نتيجة لتطور المفاهيم والاستنتاجات البشرية ، تنوعت النظريات وبيتت الأفكار ،وتركزت القدرات ،وتكونت أفاق تليها آفاق من المعارف والمكونات الحياتية المختلفة ،والمتمعن في هذا الجانب البشري الهائل،يدرك تخلفنا كيمنيين بإدارة وقتنا وكيفية تشكيل معرفتنا ،والأسباب ليست كثيرة..كان المهاتماغاندي يعيها كثيرا حين عبر عن فكرة المستنير بذات التنمية "إنني أريد أن تهب ثقافة كل أرض حول بيتي بأقصى قدر من الحرية، لكنني أرفض أن تقتلعني ريح أي منها من جذوري"،إلا أن موروثا لدينا فهمناه بالطريقة التي انعكست سلبا على القدرة العربية التي تلد فأرا بعد كل أوهام جبالها. نأسف كثيراً ،على الأقل حينما نستثمر وقتنا في الازدراء وتنميق الكلام والدعابة من باب السياسة التي نفقهها كعرب باب العداوة الأول في الكتاب اليومي الحياتي.. مستصغرين الولوج إليها من بوابة رسمية هي الاقتصاد والتنمية البشرية المفقودة كقدر وإلزاميا في بلداننا العربية عامة واليمن خاصة. بذات الفقه الذي نعيشه كمنطق إنمائي قديم،نمارسه على اكعابه دون أي هوادة أو مراجعة أو بدل تطوير،فقط ننمي ما نسميه التنمية بالمفهومية العامة (الحرص على جمع أكبر قدر من الصوت)تجاهلا للصورة،وهي الأرقام المتعارف عليها في الإقتصاديات والتنمية الأوربية والبلدان الأكثر حضورا في تنمية الشباب. الشباب بحاجة إلى إعادة نظر ،ولكن يبدو لي أن الأمر أدهى إذا ما نظرنا في الجهة الأم(المؤسسة والمجتمع)،فهي بحاجة ماسة لإعادة النظر في نفسها أولا وإسقاط مسماها ومضمونها على الشباب. فمثلاً يبادر أهل المال بمضارعة (ما وجدنا عليه أبائنا) من تنمية ،يحسبها على الجانب الديني،وأن هذا الجانب لا مجال لتركه البتة ولو من باب الشهرة ،فيهرع "المساجدون" إلى بناء أضخم الجوامع ولا مبالغة إذا ما قلت انه يبالغ بإستشاراته في التسمية . لماذا لا يفكر(رأس المال) اليوم بفتح أجندة أخرى لتنمية الشباب بعمل مشاريع صناعية تندرج في هذا المنوال بعد التنوع العلمي في مسار التمنية بمثل الإقتصاد والسياحة ،والبرمجة والإبتكار؟! كم مرة فكر رأسمالي يمني في إعادة الإعتبار للشباب بفتح مصانع الحديد والألمنيوم أو حتى شركة لعد السيارات؟ كما هم مشجعين على إمضاء الوقت وشبابه في مساحة حش و(الخيانات المشروعة). بعد العمل الذي قامت به الحكومة والرأسماليون في قطر في بناء احد المشاريع "صلتك" الذي حقق نجاحا جذرياً في(تنمية فكر وعقل الشباب القطري الذي يعتمد علي الدولة اعتمادا كاملا في توفير الوظيفة والسكن ومختلف أشكال الحياة(. حسب الرأية القطرية التي أفردت صفحات لاستطلاع مع الشباب في شأن التنمية البشرية ممثلة بهذه المشاريع التي تنمي وتدعم الشباب عملياً وفكرياً وثقافياً. ماذا لو سعي إليها سعيها في باق البلدان ،بدلا من إنجازات لمشاريع المستهلكة كما يزين لهم في إعمال المساجد الكبيرة، (والقبلة يمكنك أن تجدها في "اينما وليتم وجوهكم فثم وجه الله"). مفهوم التمنية : رغم لعب مكتب الأمم المتحدة الإنمائي دوراً مهماً في التمنية البشرية إلا أن الغالب المرئي لم ينعكس ابداً ،وهذا عائد إلى عدم النظر لهذا الجانب من باب تحمل مسئولية التمنية عند الأفراد كانوا شباباً أو قطاعاً إنمائياً من مختلف المؤسسات والجمعيات والمجتمع الآخر المنكمش على نفسه. ومن أهم العقبات التي تواجهها التنمية البشرية في اليمن هي خلاصة علمية نجدها في معلم التنمية البشرية في النقطة السابعة: ( عدم تكافؤ الفرص بين الجنسين هي من أكبر إشكاليات التنمية البشرية وبروز الثقافة الذكورية الأبوية واعتبارها ظاهرة مقنعة في كثير من السياسات و الممارسات والرؤى الفكرية وفرص الحياة العملية). وأخيرا لن تتحقق التمنية البشرية للشباب في اليمن إذا ما تحقق مفهومها الأصلي الذي يستنتجه ويعرفه الدكتور"محمد يوسف أبو ملوح ب" (إن مفهوم التنمية البشرية مركب يشمل مجموعة من المكونات والمضامين تتداخل وتتفاعل في عملياته ونتائجه جملة من العوامل والمدخلات والسياقات المجتمعة وأهمها: عوامل الإنتاج، والسياسة الاقتصادية والمالية، ومقومات التنظيم السياسي ومجالاته، وعلاقات التركيب المجتمعي بين مختلف شرائحه، ومصادر السلطة والثروة ومعايير تملكها وتوزيعها، القيم الثقافية المرتبطة بالفكر الديني والاقتصادي، القيم الحافزة للعمل والإنماء والهوية والوعي بضرورة التطوير والتجديد أداةً للتقدم والتنمية).