موحشة وخالية مدينة صنعاء خلال أيام العيد ولا تبدو مثلما تبدو في بقية الأيام ، فخلال أيام العيد تتحول هذه المدينة الصاخبة بسكانها وسياراتها وفوضوية الحياة فيها إلى مدينة موحشة لا حياة فيها سوى للسكون الذي يلف شوارعها وأحياءها المتناثرة على أكثر من اتجاه من غير نظام ولا ترتيب، لدرجة تشعر من بقي فيها مضطراً للسأم والملل. وقبل أيام من حلول العيد من كل عام، يبدأ سكان العاصمة صنعاء بمغادرة المدينة عائدين إلى قراهم ومدنهم التي جاءوا منها للعيش في صنعاء إما بسبب الوظيفة العامة أو طلباً للرزق، خاصة وأن معظم الحركة التجارية تكاد تكون محصورة في العاصمة التي تحتضن نحو مليوني شخص. وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي يعيشها اليمنيون ، فإنهم يكونون مضطرين لترك العاصمة إلى قراهم ومدنهم لقضاء أيام العيد بين أهاليهم وذويهم بدلاً من البقاء في صنعاء التي تتحول إلى مدينة موحشة خلال الأيام الأولى للعيد. ولا تستعيد توازنها سوى بعد مرور أكثر من أسبوعين من العيد، وأحياناً أكثر، حيث يضطر الكثير من سكان الأرياف إلى البقاء فترة أطول في قراهم قبل أن يعودوا إلى إيقاع الحياة اليومية في العاصمة. ويعاني المواطنون الذين تضطرهم الظروف إلى البقاء في العاصمة خلال فترة العيد الكثير من الظروف الصعبة، وخاصة مع إغلاق المحال التجارية أبوابها، بالإضافة إلى المطاعم والمقاهي وغيرها من الخدمات الضرورية خلال أيام العيد، على الرغم من أن سلطات البلدية تصدر تعليماتها قبل حلول المناسبة لأصحاب المطاعم والمحلات التي تقدم خدمات يومية للمواطنين، مثل المخابز وغيرها بضرورة فتح أبواب محلاتهم التجارية لتقديم خدماتها للمواطنين ، غير أن أصحاب هذه المحلات لا يلتزمون غالباً بهذه التوجيهات فيغادرون المدينة تاركين سكانها لعدد محدود من المتاجر التي لا تلبي حاجة المقيمين في المدينة وخاصة السياح الأجانب الذين يكونون مضطرين للبقاء داخل غرفهم في الفنادق التي ينزلون فيها إذا ما صادف وجودهم أيام العيد. وككل عام يحل فيه العيد يكون القات هو الحاضر الوحيد في المجالس حتى وإن كانت أسعاره تفوق الخيال، ويضطر البعض من المولعين به إلى إنفاق مبالغ خيالية قد تصل إلى ربع راتبه لشراء مؤونة القات في يوم العيد الذي يكثر عليه الطلب ويقل فيه العرض، ويصل سعر حزمة القات البسيطة إلى ثلاثة آلاف ريال (حوالي 20 دولاراً) وأحياناً إلى أكثر من ثمانية آلاف ريال (ما يوازي 50 دولاراً). أما الأطفال، فإنه باستثناء اللهو في الملاهي التي لا تتوفر فيها كل ما يرغب فيه الأطفال، علاوة على غلائها، فإنهم لا يجدون غير المساحة التي أمام منازلهم ليلهون بالألعاب النارية التي تتسبب في كثير من الأحيان بإصابات بينهم، بخاصة صغار السن الذين لا يجيدون التعامل مع هذه الألعاب الخطرة التي تعرف باسم (الطماش) والتي تحدث بعضها أصواتاً شبيهة بأصوات طلقات الرصاص، الأمر الذي يوقع أجهزة الأمن في حيرة في كيفية التعامل معها، إذ أنه من الممكن أن تحدث جرائم وتبادل لإطلاق النار دون أن يكون واضحاً لهذه الأجهزة ما إذا كان ذلك حقيقياً أم لعب أطفال. وللعيد في اليمن طقوس وعادات قديمة ولا تختلف التقاليد والعادات في الريف أو المدينة ، فهناك مظاهر عامة صارت من علامات العيد. وتصل إلى ذروتها عشية العيد، بل وإلى الساعات الأولى من فجر اليوم الأول منه. فالأسواق تشهد ازدحامًا معتادًا- وإن كان حجمه أكبر في عيد الفطر- وتمتلئ المحلات وأرصفة الشوارع باحتياجات العيد، وبالمشترين، والمتفرجين على حد سواء. وتمنح الأسواق الشعبية وبائعو الأرصفة فرصًا عديدة لذوي الدخل المحدود لشراء حاجيات العيد. كما يتخذ بائعو مكسرات العيد أماكنهم في الشوارع بعضهم في سياراتهم، وبعضهم في الزوايا يعرضون بضاعتهم من الزبيب، والفستق، واللوز اليمني، والفول السوداني، واللبان ومعها تشكيلات من الشكولاته والحلويات؛ وتزدهر محلات بيع ألعاب الأطفال. ومن مظاهر العيد البارزة في اليمن أداء صلاة العيد في الساحات العامة ، وصارت تشكل مظهرًا عامًا، يميز صباح اليوم الأول للعيد. كما ينشغل اليمنيون صباح أيام العيد في التزاور، وزيارة الأهل والأقارب والأصدقاء، وتبادل التهاني. والذهاب إلى الحدائق العامة ؛ حيث يجد الأطفال والكبار- على السواء - متعة في الألعاب الحديثة الموجودة هناك، والتي تتميز المدن بها عن غيرها.