أزمة الخدمات في عدن تؤذن بنهاية التعايش على مضض بين حكومة بن مبارك والانتقالي الجنوبي عودة الحديث عن تغيير جذري يشمل تعيين رئيس جديد للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
*- شبوة برس - العرب المنعطف الخطير الذي بلغته الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والخدمية في مناطق الشرعية اليمنية يشير إلى استنفاد الحكومة الحالية برئاسة أحمد عوض بن مبارك لجميع جهودها وقدراتها في حلحلة الأزمة، الأمر الذي يجعل من إقالتها وتكليف شخصية أخرى بتشكيل حكومة جديدة حلاّ منطقيا، على الأقل لتهدئة غضب الشارع وطمأنة الشركاء.
عادت التساؤلات لتطرح من جديد بشأن مدى إمكانية مواصلة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا برئاسة أحمد عوض بن مبارك لمهامها في ظل التعقيدات الكبيرة التي أصبحت تواجهها وحالة العجز التي بلغتها عن إيجاد حلول سريعة للأزمة الاقتصادية والمالية التي ألقت بظلالها على الوضع الاجتماعي وأدت إلى حالة شبه انهيار للخدمات الأساسية.
ولم تعد الحكومة فقط موضع انتقاد الشريك الرئيسي في الشرعية المجلس الانتقالي الجنوبي، بل باتت في مرمى الغضب الشعبي الذي تفجّر خلال الأيام الماضية في عدد من المدن والمناطق، مطلقا صفارة الإنذار بشأن انفجار شعبي شامل قد يخرج عن السيطرة.
وأذكت التوقّعات بإمكانية إجراء تغيير حكومي يشمل إقالة رئيس الحكومة الحالي وتعيين خليفة له، مغادرةُ بن مبارك مدينة عدن التي تتخذ منها الشرعية اليمنية عاصمة مؤقتة إلى العاصمة السعودية الرياض، وعقد مجلس القيادة اجتماعا تحت إشراف رئيس المجلس رشاد العليمي لم يتغيب عنه من الأعضاء سوى عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في ظل تساؤلات حول ما إذا كان ذلك الغياب الذي قيل إنّه تم بعذر لا يتضمن موقفا من الحكومة والشرعية ككل التي عاود الانتقالي مهاجمتها بشدّة بسبب استفحال أزمة الخدمات وما نتج عنها من غضب شعبي.
لم تعد الحكومة فقط موضع انتقاد الشريك الرئيسي في الشرعية المجلس الانتقالي الجنوبي، بل باتت في مرمى الغضب الشعبي
وقالت وسائل إعلام محلية إنّ توافقا داخل مجلس القيادة حدث حول تغيير رئيس الوزراء في محاولة للخروج من حالة الشلل التي أصيبت بها الحكومة إثر تصاعد الخلافات بين بن مبارك ورشاد العليمي وأعضاء في مجلس القيادة من ناحية، والخلافات بين بن مبارك وأعضاء في حكومته والتي حالت دون عقد أيّ اجتماع بحضور كافة الأعضاء منذ قرابة نصف سنة.
ودخل بن مبارك مؤخّرا في سجال غير مباشر مع المجلس الانتقالي الذي حمّله مسؤولية الأزمة ليرد هو متهما منتقديه بالتوظيف السياسي لهموم السكان ومعاناتهم.
وشهدت مدينة عدن وعدد من المناطق التابعة للسلطة اليمنية المعترف بها دوليا خلال الأيام الأخيرة موجة احتجاجات شعبية أطلق شرارتها تردّي الخدمات العامة وانهيارها شبه الكامل وطول الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتأثيراتها الحادّة على الحياة اليومية للسكان.
وجرّت موجة الاحتجاج التي بلغت ذروتها مع الانقطاع التام للكهرباء عن عدن ومناطق أخرى، حالة طوارئ سياسية تجلّت بوضوح لدى المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تُمثّل عدن المركز الرئيسي لنفوذه وعاصمة الدولة المستقلة التي يعمل على إنشائها، والذي سارع إلى عقد اجتماع لقيادة السلطة المحلية حمّل خلاله مسؤولية الأزمة للسلطة الشرعية وحكومتها.
ودفع انقطاع الكهرباء بشكل متواصل لفترات بلغت العشرين ساعة أعدادا كبيرة من سكان عدن للخروج إلى الشارع معبّرين عن سخطهم تجاه السلطات ومطالبين بسقوط الحكومة.
وقام المحتجون بقطع الطرقات في مدينة كريتر ومديرية المنصورة مرددين هتافات مطالبة بمحاسبة الجهات المسؤولة عن تردي الأوضاع الخدمية والمعيشية.
وشملت الاحتجاجات محافظة لحج شمالي عدن والتي عانت بدورها من انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من ثمانية أيام متتالية كما شملت أيضا محافظة أبين شرقا والتي عانى سكانها من نفس الأزمة.
واستدعى توتّر الوضع تدخلّ السلطات الأمنية للقيام بحملات توقيف لعناصر متهمة باستغلال الاحتجاجات لإثارة الفوضى وممارسة التخريب والنهب وفقا لمصادر أمنية.
وعلى صعيد سياسي ترأس علي عبدالله الكثيري القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ورئيس الجمعية الوطنية، الثلاثاء الماضي، اجتماعا ضمّ قيادة السلطة المحلية والقادة العسكريين والأمنيين ومديري المديريات واللجان المجتمعية خصص لبحث الوضع السائد في عدن.
وتعهّد الكثيري خلال الاجتماع بوقوف الانتقالي الجنوبي إلى "جانب المواطنين ومطالبهم المشروعة وحقهم الكامل في التعبير السلمي الرافض لما آلت إليه الأوضاع، شريطة أن يتم ذلك وفق الأطر القانونية والضوابط المنظمة."
ونقلت وسائل إعلام ناطقة بلسان المجلس عن الكثيري القول إنّ هناك "قوى معادية تسعى لاستغلال حالة السخط الشعبي بهدف إثارة الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار ومحاولة تحميل المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الأمنية تبعات التدهور الراهن،" مؤكدا أن "تلك الجهات تعمل وفق أجندات مكشوفة ولن تتمكن من النيل من تماسك الجبهة الداخلية الجنوبية ولا من صمود العاصمة عدن".
وأكد الكثيري أن رئيس الانتقالي عيدروس الزبيدي "يتابع عن كثب تطورات المشهد الخدمي والأمني في عدن وبقية المحافظات، وقد قضت توجيهاته بعودة جميع وزراء المجلس المتواجدين في الخارج إلى العاصمة عدن بشكل فوري في إطار تحمّل المسؤولية والاقتراب من معاناة المواطنين".
ولم يتردّد رئيس الجمعية الوطنية في تحميل السلطة الشرعية اليمنية مسؤولية الأزمة الخدمية والمعيشية وما ترتّب عنها من غضب شعبي مشيرا بالاسم إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ورئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك، ومتوعدا بتقديم صورة واضحة للرأي العام حول الأسباب الحقيقية لتدهور الأوضاع وكشف من يقفون وراء تفاقم الأزمة وفي طليعتهم العليمي وبن مبارك، باعتبارهما المسؤولين الرئيسيين عمّا آلت إليه الأوضاع الخدمية والمعيشية في عدن وباقي المناطق.
وقال بن مبارك في ردّه غير المباشر على اتهامات الانتقالي له إنّ معاناة الناس ليست مجالا للتوظيف السياسي بعيدا عن الواقع الحقيقي. واعتبر خلال زيارة ميدانية إلى محطة الرئيس لإنتاج الطاقة الكهربائية بعدن، أن الوقت لم يعد يتسع لتبادل الاتهامات، وأنّ الوضع يتطلب الوقوف الجاد لوضع وتنفيذ حلول عاجلة وبدائل سريعة لتخفيف معاناة المواطنين.