قال رئيس مجلس إدارة بنك الأمل (الفقراء) عمر عبدالرحمن باجرش أن البنك سيبدأ مزاولة نشاطه العملي خلال شهر يناير الجاري بعد تعيين مدير عام تنفيذي للبنك خلال العشرة الأيام القادمة.. مبينًا أن المدير التنفيذي المعين سيتولى عملية إعداد خطة العمل للبنك واستكمال كافة الإجراءات الفنية والإدراية التي تتضمن عملية اختيار الكادر الوظيفي. وأوضح باجرش لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن نسب الفوائد التي ستفرض على المقترضين والحد الأدنى والأعلى للقروض والفئات المستفيدة سيتولى الإعلان عنها المدير التنفيذي للبنك الذي سيتم اختياره وبناء على خطة العمل التي سيعدها. تأتي هذه التصريحات في الوقت الذي استبعد أحد أعضاء مجلس إدارة البنك طلب عدم ذكرأسمه في تصريح مماثل لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن يبدأ البنك مزاولة نشاطة خلال الشهر الجاري .. مرجعًا السبب وراء ذلك إلى أن المدير التنفيذي للبنك الذي لم يتم اختياره حتى الآن سيحتاج إلى وقت لايقل عن شهرين في أحسن الظروف لإعداد الخطة الخاصة لإدارة البنك والتي ستتضمن تحديد الفئات المستهدفة والمستحقين للحصول على القروض وتحديد نوعية الضمانات ونسب الفوائد بالإضافة إلى تحديد الحد الأعلى والأدنى للقروض واستكمال كافة الإجراءات الفنية والإدارية واختيار الكادر الوظيفي للبنك الأمر الذي يجعل من الصعوبة مزوالة نشاط البنك خلال الشهر الحالي. وكانت الحكومة ممثلة بالصندوق الاجتماعي للتنمية قد وقعت الاتفاقية الخاصة بإنشاء البنك في منتصف شهر أغسطس من العام الماضي مع كلاً من منظمة أجفند التابعة للأمير طلال بن عبدالعزيز وعدد من رجال الأعمال اليمنيين برأسمال 20 مليون دولار وبحسب الاتفاق فقد توزعت النسبة بين الشركاء بنسبة 45 في المائة للصندوق الاجتماعي للتنمية و35 لمنظمة (أجفند) و20 في المائة للقطاع الخاص. وتهدف الحكومة من وراء إنشاء البنك إلى تأمين مصادر دخل لشرائح المجتمع الأشد فقراً من خلال تقديم القروض للمحتاجين بنسب أرباح ضئيلة وضمانات ميسرة والعمل على إيجاد فرص عمل للحد من البطالة. كما تأتي هذه الخطوة كواحدة من الخطوات التي تسعى الحكومة من خلالها إلى محاربة الفقر والبطالة، ومنع تصاعدهما . وتظهر دراسة حكومية حديثة أعدها خبراء في صندوق الأمم المتحدة للسكان ، والمجلس الوطني للسكان، حجم المشكلة السكانية التي ستعاني منها اليمن خلال السنوات القادمة الأمر الذي يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجة هذا التزايد الذي سينتج عنه زيادة في عدد العاطلين عن العمل . وتوقعت الدراسة أن يصل عدد سكان اليمن خلال العقدين القادمين وبالتحديد سنة 2033م إلى 50 مليون نسمه إذا استمر النمو السكاني بالمعدل الحالي 2ر3 في المائة سنوياً ومعدل الخصوبة 1ر6 طفل لكل سيدة يمنية. ويرى أقتصاديون أن تجربة البنك في اليمن لن تكون مفروشة بالورود وخاصة فيما يتعلق بتحديد الفئات المستحقة للقروض فعلياً والتزامهم بتسديد الأقساط في الأوقات المحددة ومدى الاستفادة الفعلية من تلك القروض في إنشاء مشاريع صغيره ذات مردود مالي إيجابي يساعد المقترض على الحياة الكريمة. إلا أن رئيس مجلس إدارة البنك اعتبر وجود الجمعيات الإنتاجية سواء الزراعية أو السمكية أو الحرفية وغيرها عوامل مساعدة للبنك على الوصول إلى المحتاجين بالإضافة الى استفادة الجمعيات نفسها من قروض ميسرة ستساعدها إلى تحسين مستويات إنتاجها كمًا ونوعاً. وقال " أما المشاكل الأخرى فنحن مصرون على أن نتغلب عليها من أجل هذا الهدف السامي ". وتعد فكرة إنشاء بنوك للفقراء من التجارب الناجحة في محاربة الفقر التي تم تطبيقها في عدد من البلدان خاصة في بنجلاديش والأردن والتي ساهمت بشكل كبير في إيجاد فرص عمل وتأمين مصادر دخل لشرائح المجتمع الأشد فقراً من خلال تقديم القروض للمحتاجين بنسب أرباح ضئيلة وضمانات ميسرة باستطاعة الفقراء توفيرها. وتعتمد فكرة بنوك الفقراء على منح قروض متناهية الصغر تتراوح بين 1001000 دولار يتم سدادها خلال فترة قصيرة لا تتعدى عاماً واحداً ما يمكن أكبر عدد ممكن من الأفراد الحصول على الاقتراض المناسب . وتتميز بنوك الفقراء بمنح قروض دون فوائد برسوم إدارية لا تتعدى 1 في المائة من قيمة القرض بخلاف البنوك التجارية التي تفرض نسبة فوائد عالية وخاصة في اليمن التي تصل نسبة الفوائد الى قرابة ال20 في المائة ناهيك عن الضمانات الكبيرة التي تطلبها البنوك التجارية مقابل منح القروض لعملائها . وتعد تجربة بنك (جيرامين) الذي أسسه الدكتور محمد يونس في بنجلاديش في أوائل الثمانينات أول تجربة رائدة في العالم حيث لم يمض وقت قصير على إنشائه حتى حقق نجاحات كبيرة على مستوى مكافحة الفقر وإيجاد فرص عمل للشباب وتوفير مصادر دخل ثابتة للكثير من الأسر الفقيرة الأمر الذي أثار دهشة الكثير من خبراء الاقتصاد على مستوى العالم. ومكن البنك فقراء بنجلاديش من كسر الحلقة المفرغة في تعاملهم مع المقرضين (البنوك التجارية ) التي كانت تحصل على فوائد تصل إلى 10 في المائة في تلك الفترة في الوقت الذي لم يتمكن فيه الكثير من الفقراء الحصول على القروض لعدم قدرتهم على استيفاء الضمانات المطلوبة للبنوك التجارية. وللتغلب على تلك المشاكل توصل الدكتور يونس الذي فاز بجائزة نوبل للسلام عام 2006م إلى صيغة مكنته من تقديم القروض للفقراء ضمنت في نفس الوقت عملية السداد وتتمثل في أن يقوم المقترض الفقير بجمع عدد من الأشخاص يصل عددهم إلى خمسة أفراد على الأقل وبعد ذلك يتم منحهم القروض التي يحتاجونها بحيث يكون كل واحد منهم ضامناً للآخر وإلا يتم منح قروض لأفراد المجموعة في حال توقف أي منهم عن السداد. وبهذه الطريقة التي توصل إليها مؤسس البنك تمكن القائمون عليه أن يحققو المعادلة الصعبة المتمثلة في التوسع في منح القروض للفقراء وفي ذات الوقت ضمان استردادها بما يمحافظ على راس المال الأساسي للبنك بعيداً عن أية مخاطر وهو ما نتج عنه تحقيق نجاحات هائلة في الأقراض والسداد حتى تمكن المقترضون في نهاية الأمر من التحكم في إدارة مجلس الإدارة من خلال ترك مدخراتهم التي حققتها مشروعاتهم الصغيرة في البنك ولم يأت منتصف التسعينيات إلا وقد تملك الفقراء أكثر من 75 في المائة من أسهمه. وبكل المقاييس فقد حققت تجربة بنك(جيرامين) نجاحاً كبيراً وخاصة في توفير آلاف من فرص العمل للشباب العاطلين عن العمل وتحويلهم إلى أفراد قادرين على الكسب دون الاعتماد على المعونات المقدمة من الحكومات أو المنظمات الأهلية والخيرية كما حقق المقترضون تحقيق دخل متزايد مكنهم من سداد الديون التي بدأوابها نشاطهم إلى جانب إقامة مشروعات حققت لهم دخلا ثابتاً ..أما البنك نفسه فقد أدى توسعه في تقديم القروض للفقراء إلى تضاعف رأسماله عدة مرات حيث تجاوزت قروضه المليار دولار سنويًا فيما لم تكن تتجاوز في البداية المليون دولار.