لقد لازم تطوير العمل الإداري بعد الوحدة المباركة تصاعد الاهتمام بتنمية الموارد البشرية على الصعيد المحلي للاعتماد على الذات، لأن التنمية بمفهومها الشامل لن تتم على الصعيد القومي إلا بمشاركة المواطن المحلي ومن أجله حيث تكتسب التنمية درجة عالية من الشمول إذا بدأت من المحليات. لأن اللامركزية المحلية لن تكون لها الفاعلية المطلوبة إذا لم تكن قد وصلت إلى المرشد كشخص يستطيع العيش بدون إعانة والديه، وعلى هذا الأساس تعتبر الموارد البشرية للمحليات إحدى دعائم استقلالها وخاصة أن المطلوب من وحدات الإدارة المحلية هو إدارة المرافق التي تعود بالنفع على المواطنين وهذا العمل يتطلب أن يكون العضو المنتخب مؤهلاً لذلك ، رغم أن اللامركزية أكثر الاقترابات كفاءة وفاعلية، ورغم أن اليمن في عهدها الجديد قد خطت خطوات كبيرة بانتخاب المحافظين، ولسنا بحاجة إلى ذكر هذه الخطوات بقدر ما نحن بحاجة إلى ذكر الحجج التي تعوق تقدمنا نحو نظم محلية مستجيبة ومتأقلمة وكفؤة وفعالة، ولا ريب أننا في كل مكان نشعر بالحاجة إلى التغيير وربما نفتقر إلى من يدفعنا إليه .. وحيث تتألف هيئات السلطة المحلية من رئيس الوحدة الإدارية المنتخب والمجلس المحلي المنتخب انتخاباً حراً ومباشراً والمكتب التنفيذي لهذه الوحدة القائم بموجب الوظيفة المركزية إلى الأعضاء الذين هم مسئولو فروع الوزارات في الوحدة الإدارية. وفي ضوء تلك المقدمة نسأل أنفسنا كيف نجعل نظامنا المحلي أكثر استجابة وتأقلماً مع حاجات وتطورات العصر ، وفي نفس الوقت لا تحمل المخاطر المتصورة ؟ وقبل أن نجيب عن السؤال نقول من باب الطموح إلى الأفضل :إن الهامش المحلي الذي تتحرك فيه السلطة المحلية هام جداً ، لكن لا يشمل المهمة الرئيسية. واستقلالية المجالس المحلية مع خضوعها النسبي لرقابة واشراف الأجهزة المركزية في آن واحد هي الضمانة لها لانجازها مهماتها وصلاحيتها ومنها التنمية البشرية. وحيث إن نظام الإدارة المحلية في اليمن يهتم بالمقام الأول بمعظم أمور المجتمع الحياتية وأبرز مثال على ذلك هو ما انعقدت عليه الآمال على المؤتمرات الفرعية التي تنعقد في كل المحافظات لتقود إلى مجتمع التنمية على المستوى الجغرافي والنوعي ولا يستطيع أحد أن ينكر أن المجالس المحلية قد حققت نجاحات لا ريب فيها وتصدت لمسؤوليات جسيمة إلا أنها نجاحات مرجعها مبادرات واجتهادات وقدرات فردية وليست نتاج تنظيمات سوية . ولقد تعرضت تجربة الإدارة المحلية للنقد لعدم تناسب الإنجازات مع الآمال المرجوة وفي معظم الأحوال كان البشر هم بؤرة النقد وتحميلهم على المستوي الشخصي والفردي و الفئوي كل هموم وعلل ومشكلات المحليات ، مما أدى إلى نتائج لا تبررها مقدمات . ومن الأهمية بمكان استعراض جهود الإصلاح والمتمثلة في التحلل تدريجياً من المركزية الشديدة إلى اللامركزية الإدارية. والمتأمل للنصوص الدستورية والقانونية واللائحة يدرك أن الإدارة المحلية تعتبر شريكاً أساسياً مع الحكومة حيث تعرض الدستور للمجالس المحلية المنتخبة انتخاباً حراً ومباشراً وأن تنقل السلطة إليها تدريجياً بما يعنيه ذلك من تطلعه إلى اللامركزية الإدارية والمالية من ثنايا المحليات المنتخبة وتحديد اختصاصها وعلاقاتها بمجلس النواب والحكومة ودورها في تنفيذ خطة التنمية وفي الرقابة على أوجه النشاط التنفيذي في المحليات . ورغم أن هذه النصوص قد منحت السلطات المحلية اختصاصات واسعة إلا أنها لم تحدث التحول المرجو. وأعتقد أن الاتجاه نحو حكم المجتمع هو إرادة سياسية وقد عبرت الدولة عن طريق قياداتها بالرغبة نحو حكم المجتمع هذا من ناحية ، وهي مسألة اختبار أكثر منها مسألة ضروريات ، فحيث تفقد الإرادة السياسية ويكون التردد في الاختيار فإن النتيجة لامركزية مالية ، ولا وظائف محلية ، ولا سلطة محلية ذات بال ويوجد من يعلل بقاء الوضع على ما هو بمخاوف منه عدم الكفاءة وهو عدم احترام الذات أو عدم الثقة في الذات. حيث يردد الكثيرون أن المجتمعات المحلية غير قادرة على إدارة شئونها وأن الناس عاجزون عن معالجة أمورهم اليومية ويحتاجون إلى أن تخطط لهم السلطة بل وتنفذ لهم هذه الخطط وما عليهم إلا أن ينتظرون الثمار أحياناً دون أن يتحملون أعباء . أولاً: نحو إطار عمل عملي لتحسين نظمنا المحلية: خلق نظام محلي حيوي ليس مسألة واحدية البعد إنما ثلاثية الأبعاد هي : يجب أن تمنح المحليات سلطة وقوة صنع القرار وتنفيذه ولا بد أن تسند إلى الوحدات المحلية اختصاصات واضحة وتتحمل مسئوليات محددة وتكون بهذه التحديد محصنة ضد تدخل السلطة المركزية . يجب تخصيص أيرادات تتناسب مع عنصري المسئوليات والاختصاصات وهذا هو عنصر التمكين . وبهذا لا يمكن تصور تطور النظام المحلي تطوراً ايجابياً دون توسع على هذه العناصر الثلاثة فمزيد من السلطات والموارد دون اختصاصات جيدة التحديد مجرد تبديد . ومزيد من الموارد والاختصاصات دون سلطة كافية قيود تمنع الاستفادة . ومزيد من السلطة والاختصاصات بدون الموارد مجرد ضعف، ولذلك فإن صدور القانون رقم 4 لعام 2000م قد أحدث خلطاً شديداً في التطبيق نتيجة عدم وضوح الرؤية بين ممثلي السلطة التنفيذية والإدارة المحلية ، فمثلاً ارتباط هذه المجالس المحلية بالسلطة المركزية ظاهرة في النصوص الدستورية والقانونية التي تبدو فيها عدم الاستقلالية النسبية. وتداعى ذلك في إيجاد مجلسين مجلس للهيئة التنفيذية ومجلس محلي مما خلق جواً من البلبلة والتنازع في علاقة المحليات بالأجهزة التنفيذية والوزارات وانعكاس ذلك على تنمية قدرات الموارد البشرية المحلية . ومن ثنايا تطبيق تجربة اللامركزية الإدارية في ظل القانون رقم (4) لسنة 2000م فإن المشكلة أصبحت تتجاوز التعديلات إلى ضرورة اقتحام تجربة جديدة وليست تعديلات في القانون من ثنايا الاعتبارات الأساسية الآتية : 1- نظرة الدستور للإدارة المحلية من مدخل انتخابي شعبي وأصبحت التنظيمات المحلية غير ذات مضمون وليس تنظيماً مجتمعياً أفقياً فمدلول الإدارة المحلية، أسلوب التنظيم، الإدارة لها سلطات واختصاصات على نطاق جغرافي لمجتمع معين بذاته. 2- أقر التشريع مبدأ تعيين القيادات المختلفة بمعرفة الحكومة المركزية وليس اختياراً من المواطنين بالانتخاب المباشر أو من خلال المجالس المنتخبة وهدم ذلك فكرة الإدارة المحلية من أساسها من وجهة نظرنا حيث تم زعزعة فكرة الإدارة المحلية ونحن نرى أننا في مجال مجالس ولابد أن يكون الانتخاب هو المفرزة الوحيدة للقيادات المحلية . 3- إن المجالس المحلية تفرض عليها الصلاحيات والسلطات وصاية من المستوى الأعلى إلى المستوى الذي يليه وأحياناً نجد أن المستوى الأقرب للمجتمع يفتقد إلى أي صلاحية . 4-إن اللامركزية الإدارية إذا لم يقابلها تمويل مركزي ومحلى مناسب ينظمه القانون ويغطي الاحتياجات الأساسية للمواطن المحلى فإن التنظيمات القائمة تصبح لا معنى لها ولا تأثير على الصعيد المحلي لأنها لا ترتبط ارتباطاً وثيقاً ومباشراً بقدرتها على إعداد وتنفيذ خطة التنمية. 5- خاطب القانون المحافظات من خلال قواعد معممة ولم يأخذ في الاعتبار ظروف كل محافظة فهناك محافظات ساحلية ومحافظات صحراوية ومحافظات جبلية وكل منها يحتاج في خصوصيتها إلى معالجة قانونية ، وتأسيساً على ذلك فإن الحكومة المركزية لا تزال تفتت في صلاحية المحليات وتتجاوزها بوصاية غير مبررة بل إنها تسعى نحو تحويل بعض الأنشطة المحلية إلى هيئات مركزية دون أن ينظم القانون علاقاتها بالمحليات مما يفقد المستويات المحلية تحقيق الإشراف والرقابة والمتابعة على أنشطتها وعليه فإن القيادات المحلية لا تزال أسيرة الملابسات حيث إنها تفتقد للحصانة وقد أفرز ذلك كثيراً من محاسبة القيادات وشكك في أمانتها ، بل والتصقت السمعة السيئة بالمحليات بما يسودها من فساد .. المشكلة القائمة تتمثل في الواقع وقد لا تتعلق بالتنظيم القانوني للعلاقة بين الأجهزة التنفيذية والمجالس المحلية بقدر ما هي متعلقة بتطبيق القانون فحداثة التجربة وحب السيطرة عند بعض القيادات الإدارية والشعور بعدم القدرة على الامساك بكافة الخيوط من ناحية وضعف تجربة الإدارة لدى المحليين . ثانياً : رؤية نقدية للتجربة اليمنية لا تزال تجربة الإدارة المحلية اليمنية تحتاج لمزيد من الإصلاح والتحديث إلى جانب إصلاحات موازية على صعيد القيادات المحلية بالطبع وباعتبار ذلك مدخل تحديث المجتمع اليمني ومن ثنايا التعرف على طبيعة وحجم المشكلات والعلل القائمة والمتوقعة في المحليات لممارسة العملية الديمقراطية والتي تبدأ بتدعيم قدرات المحليات على المشاركة الجادة والانخراط في العملية السياسية مما يعتبر إضافة متعاظمة لإمكانيات الدولة والرشادة والتقليل من الموارد الضائعة وبما تتضمنه من تنمية إدارية تطمح إلى إحداث تحديث إداري والأخذ في الاعتبار بمدى قدرات النظام السياسي وبالتالي مدى قيامه بأداء الوظائف المسندة إليه استخراجياً وتطورياً وتنظيمياً وتوزيعياً بما يحقق العدالة التوزيعية بمعناها الشامل الجامع. وتأسيساً على ذلك فإن أهدافاً رئيسية تصبو إليها عملية السياسات العامة تجاه المحليات بصفة خاصة وتتمثل في التعبئة الشاملة للموارد المحلية اقتصادية أو بشرية والطاقات الإنتاجية والاستفادة المثلى منها والموازنة بين احتياجات الأجيال الحالية والأجيال المستقبلية لضمان استدامة التنمية الأمر الذي يتحتم معه أن تكيف السياسات العامة نفسها لعلاج المشكلات والعلل الاجتماعية المحلية على وجه الخصوص والمتمثلة في اعتقادي في البطالة على الصعيد المحلي.. وفي السياق ذاته فقد أدت المشكلات الاجتماعية التي سبقت الإشارة إليها إلى استئثار كل من محافظتي أمانة العاصمة وعدن على تركيز متعاظم للأنشطة الاقتصادية وبالتالي تفاقم ظاهرة العشوائيات في كل منهما وما تبذله الدولة من جهود ملموسة للحد منها . هناك أيضاً الفجوة القائمة والمتصاعدة والمتمثلة في فهم المواطن المحلي وخاصة في المحافظات الشمالية والشرقية ولا تزال اصطلاحات مثل التحرير الاقتصادي وآليات السوق وتفعيل دور القطاع الخاص بعيدة عن قاموس المواطن في المحليات في هذه المحافظات والتي تعرضت محافظاتها لهزات اقتصادية واجتماعية نظراً لضآلة مشروعات التنمية فيها بالمقارنة بمحافظات أخرى ضف إلى ذلك القيود المفروضة على المنظمات غير الحكومية وأنشطة الجمعيات الأهلية وهو ما يعتبر عائقاً للتنمية المستدامة الشاملة فضلاً عن عدم المواءمة بين صانعي السياسة الإنمائية والمنفذين في المحليات الأمر الذي يستلزم ضرورة التنسيق المستمر بين وزارة الشئون الاجتماعية ووزارة الإدارة المحلية، والوزارات ذات الصلة بمؤسسات المجتمع المدني بحيث تعمل أجهزة الإدارة المحلية بقيادتها على تشجيع المواطنين في المحليات على إنشاء الجمعيات الأهلية التي تتعلق أنشطتها بكافة مجالات التنمية . وبالرغم من المثالب السابقة وجهود إصلاحها كما سبقت الإشارة فإن هناك تجارب لبعض المحافظات قدمت نماذج لمحافظات تعتبر رائدة في إحداث تحديث في الإدارة المحلية اليمنية وهذه التجارب تعتمد بالمقام الأول على شخصية المحافظين الذين حققوا إنجازات تنموية رائعة بالرغم من خصوصية كل محافظة بيئياً واقتصادياً واجتماعياً حيث قام كل محافظ بتعبئة الموارد البشرية المحلية والموارد المالية المتاحة من ثنايا تشجيع المواطنين وقد انعكست مخرجات هذه التجارب على تقديم خدمات عينية وتمويل مشروعات إنتاجية وحرفية وجذب الشباب للعمل للحد من مشكلة البطالة كما ساهمت الجمعيات الأهلية في هذه المحافظات في علاج مشكلات البيئة . وقد نهج بعض المحافظين الحاليين نهجاً مستقلاً في تشجيع العمل التطوعي ومنظمات الأعمال الصغيرة والتعاونية والتوسع في التسهيلات الخدمية في المناطق الحضرية والمناطق الريفية وبمعنى ابسط الاهتمام بتنمية المناطق المختلفة في سياق تنمية المجتمع بوحداته المحلية والتنمية الريفية الكاملة وقد وضع المحافظون في اعتبارهم أن التنظيمات المحلية هي الوسيلة الفعالة لتحقيق الجانب الأعظم من أنشطة التنمية المحلية ومن ثنايا مبادرات لا مركزية إدارية وقد أثبتت أنه من المستحسن نقل سلطة توفير الخدمات الضرورية من مسئولية الحكومة المركزية إلى المستويات المحلية حيث تراخى الالتزام الحكومي والقصور في تطوير قدرات المؤسسات الحكومية على التخطيط والتنفيذ والتقييم للتنمية الريفية في محافظات أخرى وتنمية المجتمع في البعض الآخر. ثالثاً : المحليات والتنمية السياسية تعتبر التنمية السياسية كتطور حركي متضمنة الاتجاه نحو التميز الوظيفي وزيادة القدرات وكحركة نحو تحقيق مثل أعلى يتمثل في العدالة الاجتماعية وخاصة في المحليات وتتحدد متغيرات عملية التنمية السياسية بالتالي في عملية التعبئة الاجتماعية (المدخلات) وبناء المؤسسات وتحليل (المخرجات) وترتبط التنمية السياسية بالعديد من الإشكالات مما تنعكس آثارها على المحليات وبالتالي يستلزم التعرض في تفصيل غير قليل لأهم أزمة ترتبط بمجال هذا البحث وهي أزمة المشاركة وتشير إلى المشكلات المترتبة على ازدياد حجم الراغبين في المشاركة السياسية وخاصة على الصعيد المحلي ومدى استجابة المؤسسات الرسمية على استيعابها والقوة المحلية التي ترحب النخبة باشتراكها في صنع القرار المحلي خاصة . وحين تتبلور جماعات مختلفة ذي مصالح مختلفة وخاصة على الصعيد المحلي في صورة مطالب لها ويرتبط ذلك بشكل أو بآخر بتشجيع الجهود الذاتية المحلية في محيط الجمعيات الأهلية ( غير الحكومية ) ومؤسسات المجتمع المدني وتشجيع قياداتها على تنمية هذه الجهود . إن استشراف آفاق التنمية السياسية في المحليات في الفترة القادمة يجب أن يأخذ في الاعتبار العديد من التطلعات نحو قانون جديد للإدارة المحلية يأخذ في الاعتبار ما يلي: 1 - أن يراعي القانون الجديد الكثير من المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية الراهنة ومنه دخول مصر إلى برنامج التحرير الاقتصادي وبالتالي لابد من توسيع سلطات المجالس المحلية وإبراز الدور التنموي لها والاستفادة من الجامعات الإقليمية بهذا الخصوص . 2 - تأكيد السلطة الرقابية للمجالس المحلية وتعظيم دورها من حيث دعمها للمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني. 3 - إعادة النظر في التقسيم الإداري للجمهورية ويقترح أن يشمل ثلاثة مستويات (المحافظة أو المدينة أو الأحياء في المدن القريبة والمديريات - والقرية ) بدلاً عن التقسيم الثنائي (المحافظة ، المديرية ) . و التوسع في اتباع المدن أو الوحدات ذات الطبيعة الخاصة بمغايرة تشكيل مجالسها واختصاصها وقدراتها وهو نظام تتبعه معظم الدول . 4 - العودة إلى التنوع في عضوية المجالس المحلية بمعنى أن تشمل أعضاء منتخبين وأعضاء معينين بحكم وظائفهم وأعضاء مختارين بأشخاصهم عن طريق إنشاء مجلس مشترك يضم الأعضاء بحكم وظائفهم وأعضاء من المجلس المحلي وتوسع قاعدة قادة الأعضاء المنتخبين المحليين ودعمهم مادياً ومعنوياً ومكافأة النابغين منهم بتوليهم مناصب قيادية على المستوى المركزي وإتاحة الفرصة لهم بهذا الشأن حيث إنهم يعايشون مشكلات المحليات وبما يسد الفجوة بين صناع السياسة العامة وتنفيذها من جانبهم في المحليات . 5 - إن الاهتمام بالموارد البشرية المحلية يستلزم الاهتمام بالتدريب وأن يشمل التدريب مستويات القيادات المحلية وليس بالنمط القائم حالياً والذي يستولي عليه قلة بأشخاصهم بينما المستهدف هو أن تتسع آفاق التدريب وأن تعطى الأولوية للأكفاء أيضاً بحيث يكون شغلهم للوظيفة لمدة مناسبة وأن يوضع للتدريب هدف مسبق وإعداد جيد وأن تقوم كل محافظة بحصر احتياجتها التدريبية و التركيز على مبدأ المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار وهو ما أثبتته التجربة المصرية من ضرورة وضع تخصصات جديدة في المحافظات لإدارة الأزمات والكوارث . 6 - ما أثبتته جهود الدولة ومحاولاتها لعلاج مشكلة البطالة المستفحلة وضرورة الربط بين برامج تخطيط التعليم بكافة مستوياته وتخطيط القوى والموارد البشرية والاهتمام بالتدريب التحويلي من ثنايا التنسيق بين الجهات المعنية وهو الدور الذي تقوم به المراكز التدريبية المستقلة للمحافظات . رابعاً : التوصيات وحيث إن محافظة تعز قادمة على عقد مؤتمرها والذي تمنيت أن أكون قد دعيت إليه ولكن يكفي أن أعبر عن ما أعتقد الأخذ به على صعيد الإصلاح المحلي المرتقب من منظور الموارد البشرية بالآتي: أولاً : اتساع نطاق المشاركة المحلية بحيث يشمل معظم السكان في المحليات مع الأخذ في الاعتبار القيم الاجتماعية السائدة في الريف ، وتشجيع مشاركة المرآة في التنمية المحلية بإثراء برامج محو الأمية أو رعاية الأمومة والطفولة أو الخدمة التطوعية . ثانياً : أن تتآزر الجهود الشعبية المحلية مع الجهود الحكومية بحيث لا ينشأ ازدواج في الأنشطة أو تنازع في الاختصاص ، وأن تمنح برامج التنمية الريفية لا سيما في القرى اهتماماً أكبر للاتجاهات النفسية والبيئية والثقافية تجاه المشاركة واستقطاب الشباب الذين حصلوا على مؤهلات متوسطة أو عليا بتأدية هذه الخدمات بمقابل مجزٍ يحصلون عليه من المنظمات غير الحكومية وبهذا تقلل الدولة من خطورة ظاهرة البطالة وخاصة في المحافظات الأكثر سكاناً . ثالثاً : التوسع في إنشاء الوحدات المحلية القروية بما يستلزمه ذلك من إعداد كوادر بشرية مدربة لإداراتها، وما يستتبع ذلك من التحديد الواضح لاختصاصات الوحدات المحلية بما يكفل الحد من تدخل الحكومة المركزية في شئونها، ويؤدي هذا بالضرورة إلى اقتران التكليف بالصلاحيات للقادة المحليين، حيث لا تزال القيادات المحلية بعيدة عن تحليل الباحثين وخبراء الإدارة وبالتالي تكون الكلمة العليا للمحافظ في محافظته ، وقد أثبتت التجربة اليمنية في الإدارة المحلية أن وجود مجلسين منفصلين (مجلس محلي ومجلس تنفيذي) في القانون الحالي أمر غير مرغوب فيه وينبغي إعادة النظر فيه ، ومن المتصور قيام تشكيل منفصل من المجلسين يتم الاحتكام إليه في خلافات المجلسين مع تجنب العوائق الدستورية الراهنة . رابعاً : ضرورة إصلاح أحوال الخدمة المدنية المحلية من ثنايا الاهتمام بالعنصر البشري والارتقاء به بحيث تتوافر له حياة كريمة تنأى به عن الانحراف، وقد لاحظنا كثيراً من العلل والمشكلات في المحليات تتمثل معظمها في المجاملات وعدم تحرى الدقة في اختيار القيادات المحلية وانتشار ظاهرة الفساد الوظيفي والمالي ، الأمر الذي نري معه إعطاء مزيد من الصلاحيات للمحافظين في تعيين رؤساء الوحدات المحلية والقيادات التنفيذية (مديري الإدارات) ، وأن تتولى المجالس المحلية سحب الثقة من هذه القيادات إذا ثبت فشلهم، وأن يتولى المحافظ إقالة الشخص الذي تتم سحب الثقة منه. خامساً : تأسيساً على ما سبق فإنه من الأهمية بمكان تقييم أداء القيادات المحلية بالتركيز على الوسائل الحديثة لذلك من ثنايا قياس جودة الخدمة وبالتالي تفعيلها بمنح جوائز الجودة وكذلك البحث عن آليات لنظم الإدارة بالأهداف التي تؤكد على المستويات المطلوبة لخدمة المواطنين. عميد كلية الحقوق جامعة تعز