لا أخجل من القول بأنني منذ بدأت الكتابة في هذه الزاوية الأسبوعية وأنا ممتلئ غروراً بأني صرت كاتباً يكتب ما يمكن أن يقرأه الناس .. ويستفيدون منه، وممتلئ ثورة على الأساليب الزخرفية .. ومتعصب أشد التعصب لابتكار أسلوب جديد يمكن أن أسميه «الأسلوب العلمي» الذي يتسم بالدقة والصدق والعمق. ولقد أرضى أن ينصرف الناس أو القراء عن جميع كتاباتي، ولكني سأحزن أشد الحزن إذا لم يلتفت أحد إلى الأسلوب الذي أطالب به في الكتابة وهو الأسلوب العلمي الذي يتميز بالحتمية والوضوح والدقة، لأن اللفظ كما يقال : هو وعاء الفكر ولا وضوح لفكر «أي فكر» إلا بهذا الأسلوب العلمي الدقيق. ومعنى الحتمية في اللفظ أن يختار كل لفظ بدقة ليؤدي معنى معيناً بحيث لا يمكنك أن تحذفه أو تضيف إليه لفظاً آخر .. ولذلك فإنني أعرف بعض الكتاب يكتبون الجملة الواحدة خمس أو عشر مرات حتى يصلون إلى اللفظ المناسب الذي يتطلبه المعنى. وأهمية ذلك ترجع إلى أنها تعّود الذهن على عدم استعمال ألفاظ عاتمة ، معانيها غير محددة وموضوعة في مكانها بلا سبب واضح وكان القصد منها فقط هو التخفي وراء اللغة والتفتيش عن إبهاراتها وفذلكتها .. ومثل هذه الألفاظ لا تخل بالمعنى فقط بل تشل قدرة الذهن على التفكير الناضج المحدد .. ولذلك يزعجني استهانة الكتاب باللفظ واستخدامهم كلمات بلا معنى ، وعندما يكتب الكاتب ينبغي ألا يبدو على كلامه أثر من عرقه وجهده . بل لابد أن يختفي هذا كله كي يبدو أسلوبه شديد البساطة وحتى لا يشعر القارئ أنه يصعد جبلاً شاهقاً عند قراءته لموضوع من موضوعات هذا الكاتب. عليك إن عزفت على العود « إذا كنت فناناً» ألا تسمع المستمع خبطة الريشة .. وإذا كتبت ألا تسمع القارئ صرير القلم.وفي هذا المقام تعجبني كتابات الأستاذ القدير/ زيد الغابري .. وكتابات الأستاذ/سمير اليوسفي .. وعباس غالب.. وحسن نائف .. وخالد راوح ، والرائع زكريا الكمالي ، والدكتور/عادل الشجاع .. وعادل الأحمدي .. ومحمود ياسين .. وأحمد عثمان ، ومعاذ الخميسي ، ونبيل الصوفي .. ذلك على سبيل المثال وليس الحصر!؟