ما إن يطوي رمضان أيامه الأخيرة حتى تجد القرية والمدينة مزدانتين بأجمل الحلل والكل يؤمهما لقضاء إجازة العيد، أطفال باسمون, ألعاب تتراقص في عنان السماء, شوارع تخلو تدريجياً حتى يخيل إليك أن الحياة قد توقفت في هذا الجزء من العالم لتتحرك هناك, إنه العيد ولا شيء سواه قادر على إعادة توزيع البشر بهذه الكيفية التي ما كان لأحد أن يفعل ذلك سواه, أناس يحبون قضاء الإجازة في القرية وأناس تمردوا على هذا الطقس وفضلوا المدينة بحكم ما فيها من ملاهٍ ومتنزهات وأماكن للمتعة «عيديات» استطلع آراء البعض عن الفرق بين العيد في المدينة والريف وكان لنا هذه الحصيلة: طقوس المدينة مختلفة قليلاً: عبدالقوي غالب محمد قال: طقوس العيد في المدينة تختلف قليلاً عن الطقوس المعتادة في القرية فأغلبها متشابهة كون المجتمع مجتمعاً واحداً ذا عقيدة واحدة وعادات وتقاليد واحدة إلا أن هناك في المجتمع المدني بعض الطقوس القليلة المغايرة لطقوس القرية مثل الاهتمام بالحلوى وكعكة العيد والذهاب إلى الحدائق العامة والمتنزهات وبعض المناطق السياحية ووجود بعض الألعاب للأطفال وتبادل الهدايا وقيام الشباب بالخطوبة والأعراس في الصالات إلا أن أغلب سكان المدينة يفضلون الأعياد في القرى وخاصة في مواسم الأمطار ولهذا تجد المدينة في الأعياد خالية الشوارع وأغلب المحلات التجارية مغلقة وخاصة في عيد الأضحى المسمى بالعيد الأكبر.. وأضاف: العادات التي تجدها في كل من المدينة والقرية هي وصول الناس الى مصلى العيد مبكراً وإقامة الشعائر الدينية وتبادل المصافحة وزيارة الأهل والأقارب والأرحام والجيران مما يؤدي إلى إزالة الفرقة وإحلال السلام والوئام في الأعياد بدلاً عن الفرقة والشقاق، إضافة إلى لقاء الشباب مع بعضهم البعض للتعبير عن همومهم والتشاور لإيجاد الحلول المناسبة لمشاكلهم ليشعر الجميع بالرضا والاطمئنان والراحة. المدينة في العيد.. مدينة أشباح أما سرحان أحمد محمد سعيد فقال: المدينة في العيد خالية من الأصدقاء لأن أكثرهم في القرى وتتحول المدينة إلى مدينة أشباح خالية من السكان, ويتوجه أكثر سكان المدينة في الأماكن العامة إلى الحدائق والمتنزهات أما في القرية فالعيد جميل جداً كونك تجد السكان منذ الصباح الباكر يذهبون إلى المسجد لأداء صلاة العيد وبعد ذلك يذهبون لزيارة الأهل والجيران والأقارب للمعايدة وتجد الناس الذي لم تلتقِ بهم منذ فترات طويلة يجتمعون في المقايل ويحيون ليالي سعيدة. تبادل الزيارات في القرية تقول أم علاء عبدالقادر جسار: في القرية الناس يتبادلون الزيارات فيما بينهم ويشعرون بالفرحة والألفة والمودة والرحمة وزيارة الأرحام والأقارب والأصدقاء أما في المدينة فلا يشغلهم إلا التنزه والذهاب إلى الحدائق والملاهي فينسون أقاربهم وأرحامهم وهذا لا يرضي الله ولا يرضي رسوله. المدينة أحلى بسام محمد قاسم الزيادي يقول: العيد في المدينة يكون حلواً جداً من حيث أولاً زيارة الأقارب والجيران بسرعة، بدلاً من منعطفات وتعرجات القرية والذهاب إلى الحدائق والملاهي للتسلية والترويح عن النفس وأكل الزبيب والكعك أما بعد الظهر فهي فرصة لزيارة الأصدقاء والمقربين وزيارة المناظر الخلابة وشراء القات والذهاب إلى الأماكن الجميلة لقضاء وقت المقيل أما في القرية فلا تجد مكاناً للترويح عن النفس إلا فيما ندر وإذا وجدت تكون هذه الأماكن بعيدة تصل وأنت مكسر وحالتك حالة ولا تجد صديقاً ولا قريباً كما تجد في المدينة فتضطر إلى النوم منذ الساعة التاسعة مساء. عيد المدينة أحسن وتوافقه زبيبة سعيد محمد بالقول: العيد في المدينة أحسن من القرية لأنك تلقى الأهل والجيران وأصدقاء الطفولة والشباب، أما في القرية فأشعر بالغربة والوحشة لأني لا أعرف أحداً من المحيط الذي أعيد فيه لذلك أسرع بالعودة إلى المدينة لأكمل بقية أيام العيد. القرية عيدها مختلف أما أحمد محمد عبدالغفور فيفضل العيد في القرية على المدينة لعدة أشياء منها العادات الجيدة التي توجد في القرية منها على سبيل المثال صباح يوم العيد الناس تلتقي حول المرافع والسير إلى صلاة العيد والتهليل والتكبير وبعد العودة من المصلى يتم تبادل التهاني وشرب القهوة والسلام على الأصدقاء والأقارب وخاصة القادمين من السعودية والمدن الأخرى أما المدن فتظل خاوية أيام العيد وهناك الخدمات موجودة في القرية مثل الكهرباء التي تزيد ليالي العيد جمالاً. ما عيد إلا بالقرية! الحجة فاطمة تقول: ما عيد إلا عيد القرية لأنك بين أهلك وأحبابك والأقارب يزورونك منذ الصباح بعد أن تجهز لهم حلويات العيد من بنت الصحن والكيك والأطفال أيضاً يجيئوا لأخذ الحلويات والفلوس أما المدينة فلا تصلح للعيد والناس كلهم يروحوا القرى حتى الذي معه أهل في المدينة فلا يزورهم إلا آخر أيام العيد. وأخيراً القرية تظل الأجمل أما محمد عبدالوهاب الجنيد فيقول: يمتاز العيد في القرية بخروج الرجال والأطفال مبكرين لصلاة العيد والتي تكون غالباً في مصلى خارج القرية يصحبهم ما يسمى (بالمرفع الطاسة) إعلاماً وابتهاجاً بالعيد وبعد الانتهاء من صلاة العيد يتسابق الرجال والأطفال على شراء حاجيات العيد وهي عبارة عن شوكلاته ثم يقومون بالمعاودة وزيارة الأهل والأقارب والأرحام ويقوم جزار القرية بذبح العيد فيذهب أصحاب القرية لشراء لحومهم منه.. أما في المدينة فيذهب الناس والأطفال لصلاة العيد في الأماكن المشهورة في المدينة ويعودون بعد صلاة العيد لزيارة أقاربهم وتخلو المدينة من المحلات المفتوحة والسيارات ويذهب الأبناء مع أسرهم إلى الحدائق والملاهي وأحياناً الأسر المترفة تنتقل إلى مدينة أخرى. هكذا يظل الإنسان اليمني مفضلاً القرية وعيدها على عيد المدينة.. برغم ما أورده البعض من مميزات عديدة لعيد المدينة.. إلا أن البعض أصر على أن للعيد في القرية نكهة مختلفة ومغايرة عن النكهة الأسمنتية والأسفلتية التي تطبعها المدينة على مشاعر الناس هناك.