رداً على المدعو عبدالغني المعبقي،ومنشوراته التي لاتساوي جناح بعوضة    نائب وزير الاقتصاد يطلع على مستوى الانضباط الوظيفي في مؤسسة الاسمنت والشركة اليمنية الكويتية    باكستان: إسرائيل "دولة مارقة" وقدراتها النووية تشكل تهديدا للسلام العالمي    القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي يتفقد مستوى الانضباط الوظيفي في هيئات المجلس بعد إجازة عيد الأضحى    غزة.. عشرات الشهداء بمجازر جديدة وانقطاع الإنترنت وسط وجنوبي القطاع    وزير الشباب يلتقي رئيس نادي شباب ملاح ويشيد بدور الأندية في تنمية وعي الشباب    مجلس النواب يثمن موقف باكستان الشجاع تجاه إيران    أمين عام الإصلاح يعزي البرلماني صادق البعداني في وفاة زوجته    احتجاجات غاضبة في حضرموت بسبب الانقطاعات المتواصلة للكهرباء    البكري يبحث مع مدير عام مكافحة المخدرات إقامة فعاليات رياضية وتوعوية    الوصفة السحرية لآلام أسفل الظهر    الأمم المتحدة:نقص الدعم يهدد بإغلاق مئات المنشآت الطبية في اليمن    تصنيف الأندية المشاركة بكأس العالم للأندية والعرب في المؤخرة    تعز.. مقتل وإصابة 15 شخصا بتفجير قنبلة يدوية في حفل زفاف    اليمن يستهدف عمق الكيان    علماء عرب ومسلمين اخترعوا اختراعات مفيدة للبشرية    بايرن ميونخ يحقق أكبر فوز في تاريخ كأس العالم للأندية    أرقام صادمة لحمى الضنك في الجنوب    الانتقالي ومعايير السيطرة في الجنوب    مستشار بوتين.. انفجار النهاية: إسرائيل تهدد بتفجير نووي شامل    التوقعات المصيرية للجنوب في ظل الحرب الإسرائيلية الإيرانية    للكبار فقط...    اغلاق السفارة الامريكية في اسرائيل وهجوم جديد على طهران وترامب يؤمل على التوصل لاتفاق مع إيران    القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «الأخيرة»    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    الأمم المتحدة.. الحاضر الغائب!!    صحيفة امريكية تنشر تفاصيل عن عملية الموساد في إيران    الفريق السامعي: الوطنية الحقة تظهر وقت الشدة    عراقجي: امريكا واوربا تشجع عدوان اسرائيل والدبلوماسية لن تعود إلا بوقف العدوان    ثابتون وجاهزون لخيارات المواجهة    حصاد الولاء    مناسبة الولاية .. رسالة إيمانية واستراتيجية في مواجهة التحديات    العقيد العزب : صرف إكرامية عيد الأضحى ل400 أسرة شهيد ومفقود    إب.. إصابات وأضرار في إحدى المنازل جراء انفجار أسطوانة للغاز    مرض الفشل الكلوي (8)    من يومياتي في أمريكا .. صديقي الحرازي    غاتوزو مدرباً للمنتخب الإيطالي    نائب وزير الخدمة المدنية ومحافظ الضالع يتفقدان مستوى الانضباط الوظيفي في الضالع    البكري يرأس اجتماعًا لوكلاء القطاعات العامة ويناقش إعداد خطة ال (100) يوم    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    هيئة الآثار :التمثالين البرونزيين باقيان في المتحف الوطني    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 15 يونيو/حزيران 2025    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    انهيار جزئي في منظومة كهرباء حضرموت ساحلا ووادي    أهدر جزائية.. الأهلي يكتفي بنقطة ميامي    اليغري كان ينتظر اتصال من انتر قبل التوقيع مع ميلان    اسبانيا تخطف فوزاً من رومانيا في يورو تحت 21 عاماً    حضرموت.. خفر السواحل ينقذ 7 أشخاص من الغرق ويواصل البحث عن شاب مفقود    صنعاء.. التربية والتعليم تحدد موعد العام الدراسي الجديد    صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى    - عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء    سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار    اغتيال الشخصية!    الأستاذ جسار مكاوي المحامي ينظم إلى مركز تراث عدن    قهوة نواة التمر.. فوائد طبية وغذائية غير محدودة    حينما تتثاءب الجغرافيا .. وتضحك القنابل بصوت منخفض!    الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شاعرية لقمان بين شهادة باكثير واكتشاف الدكتور حميد..
نشر في الجمهورية يوم 09 - 02 - 2007

احتفلت الأوساط الثقافية في اليمن مؤخراً بإعادة الاعتبار لواحد من أهم رواد الحركة الصحفية والثقافية فيها، وهو الأستاذ محمد علي إبراهيم لقمان المحامي المولود بعدن في نوفمبر 1898م والمتوفي في جدة أثناء أداء فريضة الحج في 22 مارس 1966م، رائد النهضة الفكرية والأدبية بعدن ومن الذين أسهموا في تطور الحياة السياسية في عدن خصوصاً في الثلث الثاني من القرن العشرين، كما أسهم في حركة الأحرار السياسية ضد نظام حكم أسرة حميد الدين في شمال اليمن بعد إصداره صحيفته «فتاة الجزيرة» عام 1940م وقد لعب لقمان أيضاً دوراً هاماً في الحركة الإصلاحية في عدن من خلال نوادي الإصلاح وكان مديراً للنادي في مدينة عدن «كريتر» كما لعب دوراً هاماً في الحركة الأدبية من خلال تأليف الروايات وأولها رواية «سعيد» التي نشرت في الثلاثينيات من القرن الماضي فكانت بذلك أقدم رواية يمنية،
ومن خلال تأليف كتب الرحلات في بلاد الصومال وبلاد الظاهر وغير ذلك، ومن خلال إنشائه وترؤسه لمخيم أبي الطيب الذي كان نادياً أدبياً نشيطاً في عدن، وكان والده علي إبراهيم لقمان رئيس إدارة الدولة العربية بعدن أما هو فاشتغل بالتعليم في أول الأمر، ولكن الاستعمار البريطاني طرده من العمل لمقالة نشرها في الهند ينتقد فيها سياسة التعليم بعدن، ولكن هل كان لقمان شاعراً؟ يقول الشاعر والمسرحي الكبير علي أحمد باكثير في إحدى قصائده الموجهة لصديقه الحميم محمد علي لقمان في أوائل الثلاثينيات:
رأيت رسائلك الوافية عقوداً من الدرر الغالية
فشعر رقيق أسير القوافي وشعر طليق بلا قافية
وهذا البيت الأخير يؤكد أن لقمان كان في تلك الأيام يقرض الشعر ويطلع باكثير على بعض مايكتب، وهذا ماتأكد لي عندما تسلمت منذ أيام قصيدة بخط لقمان بعثها إلي الصديق الأديب الدكتور محمد أبوبكر حميد الذي يعد مرجعاً على مستوى العالم العربي في تراث وأدب باكثير، وقد وجد هذه القصيدة اليتيمة بين أوراق باكثير الذي كان حريصاً على الاحتفاظ بمكاتبات الأصدقاء والأدباء، هذه القصيدة وقصيدة أخرى أدرجها لقمان في سياق رواية «سعيد» بدون أية مقدمات هما كل ما استطعت أن أجد من نظم للقمان، ولقمان نفسه كتب في مقالة في «فتاة الجزيرة» بعنوان شعراء عدن عام 1941م ونقلها د.عبدالعزيز والمقالح في كتابه «أولويات النقد الأدبي في اليمن» يقول لقمان: «ويعود الفضل في وجود عدد من الشعراء في عدن إلى بعض النوادي الأدبية التي أسست فيها منذ نيف وستة عشر عاماً، فقد كان عندئذ يفد على المدينة شعراء وشخصيات بارزة من أبناء العرب كالسيد عبدالرحمن بن عبيدالله والشيخ علي باكثير والسيد عبدالله بن يحيى تحتفل بهم النوادي ويسمع أعضاؤها القصائد الرنانة في طلب المجد والحث على خدمة الأوطان، وتكررت هذه الحفلات وسرت عدوى الشعر إلى بعض الشباب حتى إليَّ فقلت كما قال غيري شعراً لا قيمة له ألبتة إلا أنه خلق شعراء ثلاثة هم عبدالمجيد الاصنج والسيد محمد عبده غانم وعلي لقمان» وأنا شخصياً لاأتفق مع الرأي أعلاه فالشعراء الحقيقيون لاتخلقهم النوادي وإن كانت قد تساعد على صقل مواهبهم والإسراع بنضجهم خصوصاً إذا احتكوا فيها بأدباء كبار، وعلي لقمان هو الابن الأكبر لمحمد علي لقمان وهو شاعر كبير له العديد من الدواوين والمسرحيات الشعرية وكثير من العرب من غير اليمنيين وربما من اليمنيين أيضاً في هذا الزمن يخلطون بين الأب وابنه علي محمد لقمان فيظنون أن لقمان كان شاعراً بينما قد أوضح هو نفسه أنه نظم شعراً لاقيمة له، كما عبر عن اقتناع كما أرى وليس عن تواضع، فقد كان محباً للحقيقة واضحاً في آرائه، وأذكر أنني كنت أمشي معه ومعنا شقيقي الأكبر قيس محمد عبده غانم «اختصاصي الأعصاب الشهير المقيم بكندا» وكنا قد فرغنا للتو من اللعب معه لعبة التنس في نادي صيرة للتنس وكنا في نحو العشرين من العمر وهو في الستينيات وجرى بيننا نقاش فكري عن مواضيع الروايات الأدبية فقال لنا: إنه يرى أن موضوع لعبنا للتنس معه يصلح أن يكون موضوع رواية أو قصة، فقلنا له: إن هذا الموضوع لن يهم القارئ كثيراً فالقارئ يهمه أن يقرأ عن الأمور الجسام، فقال لنا: أختلف تماماً معكما في الرأي، فهذا الموضوع يمكن أن يكون شيقاً ومهماً، وعلى كل حال من تعرفون في عدن لعب مع أحفاده التنس في ناد للرجال، أليس هذا أمراً نادراً، بل وأظنها الحالة الوحيدة حتى الآن في تاريخ هذا البلد؟ ونعود للقصيدتين؛ أما الأولى فهي منشورة في رواية «سعيد» التي أعيد نشرها ضمن مجلد يحوي معظم أعمال لقمان بعنوان «المجاهد محمد علي لقمان المحامي الأعمال المختارة» قام بجمعها والتقديم لها أ.د. أحمد علي الهمداني وطبعه المهندس ماهر محمد علي لقمان، ولذلك لن نقف طويلاً مع القصيدة إذ يستطيع المهتم أن يعود إليها ولكنا سنتوقف معها قليلاً للحظات فمطلعها: قلب يذوب وبهجة تتقطع وصبابة تلد النحول وأدمع وأسى يذوب فيستند بأضلعي وسهاد صب والبرايا هجع وهي في 48 بيتاً حسنة النظم يبدو أنها من نظم بطل الرواية سعيد يخاطب فيها حبيبته زهراء ويتحدث فيها عن حبه وعن الفضيلة ويتألم لوطنه ويتحدث عن الجهاد في سبيله، وسعيد يمزج فيها بين حبه لحبيبته ووطنه، وهذه القصيدة الطويلة تأتي في القصة وكأنها خارج السياق بدون مقدمة، ولكن مايهمنا هنا هو الناحية الفنية للقصيدة بشكل رئيس فأول شطر من القصيدة أي «قلب يذوب وبهجة تتقطع» هو أول شطر في مطلع قصيدة للشاعر العراقي عبدالغفار بن عبدالواحد بن هبة الملقب بالأخرس وقد عاش من 1810م إلى 1873م ولا أدري كيف حدث ذلك فلقمان لم يضع الشطر بين قوسين ليبين أنه متعقب، وأغلب ظني أن لقمان كان يملك ديوان الأخرس وتأثر به لاشعورياً فنسج القصيدة على نفس الوزن والقافية ولكنه لم يقتبس من الأخرس إلا الشطر الأول من المطلع فقط ثم عبارة «ياأيها القمر المنير» في بداية البيت رقم 15 وهي عبارة استعملها الأخرس نفسه في قصيدة أخرى له حيث يقول: ياأيها القمر المنير وأيها الغصن الرطيب وهذا مما يقوي اعتقادي أن لقمان كان يملك ديواناً للأخرس الذي توفي قبل ميلاد لقمان بنحو ربع قرن، وإذا قارنا هذه القصيدة بالقصيدة الأخرى التي بعثها لقمان إلى باكثير «وفي حواشيها بعض علامات الاستفهام كافة يطلب من باكثير التعليق لتحسين القصيدة» نجد أن القصيدة في رواية سعيد قصيدة حسنة وإن كانت تقليدية، ولأن رواية سعيد نشرت في أواخر الثلاثينيات كما أظن بينما القصيدة الأخرى تعود إلى أوائل الثلاثينيات عندما كان الاتصال بين لقمان وباكثير قائماً وقوياً فيمكن الاستخلاص أن لقمان كان قد حسن من شعره أو أن القصيدة في بداية سعيد خضعت للمسات تحسينية على يد شاعر مقتدر، وأغلب ظني أن ذلك الشاعر هو والدي محمد عبده غانم، رحمه الله، خصوصاً أن لقمان في الإهداء الذي بخط يده في الصفحة الأولى من الرواية إلى والدي يقول: «إلى الأستاذ محمد عبده هدية من والد إلى ولده ذكرى ما أسديته من المساعدة محمد علي لقمان» ويغلب ظني أن المساعدة كانت في لمس القصيدة لأن لقمان ماكان في حاجة للمس الرواية وإن كان ربما قد طلب من والدي أن يراجع الرواية بشكل عام، كل هذه مجرد تخمينات وقد يكون لقمان طلب من ولده علي أن يلمس القصيدة وإن كان خال علي محمد لقمان كان مازال يافعاً دون العشرين، ولا أظن أن الذي لمسها باكثير وإلا لوجدنا المسودة بين أوراقه فهو كان حريصاً على الأرشفة، ثم إن باكثير كان قد غادر عدن في 1933م وتقلصت الاتصالات ثم نأتي إلى القصيدة الأقدم التي وجدها الدكتور محمد أبوبكر حميد بين أوراق باكثير وهي في نظري مهمة لكونها وثيقة نادرة بخط محمد علي لقمان، ثم أنها تلخص أفكار لقمان فيما يخص أهمية اتجاهه الإسلامي العروبي الوطني وموقفه المحذر من التغريب، والقصيدة تتحدث عن نادي الإصلاح ورسالته وتهيب ببني الوطن وأمة العرب أن يساندوا هذا النادي في أداء رسالته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.