعاكس» الذي تقوم فكرته أساساً على الحوار ولكنه في النهاية يفتقر الى الحوار والعقل معاً، كما تقول بذلك حلقاته المؤرشفة في الاستديو والذاكرة. - وحتى لا يكون الكلام على عواهنه ولا يستند الى الواقع والمنطق، فإن طبيعة الاتجاه المعاكس وديناميته تكمن في كونه هكذا وهو من أصدق البرامج التي تعكس حال الواقع العربي ووجهنا العام، وكيف أننا نتناطح لا نتحاور ونغلب جانب الحماسة الفضفاضة - وإن كنا على حق- على جانب المنطق المغيب أو الغائب أصلاً عن حواراتنا وتعاملنا فيما بيننا وسلوك كل فرد عربي على حدة ثم تشكلات هذا السلوك على وجه العموم. - أحدهم ينسحب.. آخر يتشنج وثالث يخرج عن طبيعة الحوار ودائرة القضية ورابع يوشك أن يتحول الى مصارع ثيران، وهكذا يحدث كثيراً في هذا الاتجاه المعاكس، لكننا لا نعدم في أي من مسلسلاته الدرامية صوتاً عاقلاً أو أعصاباً باردة وهادئة وإن كان وجودهما نسبياً في ظل مذيع يعتمد الإثارة والنبش في إدارته للبرنامج وقد يصبح في حالات كثيرة «مفارعاً» إن لم يكن خصماً. - القارئ لهذه الإشارات قد يظن أنني أتحامل على المذيع، و«الاتجاه المعاكس» خاصة إن كان من المعجبين والمتابعين لفعالياته الفضائية أسبوعياً، أنا - شخصياً - لا أرى أو أتخيل آلية أخرى يمكن أن يكون بها أفضل في طريقة تناوله للقضايا العالقة في وجدان هذه الأمة الممتدة وهي بينها البين أكثر وأشد تعقيداً، لكنني أتمنى وأحلم كمشاهد عربي أن أسمع وأرى حواراً عاقلاً وتبادل وجهات نظر ورؤى يحكمها الاتزان والمنطق «فحيثما حضرت الحماسة غاب المنطق» وحيثما تناطح المختلفون في الرأي على طاولة الحوار، تصدع رأس المشاهد وداخ. - كما أتمنى أن يستضيف البرنامج نفسه رأيين مختلفين حول البرنامج، معجب وآخر ساخط أو معارض ولديه مآخذ عن البرنامج والاثنين لن يعدمهما فيصل القاسم أو القائمون على البرنامج فما أكثرهما في الشارع العربي. - هكذا تقول الصورة،أو هكذا تنبئ بمستقبل هذا الجامع الأثري الذي يعاني الإهمال المستمر من قبل الجهات المعنية