عبد الوهاب قطران في 23 أكتوبر الماضي — أي منذ سبعة عشر يومًا بالتمام — اختُفي أخي عارف قطران ونجله عبدالسلام، الشاب العشريني، بعد نقلهما من سجن ريمة حميد بمديرية سنحان إلى جهة مجهولة. لا اتصال، لا زيارة، لا خبر. هذا الغياب القسري يأتي بعد أن خُطفا من منزلهما في همدان قبل خمسين يومًا، بلا تهمة، بلا مسوغ قانوني بلا امر قضائي، بلا سبب مقبول في أي عرف قانوني أو إنساني. أحمّل زعيم الجماعة المسؤولية المباشرة والكاملة عن حياتهما وسلامتهما، فهو القائد الأعلى لكل أجهزة القمع والمعتقلات السرية التي تبتلع أبناء هذا الوطن بلا رادع ولا محاسبة. إن سكوت الآلات الأمنية عن إعطاء تفسيرٍ واضح للمكان أو السبب أو التهمة، لا يبرئ أحدًا من المسئولية. قدّمنا شكاوى مكتوبة رسمية إلى: النائب العام بصنعاء، ومكتب رئاسة الجمهورية، والمفتش العام بوزارة الداخلية، طالبين فتح تحقيق عاجل وإحالة المختفين إلى القضاء أو الإفراج عنهم فورًا. لم نجد إنصافًا ولا رَدًّا يرقى إلى مستوى واجب حماية الأرواح والحقوق. قبل شهرٍ، عدنا إلى مكتب النائب العام. القاضي عبدالسلام الحوثي عرضنا عليه إفادة الرائد محمد عبدالسلام، مندوب استخبارات الشرطة. وضعناها أمامه ،وتنصّل مدير أمن سنحان من تنفيذ توجيهات النيابة بالإحالة إلى القضاء أو الإفراج، وادّعى أن المعتقلين على ذمة"هيئة استخبارات الشرطة" وأنهم مجرد وديعة ليس لأحد عليهم سلطة،ولسان حالهم ان السلطة القضائية لاسلطة لها على الهيئة ! طلبنا من النائب العام أن يصدر توجيهًا صريحًا إلى رئيس هيئة استخبارات الشرطة علي حسين بدرالدين، لكنه نَحّى عريضتنا جانبًا، تردّد وخاف، واكتفى بعبارة مُهملة: "سنتواصل معهم تلفونيًا ونردكم خبرًا." من هنا تيقّنّا ان : النيابة العامة والقضاء لم يعودا فوق أجهزة الاستخبارات؛ بل تلك الأجهزة هي التي تصوغ القرار، وتفرض مزاجها على مؤسسات الدولة. لقد تحوّلت مؤسسات كانت رمزًا للعدل إلى أقنعةٍ بائسة لا تصلح درعًا لحرمة إنسان. هذا العبث وصل مرحلةٍ مزاجية: أُفرج عن بعض المختطفين بتهمة "نية الاحتفال" بذكرى 26 سبتمبر — من مساجين حاشد وبعض مساجين همدان — بينما أبقوا قسرًا على آخرين، من مختلف محافظات الجمهورية مختفين في سجون سرّية، ممنوع عنهم الزيارة والتواصل، وعلى رأسهم أخي ونجله. هذا التفاوت في المعاملة يؤكد أن المسألة ليست قانونًا بل مزاجٌ سياسي وجهازي ! أنا صامت — لم أنشر أو أكتبّ أي شيء منذ نصف شهر — لعلي وعسى يعودوا إلى رشدهم ويراجعوا أنفسهم، ويعيدوا للناس أبنائهم أحياء أو على الأقل يقدّموا تفسيرًا يليق بضمائر بشر. لكن الصمت ليس استسلامًا؛ هو رنّة إنذار تسبق الصوت الأكبر إن طال الظلم. أُختم بوضوح: ليس من حقّ أي جهة أن تختطف الحرية أو تختزل المواطنة إلى مزاجٍ جهازٍ واحد. من حق الأسرة أن تعرف مصير أبنائها، ومن حق الوطن أن يطالب بمساءلة من يلعب بمصائر المواطنين. إننا لن نتوقف عن المطالبة بالحق وبالعدالة حتى تُطوَّق هذه الممارسات وتنتهي.