اكد الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني الأستاذ فؤاد محمد المأخذي ان الازمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة من قبل المجتمع الدولي نظرا واكد ان التصعيد والتدخل الأمريكي الإسرائيلي واعمال القصف والتدمير قد فاقمت الأوضاع وتسببت بموجة نزوح للسكان بالإضافة الى الضحايا والجرحى المدنيين بشكل متزايد . لافتا الى ان الجمعية تعرضت لخسائر مادية وبشرية وواجهت صعوبات في تقديم المساعدات في المناطق المنكوبة .. تفاصيل هامة تضمنها الحوار الى التفاصيل : حوار: محمد الهندي * بعد مرور سنوات من العدوان والحصار على اليمن، كيف تصفون الوضع الإنساني الراهن؟ وما مدى تأثر القطاعات الصحية والإغاثية بهذه الاعتداءات المتكررة؟ ** الوضع الإنساني في اليمن يعتبر اليوم من أسوأ الأزمات على مستوى العالم. سنوات طويلة من العدوان والحصار أدت إلى تدمير البنية التحتية الحيوية، بما فيها المستشفيات والمراكز الصحية، وانقطاع الخدمات الأساسية، ونقص الغذاء والدواء. في القطاع الصحي، تأثرت الخدمات بشكل كبير، حيث دُمرت مرافق صحية بالكامل أو أصبحت غير قادرة على تقديم الرعاية بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية. أما في المجال الإغاثي، فقد واجهنا صعوبة كبيرة في إيصال المساعدات إلى المناطق المنكوبة، سواء بسبب الحصار أو القيود المفروضة على الحركة. كل هذا أدى إلى تفاقم الأزمات الإنسانية، وزيادة معدلات الأمراض وسوء التغذية، خصوصاً بين الأطفال والنساء الحوامل. * تعرضت بنية الجمعية، بما في ذلك المستشفيات والمخازن وسيارات الإسعاف، للقصف والاستهداف خلال سنوات العدوان. هل يمكن أن توضحوا حجم الخسائر البشرية والمادية التي تكبدها الهلال الأحمر اليمني؟ ** للأسف، تكبدنا خسائر كبيرة على مستوى البنية التحتية والموارد البشرية. عدد من مستشفياتنا والمراكز الصحية التابعة لنا دُمرت أو تعرضت لأضرار كبيرة، ما أدى إلى توقفها عن العمل لفترات طويلة. كذلك فقدنا مخازن تحوي أطناناً من الإمدادات الطبية والغذائية نتيجة القصف، بالإضافة إلى سيارات الإسعاف التي كانت تنقل المرضى والجرحى يومياً. أما الخسائر البشرية، فقد فقدنا عدداً من زملائنا متطوعين وموظفين أثناء تأديتهم واجبهم الإنساني، وهذا شكل صدمة كبيرة لنا جميعاً، لكنه لم يثنِ الجمعية عن الاستمرار في العمل. * كيف تمكنت الجمعية من مواصلة عملها الإنساني رغم الحصار، وانعدام الوقود، وصعوبة الوصول إلى المناطق المنكوبة؟ وما أبرز آليات الطوارئ التي اعتمدتموها في الميدان؟ ** الاستمرار في العمل رغم الظروف الصعبة جاء نتيجة روح التضامن بين العاملين والمتطوعين. اعتمدنا آليات طوارئ مبتكرة، منها إنشاء نقاط توزيع متنقلة للمساعدات، وتطوير شبكات اتصالات محلية لتنسيق العمل، والاستعانة بالمجتمع المحلي لتسهيل الوصول إلى المناطق المحاصرة. كما حاولنا إدارة الموارد المتاحة بأقصى فعالية، وضمان وصول الغذاء والدواء إلى المستحقين بشكل دوري، رغم ندرة الوقود والمعدات. * انتقال العدوان من السعودي-الإماراتي إلى الأمريكي ثم الإسرائيلي. كيف انعكست هذه التحولات على طبيعة عملكم الميداني وعلى حجم التدخلات الإنسانية المطلوبة؟ ** كل تصعيد دولي أضاف أبعاداً جديدة للأزمة الإنسانية. الانتقال إلى تدخلات أمريكية وإسرائيلية زاد من كثافة القصف، ما أدى إلى موجات نزوح كبيرة وأعداد متزايدة من الجرحى والضحايا المدنيين. هذا تطلب منا زيادة التدخلات الإنسانية بشكل أسرع، وتوسيع نطاق المساعدات، سواء في القطاع الصحي أو الإغاثي، بالإضافة إلى تعديل خطط الطوارئ للتعامل مع عدد أكبر من الحالات في وقت أقل. *مع اشتداد الأزمات، كيف تحافظون على حياد الهلال الأحمر اليمني، وفي الوقت نفسه تؤدون واجبكم الإنساني تجاه الضحايا؟ ** الحياد أساس عملنا. نحن نقدم المساعدة لكل محتاج بغض النظر عن خلفيته أو موقعه في النزاع. حرصنا على ذلك منذ البداية، عبر تدريب فرقنا على مبادئ الحياد والشفافية، والتأكيد على أن الهدف الأساسي هو إنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة. وهذا النهج جعلنا قادرين على الوصول إلى كل مناطق النزاع دون تمييز. * هل تلقّت الجمعية دعماً كافياً من المنظمات الدولية — مثل الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر أو الأممالمتحدة — خلال هذه المراحل؟ أم أن الدعم كان محدوداً مقارنة بحجم الكارثة؟ ** الدعم موجود، لكنه محدود للغاية مقارنة بحجم الكارثة الإنسانية. المنظمات الدولية قدمت مساعدات ، لكنها لم تغطِ كل الاحتياجات، خصوصاً في ظل التصعيد المستمر. غالباً ما اضطررنا لتقليص بعض البرامج أو إعادة توزيع المساعدات بحسب الأولويات الطارئة، وهو ما يعكس فجوة كبيرة بين حجم الأزمة والدعم الدولي المتاح. * كيف تقيمون الوضع الصحي في المناطق الحدودية والمناطق التي تتعرض للقصف المتكرر؟ وهل هناك خطط لإعادة تأهيل المراكز الصحية التي دُمرت؟ ** الوضع الصحي في هذه المناطق مأساوي. العديد من المراكز تعرضت للتدمير، ونقص الأدوية والمعدات الطبية أصبح أزمة يومية. لدينا خطط لإعادة تأهيل المراكز الصحية، بدءاً من تقييم الأضرار، ثم إعادة تجهيز المستشفيات والمرافق بالمستلزمات الأساسية. لكن التنفيذ يعتمد على توفر التمويل والأمان للوصول إلى هذه المناطق. * العدوان الأخير الذي يحمل الطابع الإسرائيلي-الأمريكي أثار غضباً واسعاً في الشارع اليمني. هل أثر ذلك على حجم التطوع والمشاركة المجتمعية في أعمال الإغاثة والدعم الإنساني؟ ** نعم، لاحظنا زيادة في حجم التطوع والمشاركة المجتمعية بعد كل موجة عدوان، حيث يشعر المواطنون بحاجة عاجلة للمساعدة والدعم. الكثير من الشباب والفتيات انضموا للفرق التطوعية، وقدموا جهوداً كبيرة في توزيع المساعدات، ودعم النازحين، والمساعدة في المراكز الصحية، ما يعكس روح التضامن الوطني رغم الظروف الصعبة. * كثير من المواطنين يرون في الهلال الأحمر اليمني رمزاً للصمود الإنساني. ما الرسالة التي تودون توجيهها للمتطوعين والعاملين الذين يواصلون عملهم رغم الخطر؟ **رسالتنا لهم هي الشكر والتقدير. أنتم أبطال الحقيقة في مواجهة الكارثة، وصمودكم هو من يجعلنا قادرين على الاستمرار في أداء واجبنا الإنساني. تضحياتكم لم تذهب سدى، وكل حياة أنقذتموها تثبت أن العمل الإنساني هو رسالة أكبر من أي خطر. *ما خططكم المستقبلية لتعزيز جاهزية الهلال الأحمر في مواجهة أي تصعيد جديد أو كوارث إنسانية؟ وهل هناك مشاريع تطويرية في مجالات التدريب، الطوارئ، أو البنية التحتية؟ ** خططنا المستقبلية تركز على تعزيز الجاهزية في كل المجالات: تطوير برامج التدريب للطواقم الطبية والمتطوعين. إنشاء مستودعات إمدادات طارئة في مواقع استراتيجية. تحسين آليات الاستجابة للطوارئ، بما يشمل النقل والإسعاف والمساعدات الغذائية. إعادة تأهيل المراكز الصحية والمستشفيات المدمرة وتزويدها بمعدات حديثة. * كلمة أخيرة تودون قولها ؟ ** نود توجيه رسالة واضحة للمجتمع الدولي بأن الشعب اليمني يستحق الدعم الحقيقي، وأن الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة. أما للشعب اليمني، فنؤكد تقديرنا العميق لصموده، ونؤكد أن الهلال الأحمر اليمني سيبقى إلى جانبهم، يقدم المساعدة أينما كانت الحاجة، مهما اشتدت الظروف ومهما طال العدوان.