إنّ مما أخبر به نبينا صلى الله عليه وآله وسلم عن أحوال أمته في قادم أجيالها وما ستبتلى به من فرقة وفرق،ودعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها،لأن ما يطلبونه منهم من أعمال وما يتشبعون به من أفكار يكون سبباً لدخولها،فالمرء لايزال في فسحةٍ من دينه مالم يصب دماً حراماً،فإن أصاب دماً حراماً فقد برأت منه ذمة الله وذمة رسوله. وهؤلاء الدعاة على أبواب جهنم هم مروجو الفتن والضلالات،ودعاة التشدد والعصبية ونجد أنه وفي عهد النبوة على صاحبها الصلاة والسلام أراد بعض الصحابة رضي الله عنهم التشديد على أنفسهم في العبادة فأعادهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى جادة الصواب.. مع أن التشدد في العبادة يقع نفعه أو ضره على صاحبه،غير أن التشدد في الفكر يتجاوز ضرره صاحبه،والذي يراه عين الصواب،ليصيب ضرره الآخرين ممن لم يروه إلا فكراً متشدداً سوداوياً مريضاً ومنحرفاً،ولا يسع الناس جميعاً بعدله فيهم وفيما بينهم فيلتفون حوله،لأن الحق المؤيد من رب العالمين واضح الدلالة ولايختلف عليه اثنان فالتكفيريون والظلاميون..وكل فرقة منهما نجدها امتداداً لفرقة اعتمدت الفكر نفسه منها ماهو منقطع ومنها ماهو ممتد بظلاميته حتى اليوم، وأضرت ولم تنفع،وعملت على تأجيج الفتن،وقتلت واستباحت دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم ولم يعرف من تاريخها الملطخ بالدماء أنها كانت سبباً لدخول الناس في دين الله أفواجاً لأن الإسلام الدين الحق بما فيه من رحم ووسطية وعدل لايحتاج إلى شدة وقسوة وجور لإيصاله للعالمين بل هو بحاجة إلى قلوب لينة وأفئدة رقيقة أي القول الكريم والفعل الحكيم الذي يثمر الاستجابة والتصديق..وهي نفس القلوب والأفئدة التي تستجيب له وتعمل به وتجاهد في سبيله. أما التكفيريون فإن فكرهم يعد امتداداً لفكر الخوارج،وقد وصفوا بأنهم يحسنون القول ويسيئون الفعل ،وأنهم عمدوا إلى آياتٍ أنزلت في الكفار فجعلوها في أهل الإسلام وكذلك اعتزالهم الجهاد في سبيل الله وانشغالهم بقتال المسلمين وأئمتهم وولاة أمرهم واستحباب الخروج الدائم عليهم..حتى أذن الله تعالى بهلاكهم وانعدام أمرهم.. غير أن فكرهم المتشدد،وفهمهم القاصر لأحكام الدين ونظرتهم لمسائل الاختلاف والاجتهاد في الشريعة،ونظرتهم لعامة المسلمين وخاصتهم يولد على فترات متباعدة متشبهين ومتشبعين بذلك الفكر،فيشقى بهم ذلك القرن من أمة الإسلام الذي يخرجون فيه،ولعل أصدق مثال عن كونهم يحسنون القول ويسيئون الفعل موقفهم من عبدالله بن خباب بن الأرت رضي الله عنهما ومن كان معه،وقد قطعوا عليهم الطريق وروعوهم ولم ينج من غدرهم سوى رجل واحد،هو رسولهم إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه...وقدسمع أحدهم يأمر صاحبه بعدم أكل حبة رطب وضعها في فمه حتى يستأذن صاحبها...ثم بعد ذلك سفكوا دماء الجميع وبقروا بطن امرأة عبدالله بعد قتلها ليتأكدوا من موت أو حياة جنينها فما أحسن القول وماأسوأ الفعل..والمسلم الحق سواءً قوله وفعله ودليل إيمانه وحسن إسلامه سلامة المسلمين من لسانه ويده. وأما الظلاميون من غلاة الشيعة الإثني عشرية،ومن كان على شاكلتهم،وجاورهم فكراً وزماناً وإن خالفهم نشأة ومكاناً،فإن فكرهم هو امتداداً لفكر الشعوبية وحقدها على الفاتحين من العرب المسلمين.ودخولهم في الإسلام مرغمين للكيد لأهله،وإن إمامهم الذي ركضوا خلفه مغمضين حتى اليوم هو اليهودي /عبدالله بن سبأ ،وقوله عن الوصي.. وإغرائه العداوة بين المسلمين،وكأن الأمة لاينقصها إلا ادعاء ذلك اليهودي لتعرف مالها وماعليها وحرصها على أبنائها،واضطلاعها بميراث نبيها صلى الله عليه وآله وسلم، ولو سألنا أنفسنا نحن أبناء اليمن بالذات، والذين حاول الظلاميون إلباسنا لباساً غير لباسنا...وما شرفنا الله تعالى به من كوننا أنصاراً لدينه أتباعاً لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم..وما وصفنا به من حسن الطاعة وحب الجماعة،ولين القلوب ورقة الأفئدة...ونسبة ثلاث أمور عظيمة لأهل اليمن الإيمان،الحكمة، الفقه..هل ذلك الفكر الظلامي الإثني عشري يقبله من كانت هذه صفاتهم ومكانتهم في دينهم؟...نقول كلا فذلك الفكر القائم على نسبة أفضال هذا الدين على فئة من أبنائه..ونسبة العصمة إليهم، وتأليههم وتكفير من لم يقرهم على تخرصاتهم وادعاءاتهم..لايستوطن إلا القلوب القاسية والأكباد الغليظة، والأنفس المريضة.. فهل ياترى لوسألنا أنفسنا هل نحب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي الجواب بنعم قولاً وفعلاً بالترضي عنهم وإكرامهم ومعرفة قدرهم ومكانتهم مصداقاً لقول الله جل وعلا:«قل لاأسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى» 23 - الشورى. ولكن دون الحاجة في استغلال اسمهم ومكانتهم في الخروج على جماعة المسلمين وولاة الأمر،وإثارة الفتن واستباحة دماء المسلمين .وكذلك فإن حبهم لايعطينا الحق في سب غيرهم والطعن في أعراضهم فإن هذا من الظلم الذي حرمه الله تعالى على نفسه وجعله بين العباد محرماً. كما أن حب آل البيت ليس بحاجة إلى لطم الخدود وشق الجيوب وضرب الأجساد بالسلاسل والأغلال والدعاء بالويل والثبور وعظائم الأمور فإن هذا ليس من الدين في شيء،وهو دليل الإفلاس، والإياس والإنغماس في الباطل وهذا لايكون من خيار الناس،ولأن هذا الفكر الظلامي نتاج غرس ذلك اليهودي عبدالله بن سبأ فانظر إلى الصفات المشتركة بينه وبين غلاة الشيعة الإثني عشرية...فاليهود يفرقون بين رسل الله تعالى ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض وهؤلاء يفرقون بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض واليهود يحسدون الناس على ماآتاهم الله من فضله،وهؤلاء يحسدون خلفاء رسول الله وصحابتهم رضي الله عنهم على ماآتاهم الله من فضله ،واليهود يسبون أنبياءهم وصالحي قومهم ويقولون على مريم غير الحق وهؤلاء يسبون صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحب أزواجه إليه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. والمقارنات في هذا الجانب كثيرة أدع استخلاصها للقارئ الكريم نعم غلاة الشيعة الإثني عشرية ومن كان على شاكلتهم جعلوا بضاعتهم الدائمة التي يسوقونها فيما بينهم سب صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خير قرون أمة الإسلام . لقد بقيت اليمن في منأى عن هذا الفكر الظلامي ما يزيد على ثلاثة عشر قرناً من الزمان لم يقبله سهل ولا جبل ولا شيخ ولا طفل ولا امرأة ولارجل.. فهل ياترى جد جديد،فأغرى غيرنا بتصدير السوء علينا،استغلالاً لسماحة القلوب،ومع ذلك فإن المؤمن لايلدغ من جحر مرتين ولذا فبضاعتهم مردودة عليهم .والذين سقطوا في فخهم عليهم العودة عن غيهم، والدخول فيما دخل فيه غيرهم وأما تجنبهم على صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن إثمهم وحصائد ألسنتهم واقع عليهم في دنياهم وآخرتهم . فأما في الدنيا فإن العقاب لهم هو في ازدراء المسلمين لهم وتكذيبهم ومخالفة فكرهم والثبات على تعاليم دينهم وأما في الآخرة فالإفلاس في انتظارهم..لولوغهم في أعراض الصحابة رضي الله عنهم وهم خير ابناء أمة الإسلام،والذي يجب أن نقرن ذكرهم بالثناء عليهم.. لما بذلوه في سبيل الله تعالى من جهد ودماء وأنفس ، وبماصبروا عليه من الأذى وأما أولئك الذين في قلوبهم مرض فنقول لهم كم سيد متفضل قدسبه من لايساوي غرزةً في نعله فهل ياترى هؤلاء يقرؤون القرآن أم على قلوب أقفالها.. لقد أثنى الله تعالى على صحابة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من المهاجرين والأنصار خير الثناء ودعا لهم نبيهم خير الدعاء فقال:« اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولاتردهم على أدبارهم» فكانوا كذلك رضي الله عنهم وأرضاهم وجمعنا بهم في صحية نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. آمين اللهم آمين