حمزة الحضرمي: ينتهي المتحف الوطني قريباً من المرحلة الاخيرة من عملية ترميم مجموعة من النقوش الخشبية و أعواد السدر وعسب النخيل المكتوب عليها نصوص من الزبور بخط المسند اليمني القديم يعود تاريخها الى ما قبل الميلاد والتي عثر عليها في منطقة السوداء المعروفة قديماً بمدينة (نشأن) في محافظة الجوف. و قال أمين عام المتحف الوطني بصنعاء في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) ان المتحف أوشك على الانتهاء من المرحلة الاخيرة من ترميم تلك النقوش التي يبلغ عددها (500) قطعة خشبية تم صيانتها و ترميمها بالتعاون مع المعهد الأمريكي للدراسات الأثرية وفق اتفاقية تعاون وقعتها الهيئة العامة للآثار و المتاحف مع المعهدالأمريكي في منتصف العام الجاري. و اشتملت الاتفاقية على دراسة وصيانة وترميم وتسجيل القطع الخشبية وتصويرها و تصنيفها و توثيقها، مشيراً إلى ان ما تم ترميمه من تلك النقوش الخشبية في المرحلتين الأولى والثانية منذ عام 2000م وحتى منتصف العام الجاري و التي بلغت نحو ( 3700) نقش خشبي من أعواد العلب والسدر و عسب النخيل لتصل إلى أكثر من «4000» نقش خشبي صارت في حوزة المتحف الوطني بصنعاء من اصل 7000 نقش لم يصل منها الى المتحف الوطني إلا تلك التي تم ترميمها، وذلك عبر لجنة الاقتناء بالهيئة العامة للآثار والمتاحف التي تولت عملية اقتناء تلك القطع من المواطنين، بينما مجموعة من النقوش اقتنتها بعض المتاحف اليمنية الأخرى كما تسربت مجموعة منها لخارج الوطن . و أشار الى أن تلك الاعواد التي اقتنتها الهيئة كانت في حالة سيئة جداً، وتحتاج إلى علاج معملي سريع لإنقاذها من التلف ما اضطر المتحف الى ادخالها في عملية ترميم سريعة في معمل الترميم المتواضع بالمتحف و الذي بدأ بترميم نحو ألف عود تقريباً .. وبعد اكتشاف الكتابة على هذه الأعواد جرت محاولات علماء الآثار والنقوش لقراءة تلك النقوش وتحليلها استغرقت بضع سنين بمشاركة عدد من علماء الآثار في مقدمتهم عالم الآثار الفلسطيني الراحل الدكتور محمود الغولالذي فك معظم رموز تلك النقوش. ويوضح الجنداري:" ونفذنا أول مشروع لدراسة وتحليل مجموعة من نقوش المتحف الوطني، بواسطة الأستاذ الدكتور يوسف محمد عبد الله رئيس هيئة الآثار السابق والدكتور جاك ريكمانز و الدكتور وولتر موللر النمساويين و قد صدر عن هذه الدراسة أول كتاب في النقوش الخشبية تم نشره، و هي الدراسة التي حسمت أهمية تلك النقوش وأهمية نصوصها التاريخية والأثرية على حد قوله . أما المرحلة الثانية فحسب الجنداري فقد اختصت بدراسة و تحليل هذه النقوش في إطار التعاون بين الهيئة العامة للآثار ممثلة في المتحف وبين المعهد الألماني للدراسات الشرقية ببيروت، حيث تم تشكيل فريق مشترك لهذا المشروع مكون من: الأستاذ دكتور محمد المرقطن مدير المشروع وعبدالعزيز الجنداري نائب مدير المشروع وعضوية كل من إبراهيم الهادي وفهمي مكرد، وإبراهيم الحديد . و أضاف إن من أبرز أهداف هذه المرحلة من المشروع هو توثيق وصيانة و نشر النقوش الخشبية الموجودة بالمتحف، والتي قام خلالها فريق العمل بعملية جرد و فرز النقوش الموجودة في المتحف الوطني بحسب مواصفات القطع من حيث اكتمالها، وتم تصنيفها علمياً و فنياً وتم اختيار مجموعة للصيانة و الترميم و الدراسة على مراحل مختلفة بحسب الإمكانات المتوفرة لدى الفريق، وتصوير نحو الف قطعة و اختيار نماذج منها للدراسة والتحليل ونشرها في كتلوج باللغتين الألمانية والعربية برئاسة مدير الفريق الدكتور محمد المرقطن الذي استكمل ما قام به علماء النقوش في المرحلة الأولى من دراسة و تحليل النصوص و إلقاء الضوء على تاريخها حيث حددت دراسات سابقة أنها تعود للفترة من القرن الأول قبل الميلاد وحتى القرن الرابع الميلادي. و أشار الجنداري إلى ما أظهرته تلك الدراسة لمعظم هذه النقوش في أنها كتبت باللغة السبئية، وقليل منها باللغة الحضرمية و المعينية وتحتوي على كثير من المفردات لم تكن معروفة في النقوش المسندية مثل العقود والرسائل والقوانين و المعاملات اليومية المتعلقة بإرسال مواد كالتمر و السمسم وغيرها من المواد التموينية، بالإضافة إلى ذلك تحتوي النصوص على معلومات جديدة حول الزراعة و المحاصيل الزراعية والمكاييل والنقود والتجارة، وقوائم بأسماء الأشخاص الذين يقومون بمهام معينة سواء في الدولة او المعبد أو الجيش. كما أوضحت الدراسة أن الرسائل والعقود والقوانين من أهم ما وجد في هذه النصوص والتي تتميز بالصيغة المعروفة في الرسائل الآرامية القديمة أو الأكاديمية، فالكثير منها يبدأ بعبارة من فلان إلى فلان ثم تقرأ التحية وهي عبارة طويلة ذات أشكال متعددة وتذكر الكثير من أسماء الآلهة السبئية مثل إله القمر السبئي (ألمقه) وبعد مقدمة الرسالة يتم الانتقال إلى موضوع الرسالة كالسؤال عن الصحة أو التجارة أو الحديث عن أدوار خاصة بمسائل الري أو الزراعة أو إرسال مواد تموينية ثم خاتمة الرسالة و تكون بالدعاء بالخير إلى المرسل إليه. و يؤكد الجنداري على أهمية الأهداف التي اضطلع بها المشروع في التعريف بأهمية النقوش الخشبية حيث قام مدير المشروع الدكتور محمد المرقطن بإلقاء العديد من المحاضرات عن النقوش الخشبية في العديد من العواصم الأوروبية، في اليمن سواء في المؤتمرات او الوزارت المعنية بتاريخ و حضارة اليمن و الجزيرة العربية، بالإضافة إلى نشر تقرير أولي بعدة لغات حول الخطوات الأولية التي تمت في إطار المشروع .