لا وفروا خدمات ولا حرروا صنعاء:    احتجاز عشرات الشاحنات في منفذ مستحدث جنوب غربي اليمن وفرض جبايات خيالية    رشاد كلفوت العليمي: أزمة أخلاق وكهرباء في عدن    صراع الكبار النووي المميت من أوكرانيا لباب المندب (1-3)    قيادي انتقالي: الشعب الجنوبي يعيش واحدة من أسوأ مراحل تاريخه    وكالة أنباء عالمية تلتقط موجة الغضب الشعبي في عدن    عدن تشهد اضراب شامل وقطع للطرقات احتجاجًا على تردي خدمة الكهرباء    بناء مستشفى عالمي حديث في معاشيق خاص بالشرعية اليمنية    من أراد الخلافة يقيمها في بلده: ألمانيا تهدد بسحب الجنسية من إخوان المسلمين    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    دموع ''صنعاء القديمة''    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    مارب.. الخدمة المدنية تدعو الراغبين في التوظيف للحضور إلى مكتبها .. وهذه الوثائق المطلوبة    أرتيتا لتوتنهام: الدوري الإنجليزي يتسم بالنزاهة    صحيفة لندنية تكشف عن حيلة حوثية للسطو على أموال المودعين وتصيب البنوك اليمنية في مقتل .. والحوثيون يوافقون على نقل البنوك إلى عدن بشرط واحد    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    تشافي: أخطأت في هذا الأمر.. ومصيرنا بأيدينا    تعيين الفريق محمود الصبيحي مستشارا لرئيس مجلس القيادة لشؤون الدفاع والامن    صورة حزينة .. شاهد الناجية الوحيدة من بنات الغرباني تودع أخواتها الأربع اللواتي غرقن بأحد السدود في إب    النفط يواصل التراجع وسط مؤشرات على ضعف الطلب    الحوثيون يبدؤون بمحاكمة العراسي بعد فتحه لملف إدخال المبيدات الإسرائيلية لليمن (وثيقة)    ميلان يكمل عقد رباعي السوبر الإيطالي    شاهد.. الملاكمة السعودية "هتان السيف" تزور منافستها المصرية ندى فهيم وتهديها باقة ورد    انهيار جنوني متسارع للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي (أسعار الصرف)    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    رسميًا: تأكد غياب بطل السباحة التونسي أيوب الحفناوي عن أولمبياد باريس 2024 بسبب الإصابة.    باريس يسقط في وداعية مبابي    دموع "صنعاء القديمة"    فساد قضائي حوثي يهدد تعز وصراع مسلح يلوح في الأفق!    رسالة صوتية حزينة لنجل الرئيس الراحل أحمد علي عبدالله صالح وهذا ما ورد فيها    تحرير وشيك وتضحيات جسام: أبطال العمالقة ودرع الوطن يُواصلون زحفهم نحو تحرير اليمن من براثن الحوثيين    منصات التواصل الاجتماعي تشتعل غضباً بعد اغتيال "باتيس"    هل تُصبح الحوالات الخارجية "مكسبًا" للحوثيين على حساب المواطنين؟ قرار جديد يُثير الجدل!    للتاريخ.. أسماء الدول التي امتنعت عن التصويت على انضمام فلسطين للأمم المتحدة    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    الأمم المتحدة تعلن فرار مئات الآلاف من رفح بعد أوامر إسرائيل بالتهجير    "أطباء بلا حدود" تنقل خدماتها الطبية للأمهات والأطفال إلى مستشفى المخا العام بتعز مميز    بمشاركة «كاك بنك» انطلاق الملتقى الأول للموارد البشرية والتدريب في العاصمة عدن    عدن.. ارتفاع ساعات انطفاء الكهرباء جراء نفاد الوقود    بدء اعمال مخيّم المشروع الطبي التطوعي لجراحة المفاصل ومضاعفات الكسور بهيئة مستشفى سيئون    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    مصرع وإصابة 20 مسلحا حوثيا بكمين مسلح شرقي تعز    لو كان معه رجال!    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بلباو يخطف تعادلًا قاتلًا من اوساسونا    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    بسمة ربانية تغادرنا    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حجة .. ثقافة وإبداع ... وعزلة مثقف
لا فرع لاتحاد أدبائها

بات من الطبيعي جداً .. بل من الضروري أن “الثقافة” في كل أنحاء العالم عنوان تقدم الشعوب ورقيها وحضارتها الإنسانية ومن هنا جاء الاهتمام بمكوناتها ومفرداتها الأساسية التي تضمن لهاب بقاء الاستمرار وخصصت لها الشعوب ميزانيات ضخمة لتؤتي ثمارها على تلك الأوطان ولم تعد الثقافة ترفاً أو مفردة فائضة عن الحاجة كما يرى ذلك من أفرغوا الكلمة من معناها الأصلي..
وجردوها من محتواها،فنظروا إليها كشيء فائض عن الحاجة وهنا لا فرق بين أولئك وبين وزير دعاية«هتلر» “جوبلز” في مقولته الذائعة الصيت:
“حينما أسمع كلمة ثقافة أضع يدي على مسدسي”!!
ومحافظة “حجة” إحدى أهم محافظات اليمن التي أنجبت كبار المبدعين والمثقفين الذين أثروا الساحة الوطنية الثقافية بإبداعاتهم الخلاقة في مختلف الفنون والآداب الإبداعية،فكل قرية وعزلة أنجبت مبدعاً وعلامة وكاتباً وشاعراً وصحفياً وفناناً .. وكل حجر معه حكاية خط عليه بأنامل إبداعه الخالد..
ولمعت أسماء خرجت من عباءة هذه المحافظة المطرزة بجمال طبيعتها السندسية الخضراء.. ورغم تلك المقومات لم تمتلك هذه المحافظة حتى الآن فرعاً “لاتحاد الأدباء والكتاب”.. بالإضافة إلى أن مبدعيها يعانون عزلة تامة وإقصاء من قبل بعض الجهات المعنية بالثقافة.. بل إن معظم مبدعيها غادروا إلى أمانة العاصمة حيث الأضواء المسلطة.. وربما لأنهم لم يستطيعوا الصمود طويلاً أمام العتمة المفزعة.. ولم يتبق بها إلا من استطاعوا الصمود في ساحة الحرف؛فالبعض يُلقي باللائمة على المثقف “نفسه” والبعض الآخر يرجع الأسباب إلى الجهات المختصة بالثقافة والإبداع..!!
وهنا طرحت “صحيفة الجمهورية” مجموعة من التساؤلات على مبدعي ومثقفي حجة .. لماذا مثقف حجة يعاني التغييب وعدم الاهتمام في الوسط الثقافي اليمني..؟!
وإلى من تعود أسباب غياب فرع اتحاد الأدباء بحجة رغم أنها أنجبت عمالقة الإبداع الحاضرين في المشهد الثقافي..؟!!
وهل يتحمل المثقف جزءاً من المسئولية..؟!!
وماهي المؤسسات الحاضنة والمعنية بالإبداع في المحافظة؟!
وماذا قدمت للمبدع..؟!!
فكن معنا عزيزي القارئ في سياق ماطُرحَ على المختصين والمعنيين بذلك..
انحسار الدور الثقافي...!!
يشير في البداية الكاتب محمد علي عناش.. إلى أنه لمع مبكراً أدباء ومثقفون ومفكرون، يعتبرون من جيل الرواد الذين أسهموا في إثراءِ المشهد الثقافي اليمني، وكانت لهم بصمات واضحة في هذا الشأن، بالإضافة إلى إرتباط بعضهم بالحركة الوطنية التي حضرت وهيأت لتفجير ثورة سبتمبر، إنهم تلاميذ النعمان بالمدرسة العلمية بحجة، أمثال: أ. المرحوم عبدالله عناش الذي أنشأ أول مدرسة نموذجية في تعز هو وصديقه الأستاذ محمد المناظري وأسمياها “مدرسة النجاح” والأستاذ الشاعر محمد الشرفي أول من أذاع بيان الثورة، والمرحوم الدكتور محمد علي الشهاري أروع من أرّخ للحركة الوطنية وتطورها في اليمن شمالاً وجنوباً، والدكتور محمد عبدالملك المتوكل وغيرهم الكثير.. ويرى “عناش” أن بعض هؤلاء طالهم شيء من التناسي ولم ينالوا ما يستحقونه من الاهتمام، لعوامل متعددة أهمها: انحسار الدور الثقافي لوزارة الثقافة في فترات متعددة، وغياب المنهجية في الخطط البرامجية الثقافية التي من المفترض أن تقوم بالتنقيب والبحث لاكتشاف التاريخ الثقافي لكل منطقة، وإبرازه بشتى الوسائل، فهناك أكثر من عشرة أجيال من العلماء والأدباء في منطقة الشرفين لوحدها لايزالون طي النسيان، هم وإنتاجاتهم في شتى فروع العلم والمعرفة.
أحزننا جداً أن وزارة الثقافة نزلت إلى معظم المحافظات لتكريم رموزها الثقافية والإبداعية الذين ارتبطون بالمكان ارتباطاً وجداني وحميمي، هذا التكريم الذي كان سيثير إحياءً لهذه الرموز الأدبية في الذاكرة الجمعية بالمحافظة هذا جانب، ومن جانبٍ آخر لم تلمس أي جهود جادة لاحتواء المثقفين والمبدعين في المحافظة لتشكيل النواة الأولى لفرع إتحاد الأدباء والكتاب بالمحافظة، رغم مطالبتنا كثيراً دون جدوى، مع عتبنا الشديد لمثقفي حجة من الجيل الثاني والمقيمين في صنعاء.. الذين لم يعطوا هذا الموضوع شيئاً من وقتهم واهتمامهم وهناك عامل آخر مهم وراء تناسي الفعل الثقافي والتنويري في المحافظة، هو أن من سوء حظ المحافظة، أن غالبية من تعاقبوا على السلطة المحلية بالمحافظة لم يولوا أي اهتمام بهذا الجانب ولم تندرج المسألة الثقافية في أجندة اهتماماتهم طوال عقدين مضيا، بالإضافة إلى أن الأحزاب استهلكت جُل طاقتها وجهدها وإمكاناتها في العمل السياسي والتنظيمي الصرف مهملة ومغيبة المثقف والمبدع والنشاط الثقافي.. ومع ذلك لم تنقطع محاولات المثقف في أن يوجد ذاته وأن يحفر في الجدار عله يفتح ثغرة للنور وأن يُشعل الشمعة تلو الشمعة في الظلام.
مجتمع يُعاني الأمية..!!
أما القاصة أمة الحق الشرفي تقول: مثقف حجة لا يسعى لإثبات ذاته في أغلب الأحوال.. فهو إما أن يستسلم لواقع الحال أو يناضل لفترات محدودة، حتى يصاب بخيبة قاتلة نتيجة الإهمال.. أو يهاجر إلى صنعاء لإثبات ذاته...!! وحسب تعبير أمة الحق... لا يوجد قائمون على الثقافة إن صحت كلمة “قائمين” هناك أفراد وما عسى الأفراد أن يصنعوا، وتحمِّل المبدع مسئولية تهميشه لنفسه.. وفيما يخص “المبدعات” فهن يكافحن لإيصال رسالتهن لكن قربتهن “مخرومة” حسب تعبير “الشرفي” فأغلب طموحاتهن تذهب أدراج الرياح..!!
أما المؤسسات المعنية بالثقافة فالمجتمع بشكل عام مجتمع فقير إلا من بعض الأفراد ذوي القدرة وهم يُعدون على الأصابع.. وإذا كان المجتمع يُعاني الأُمية فما فائدة أن تكون مثقفاً.. أو أن تشجع المثقفين كما قال أحد الأدباء المعروفين في المدينة للأسف...؟!!
أما ما يخص اتحاد الأدباء تضيف “الشرفي” هذا السؤال يوجه إلى المسئولين في مكتب الثقافة بحجة...؟!! وأذكر أنه كانت هناك محاولة لإقامة منتدى أدبي في حجة عُرف باسم “الخيل” لكنه فشل للأسف بعد بضعة شهور لأنه لم يلق دعماً من أي مؤسسة، كما أن المحافظة لم تبد أي اهتمام به.
ظاهرة النزوح.. إلى خارج المحافظة..!!
وعن عُقدة المثقف يعتقد الباحث عادل راجح شلي أن حالة التناسي ليست قصراً على محافظة حجة وإنما على الجميع وفي كل ربوع الوطن.. ويستدرك “شلي” لكن معاناة مثقفي حجة هي الأبرز في المشهد العام وذلك لانعدام المقومات الأساسية للفعل الثقافي في محافظة حجة، وإصرار القائمين على إدارة المحافظة على عدم توفير هذه المقومات يوضح حجم معاناة مثقفيها من جهة، ويوضح ما يحتاجه الإبداع من البطولة والعزيمة والإرادة حتى ينمو ويستمر في محافظة حجة، مما يجعلنا نقفُ بإجلال أمام المآثر التي تشبه المعجزات التي يجترحها مثقفوها حتى يمارسوا رسالتهم الثقافية بكل بسالة واقتدار، وهذا يفسر لنا ظاهرة النزوح الكبير للمبدعين والموهوبين إلى خارج المحافظة، ورغم روعة وجمال الأزهار التي نمت في الحديقة الخلفية أو البستان المواجه لقصر السلطان، إلا أن الروعة الحقيقية والجمال الذي يستوقف النظر هو تلك الزهور المضيئة التي حفرت مسارها في قلب الصُم .. في جبال وسفوح وسهول محافظة حجة، لذا لا غرابة إذا ما تضوّع عطرها في كل الجهات...
عُقدة الخوف.. من المثقف...!!
تزخر محافظة حجة بالعديد من الأدباء والشعراء والمثقفين والعلماء الأعلام والمفكرين ذكوراً.. وإناثاً.. ذلك ما بدأ به د مجاهد حميد اليتيم عضو المجلس المحلي مداخلته وأضاف لأنهم الثروة الحقيقية والقلب النابض لأي مجتمع، باعتبار أنهم يحملون مشاعل النور والتنوير، وهم أكثر شرائح المجتمع إحساساً بهموم وتطلعات وآمال وطموحات أبناء الوطن عموماً، وأبناء المحافظة خصوصاً، كونهم يحملون مشاريع وطنية مبنية على العلم والدراية والرؤية الثاقبة والفكر المستنير، ورغم ذلك نجد المثقف مغيباً في محافظة حجة، والسبب في ذلك يعُود إلى عُقدة الخوف المستفحلة لدى البعض من المثقف، فهم يرون أن بروز وتمكين المثقف من أداء دوره الوطني في المجتمع بتلك العقلية الواعية الفاهمة، هو بمثابة إقصاء لشخصياتهم، وهو ما يرددونه بالقول “يزقُ المِهرة” ناهيكم عن هيمنة شخصية الشيخ “طفّاح” في أحايين كثيرة لاسيما وأن نسبة الأمية في المحافظة تفوق 56 %، وبهذا يظل دور المثقف محصوراً ومحاصراً.
ويضيف ((اليتيم)) والملاحظ أن غياب فرع إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في المحافظة رغم توفر النصِاب وكثرة الأدباء والكتاب، ورغم توفر الاشتراطات المطلوبة للأسباب المشار إليها آنفاً،((عُقد الخوف)) من تنافي وتعاظم شأن المثقف...!! ويعتقدُ((اليتيم)) أن المثقف يتحمل جزءاً من مسئولية تغييبه من قبل السلطة و المعارضة،لعدم الاستمرار في المطالبة بحقوقه، واستسلامه للمعوقات وعُقد الآخرين وعدم كشفه لحقائق ما يجري وما يحاك ضده..ولعزوفه فترة كبيرة عن الكتابة والتعبير عما يحدث في حقه وحق المجتمع حتى تحول من فرعون إلى فراعنة، وأكاد أجزم بأن المثقف في الآونة الأخيرة بدأ يخرج من قوقعته إلى الوجود وبقوة لا محدودة وأحسبُ ذلك سيستمر وأن الفرصة مواتية لينال المثقف حقوقه وأن تلك المعوقات ستتهاوى . بات إتحاد الأدباء...أشبه بالمزهرية البلاستيكية
- ويرى أ/الشاعر /علي حسن وهبان ...أن الثقافة والإبداع عالمان لا تتفقُ عوالمهما ولا تنسجم ولا تتجانس مع عالم العنف ومبرراته المقدسة فالكلمة تعتبر نفسها البديل عن المدفع والرشاش والبندقية وكل منتجات الحروب ومبرراتها العدمية والقلم والريشة ويعتبران نفسيهما الأجمل والأفضل لحياة البشر والأحق بالسيادة على الوعي البشري وهذا ما لا ترضاه سياسات ومفاهيم التسلح والاستبداد ...ومن هناك فلا مكان للمثقف والمبدع والفنان الرافض لثقافات العنف الصراعية في ساحات الكر والفر وقداسات انتهاب الأرواح واختزال الشعوب لاعلى المجتمعات وحرية التصرف في الممكنات والإمكانات للسيطرة على الكيانات والقدرة على خلقها وتشكيلها وفق المفهوم الصراعي وتجذراته السائدة..إننا عند التطرق إلى قضية الثقافة والإبداع بشمولية وتوسع لابد أن نضع نصب أعيننا قضية الحرية باعتبارها واحة التفاعل البشري ومنطلقاته وساحة التنافس بين التفاوت التكاملي للقدرات وتطوراتها المتجددة، ففي غياب الحرية يتسيد الاستبداد والاستحواذ الاختزالي ويسيطر مفهوم النمطية الأحادية وهنا يحول العقل من متبوع إلى تابع مرغماً..وتتحول القوة والسطوة إلى نمط مسيطر ومسخر لكل القوى ..وبالتالي يكون المثقف والمبدع المطلوب والمفهوم الثقافي والإبداعي المشرعن هو ما يدعم ويغذي ديمومة الاستقواء الأحادي ومحافظة حجة واحدة من المحافظات التي تعيق النمطية الأحادية فيها بالتنوع الثقافي والإبداعي..ويتم تهيئتها وتغييب مبدعيها من خلال نمطية المؤسسات الحاضنة والجهات المعنية بالإبداع والثقافة بكل منتجاتها ومعانيها المستنيرة...وخصوصاً تلك الرافضة للأروع أو الالتحاق بثقافة السائد النمطي ومفاهيمه الأحادية...وحسب تعبير((وهبان)) أن وجود فرع (( إتحاد للأدباء والكتاب)) بحجة ...قد غُيب واختزل وبات أشبه بالمزهرية البلاستيكية ..وبذلك فقد ألُحق بسياق النمطية ومفاهيمها الراكدة.
ولذلك فهو محصور في المركز وفروعه لم تتجاوز عدداً قليلاً من المحافظات التي اضطرته إلى استيعابها بشكل أو بآخر ..كذلك وزارة الثقافة وفروعها الراكدة باستثناء نقطة الضوء الوحيدة التي مثلها عام 2004م والتي أدار فعالياتها باقتدار أ/ خالد الرويشان ...ويضيف ((وهبان)) المثقف والمبدع يتحمل جزءاً من المسئولية فيما يحدث له..ثانياً انعدام المناخ المؤسسي الحر قد يحول المثقف والمبدع إلى جزءً من السائد الاستبدادي ويعطي فرصة للمستغلين والوصوليين والأشباح ومن بدورهم يحلون محل المثقف والمبدع الحقيقي ويفرضون سلطتهم عليه ويعملون على إقصائه وتغييبه ..ليظلوا هم الممثل الشرعي الوحيد لكل ما هو ثقافي وإبداعي ...والثقافة والإبداع في مسار ديمومة تجددها تفرز الوعي والإدراك للذين يصورون الإنسانية في أجمل وأروع صورها القيمة والحقوقية وحقائقها الوجودية ...وبالتالي فالإنسان يسمو بها ومن خلالها ليكون هو ذاته الفاضلة والمتجذرة في كل الذوات الأخرى...فإذا فهمنا هذه المسألة الجوهرية استطعنا فهم ما يحدث في الواقع للمثقف والمبدع ..في أي مكان أو زمان ...وبرأي ((وهبان)) أن الشعوب والمجتمعات التي تخلو من المشاريع التنويرية تكون واقعة في فسادٍ وإفساد لا شعوري....إذاً نحن في حاجةٍ إلى مراجعةٍ جادة لكل ما هو سائد ..وغربلة لكل ما هو ثابت ومتغير في القناعات والمفاهيم ذات الصلة بالحياة والأحياء في أي إطار جو ثقافي والانفتاح على التنوع والتعدد
المؤسسات الرسمية...وجودها ثانوي...!!
ولأهمية الموضوع توجهت صحيفة “الجمهورية” بطرح تساؤلاتها على مكتب الثقافة بحجة...ليضع النقاط على الحروف...فكان رد نائب مدير مكتب “الثقافة” الشاعر والناقد أ/عبدالرحمن مراد...الذي لا يظن أن هناك فعلاً موجهاً بقصد التغييب ما يحدث هو غياب يصنعه المثقف ذاته...أما الآخر فظني أنه لا يملك هذه القدرة، ولو قدر عليها فأعتقد أن قدرته تظل محدودة ، وغير ذات جدوى، ويضيف “مراد”: الذات هي التي تملك إمكانات حضورها وهي التي تحمل مقدرات غيابها وفنائها، ومحاولة تفجير طاقاتها، أي الذات..وتوظيفها التوظيف الأمثل سيخلق مناخات الحضور في سماء المشهد الثقافي الوطني.
ويوجه إلى “مثقف حجة” أن يدرك أن وجوده في المشهد الثقافي الوطني لا يصنعه الآخرون له..ولكن يرتبط ذلك الوجود به شخصياً، ويقول له أ.مراد: لأبد أن تملك مقومات الوجود أنت في ذاتك وفي إمكاناتك الذهنية والفكرية والنفسية...وما يخص وجود فرع لإتحاد الأدباء يضيف “مراد” هذا موضوع مطروح على الطاولة وهو حاضر في الأجندة والعائق الوحيد في النظام الأساسي للإتحاد الذي له اشتراطات في الانتساب وفتح الفروع وهذه الاشتراطات هي المانع الوحيد أمام عدم وجود فرع لإتحاد الأدباء بحجة ،علماً أن مبدعي المحافظة آثروا سكنى صنعاء وانتسبوا إلى فرع صنعاء ونحن ندرك أهمية المركز في الدول العربية وهامشية الأطراف حتى في الابتعاث والتمثيل الخارجي والأنشطة والفعاليات ويضيف «مراد» المثقف يتحمل كل المسئولية وليس جزءاً منها فيما يحدث له لأنه قادر على صناعة لحظته الحضارية وقادر على التفاعل مع المناخات وقادر على استغلال الإمكانات المتاحة وتوفير ما يتطلبه النشاط أو الهدف الذي يود الوصول إليه،هو بحاجة فقط إلى إعادة ترتيب المفاهيم في ذهنه وإعادة ترتيب ذاته وتوحيد الطاقات والجهود حينها سيدرك كم كان على غير وفاق مع هذا الواقع وفق معطيات الواقع الجديد القائم على المناخات الديمقراطية وحرية التعبير والاعتقاد أصبح وجود المؤسسات الرسمية وجوداً ثانوياً لا يصنع الفعل الثقافي أو النشاط الثقافي بل لقد اقتصرت على الإشراف والمراقبة وخلق المناخات وتوفير البنى التحتية اللازمة لقيام الفعل الثقافي الواعي..إذن المجتمع المدني ومؤسساته هي التي تقوم بصناعة الفعل الثقافي وتموجاته وهنا نستطيع القول أن هناك غياباً لهذه المؤسسات..وهناك غياب للوعي بأهمية هذه المؤسسات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.