علينا التحرك بعيداً عن ثنائية التهور والتبعية .. والإدراك أن الديمقراطية المفروضة ليست أكثر من فوضى هدامة غزو العراق واحتلاله تصرف غير شرعي مثل انعطافة خطيرة في السياسة الأمريكية والدوليةالبروفيسور كلوفيس مقصود في سطور - مفكر عربي مرموق .. شغل عدة مناصب رفيعة منها منصب سفير ومحام وصحفي وديبلوماسي. - يعمل حالياً استاذاً للقانون الدولي في كلية واشنطن للحقوق في الجامعة الأميركية بالولايات المتحدة الأميريكة ويعمل الدكتور كلوفيس مقصود كذلك مديراً لمركز الجنوب العالمي في الجامعة الأميركية وعضواً في المجموعة الاستشارية للمكتب الاقليمي للدول العربية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. - شغل منصب كبير ممثلي جامعة الدول العربية في الهند «19611966م» عمل كبيراً للمحررين في صحيفة «الأهرام ثم رئيساً لتحرير «النهار» أسبوعية «19671979م». - له مؤلفات عدة كتب وأبحاث ومقالات تم نشرها حول الشرق الأوسط والجنوب العالمي. - ترأس مقصود ونظم أنشطة وفعاليات كثر من ضمنها تنظيمه عشرات المؤتمرات حول القضايا المتعلقة بالبيئة والتنمية وحقوق الإنسان والأمن الانساني والألغام الأرضية والسكان ونزع السلاح. 2-1 لقاء / فاروق ثابت تواضع حد العظمة .. وبساطة ليس لها حدود .. جسم قصير ووجه ضامر وقور مكتظ بتجاعيد وهموم أرهقتها صدمات التفكك العربي.. وصوت كهل شاحب مثقل بالأسى والتآسي المر.. علم وحلم وفكر وفلسفة.. وقومية لا تضاهى.. في واشنطن استقر به الحال أستاذ للقانون الدولي.. لكن عروبته تفوق أميركيته .. ويدافع عن الإسلام رغم مسيحيته.. كلوفيس مقصود .. بروفيسور جمع بين تجليات العالم وعمق المفكر .. إفلاطون في عهد الحداثة.. يفكر ويفلسف ويدافع بضراوة واستبسال عن قضيته قال عنها: «فصلها وفككها الاختلاف والتناقض بجانب الوهن وتربص العدو ووحشية الحاقدين». في لقائنا الصحفي كانت القضية العربية تتحدث معنا بعينها تنفث التأوّهات المثخنة بأزمنة الشتات وسماسرة البيع.. في نظر مقصود عالمنا واحد ومصائرنا واحدة لكنه كسر عزلة الجغرافيا متنقلاً بنا من قطر إلى أزمة قطر عربي آخر.. مر بنا ولكن دون أن نصطحب (pasport) جواز سفر يبيح لنا الدخول عبر ممرات الانعزال.. سؤال واحد فقط فلسفة وفلسف أزمة لا يسعها الزمان للحديث والتحليل والتمحيص .. لذا فلم يكن acare) (الكاسيت واحداً كافياً للترويح أو الفضفضة عما يحمله القومي الكهل والعالم الجليل.. وهذا ما لجأ بنا إلى نشر هذا اللقاء الصحفي في جزئين متتالين نبدأه بالجزء الأول: البروفيسور كلوفيس مقصود: عالمية مقابل العولمة العولمة وأثرها على الثقافةالعربية والعروبة والإسلام بشكل عام؟ علينا أن نؤكد حقيقة بأن العولمة مسيرة حتمية في تاريخنا المعاصر لا يمكن أن تتراجع ولابد أن تستمر لذلك لابد من إدراك هذه الحقيقة بعدم إمكانية توقفها.. ولكن العولمة ترجّح باستمرار عناصر السوق وهذا هو حالها من خلال ثورة الاتصالات والمواصلات أصبح العالم مشتبكا ومن نتائجها الأولية الإمعان في ترسيخ الفجوة بين الثروة والفقر ومن ناحية أخرى كيف تؤثر على الثقافة.. لذلك كان لابد من أن يوجد نوع من عدم أن تتحول العولمة إلى فلتان والذي من شأنه أن يمعن في الاستقطاب وأن يؤدي إلى نوع من تحويل التعقيد القائم فى الحالة الدولية إلى فوضى مما يصعب من إدارة الفوضى في حين أن هناك صعوبة كافية في ادارة التعقيد.. لذلك ضبط العولمة المستمرة والمفروضة «المحتومة لا تكون إلا بعالمية جديدة تحافظ على تعددية الثقافات وتحول دون تصادمها وتجعل من كل ثقافة قومية اثراء لحضارة عالمية مما يمكّن الثقافات من أن تتقوى بعضها ببعض وأن لاتلغي بعضها بعضاً أو أن تميّع بعضها فلذلك مايقابل العولمة هو العالمية لأن العالمية تنجح الإنسان علي السوق وتجعل السوق خادماً للإنسان.. من هنا يتبين لنا أن التنمية الانسانية والالتزام بها من شأنه أن يجعل العولمة خاضعة لأولويات التنمية الانسانية. وفي هذا الصدد علينا باستمرار التأكيد على محورية الانسان في حين أن العولمة المتفلتة من قيود العالمية تجعل من السوق والربح محور الالتزام. لا صراع وإنما تفكك عربي بالنسبة للمشكل العربي العربي.. هل من الممكن تسميته صراعاً؟ ليس هناك صراع عربي عربي.. هناك تفكك في حال الأمة العربية.. الصراع العربي العربي هو صراع أو تباين أو تناقض أنظمة فقدت أو ميّعت ثقافة الوحدة القومية وبالتالي تقوقعت في لحظة استقالة من وحدة المصير العربي فتناقضت المصائر في كثير من الأحيان. الشعب في مختلف أقطاره ما يوحده هو أكثر بكثير من تناقضات وصراعات الأنظمة بعضها مع بعض ومن هنا نجد أن ثمة كما أسلفت بالأمس تهور للصدام مع الغير أو امتثال إذلالي أو تبعية من جهة أخرى في حين أن الشعوب العربية في مجملها محصنة من التهور في الصدام ومحسنة أيضاً من التبعية المذلة التي تمارسها بعض الأنظمة العربية.. وأكبر دليل على ذلك هو أن النظام المصري مطبع مع اسرائيل بيد أن الشعب حارم نفسه أي مظهر من مظاهر التطبيع. استرجاع معادلة الصراع العربي الإسرائيلي والصراع العربي الإسرائيلي؟ بالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي نحن علينا استرجاع المعادلة الصحيحة وهي أن المشروع الصهيوني لا يقاومه ولا يجابهه إلا مشروع قومي عربي ديمقراطي.. ولكن ماذا حصل بعد ان أبرمت معاهدة «كامب ديفيد» معاهدة الصلح مع اسرائيل لفك العقل .. ،أصبحت الحلقتان الأضعف .. هي تتحمل مسئولية مجابهة مباشرة مع المشروع الصهيوني .. فلسطين ولبنان ولذلك رغم المعارضة الشديدة على مستوى الشعب العربي واستعداد الشعوب العربية للمقاومة حالت الظروف بينها وبين إدارة دفة الضغط. وصارت المقاومة الفعلية محصورة في الحلقتين الأضعف لبنان وفلسطين.. هذا الوضع جاء نتيجة عدة عوامل تاريخية بدءاً من عام 1948 إلى 1962م عندما انفكت الوحدة بين القطرين مصر وسوريا عن الجمهورية العربية المتحدة.. إلى قيام منظمة التحرير كجزء من النظام العربي السائد إلى حرب 97م والهزيمة العسكرية التي منينا بها إلى معاهدة الصلح لأكبر دولة عربية مع إسرائيل «العمر الذابح» هذا المسلسل أضعف المناعة لدى الأمة العربية وبالتالي عندما حصل الغزو الإسرائيلي على لبنان عام 1965وعام 1988م وحصل الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.. اختزلت القضية العربية في فلسطين بالمطالبة بانسحاب اسرائيل من الأراضي الفلسطينية واللبنانية.. هذا الاختزال اعتبرته الأنظمة العربية ترييحاً لمسئولياتها وكان من نتائج 67م ومؤتمر القمة العربية 1974م ان سلمت جامعة الدول العربية على مستوى القمة واعتبرت منظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. ومن هنا استغلت منظمة التحرير هذا الاعتراف بكيان كيانها «كخبيرة» دولة وأصبحت إلى حد ما جزءاً من النظام العربي السائد ومن خلال هذا التداعي انفكت الأنظمة العربية عن مسئولياتها المباشرة لتحرير فلسطين وسلّمت القضية برمتها إلى الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال والمتواجد في مخيمات اللاجئين كان هذا غبن تاريخي.. صحيح ان ثمة تضامناً كان وكان ثمة تعاطف أيضاً ولكن أمام المشروع الصهيوني لم يكن هناك قوة رادعة خاصة بعد عام 1979 تردع التمادي العدواني الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وتستمر في التهديد إزاء هذا الوضع أفرزت هذه التطورات اتفاقيات «أوسلو» والتي كانت إلى حد ما نستطيع أن نجزم المصيدة التي وقعت فيها منظمة التحرير لأنها لم تصر على أن تنتزع مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي قراراً بأن هناك في الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة سلطة محتلة.. ونظراً لهذه الثغرة القانونية تحولت ما يمكن أن يسمى بالمفاوضات إلى مباحثات وهذه المباحثات كانت تجرى داخل المصيدة نفسها.. التي وقعت فيها منظمة التحرير وأفرزت سلطة إدارية دون أي حق على السيادة وتحولت المفردات إلى تزوير.. فعندما كانت تقول اسرائيلي انها تنسحب من بعض الأراضي.. لم تكن تنسحب لأن الانسحاب هو من أراض محتلة وهي لا تعترف أنها في الأراضي المحتلة سلطة محتلة وكانت السلطة الوطنية الفلسطينية هي بمثابة سلطة إدارية لبلديات أكثر مما هي سلطة متمتعة بسيادة ممكنة.. فلا السلطة تحولت إلى خبيرة دولة مستقلة ولا المقاومة توضحت كونها مقاومة.. فالتبست المعادلة بين المقاومة والاحتلال ،المقاومة التي هي لمعادلة المستقيمة وصارت بذلك المقاومة التي حصلت من حماس وبعض قيادات فتح والفصائل الفلسطينية كانت تعرف عن نفسها كمقاومة مثلما السلطة الوطنية تعرف عن نفسها هي خبيرة لدولة: فلا هذه ولا تلك..!! لذلك عندما انتخبت حماس بانتخابات حرة أشرف عليها مندوبون ومراقبون من كل أقطار العالم ذات شفافية وانتصرت بأكثرية في المجلس التشريعي لم تستطع الرئاسة أن تحميها من الابتزاز الغربي ومن الشراسة الاسرائيلية فلم تعد مقاومة بالمعنى الحقيقي للشرعية في المقاومة مثلما أن السلطة لم تعد الممهدة لقيام دولة فلسطينية. سؤال الوجود الصعب ومن هنا ارتبكت السلطة وارتبكت المقاومة وارتبك اللاجئون الفلسطينيون وأزيلت الصفة التمثيلية عن منظمة التحرير لأن منظمة التحرير كانت هي إطار الشعب الفلسطيني هي التعريف للشعب الفلسطيني فاعتبرت نفسها أنها فئة رئيسها هو رئيس السلطة الوطنية هو رئيس «فتح ولم تشمل الشرائح الشعبية التي تنتمي إليها حماس كالجهاد الإسلامي فأصبحت هي فريقاً بدلاً أن تكون إطار الشعب الفلسطيني هذه المعادلة يجب أن تصحح فوراً. وتحولت مصر التي هي حاضنة الأمة العربية والمحور وساحت التلاقي بين التجربة الوطنية القومية في افريقيا العربية والتجربة القومية في آسيا العربية تحولت إلى وسيط بين اسرائيل وفلسطين في حين أنه كان عليها أن تكون الرائدة في ردع اسرائيل وتماديها في الاستعمار. وأمام هذا التفكك برزت المقاومة فتعثرت في فلسطين نتيجة الوقوع في مصيدة «أوسلو» وقاومت في لبنان مما أدى إلى تحرير الجنوب. فعندما تحرر الجنوب اللبناني طرأت تحولات داخل لبنان لأن فلسطين لم تكن قابلة للحل حتى على مستوى غبن تاريخي بين دولتين واشترطت الولايات المتحدة بعد انتخاب حماس ما اشترطته اسرائيل .. ان تعترف حكومة حماس بحق اسرائيل في الوجود.. فكان من الطبيعي ان تتساءل حماس وغير حماس: هل تعترف اسرائيل بحق وجود دولة فلسطينية مستقلة في الأراضي المحتلة؟ لم تجب اسرائيل مطلقاً على هذا السؤال!! لأنها لا تريد أن تجيب عليه.. فهي تتصرف بالأراضي الفلسطينية المحتلة أنها مالكة لهذه الأراضي وليست محتلة لها فالاحتلال مرحلة انتقالية قد تدوم عاماً.. عشر سنوات .. خمسين سنة.. ولكن تبقى انتقالية.. وهذا ما يفسر مقولات اسرائيل وزعمائها بأنهم «على استعداد للتضحية الأليمة بالتنازل الأليم لإعطاء الفلسطينيين بعض الأراضي». التنازل..!! أنت تتنازل ولكن عما تملك وليس عما تحتل.. ولهذا فإن كل ذلك يمكن توضيحه غير أن ما أربك إمكانية أن يتفهم العالم أو أن يساهم في إمكانية الوضوح هو ارتباك النظام العربي فيما يتعلق بإسرائيل.. فمن مطبع ومن مجابه ومقاوم.. ولذلك لم يعد هناك قضية مركزية لفلسطين بل سلسلة من المشاكل: مشاكل انسانية.. ووو.لم يعد هناك قضية مركزية.. لدى النظام العربي وليس عند الشعوب.. لك الشعوب في كثير من الأنظمة إما مهمشة أو مقموعة أو جانبية أو مشاركة جمالية لا معنى ولا أكثر.. ولذلك تولدت ثمة حالة من الاحباط.. ولكن هذا الاحباط لم يلغ حيوية الشعوب غير أن هذه الحيوية بحاجة ملحة إلى مرجعية موثوقة توجهها وتنظمها في إطار يمكنّها من أن تصبح قوة فاعلة في المجتمعات العربية. لاشرعية في غزوالعراق أسلفتَ في حديث سابق على ضرورة أخذ العبرة مما حدث ويحدث الآن في لبنان والعراق.. هل بالإمكان أن توضح لنا هذا المصاب بفعل السياسة الأمريكية الطامحة إلى كل المنطقة؟ كان غزو العراق فاقداً للشرعية وبشكل مطلق وذلك لعدة أسباب أولهما: انه لم يكن ثمة تفويض مطلق من قبل مجلس الأمن للقيام بهذا الغزو. ثانياً: لم يكن هذا الغزو قانونياً بل كان الدافع إليه منافياً قوياً لما ادعته الإدارة الأمريكية «نشر الديمقراطية في العراق».. كان الدافع إليه الاستيلاء على مصادر البترول بأسعار منخفضة من أجل إخراج العراق من كونه جزء من احتمالات الردع لتمادي الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة. ثالثاً: كانت دوافع غزو العراق دوافع مصمم عليها حتى ما قبل «11سبتمبر 2001م». كانت نقطة انعطاف الحالة الدولية السياسة والأمريكية كان ثمة شرعية ما في الحرب على افغانستان كونها كانت حاضنة للقاعدة.. ولذلك اعتبرت الأمم المتحدة بشبه اجماع بأن الهجوم على أفغانستان تعبير عن حق الدفاع عن النفس بعد الذي حدث في 11 سبتمبر على نيويورك وواشنطن.. ولكن المحافظين الجدد داخل الحزب الجمهوري والذين استولوا على مفاصل وزارتي الدفاع والبيت الأبيض ووزارة الخارجية حاولوا تهميش دور الديبلوماسية التقليدية لوزارة الخارجية وأرادوا أن يديروا السياسة الخارجية للولايات المتحدة من المواقع التي يسيطر عليها المحافظون الجدد. أوهام وافتراءات المحافظين الجدد فالمحافظون الجدد هم تلك الفئة التي خططت وأدارت الحملة الانتخابية ل«نتن ياهو» عام 1996م والتي برزت كل أهدافها في المنطقة على إثر ذلك. وكان من تداعيات ذلك أن وزارة الخارجية بعهدة الوزير «باول» هُمشت إطلاقاً وتبنت وزارة الدفاع بدورها السياسة الخارجية المتعلقة بقضايا العراق والشرق الأوسط كونها جزء من الاستراتيجية الحربية في المنطقة. استمرت هذه الحالة وكانت هذه الفئة من المحافظين الجدد المرتبطة ارتباطاً عضوياً بأهداف اسرائيل في المنطقة تريد أن تمعن لا في التفكيك بل بالتفتيت داخل هذه الدول المحيطة بإسرائيل بغية تسهيل عملية الهيمنة الإسرائيلية داخل المنطقة. جاءت العملية الارهابية على نيويورك وواشنطن لتعطي مدخلاً لتكريس هذا لتوجه تحت مبرر أن هناك علامة تربط صدام حسين بأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة.. افتعلوا أيضاً أكاذيب أخرى أن ثمة أسلحة دمار شامل .. وافتعلوا الغزو حتى لا تأتي نتائج تفتيش الأمم المتحدة لتكشف عدمية وجود أية علاقة لصدام بالقاعدة وليس ثمة وجوداً لسلاح دمار شامل.. وأنها كلها أزيلت منذ عام 119م حتى 98م.. إذن الذي حصل أن الرئيس بوش الذي كان مطعوناً بشرعيته رئيساً قبل «11 ستبمبر» نتيجة الانتخابات الملتبسة عام 2000م جعلته عملية الارهابيين في 11سبتمر رئيساً شرعياً للولايات المتحدة لدخول أميركا في حالة أكبر وأعظم من مسألة الطعن بالرئيس.. لذلك لم يعد ثمة تشكيك في شرعية المطعون به. فمرة تبرر الولايات المتحدة حملتها اللاشرعية في العراق بأنها ترسيخ نظام ديمقراطي يصبح منارة للديمقراطية في الشرق الأوسط، وتارة «نحن نطالب بشرق أوسط كبير» وثالثة «نريد شرق أوسط جديد».. وكلها تفشل الواحدة تلو الأخرى.. لكن المؤسف انه لم يكن هناك سوى معارضة المقاومة.. ومعارضة الشعوب لهذه المشاريع ولا يعني أنها فشلت تماماً وأن الشعوب انتصرت تماماً ولكن لا تزال المشاريع قائمة للتفكيك والتفتيت ولا تزال حيوية الشعوب العربية قائمة ومحتملة على التبلور والانجاز ولكن نحن في رمادية يطغى عليها السواد أكثر من البياض. ثنائية التهور والتبعية لم يعد لازماً أن نصادم الدول الكبرى تهوراً أو أن يكون ثمة تبعية مذلة.. مقولة لك سمعتها منك.. كيف يكون الصدام بالتهور والتبعية بالإذلال؟ هذه الصيغة تؤدي بنا كماأسلفت لك قبل قليل إلى أن نساهم كدول عربية في بنا هندسة تخرجنا من القطبية الوحيدة وسيطرتها أعني الولايات المتحدة إلى تعددية القطبية وأن نكون نحن جزءاً من هذه التعددية فمثلاً اليوم معظم الانتخابات التي جرت في أميركا اللاتينية وهي الأقرب إلى الولايات المتحدة كلها تنحى وفق سياسة مبتعدة عن الولايات المتحدة وكلها تسعى مع الصين والهند واندونيسيا وافريقيا الجنوبية وو..غيرها..لأن تتكون قوة ثالثة.. قوة توظف قيم سياسات اللا انحياز.. هندسة النظام العالمي بتعددية الأقطاب مع الاقرار بأن الولايات المتحدة هي المتميزة لوحدها.. هذ هو ماينبغي علينا كدول عربية لأن نشارك في الخروج من ثنائية التهور والتبعية.. وأن نكون مثلاً كأميركا اللاتينية في التعامل مع الغير.. نتعامل مع الغير.. مع الولايات المتحدة.. لكن ليس من موقع التصادم أو من موقع التبعية. دور غائب للجامعة العربية ماتعليقك على أداء جامعة الدول العربية في ظل هذا الكم من الصراع والشتات والتفكك؟ جامعة الدول العربية اسم وعمل هي فقط جامعة الحكومات العربية.. نحن لا نريد أن نحذف الحكومات العربية في إصلاحية الجامعة.. ولكن نريد الجامعة «أن تدرك بأن الدولة هي الدولة والمجتمع في اصلاحية الجامعة.. ويجب على الجامعة أن لا تعترف بأي قمع للمجتمعات وأن تمكن التجسيد بين المجتمع والحكم وأن تقفل إلى حد ما الفجوة المتسعة بين الاثنين.. تعرّف الحكومات على مشاعر وطموحات وآلام وآمال الشعوب وتعرّف الشعوب على قدرة الضغط على الحكومات لتلبية مطالبها المشروعة.. فالأمانة العامة يجب أن تنعتق من مجرد كونها منظمة اقليمية لحكومات.. فهي منظمة اقليمية للدول.. والدول والدولة هي مجتمع وحكومات.. ويجب أن توفر الجامعة العربية منبراً دائماً للمجتمعات حتي تبدي آراءها وطموحاتها مع كل اجتماع رسمي للحكومات أكان على مستوى السياسات الخارجية أو الدفاعية إن وجدت أو الصحية وغيرها.. وهذا ينطبق على إخراج الجامعة من كونها سجينة لأية حكومة وبهذا تتمكن من التنسيق الملزم بين الحكومات بدلاً من التفكك والتناقض مما اسميته بتناقض المصائر العربية. حوار الثقافات كيف يكون الحوار بين الثقافات؟ العلاقات تديرها الأنظمة وحوار الثقافات تديرها الثقافة بمجملها.. ثقافة الشعوب.. الثقافة تستقوي بالعلاقات وتقويها.. تحافظ على تميزها وتستمد وتغرف من غيرها.. تأخذ من الثقافات الأخرى بكرامة وتعطيها بسخاء.. الثقافة العربية ذات مخزون كبير من الابداع وقدرة على العطاء.. فالديمقراطية ليست فقط حرية التعبير.. حرية التجمع هذه حريات سياسية مطلوبة ولكن الديمقراطية هي أيضاً تلبية الحاجات الانسانية للموطن العربي: التعليم، الصحة، الغذاء، وكل ما يتعلق بمثل هذه الحاجيات.. هذا جزء من الديمقراطية.. فلا يجوز أن تبشروابديمقراطية الحريات إذا لم يرافقها ديمقراطية تلبية الحاجات. فوضى هدامة هل بالضرورة أن تأتي الديمقراطية لنا كعرب منتجاً مصدراً من الخارج؟ الجواب يكمن في السؤال.. ماذاعن دور ديمقراطية العراق؟ وماذا عن ديمقراطية افغانستان؟!! الجواب يكمن في السؤال.. وواضح هذا مايسمى بديمقراطية الفوضى الهدامة.. ويسمونها ب«الفوضى البناءة»!! ولكنها الفوضى الهدامة.. فلتت الغرائز بدلاً من أن تهيمن على العقول.. هذاما حصل في العراق.. وإلى حد ما أيضاً في افغانستان.