قال صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إن اجتنبت الكبائر»، وقال أيضاً: «ورأيت رجلاً من أمتي يلهث عطشاً كلما ورد حوضاً مُنع منه، فجاءه صيام رمضان فسقاه ورواه». وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أول ليلة من رمضان صفّدت الشياطين ومردة الجان، وغُلّقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفُتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، ونادى مناد: ياباغي الخير أقبل، وياباغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة». رمضان من أفضل الشهور عند الله تعالى، وأيامه أفضل الأيام لا يفضلها من أيام العام إلا يوم عرفة، ولياليه أفضل الليالي ففيها ليلة القدر التي هي عند الله خير من ألف شهر، ولهذا فرض الله على المؤمنين به صيام نهاره، وندبهم إلى قيام ليله، وجعله موسماً روحياً تنعم فيه الأرواح بدوام صلتها بربها وقوتها، تلجم فيه شهوات الجسد وغرائزه وتنطلق فيه الأرواح من قيود الأرض وشهوات النفس وغرائزها ، وتصفوا القلوب والأرواح بالتوبة والاستغفار، وتشرق بالإكثار من ذكره وشكره وحسن عبادته، وتزكوا فيه الأنفس فيخلصها من أدران الذنوب وظلماتها، وتتخلص من عيوبها ونقائصها وتعالج أمراضها وترتقي في مراقي كمالها المقدر لها، فينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يحسن استقباله ويكرم وفادته ويحسن محبته بعمارة أيامه ولياليه بما يليق بها، يغتنم فرصته بإصلاح أحوال قلبه والإرتقاء بروحه وتزكية نفسه ويحرص على أن يخرج منه بأكبر قدر يوفقه الله إليه من سمو الروح وصفائها ومن إشراقات أنوار الإيمان والتوحيد والتقوى في قلبه ومن تزكية لنفسه وارتقاء بها إلى كمالاتها، وذلك من خلال حرصه على أمور أهمها: 1 - أن يصوم أيامه صياماً مقبولاً وكاملاً يدرك فيه حظ قلبه ولسانه وجوارحه منه، فحظ القلب من الصيام حضوره مع الله وإقباله عليه محبة له وتعظيماً وإجلالاً يرجو ثوابه ويخاف عقابه، وإخلاص نيته له متذكراً قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان أيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، وحظ لسانه منه إمساكه عن الإثم واللغو وقول الزور ملتزماً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليلقل خيراً أو ليصمت» ومتذكراً قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه»، وحظ جوارحه من الصيام إمساكها عن معاصي الله تعالى وعن ما يغضبه ويسخطه من الأفعال والأقوال. 2 - التزام أداء الصلوات الخمس جماعة في المسجد وأداء السنن القبلية والبعدية والتزام الأذكار والأدعية الواردة بعد الصلوات. 3 -الالتزام بقيام الليل ابتداء بصلاة التراويح، واختتاماً بما شاء الله أن يصليه آخر الليل، مع الحرص على أن يقبل على الصلاة فرضاً ونفلاً بحضور قلبه وخشوعه وتدبره في معاني أذكارها والآيات المتلوة فيها. 4 - الإكثار من تلاوة القرآن بحضور قلب وخشوع وتدبر.