بسم الله نبدأ.. وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وآله وسلم نسير.. أحبتي في الله .. حوار هادئ مليء بالشوق والسكينة مع أحب الشهور وأدفأ ليالي العام. قلتُ: رمضان حياك الإله، كم أوحشتنا، ولكم دعونا الله إلا زرتنا. رمضان: والله إني لأحب المؤمنين، وأحمل بين طياتي لهم الشوق والحنين، وقد أحضرت لهم معي هدايا، تجوب البقاع والحنايا، أولها العتق من النيران، وأعلاها مرضاة الرحمن، وينادي من السماء قائل: هذا للخير فاعل، أقبل تنزل منازل، ولاترد سائل، وياباغي الشر قف، وتذكر الموقف، بين يدي جبار والكل يرتجف. قلتُ: فحدثنا عن أول لياليك. قال: إذا أقبلتُ فاحتسب، وعليك بالإيمان تنل الغفران، أما المعاصي فاجتنب، قال الصادق الصدوق صلى الله عليه وآله وسلم:« من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه». وعليك بالقيام من أول الليالي، تنل الغفران، وتفوز بالمعالي ، قال صلى الله عليه وآله وسلم:« من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه». ولاتنس السحور، بالخير والحبور، فتنزل البركات، وتكثر الخيرات، وما أحلى الوصال في أواخر الأسحار، فعساها دمعة حارة، تورث البلاد السارة، بلاد الأفراح، ومواطن الفلاح، لطيب الأرواح. ثم صلاة الفجر، مع رجال الخير، في مسجد الجماعة، فما أحلى البضاعة، وإياك والمزجاة، فأحسن الصلاة، وحلها بالخشوع،في القيام والركوع. وأذكار الصباح، تورث الانشراح «ألا بذكر الله تطمئن القلوب». ووردك للقرآن، لترتق الجنان، هيا اقرأ ورتل، وعلى المصحف أقبل. قلتُ: فبماذا تنصح الشباب، ومن يسلي صومه بالرق والرباب؟! قال: ألا أتقى الإله، فربِّ صائم لاه، قد نال من صيامه، الجوع في عظامه، وضاعت الأجور، في اللهو والسفور، قال صلى الله عليه وآله وسلم :« من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فلا حاجة لله في أن يترك طعامه وشرابه». إياك والدشوش، فكأنها الوحوش، تلتهم الصيام، وتحيد عن القيام، وهذه الأفلام صناعة اللئام، تكسر الصيام، أخي فاتق الإله الذي لاينام. قلتُ: ومانصيحتك للنساء؟! قال: لايستشرفنكم الشيطان، لتفسد الأديان، ويقل الايمان، فعليكن بالحجاب، فالستر في الجلباب، وليكن النقاب لكن خير باب. ولتكن الأمهات القدوة للبنات، والزمن الطيبات فهن الخيرات، لتكثر الحسنات في ظل الأخوات. قلت: فما النصيحة التي توجهها للأمة؟! قال: الأمة تحتاج إلى رجال، كل منهم كألف، بالمصحف والسيف، يدعو إلى الفلاح، ويرفع الاتراح، ويمسح الدموع، ويحقن الدماء، ويوصل الأنام بمنهج السماء، وهذا الخير آت، فاغتنم ساعاتي، وقم بحق الدعوة، فالمؤمنون إخوة، وكن أنت الرجل كألف من الرجال، فما عند الإله من شيء محال. قلت: من هم الذين يطربونك؟! قال: المكثرون من الاذكار، العاشقون للمصطفى المختار، الذين استقبلوني بالمدائح، وعطروني بألوان الروائح، يبكون عندما يودعوني،وعلى بقية الشهور يرفعوني، أصواتهم بذكر الله عالية، وأخلاقهم مع احبابي حالية، فهؤلاء معزتهم عندي غالية. قلت: ومن هم الذين تبغضهم وعن أجرك تبعدهم؟! قال: الذين شوهوني بالغيبة والنميمة، وقاموا بكل معصية وجريمة، ولم يجعلوا لي حرمة، ولم يبذلوا لي الخدمة، غارقون في الذنوب، مشغولون بالعيوب، شغلوا أوقات ليالي بالملاهي، وساعات نهاري بالنواهي لم يفرقوا بيني وبين غيري من الشهور، وكذبوا ماوعدهم ربي من الحور، بما ارتكبوه بالمعاصى طيلة الدهور. قلت: أخبرني عن العشر الأواخر؟! قال: في العشر الأواخر، تدخر الجوائز، ليفوز كل فائز، فالعتق من جهنم وبعدها لاتندم، وفيها ليلة القدر، خير من ألف شهر، فعليك بعلو الهمة ولاتكن في تخمة، لتفوز بالجنان والطيب والريحان، فهذه السلعة قد عرضت في السوق، وهي عند الله غالية وصاحبها من النار معتوق. قلت: أنت عما قريب تودعنا.. فبماذا توجهنا؟! قال: أن تستغلوا فترة وجودي بينكم، وأن تحسنوا ضيافي عندكم، وذلك بالذكر والمذاكرة، ومجالسة أهل الأخرة، وتلااوة القرآن والخشوع بدموع ماطرة، وقيام الليل بقلوب حاضرة إذا فعلتم ذلك كنتم قد أحسنتم ضيافتي، وحافظتم على سلامتي. اللهم أثلج صدورنا بنصر المؤمنين،كما نسألك أن تثلجها بنصرنا على أنفسنا وهوانا وشياطين الانس والجن يارب العالمين، اللهم انصر الأمة، وامط عنها الاذى والردى، وامسح عنا الغمة لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا ظالمين.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين