حاول مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان أن يرمي حجرة في مياه الثقافة الراكدة في مدينة تعز سعياً لتفعيل الثقافة فيها وإعادة ترميم آثارها وقد تحسر الحاضرون على ماضي تعز الإبداعي وأجمعوا على «قرف» حاضرها الثقافي لكنهم اختلفوا فقط في الأسباب المؤدية لذلك القرف. في فعالية المركز حول الوضع الثقافي حضرت السياسة كعادتها وكادت الندوة ان تتحول إلى مجرد «مناكفة» بين السياسي والمثقف هذا ان سلمنا جدلاً ان هناك سياسياً حقيقياً أو مثقفاً حقيقياً في اليمن لان هناك تداخلاً غير متجانس بين السياسة والثقافة في البلد فالسياسي هو «مثقف حزبي» قد يكون عضواً في اتحاد الادباء أو كاتباً صحفياً أو دكتوراً أكاديمياً لكنه يطوع الثقافة لخدمة انتمائه السياسي حفاظاً على مصالحه المتشابكة مع مصالح حزبه، والمثقف العادي «اللامنتمي حزبياً» يحاول ان يغرد خارج سرب الحزبية وخارج نطاق تغطية السياسة لكنه يفقد اتصاله بالجمهور الثقافي لأن الذي يدير الفعاليات الثقافية أو المؤسسات الثقافية هو المثقف الحزبي الذي هو اما تابع للسلطة أو خاضع للمعارضة والمناجمة التي دارت بين المثقفين داخل المركز حول من يتحمل الوضع الثقافي المتدني خصوصاً في مدينة تعز، فمثقفو المعارضة يحملون السلطة في المحافظة والحكومة كامل المسؤولية ومثقفو السلطة يردون الأمر إلى ان عجز المعارضة عن أداء دورها يجعلها ترمي بسلة الأوزار على السلطة. والحقيقة ان الاسباب التي ذكرها المعارضون حول تردي الثقافة صحيحة والاشكالية التي ظهرت للعيان ان الجميع يتهرب من تحمل مسؤولية تدهور «الثقافة». يأتي المثقفون الحزبيون إلى كل ندوة أو فعالية وهم مشحونون بكلمات مكررة ومحفوظة،مليئة بالطفح والطفح المضاد وكل يرمي عوائقه على الآخر وكل يدعي حب الثقافة. في تقديري ان تدني وضع الثقافة هو مسؤولية الجميع في السلطة والمعارضة وعندما يرفع المثقفون الحزبيون يد الوصاية على الثقافة والابداع ستتقدم الثقافة خطوات وخطوات.. ولدينا في تعز مؤسسات ثقافية: جامعة تعز والسعيد والمركز الثقافي،والاستفهامات التي دارت حول غياب أدوارها بشكل فاعل كانت منطقية لكن انكار أدوارها بالمجمل لم يكن موفقاً. والذي أراه ان هذه المؤسسات موجودة وتقوم بعمل فعاليات مختلفة لكنها تعاني اشكاليات أولاها:- كما عبر محمد عبده سفيان انها تتم على استحياء ولايدري بها إلا اصحابها وهذا ناتج عن اشكالية غياب «الإعلام» والدعاية لتلك الفعالية وأي فعالية بدون دعاية وإعلان هي فعالية مقبورة وكأنها لم تلد وغياب الإعلام يدل على ان المسؤولين على تلك الفعاليات إما انهم يهمهم فقط سوى الربح الآني من الفعاليات أو أنهم لايؤمنون بالدور الريادي للإعلام وكلا الأمرين يصيبان الثقافة في مقتل لتصبح ثقافة موسمية أو مناسباتية .