من بين ألحان دان / سعيد مرزوق/ وسعف أشجار نخيل /القرن /ونكهة شاي/ السماور/ وشرفات قصر/ الكثيري/ تطل سيئون مبتسمة وتقول بملء القلب والفم : يا رعى الله ليالي الأنس في وسط سيئون ومن بين أزقتها وشوارعها المظللة بالقباب ومآذن المساجد تأتيك سيئون بنسمات عاطرة.. وثوب نظيف، حاملة سجادة صلاة خضراء.. ومسبحة من ضوء فتمضي معها في غابة من نخيل.. وفضاءات من تراب من ذهب.. وجبال من سمو وشموخ.. !! ثم تردد مجالس أنسها ما قاله ذات يوم شاعرنا الكبير الراحل حسين أبوبكر المحضار : إذا زاد بك الشوق والحنة أعزم ورد رأسك قدا سيئون وهاهو شوقنا يزداد ويتأجج محبة في مدينة سيئون حيث للماء عذوبة.. وللشاي ذوق.. وللغناء معنى وفن.. وللناس لطافة.. وللطيور تغريد صادح بآيات الجمال. سيئون هي محطة استراحة العشاق في وادي حضرموت الخصيب. وهي التي استطاعت ان تستحوذ على اهتمام ومخيلة الشعراء وتسكن قوافيهم.. وتكون ملاذهم الدافئ، كلما ثقلت عليهم الحمول الثقيلة / وهموم الحياة.. يقول أحد عشاقها الشاعر الرقيق الراحل/حداد بن حسن الكاف: قال بن هاشم السالي بنيه جيت من ضيق باتسلا بسفح الطويلة خصكم يا أهل القلوب السلية يومها عندكم سلوة قلوب المحبين إن مدينة سيئون «الطويلة» هي مدينة / الأنس / كما يطلق عليها، وهي -أيضاً - مدينة /الدان/ الأصيل الذي صاغ أروع وأعذب ألحانه الفنان/ سعيد مرزوق/ وتخلد نقشاً في جدار الذاكرة.. وجدار الزمن. يقول الشاعر الروسي/ميخائيل رودينوف: مجارتك العتيقة الصامدة لم تنس بعد كيف عليها الخلود تقاصر بين ناي حزين ودان ؟! و«شريخ» مرفى قبابك البيضاء وسورة ياسين في القرآن سيئون الطويلة محاصرة أنت بضفاف الوادي هل تذكرين قوافل الإبل ؟! وكيف غنى الحادي ؟! سيئون الطويلة ممجدة أنت في أغاني «مرزوق» العظيم تحيط بمنائرك الأضواء الخضراء تغطي الخضرة وجه الأديم ولعل تلك الليلة التي عاش وقائعها المعطرة بالنغم.. والأنس شاعرنا المحضار - ولأول مرة - في سيئون «الطويلة» وضاحيتها الخلابة «القرن» ظلت في وجدانه أجمل من حكايات ألف ليلة وليلة/وتمنى ان تكون له وطناً: ليلة في الطويلة خير من ألف ليلة تفضل فضيلة يا صاحب الموتر تأن القرن يا ليتك تقع لي وطن وإذا كانت سيئون خيراً من /ألف ليلة/ فهي عند شاعرنا المحضار -أيضاً - خير من مدينتي /طنطا وأسوان/ في أرض الكنانة.. اسمعوه يقول : ذا فصل في سيئون نحن عاصوت سيئوني سيئون عندي خير من طنطا ومن اسوان لا جيتها يشتل مني الهم والدنيا تقع عيد باجي لها ولونا ضعيف الساق نتوكأ على عود ولقد كان الشاعر حداد بن حسن الكاف كلما وصل إلى حالة من الهموم واليأس يجد ضالته في ليالي وأسمار سيئون .. وهاهو يعترف : نسيت العشق ونسيت أهله ولما جيت سفح الطويلة لحقته عاد في عشاقها سطله يمضون الليالي زام بعد زام ثم عبر عن ذلك التشبث لدى أهلها، وما تمنحه من مشاعل وأوتار فرح وتفاؤل، يقول : يحبون السلا ناس جملة وتغوي باللحون الجميلة حيونا حصلوها باقية دملة وسط قلبي دويلة من زمان العام إن مدينة سيئون المتنفسة بالدان والأنس، المتحررة من قيود الانغلاق، تمنح للشعراء الحرية.. يقول المحضار : هنا أهل الزيانة هنا ليهم يشلون الزنانة هنا سيئون يمشي حر فيها يا عباد الله