قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    18 محافظة على موعد مع الأمطار خلال الساعات القادمة.. وتحذيرات مهمة للأرصاد والإنذار المبكر    خطر يتهدد مستقبل اليمن: تصاعد «مخيف» لمؤشرات الأطفال خارج المدرسة    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    رواية حوثية مريبة حول ''مجزرة البئر'' في تعز (أسماء الضحايا)    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    اسباب اعتقال ميليشيا الحوثي للناشط "العراسي" وصلتهم باتفاقية سرية للتبادل التجاري مع إسرائيل    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    جامعي تعزّي: استقلال الجنوب مشروع صغير وثروة الجنوب لكل اليمنيين    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    ما الذي يتذكره الجنوبيون عن تاريخ المجرم الهالك "حميد القشيبي"    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تجاوز قضية الجنوب لن يغرق الإنتقالي لوحده.. بل سيغرق اليمن والإقليم    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    الحوثيون يلزمون صالات الأعراس في عمران بفتح الاهازيج والزوامل بدلا من الأغاني    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    اعتراف أمريكي جريء يفضح المسرحية: هذا ما يجري بيننا وبين الحوثيين!!    تشيلسي ينجو من الهزيمة بتعادل ثمين امام استون فيلا    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يعزز مركزه بفوز على بلباو    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    الشيخ الأحمر: أكرمه الأمير سلطان فجازى المملكة بتخريب التعليم السعودي    إصابة شخصين برصاص مليشيا الحوثي في محافظة إب    قبل شراء سلام زائف.. يجب حصول محافظات النفط على 50% من قيمة الإنتاج    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    اختطاف خطيب مسجد في إب بسبب دعوته لإقامة صلاة الغائب على الشيخ الزنداني    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    أسفر عن مقتل وإصابة 6 يمنيين.. اليمن يدين قصف حقل للغاز في كردستان العراق    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبعاد الشعر العامي للقمندان وأثره على إنتاجاته الأخرى
نشر في الجمهورية يوم 26 - 01 - 2008

تعددت أبعاد القصيدة العامية في اليمن ماضياً وحاضراً،وتفاوتت ملامح تلك الأبعاد بين مرحلة وأخرى وفقاً والطبيعة المؤثرة على ذات الشاعر"المبدعة" وأنساق القيم والعادات التي تؤثر عليه والمتلقي معاً.والشاعرأحمد فضل القمندان أحد أهم أقطاب القصيدة العامية، التي تميزت بأبعادها الجمالية والوطنية والثقافية وتزامنت مع غزارة إنتاجاته في ميادين جمالية وفكرية أخرى أثرت شاعريته عليها أيما تأثير حتى شكل الشاعر لدى العامة قبل الدارسين "ظاهرة ثقافية" يستحيل الفصل الشعري بين جذورها التراثية وحضورها الطاغي في الساحة اليمنية"، ومن البديهي أن يؤرخ التاريخ في الشعر العامي،وخصوصية الشعر العامي لدى القمندان تلازماً مع إنتاجاته الأخرى،أي من الفترات الفاصلة بين مولده الإبداعي،إلى لحظة وفاته البيولوجي التي تعني استمرارية حضوره مع الإبداع حسب منطق النظرية المترحلة«ü» إذا جاز لنا أن نستخدم منهج الجغرافيا التاريخية، فإن الأمر سيحتاج إلى "بحث أو دراسات أكثر عمقاً"..
ويرى الدكتور عبدالعزيز المقالح"إن القصيدة السياسية في الشعر العامي ولد جديد ظهرت ملامحه على استحياء في أواخر المرحلة الأولى «يقصد بها مابين «14001900» وظل ينمو ويكبر حتى وصل إلى نهاية المرحلة أي ما بين «19001977م» إلى ماوصل إليه من صدق وعنف الأداء (1).
ويصدق هذا القول عند خالد الأهدل أيضاً على القصيدة السياسية في الشعر التهامي ،ولنا أن نختلف قليلاً مع هذا الرأي فيما يخص القصيدة العامية"بكل أبعادها"اللحجية بشكل خاص في بعض الجزئيات حين قد نلتقي مع جذورها النشأة التاريخية لهذا النوع من الشعر العامي"السياسي"إلى ما ذهب إليه د.عبدالعزيز المقالح وجد فيه اختلافاً في السقف الزمني الذي اعتبر حداً فاصلاً لنمو أحد ألوان العامية "السياسية"ماوصل إليه من "صدق وعنف الأداء" وباعتقادي أن تحديد سقف تحدده الأرقام التاريخية "أي"تحديد السقف انفعالات مبدعوا هذا اللون من منظور تاريخي "تطويقاً زمنياً".
للانفعالات في عالم الفن لايمكن اسقاطه على القصيدة العامية وبخاصة اللحجية «فالصدق والعنف» رهين بالأحداث وأنساق الحياة والقيم وأثرها على المبدع في هذا اللون أو غيره.
ثم إن تحديد سقف معين في المجالات الإبداعية خاصة الشعرية يعني إصابة أصحابها بالسكتة الشعرية..وهي أخطر بكثير من السكتة القلبية.
ولربما وجدت في هذه الفرضية التاريخية للشعر العامي في اليمن مدخلاً لقراءة أبعاد القصيدة العامية للقمندان وأثرها على إنتاجاته الأخرى بغية فتح نوافذ جديدة للبحث في القصيدة العامية القمندانية كمدخل لتراثه آخذين الملاحظتين التاليتين:
الأولى:ثمة آراء تقول إن الشعر العامي تجاوز تأثيره الألوان الشعرية الأخرى،تفرد الشعر العامي للقمندان بخصوصية إبداعية مؤسسة ومحفزة أجيال عصره وأخرى مكث في حياته ثمة من شعراء هذا اللون"العامي" الذي تجاوز المحلي والوطني إلى العربي..ثم لحضورها الطاغي بقالبها الغنائي في القصائد الإبداعية ،وعلى وجدان المتلقي حتى اللحظة.
وتكمن أهمية دراستنا للشعر العامي وأبعاده "للقمندان" في أثره الجامح على انتاجياته الإبداعية الأخرى،وعلى سلوكه في أداء والوظائف الرفيعة التي شكلها لفترات متقطعة من حياته،وأهمية ذلك تم فتح نافذة للمهتمين من المنتمين إلى مؤسسة الأدب والفن والعلوم الأخرى بعالم هذا العملاق الفذ،وتفضي الدواعي المهنية للبحث بأن أي جهد كان في هذا المضمار سيكون مساهمة لموضوع تكمن أهميته بقدرة القمندان على أسر المتلقي بالمتعة وفي ذات الوقت إيقاظ روح الإبداع فيه متجاوزين الزمان والمكان،هذه المتعة التي أخذت تتلون وتشكل معها وعياً جمعياً وجمالياً بخصوصية تحدد طغيان حضورها بالقيمة والدلالة والتفرد وببساطة آسره استخدمت وسائط الزمن الاجتماعي الدال في التأثير على شبكة وعينا ووجداننا في عصر الزمن الإعلامي الاستهلاكي مما أسهم في بناء وعي متلقي فاعل.
"المنهج"
تستعصي على الباحث في شعر القمندان"العامي وأبعاده"ثم تأثيره على انتاجاته الأخرى الاعتماد على منهج أحادي لتتبع الأثر ومحاولة اكتشاف فضاءات جديدة تخدم العملية البحثية نظراً لتلازم شعره العامي مع نتاجات أخرى،ويرى القاص محمود الميداوي(2) ، أن خير مدخل لانتاجات القمندان الإبداعية هو القيام بقراءة استقصائية مركزة حول تساؤلات مازالت قائمة في حالتنا الثقافية على غرار لماذا يكتب الأديب؟وماهو إبداع؟:أيهما أولى بالدراسة سيرة الأديب أم العمل الأدبي وهكذا (3).
وله الحق في ذلك فنحن أمام:
القمندان الشاعر.
القمندان المؤرخ.
القمندان الفنان الموسيقي.
القمندان الكاتب.
ونجد في ذلك سبيلاً لقراءة معاصرة تتجاوز فترة القمندان الشاعر كتراث بل كحاضر استطاعة أعماله أن تحافظ على رقيها في ذاكرة الأجيال كشاعر وفنان وأديب أحدثت نهضة ثقافية طورت وعياً مدنياً لدى الأجيال توارث ذلك التراث وأصبحت تشكل متلقياً جمعياً واعياً بين ذلك الفرق وبين إفرازات الثقافات الاستهلاكية وزمن الإعلامي الجارح وأثرها على الفن كأحد أهم المجالات إيجاباً أو سلباً على عملية الجودة المدنية.
*لقد بين لوسيان جورج مان بقوله إن كل أديب يعبر حقاً عن طريقته في رؤية عالم ما والإحساس به وتخيله والحال أنه يمكن الإحساس حسب طبيعة وشخص الأديب بطريقة أكثر أو انتقال في الفكر والوعي العقلاني ويضيف موضحاً أسباب الكتاب الأدبي بقوله فيما يتعلق بالمنظور الذي يكتب منه الفنان عمله،فهو محدد برؤيته وسيكون فنه ارستقراطياً، برجوازياً، أو بروليتارياً لكن ذلك لا يفترض إطلاقاً (4).
وفي موضوع هذه الدراسة كهذه تتلازم وتتشابك انتاجات صاحبها أو مبدعها وأثره على انتاجاته الأخرى فإن نجد استحالة اعتماد منهج نقدي واحد بسبب تلازم وترابط الفضاء الإبداعي لدي القمندان إلا التلازم مع مناهج أخرى كما أن الارتهان إلى منهج أحادي سيخدم المنهج أكثر من موضوع البحث الذي نتوخى من أنه سيساعد على فتح منافذ جديدة للمهتمين كما أسلفنا تتجاوز العاطفة وتفند بعض الأعمال التي حملت صفة الأكاديمية وراوحت بين سطحية السياسي وضبابية الايدولوجية في تناول هذا العملاق.
وتأسيس لما سبق أضن أنه تتجه هذا التشابك الإبداعي لدى القمندان وتنوعه ورقيه وبساطته وعمقه فإنه لزاماً علينا طرق منهج الجغرافيا الثقافية بالتزامن مع مناهج النقد الأدبية الأخرى.
* أحدث كرانج منعطفاً ثقافياً في الجغرافيا المعاصرة هذا المنعطف حمل طرقاً جديدة من التفكير في الجغرافيا والثقافة،آخذاً الجغرافيا الثقافية إلى حقل جديد مثير لإنتاج خرائط جديدة للفضاء والمكان.
يضع هذا الكتاب "الجغرافيا الثقافية" مقدمة للثقافة من منظور جغرافي،مركزاً على كيفية عمل الثقافات في الممارسة،ودراسات الثقافات بوصفها جزءاً لايتجزأ من أوضاع الحياة الحقيقية،وظواهر حاصرة قابلة للتحديد في موقع ما.تعريفات "الثقافة" متنوعة ومعقدة. ويفحص كرانغ وفرة من الحالات والمقاربات المختلفة لاستكشاف تجربة المكان والعلاقات بين المحلي والعولمي،بين الثقافة والاقتصاد ومعضلات المعرفة (5).
نشأة القمندان والبيئة
القمندان هو أحمد فضل بن علي محسن العبدلي،ولد حوالي سنة 1302ه في الحوطة،لحج وقد استخلص سنة ميلاده مما كان يرويه أن والده زوجه في سن مبكرة وعمره حوالي 13سنة ثم توفي بعد ذلك بقليل والثابت أن والد القمندان السلطان فضل بن علي محسن توفي سنة 1315ه،وعلى هذا فإن القمندان يكون قد ولد سنة 1884م أو سنة 1885م والثابت أن وفاته رحمه الله كانت سنة 1943م.
تزوج في سن مبكرة من بنت عمه السلطان أحمد فضل محسن ولكن الموت خطف زوجته بعد فترة قصيرة من زفافها إليه.ثم أن عمه السلطان أحمد فضل محسن الذي كلفه بعد وفاة والده ما لبث حتى زوجه ابنته الأخرى وهي التي أنجب منها ابنته فاطمة وخديجة وكان يعتز أشد الاعتزاز بكنية أبي فاطمة.
أفنى القمندان جل حياته على درب الأدب والشعر والغناء والموسيقى ومن عمله كقائد لقوة لحج النظامية لفترة وجيزة استمد لقبه الذي صار يعرف به (6).
ثانياً:القمندان أمير أم شاعر
نجد خير مدخل للإجابة على هذا السؤال وماترتب عليه من تساؤلات بين إسقاطات سياسية وضبابية إيديولوجية على حياته،وفي السياق نفسه
سنجد أنفسنا أمام سؤال آخر في هذا البحث.
هل انتصر القمندان المثقف على القمندان الأمير؟
نتوخى من الإجابة على هذا السؤال بالاستناد إلى سيرته الذاتية وكتاباته في الشعر العامي والألوان الأخرى وتشابه انتاجاته الإبداعية الأخرى التالي:
أ إنصاف القمندان المثقف.
ب أبعاد أشعاره وأثرها على إنتاجاته الأخرى
بالقدر الذي نال القمندان الشهرة تجاوزت الحاضر فلقد أثيرت بعض التساؤلات حوله مركزه على وضعه الاجتماعي كأمير وبعضها كأمير لم يمارس الإمارة إلى أن ثمة إسقاطاً في هذا الجانب وجوانب أخرى مصدرها أبيات شعرية أسست على أبيات شعرية اختيرت بشكل عابر ولم تؤخذ ضمن صياغ الموضوع ثم إنها لم تقرأ الأحداث التاريخية حينها للفرز بين ماهو نقدي ورجعي أو وطني «وبقدر مانال القمندان من الذيوع والانتشار فإن جدلاً مازال قائماً ليس حول شعره كما يقول الدكتور عبدالعزيز المقالح بين من يراه شاعراً أحب الأغنية وأحب الأرض وبين أنه كان أميراً لايمارس «الآميرة» من الناحية الاجتماعية والأخلاقية (7) ويذهب الكثير في هذا الاتجاه إلى الحد العصري وبين وضعه الاجتماعي من جهة وإنتاجه الأدبي الشعري والنثري». (8) إن الأثر الباقي ليست سياسته الصغيرة بل فنه الحي المشرق المفعم بكل ألوان الواحة اللحجية بروائها وظعونها وبهذا وحده هو حي بيننا لأن الفن أبقى ولا أظن أن شاعراً أميراً كان أو فقيراً يطمح إلى أكثر من أن يحيا بفنه الحي المشرق بين جماهيره التي تتزايد يوماً بعد يوم وأن تصبح أغانيه جديرة بالدرس والمتابعة،الدكتور المقالح كتاب الشعر العامية في اليمن ويرى كمال منيعم«إن إصدار الأحكام كنتائج من ذلك الموقف النقدي أمر بغاية الصعوبة بل المخاطرة إذ نكون أمام نسيج متشابك من الوضع الاجتماعي الاقتصادي الوعي الاجتماعي وللثقافة الذاتية،وإلى العوامل النفسية نتيجة هذا التشابه كإفراز أدبي وفكري لن يأتي لنا ذلك إلى من خلال عصر ذلك الأديب المفكر الإنسان (9).
وفي دراسة للأستاذ عبدالملك كرد نجد دحض لتنمية القمندان ووصفه بالرجعية أو ألا وطنية مدللاً على ذلك ببعض الأبيات والقصائد.
إذا رأيت على شمسان في عدن
تاجاً من مزن يروي المحل في تبن
قل للشبيبه نبغي هكذا لكم
تاجاً من العلم يمحو الجهل من اليمن
فأنتم خلف القوم إلا رفعوا
رايات مجدهم في سائر الزمن
سارت على جنودهم في البر فاتحه
حتى قلو البحر ذا الأمواج بالسفن
ومن قصيدة أخرى نختار:
من قصيده القمندان موجه لأخيه الأمير أثناء عودته
كيف أوروبا وماشاهدتم
أسويسرا لند وحشن كاليمن
أجياع أعراة أهلها
في شقاء جهل كرب ومحن
أم رجال أحرزوا العلم وفازوا
بعد فتلقوا كل من
أدريتم كيف فاقونا وهل
قد بذلتم التحري من ثمن.... ؟
هذا النص يضفي إلى القمندان بعداً يمثل ثقافة التغيير ويحرض على الانشقاق عن المألوف أضف إلى بعد اجتماعي ينحاز إلى شعبه وليس إلى وضعه الاجتماعي كأمير بل يرى أن وضع الأمير عند أخيه يجب أن يكون مصدراً لاكتشاف تطور الآخرين والرقي ببلاده.
ومن بحث طويل للأستاذ عمر الجاوي (10) نختار من شعراء أحببتهم عياش الشاطري جزءاً من دراسة الأستاذ عمر الجاوي.
وشعر القمندان متدفق الأحاسيس أو الصور معطاء لايترك فرصة للمستمع في وقفة بسيطة ولكنه يرغمه إلى النهاية بنوع من النشوة المكلفة التي تتدفق وترى الكلمة ورقتها، قلما يوجد شاعر مثله لايسف مطلقاً منذ أول بيت حتى آخر بيت، إنه كالنهر الذي يحمل رسالة إلى المصب فلا يوقفه مايؤخذ منه في الطريق ويكتسح كل الحواجز المصطنعة لاينطبع إلا على شعره الغنائي فقط.
ويقارن الأستاذ عمر الجاوي موقف القمندان بموقف شقيق كورج السادس «هو أحد الأمراء في لحج الذي اختار الفن في طريقه دون التفاتة إلى قوة السلطة وجبروتها، فاستغل الأمير إمكانياته من أجل تطوير فن الطرب والرقص والشعر والبستنة، فبفضله أصبح بستان «الحسيني» ملجأ للجمال والطرب والشوق إلى الحبيب والأرض، يمكن أن نقارن حبه لهذا النوع من النشاط الإنساني بالوريث الشرعي للإمبراطورية البريطانية شقيق جورج السادس، فلقد كانت لهذا قصة القمندان، طلب منه أن يختار أن يكون ملكاً لبريطانيا وفي هذه الحالة عليه أن لايتزوج من حبيبته التي لم تكن من فصيلة الأمراء، وكان صاحبنا «قمنداني» المزاج فقد فضل الزواج من حبيبته وترك الملك لإليزابيث، أما القمندان فلم يطلب منه أن يكون ملكاً، فقد كان أميراً لايمارس «الإمارة» من الناحية الاجتماعية والأخلاقية وفضل الإمارة من نوع آخر بقيت وستظل إمارته حتى بعد وفاة مملكة الفن والطرب وكتابة الكلمات الرقيقة، مازالت تضع البهجة والسرور في قلوب البشر الذين يفهمونها، وثمة صعوبة كبيرة قد تواجه الذي يريدون أن يقرأ شعر القمندان بحكم اللهجة اللحجية المحلية (11).
في هذا البحث سنختار قصيدتين من مجموعة مغناة تأسيساً للتأمل في الفضاءات الجمالية والموسيقية لهذا الشاعر.
صادت عيون المها
المدخل
هل أجبك يوم في شعري غزير المعاني
وذقت ترتيل آياتي وشاقك بياني
وهل تأملت يالحجي كتاب الأغاني
ولا أنا قط صنعاني ولا أصفهاني
هل أسمعك فضل يوماً في الغناء ما أغاني
وكيف صاد المها قلبي وماذا دهاني
فهل دعاك الهوى يوماً كما قد دعاني
كما نذكر قصائد نماذج من قصائد أبدعها القمندان على أنغام موسيقية أخرى.
نغم موسيقي انكليزي
رد(1) وبت (2) اند(3) بلو (4)
سليمى هيا أرفقي ففؤادي
واه لولا وعدك قد ذاب
إن عهدي مع ووداى
وودادي عهد راهب أواب
مالنا ياسليمى ورقيب
في الهوى أمله قد خاب
آه من قلبي ومن حبيب
قاهر عزني في الحطاب
أنها موسى ولو رأتنى
وجدتنى ساحراً قد تاب
فلما هجري ولا ذنوب
لي ولا حبها من عذاب
غم موسيقي تركي
أسقى الماء من الماك
أيها الظبي الأغن
لاتحرقني من هواك
إن قلبي لفي شجن
أنا بعرضك ياربي أمان
أنا من قلبي أشكو من زمان
أنا من عينيك ياربي أمان
دخل الله ودخلك في هواك
كل ليلي في هواك
أحرم العين الوسن
نم على صدري أنا فداك
إن قلبي لكم وطن
ياما الشوق لوع في الهوى
ياما نحت يا ماذا الهوى كوى
ياما النوم علا والليل انطوى
يا ما بت أشكو وجدى في هواك
بهدف التأمل بالأبعاد الموسيقية للمبدع القمندان وسعة ثقافته ونلاحظ هنا البعد الجمالي من خلال سعة الاطلاع القمندان التي رفد الثقافة العربية وفنونها قدرات هائلة تميزت بالروعة وثراء الثقافات الإنسانية، شعره الغنائي وموسيقاه تنوعاً مزهراً - وزادت من خصوصية إيقاعاته فاردة وخصوصية ورقة وإنسانية.
يقول الأديب عبدالرحمن جرجرة (12).
قد يكون تطفلاً أن أتحدث عن موسيقى الأمير الشاعر أحمد فضل العبدلي ولكنه اعتراف لابد منه سيما وأن موسيقى الأمير قد رفعت كثيراً من شأن موسيقي جنوب الجزيرة كلها، وبما أن الموسيقى دليل على تقدم الأمة وسمو شعورها فموسيقى الأمير فياضة بالمرح طربة راقصة كالرومبا تهز شعورنا نحن اليمنيين وشعور كثير من إخواننا العرب.
ويضيف قائلاً: وإذا كان لنا نصيب في تحسين موسيقى هذا الجزء من البلاد العربية فلتكن لنا أغاني صالحة نرفع عليها شأن ألحاننا وأغانينا.
المشاهد الأدبية للقمندان
والجغرافيا الثقافية
لايعكس النص في تجربة القمندان مجرد عالم خارجي، ومن البديهي أن نقرأ النص في شعره العامي وتأثيره على إنتاجاته الأخرى، كالموسيقى، وكتابة التاريخ على أساس انسجامه بدقة وانتقاله إلى التجربة في النص العامي بين نص وآخر أو الفنون دون إغفال المشاهد الأدبية «الأدب والمشهد».
بالتالي لاتقتصر الوظيفة الابداعية للقمندان بمنظور الجغرافيا الثقافية في توفيره مجرد نسخة عاطفية لمعرفة موضوعية الجغرافيا «تبن، ومناطق أخرى من اليمن» العالم الخارجي بل يمنحنا طرقاً للنظر إلى العالم الذي يظهر سلسلة من مشاهد الذوق والتجربة والمعرفة، فهو نتاج اجتماعي بالفعل في ترويجه للأفكار «عملية اجتماعية».. فخصوصية الجغرافيا الثقافية والثقافية السائدة، التقاليد والمهنية التي سادت ذلك العصر «عصر القمندان» تشكلت بها انتاجاته الابداعية.
وفي هذا السياق نجد أن تأثير نتاج القمندان تجاوز النص الإبداعي في الشعر إلى إنتاجات أخرى، من هناك تكمن أهمية البحث في الكيفية التي اعتمد بها كل نص على الآخر أو تشابك معها، حتى إذا ما افترضنا اعتماد كل نص على نصوص أخرى في تجربة إبداعية واحدة فإن ذلك لايعني أيضاً اعتماد تلازم كل إنتاج مع إنتاج إبداعي آخر يقرأ النص بصياغة التقاليد التي إما أنه يستخدمها أو يعيها.
ويشغل النص عند القمندان إلى واقع الجمهور وهمومه، وقد يتغير هذا أو يتحداه، ولكن على نحو يمكن إدراكه، فالقراء المقصودون هنا يسجلون حضوراً طاغياً.
إن الجغرافيا الثقافية تمنحنا بعداً تحليلياً لإبداعات القمندان النصية «فهي ليست نتاجاً لكيمياء العقل «تخيلية» والبيئة هي الحقيقة، وإنما على الأصح، هما حقل نصي واحد «13».
خلاصات
تشكل الخارطة الجغرافية الثقافية، قراءة لحياة الشاعر والبيئة التي نشأ فيها: ثم أثر شاعريته على إبداعاته الأخرى وسلوكه في الوظائف التي شغلها لفترات بسيطة مبدعاً إنسانياً انفصلت ثقافته عن وضعه الطبقي.. وتمفصلت مع الجغرافيا الاجتماعية التي شكلت المنظومة الأخلاقية والفكرية لديه ونظرته للعالم كما هو الحال في قراءته للتراث.
تكمن عظمة إنتاجاته في الخارطة الإدراكية، وبعدها المستقبلي فلم يكن شاعراً رقيقاً وواصفاً رائعاً بل كان محرضاً لإنتاج مؤسسة لثقافة فكرية إنتاجيه، وتجلى ذلك من قصائد التي نظمها عن فتاة الجزيرة وكأنه يحثها على المضي برسالة تاريخية هادفة.. ولكأنه يستشف حينها عالمنا المتغير اليوم.
إن إعادة قراءة القمندان الشاعر الموسيقي المؤرخ.. هي قراءة لتراثه الحاضر في وعينا كشبكة المقاومة لأحابيل جبروت الزمن الإعلامي الاستهلاكي الحالي.
إن القيمة المحورية لثقافة القمندان من منظور الحاضر تكمن في الحرية بينما نجد أن تلك الحرية تلك تتوسع وتدور على قيمة محورية أخرى هي "العدالة الاجتماعية"، ونكاد تستشهد من خصوصية وفرادة إبداعاته بعداً وطنياً يقوم على أساس الحرية العدالة الاجتماعية.
إن الفترات البسيطة كما جاءت في السيرة الذاتية التي شغل فيها القمندان بعض المناصب لاتمنح وضعها الاجتماعي "الأمير" رغم سلوكه المناهض بينما تثبت سيرته الذاتية أيضاً بأن معظم حياته قضاها في خدمة الفن والإبداع والجمال.
فانتصرت شخصية المثقف القمندان على الأمير فيه.
تهنئة الأمير نصر بانتصاره على عامل الإمام يحيى
واسترداد الضالع
نغم يافعي
ياحيدر ردفان حي الديوله والقبايل
وكل شاجع بطل
بلغ سلامي على الشيخين أهل الجمايل
حسن ومقبل دبل
وأقري عمر سيف من بني فضل تسليم عاجل
والقبولة والدول
يا أهل الوفاء قد وفيتم والجمايل وسايل
والنصر قد أسهل
يانصرة الدين أن الجور ذاهب وزايل
من سهلها والجبل
كم عذبوا الناس في الدنيا أتوا كل باطل
تلاعبوا بالملل
الهوامش
* النظرية المترحلة، أدوار سعيد.
1الأهدل، الحكمة، عدد يوليو 2006م، البعد السياسي في الشعر التهامي.
2 المنتدى الأدبي، نوفمبر 1988م (نحو فهم معاصر لإنتاج القمندان).
3 نفس المصدر السابق
4 لوسيان جولد مان.
5 الجغرافيا الثقافية Culural geogaphy Mike crang
routledgem London and new york,1988.
6 من دراسة الفنان فضل عبدالكريم، المنتدى الأدبي، المهرجان الأول للقمندان.
7 كمال منيعم، المنتدى الأدبي، المهرجان الأول للقمندان.
8 نفس المصدر السابق.
9 نفس المصدر السابق.
10 علي الشاطري، وشعراء أحببتهم.
11 الشاطري شعراء أحببتهم
12 كلمة الأديب عبدالرحمن جرجرة المصدر المفيد في غناء لحج الجديد دار الهمداني للطباعة والنشر.
13 لقراءة أوسع لمفهوم كرنغ عن الجغرافيا الثقافية أنظر سلسلة المعرفة، عدد 317 يوليو 2005م، للمؤلف ترجمة د. سعيد منتاق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.